برحيل أبي العبد، إسماعيل هنية، انطفأ نجم ساطع قل نظيره في سمائنا.. ونعى أبا العبد أصحاب النخوة والمروءة، وشمت في "موته" المنافقون والسوقة، أما العملاء فقد ابتلعوا ألسنتهم، والتزموا الصمت..
لم يذكر الشهيد أبي العبد "زعيما" عربيا بسوء قط، لا تصريحا ولا تلميحا.. بل كان يكيل لهم المجاملات بغير حساب.. كان يدعوهم بـ"الأشقاء" و"الإخوة"، وكان يحثهم (بكل ما أوتي من لباقة وكياسة ودماثة خُلُق) على الوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني الذي هو حق كل عربي ومسلم بالمناسبة، وكان يشكرهم، ويبالغ في شكرهم حتى على لا شيء! ومع ذلك، لم يذكروه بكلمة، باستثناء أمير قطر، ولو من باب "العرف الدبلوماسي" كونه كان رئيس وزراء فلسطين المنتخب، المتنازل طوعا عن منصبه؛ لجمع الشمل الفلسطيني.
يذكر الشهيد أبي العبد "زعيما" عربيا بسوء قط، لا تصريحا ولا تلميحا.. بل كان يكيل لهم المجاملات بغير حساب.. كان يدعوهم بـ"الأشقاء" و"الإخوة"، وكان يحثهم (بكل ما أوتي من لباقة وكياسة ودماثة خُلُق) على الوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني الذي هو حق كل عربي ومسلم بالمناسبة، وكان يشكرهم، ويبالغ في شكرهم حتى على لا شيء! ومع ذلك، لم يذكروه بكلمة، باستثناء أمير قطر
"المخروسة" إلا قليلا!
اسمها "مصر" على خريطة العالم، وتوصف بـ"المحروسة"، ولا أعرف كيف هي "محروسة" بينما أرضها وأصولها وآثارها تُسرق وتُباع علنا.. أصدرت خارجيتها بيانا تافها هزيلا لم يُدن عملية الاغتيال، ولم يأت على ذِكر إسماعيل، واعتبر حادث الاغتيال "تصعيدا خطيرا"، بمعنى آخر: من فضلك يا بيبي بلاش دوشة.. مش ناقصين وجع دماغ وإحراج!
على التوازي، كان الذباب الإلكتروني (الممول أمنيا) يلعن إسماعيل، ويعيد بث الأكاذيب التي طالما روجها بحق حماس؛ اغتيال المنسي، اغتيال الجنود في رمضان، اقتحام السجون.. إلخ.
ومن عجب أن ينتفض رئيس نادي الزمالك الأسبق مرتضى منصور المحامي (المعروف بالخلوق تهكما) دفاعا عن أبي العبد، ويبرِّئ حماس من كل الافتراءات المنسوبة إليها، وهو الذي يكره الإخوان المسلمين أكثر من كراهيته لأحمد شوبير.. سبحان الله! ربنا يصلح حالك يا مورتا..
فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب صنع لنفسه سقفا "منخفضا" لا يريد أن يتجاوزه، وكان بإمكانه أن يكون رقما صعبا، وحجر زاوية، في خضم هذه الأحداث التاريخية المفصلية، إذا ما أحسن تقدير مكانته الروحية وتوظيفها لدى الأمة الإسلامية، وليس عند المصريين فحسب.. كم كنت أتمنى أن يؤم الدكتور الطيب الصلاة على أبي العبد، فيرفع من شأن الأزهر، ويعظم من مكانته في نفوس المسلمين، ويعيده إلى بؤرة التأثير كما كان قديما، غير أنه اكتفى بنعي الشهيد.. فله الشكر والتقدير.. نعم له الشكر والتقدير، فالشيخ يدرك تماما أن نعيه هذا يزعج كلا من السيسي وابن زايد أيما إيذاء، ومع ذلك فعل.. موقف مُقدَّر مشكور..
عبد الحليم قنديل، الكاتب الناصري اليساري، عدو "الإسلام السياسي" اللدود، أو ما يسميه وفريقُه "الفاشية الدينية"، كتب مقالا بعنوان "صدَّقت الرؤيا يا إسماعيل"، يعجز عن كتابة مثله أديب "حمساوي" في إسماعيل:
"قد ننادي هنية من وراء حجاب الغياب اليوم، تأسيا بما نادى رب إبراهيم نبيه في واقعة الفداء العظيم، ونقول للشهيد: لقد صدقت الرؤيا يا إسماعيل، فذهابك إلى ربك لا يعني ذهاب حركة حماس من بعدك، وقد عشت نصف سنواتك الستين، وأنت ترى ما يتركه استشهاد المؤسسين والقادة على مصير الحركة، كانت حماس بعد كل نوبة استشهاد، يصعد نجمها ويقوى عودها وتزدهر خبراتها، إلى أن افتتحت عصرا جديدا في تاريخ المقاومة بزلزلة يوم طوفان الأقصى، وعلى نحو لم يكن يحلم به القادة الشهداء الأوائل، من المؤسس الشيخ المقعد أحمد ياسين إلى عبد العزيز الرنتيسي إلى إسماعيل أبو شنب إلى عماد عقل ويحيى عياش ورائد العطار وعدنان الغول وجمال سليم وجمال منصور وسعيد صيام ومحمود أبو هنود وأحمد الجعبري وغيرهم كثير".
ربنا يهديك يا عبده..
تركيا الرسمية والشعبية
أما تركيا قيادة وشعبا فلم تدخر وسعا في التعبير عن حزنها على إسماعيل، وتقديرها له ولمقاومته ضد العدو الصهيوني، عدو الإنسانية، وليس عدو العرب والمسلمين وحسب..
تركيا الرسمية أوفدت أركان الدولة؛ لتشييع أبي العبد: نائب الرئيس أردوغان، رئيس البرلمان، وزير الخارجية، رئيس جهاز المخابرات، وآخرين.. أما الشعب التركي، فقد خرج عن بكرة أبيه؛ تلبية لدعوة الشهيد التي حدد لها يوم 3 آب/ أغسطس الجاري؛ للتضامن مع الشعب الفلسطيني.. امتلأت الشوارع والساحات بالجماهير، وضجت جنباتها بالهتاف لفلسطين..
تركيا الرسمية أعلنت الحداد يوما، ونكَّست العلم الذي لا يُنكس إلا لموت رئيس أو ملك تربطه بتركيا علاقات متميزة.. هذا أعلى وأسمى آيات التقدير الرسمي والدبلوماسي.. وقد استغلت تركيا تنكيس العلم في "إغاظة" الكيان الصهيوني الذي احتج على تنكيس العلم على سفارة تركيا في فلسطين المحتلة، وكان الرد التركي على الصهيوني: وانت مال أهلك.. هذه أرض تركية، ونحن أحرار عليها!
تقدير عظيم رسميا وشعبيا، غير أن العرب والمسلمين، وأهل غزة على وجه الخصوص، ينتظرون من تركيا ما هو أكثر، والقيادة التركية تعرف ذلك جيدا، وتعرف ما هو هذا "الأكثر".. ونرجو أن يوفقها الله لفعله، متجاوزة العوائق التي تحول دون تقديم "الأكثر"..
أيضا، وعلى نحو مفاجئ، توجه وزير الخارجية التركي حقان فيدان إلى العريش المصرية ومنها إلى معبر رفح، في زيارة ميدانية؛ لبحث سُبل إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بعد أن احتل الجيش الصهيوني الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. خطوة مهمة، في كسر الحصار، ومد أهلنا في غزة بأسباب الحياة، نرجو لها النجاح.
تميم
في السياسة.. السلوك والصمت أبلغ من الكلام في أحايين كثيرة.. فقوة الكلام مرهونة ببلاغة المتحدث، وليس بالضرورة أن يكون السياسي بليغ الكلام، غير أنه بإمكانه أن يكون بليغا جدا في سلوكه وسكوته، كلما اقتضى الحال، فيقول بالسلوك والسكوت ما أهو أبلغ من الكلام، وقد فعل تميم..
أراد تميم أن يقول: إسماعيل مني وأنا منه.. إنه من أهلي وآلي.. فخلع عقاله عملا بالعرف السائد في منطقة الخليج.. يخلع ذوو المتوفى أعقلتهم إذا كان من أرحامهم.. لم يكتف تميم بخلع عقاله، وإنما مد الخط على استقامته، فطلب أن يكون مثوى إسماعيل بين أفراد عائلته، وهو ما كان..
قالها تميم بأعلى طبقة صمت؛ ليسمع العالم، وهو يعلم علم اليقين ما سيجره عليه هذا الفعل من أذى! فهو متهم (من الأساس) بتمويل ما يسمونه "الإرهاب"، وها هو يقول لهؤلاء المأفونين دون أن يحرك لسانه: إن إسماعيل الذي تعدونه "إرهابيا" هو مني وأنا منه.. ولم يكن يضره ألا يفعل.. ويكفيه أن يكون ورئيس وزرائه في مقدمة مشيعي إسماعيل..
ولا ننسى حكومات وشعوب إيران، وباكستان، وأفغانستان، وماليزيا، وإندونيسيا، ووزير خارجية عُمان ومفتيها الجليل، والشعوب العربية وغير العربية التي تفاعلت على نحو يليق بهذا الحدث الجلل، وأخص بالذكر شعبي اليمن والمغرب الشقيقين..
وماذا عن محمود عباس (أبو مازن) ومَن على شاكلته من الأعراب والمنافقين؟
x.com/AAAzizMisr
aaaziz.com
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسماعيل هنية قطر مصر تركيا محمود عباس مصر تركيا محمود عباس قطر إسماعيل هنية مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أن یکون
إقرأ أيضاً:
الإمام الأكبر يحتفي بذكرى تأسيس الأزهر... ويوجه نداء للمسلمين
احتفى الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بالذكرى الـ1085 لتأسيس الجامع الأزهر، والتي توافق السابع من شهر رمضان المبارك، حيث أكد في منشور عبر صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"إكس (تويتر سابقًا)" أنه منذ أن أُقيمت أول صلاة في الجامع الأزهر العتيق، منذ 1085عاما، وبدأت معها مسيرة دعوة وحضارة، علم وعدل، هُوية ووطنية، وأثَّرت وأثمَرَت، وهوَت إليها أفئدة المسلمين من شتى بقاع العالم.
حكم صيام الصبي.. المفتي: فريضة على من توافرت فيه الشروط
حكم تأخير غسل الجنابة في رمضان وهل الملائكة تعلن الجُنب؟ اعرف آراء الفقهاء
ووجَّه شيخ الأزهر نداءً إلى المسلمين في كل مكان، داعيًا إياهم إلى أن يُؤثِروا اتحادهم، ويجمعوا كلمتهم، مُتوجهًا إلى المولى عز وجل بأن يحفظ للأزهر دوره التاريخي كملاذٍ لوحدة الكلمة، ومرجعيةٍ جامعةٍ لجميع أطياف الأمة الإسلامية.
يُذكر أن المجلس الأعلى للأزهر كان قد أقرَّ في مايو 2018 ، برئاسة فضيلة الإمام الأكبر ، اعتماد السابع من رمضان يومًا سنويًّا لإحياء ذكرى تأسيس الجامع الأزهر، الذي يُعد أقدم جامعة في العالم الإسلامي وأحد أبرز رموز الوسطية والاعتدال والإشعاع الفكري والثقافي عبر التاريخ.
وفي سياق آخر، قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن اسم الله الحفيظ ورد في 3 مواضع في القرآن الكريم، وقد يرد بعض اشتقاقات الاسم وصفاً لله سبحانه وتعالى، وورد حافظ لله سبحانه وتعالى لكن حافظ ليس اسمًا من أسماء الله الحسنى.
وبيّن شيخ الأزهر، خلال حديثه اليوم بالحلقة السابعة من برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»، أن الحفيظ الأقوى في معنى الحفظ، موضحا الآية "إن ربي على كل شيء حفيظ" أي شاهد وحافظ على أفعال العباد وأقوالهم.
وتابع شيخ الأزهر الشريف، أن الآية «وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ»، بمعنى أنه رقيب، والآية "الله حفيظ عليهم" بمعنى أنه محسن عليهم ورقيب.
اسم الله "الودود"ولفت شيخ الأزهر، إلى إن اسم الله "الودود" معناه المحب، ويجوز أن يوصف به العبد بعد أن وصف به الله تعالى كاسم من أسمائه، كون الود من العبد هو محبة العبد لطاعة الله وكراهية معصيته ـ جل وعلى ـ، أما الود من الله ـ تعالى ـ فهو محبة الله لعباده بتوفيقهم لطاعته وشكره، موضحا أنه يجوز للعبد الدعاء والتضرع باسم الله "الودود" في مقام الضر ومقام النفع كذلك، حيث يتسق الاسم في معناه مع الحالة التي أصابت العبد أو الحالة التي يدعو الله من أجلها.
وذكر أن حظ العبد من اسم الله تعالى «الودود» يتجسد في أن يحب للناس ما يحبه لنفسه، وقد قدم لنا النبي "صلى الله عليه وسلم" القدوة الحسنة في الاتصاف بهذه الصفة، ومن ذلك ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه شقا شديدا وقالوا: لو دعوت عليهم ! فقال: (إني لم أبعث لعانا ولكني بعثت داعيا ورحمة، اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)، وهذا مقام صعب لا يقدر عليه إلا من اتصف بالود، كما ورد عن علي "رضي الله عنه" قوله: " إن أردت أن تسبق المقربين فصل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمّن ظلمك"، في وصف بليغ لمعنى الود.
وأوضح شيخ الأزهر أنه يمكن للعبد التدرب على مثل هذه الصفات شيئا فشيئا، خاصة خلال شهر رمضان، تحقيقا لمقولة الإمام أحمد بن حنبل: "ينبغي أن يكون العبد سائراً إلى الله بين الخوف والرجاء"، على أن يقدم الرجاء على الخوف في حال المرض، ويقدم الخوف على الرجاء في حال الصحة، مؤكدا أن الدعاء أمر شديد الأهمية للعبد، لأنه هو الذي يربط بين العبد وربه، ودليل ذلك أننا نجد أن الصلاة كلها دعاء، وفاتحة الكتاب كلها دعاء، والسجود دعاء، بما يؤكد أهمية أن يكون العبد دائم الصلة بالله تعالى من خلال الدعاء.