يعرف العلماء أن الحمض النووي الريبي (الرنا) والبروتينات هي جزيئات هشة وتميل إلى التحلل في الماء، وتعد هذه مشكلة كبرى بالنسبة للباحثين الذين يفترضون أن تلك الجزيئات تمثل صور الحياة الأولى التي ظهرت على سطح كوكب الأرض قبل نحو 4 مليارات سنة، في بيئة كانت مائية بالأساس.

لكن فريقا من جامعة ميونخ التقنية في دراسة منشورة حديثا في دورية "نيتشر"، تمكن باستخدام جزيئات اصطناعية من حل التحدي الأساسي المتمثل في ثبات تلك الجزيئات، عبر صناعة قوالب قادرة على احتواء جزيئات اصطناعية تحاكي لبنات الحمض النووي الريبي.

في تصريح للجزيرة نت تقول كريستين كريبيش، الباحثة الرئيسية بالدراسة: "ما قمنا به هنا هو البدء بالقبول بوجود التحلل المائي كحقيقة حتى في نشأة الحياة، ومن ثم سمح ذلك لنا بالتركيز على الآليات التي تساعد في إبطاء أو منع التحلل المائي".

البروفيسور جوب بويخوفن، أستاذ الكيمياء فوق الجزيئية والدكتورة كريستين كريبيش من نفس القسم (جامعة ميونخ التقنية) على المائدة الحيوية

يفترض العلماء أنه منذ حوالي 3.7 إلى 4 مليارات سنة، ساعد المحلول المائي للمركبات العضوية التي تراكمت في المسطحات المائية البدائية للأرض المبكرة، والمركبات التي ربما وصلت من خارج كوكب الأرض عن طريق اصطدامات المذنبات والنيازك، على ظهور الأنظمة الحية الأولى، في صورة لبنات حياة أساسية مثل الحمض النووي الريبي والبروتينات.

ولكن لا تكمن المشكلة في تكوين اللبنات فحسب، بل في ثباتها. ولفهم الأمر تخيل عملية صنع عقد من اللؤلؤ، فبينما تضيف حبة إلى العقد، يسرع شخص ما بمقص ويقطع الخيط فينفرط ما وضعته من حبات. وبينما تسرع مضيفا 5 حبات في الخيط، يتم قطعه إلى سلسلة من حبتين وأخرى من 3.

أنت هنا تمثّل تفاعلا يعمل بالوقود الكيميائي فيضيف الجزيئات الاصطناعية ويراكمها، كحبات اللؤلؤ، والشخص المزعج الذي يقص الخيط هو التحلل المائي. أما في سياق ظهور أولى صور الحياة على الأرض، فقد تكون حبات اللؤلؤ هي قواعد الرنا التي تتلاحم مع بعضها وتشكل خيوط الرنا الأولى الحاملة للشفرة الوراثية، لكن لا تلبث أن تتحطم على صخرة التحلل المائي القاسية.

خيوط الرنا الأولى

هنا يأتي دور الباحثين، حيث بنوا قوالب يمكنها احتواء جزيئات اصطناعية تتفاعل باستخدام الوقود الكيميائي كنموذج لفهم كيفية تشكيل خيوط الرنا الأولى وكيفية اختيارها وتكرارها، وجعلها مقاومة للتحلل المائي.

تقول كريبيش: "تساعد القوالب على عملية إنتاج واستقرار لبنات الحياة الهشة، مثل الحمض النووي الريبي (الرنا)، وبدون القوالب، تظل التسلسلات التي ننتجها قصيرة، ومع القوالب، يمكننا تحقيق تسلسلات أطول".

وتخلص الدراسة إلى أن آليات الاستقرار التي وضع الباحثون أسسها من المحتمل أن تعمل على ترويض الفوضى الكيميائية في ظروف الحياة الأولى نحو عملية النسخ والتشفير المستقرة للتسلسلات المعلوماتية، والنسخ والتشفير هما الخطوات الأولى نحو التضاعف العددي أو التكاثر، وهو أساس الأنظمة الحية.

وتضيف كريبيش: "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن الحمض النووي الريبي الأول ربما أثّر على خصائص الخلايا الأولية، وهو ما أدى إلى ميزة تكيفية. تخيل أن الخلايا الأولية التي تستضيف رنا (أ) تعيش لفترة أطول من الخلايا الأولية التي تحتوي على رنا (ب)، بذلك ستعيش مجموعة الخلايا الأولية (أ) وتتفوق على المجموعة (ب)".

تهدف المجموعة البحثية إلى بناء بيئة يمكن خلالها للبنات الحياة الأولى البقاء والحركة والتكاثر الذاتي والتطور للتكيف مع التغيرات، وعبر إزالة الحواجز بين الكيمياء والأحياء، وفهم طرق تحويل الأنظمة الكيميائية إلى أنظمة بيولوجية، يمكن للعلماء الاقتراب من فهم ماهية الحياة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحمض النووی الریبی الحیاة الأولى

إقرأ أيضاً:

وادي بني خالد تحتضن "مهرجان شمال الشرقية المائي"

إبراء - وليد الحسني

نظّم مكتب محافظة شمال الشرقية ممثلًا بالمجلس البلدي بالمحافظة مهرجان شمال الشرقية المائي تزامنًا مع احتفالات سلطنة عمان بالعيد الوطني الـ54 المجيد.

استضافت ولاية وادي بني خالد هذا الحدث المميز على مدار ثلاثة أيام في موقع البرك المائية بقرية مقل، حيث شهد المهرجان حضورًا جماهيريًا واسعًا ومشاركة مميزة من المتسابقين الذين أضفوا على الفعالية أجواءً مليئة بالحماس والتنافس.

رعى المهرجان سعادة الشيخ محمد بن أحمد الجنيبي، والي وادي بني خالد، بحضور عدد من المسؤولين والشيوخ والأعيان من مختلف ولايات محافظة شمال الشرقية.

وتضمنت الفعاليات مجموعة من سباقات السباحة التي استهدفت فئات عمرية متعددة، منها سباق المياه المفتوحة لمسافات مختلفة، وسباقات السباحة الفردية مثل السباحة الحرة وسباحة الصدر. ووسط أجواء من التشجيع الحماسي، أظهر المشاركون مهارات رياضية لافتة عكست احترافية كبيرة وإقبالًا مميزًا على الفعالية.

وشهد المهرجان تنظيم أمسية شعرية مميزة ضمت نخبة من الشعراء العمانيين الذين قدموا قصائد وطنية وتراثية ألهبت حماس الجمهور وعكست جماليات الشعر العماني. كما اشتملت الفعاليات على عروض للحرف اليدوية والأسر المنتجة، حيث أتاح المعرض للحرفيين وأصحاب المشاريع الصغيرة فرصة لعرض منتجاتهم التقليدية والصناعات اليدوية التي تعكس التراث العماني الأصيل، مما أضفى طابعًا ثقافيًا فريدًا على المهرجان.

واختتمت فعاليات المهرجان بتكريم الفائزين بالمراكز الثلاثة الأولى في كل فئة عمرية من مسابقات السباحة، حيث قام سعادة الشيخ الوالي بتوزيع الجوائز التقديرية على الفائزين. كما تم تقديم الشكر للجهات المنظمة والرعاة الذين أسهموا في إنجاح الحدث، مع الإشادة بالجهود المبذولة لإظهار المهرجان بالمستوى المتميز الذي لاقى استحسان الجميع.

ولاقى المهرجان إشادة واسعة من الحضور والمشاركين الذين أثنوا على مستوى التنظيم والتنوع في الفعاليات التي جمعت بين الرياضة والتراث والثقافة. وأكدوا على أهمية استمرارية مثل هذه المبادرات التي تسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع، وتشجيع الشباب على ممارسة الأنشطة الرياضية، بالإضافة إلى دعم جهود الترويج السياحي لولاية وادي بني خالد.

ويُعد مهرجان شمال الشرقية المائي إضافة بارزة إلى قائمة الفعاليات الوطنية، حيث يجمع بين الرياضة والتراث والثقافة لتعزيز الهوية العمانية وتنمية المواهب المحلية.

مقالات مشابهة

  • عابدة سلطان.. الأميرة الهندية المسلمة التي تحدت التقاليد وواجهت الحياة بشجاعة
  • عاش أعوام دورة حياته معكوسة .. علماء يتوصلون لأقدم كائن حي الأرض
  • نفايات البلاستيك تهدد الحياة على الأرض .. تحذيرات جديدة
  • كيف تغير الحروب الحمض النووي للأطفال؟.. استشاري طب نفسي يُجيب
  • مؤسسة النفط تنجح في وضع أولى لبنات الشراكة مع القطاع الخاص
  • حل قضية باردة.. مؤثرة تجري اختبار الحمض النووي لتكتشف جريمة جدتها
  • وادي بني خالد تحتضن "مهرجان شمال الشرقية المائي"
  • من كولومبوس إلى الفراعنة.. هل يعيد فحص الحمض النووي قراءة تاريخ البشرية؟
  • "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" بختام "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي".. وتتويج مُميز للفائزين
  • والي الخرطوم يتفقد الدفاعات الأمامية في أمبدة وغربي كرري ويقف على عودة الحياة في المناطق التي تطهيرها من التمرد