الهُدنةُ المشلولة بين إنعاش صنعاء وتعنت دول العدوان..
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
منير الشامي
مضى عام ونصف العام من عمر هدنة مشلولة من جانب الرياض ونافذة من جانب صنعاء، ولدت مشلولة بعد مخاض طال أمده، تلقى خلاله نظام الرياض عمليات طلق تحفيزية لولادة تلك الهدنة من قوات صنعاء، كان آخرها ثلاث عمليات قوية سميت بعمليات كسر الحصار حاولت قيادة صنعاء من خلالها تحفيزه على ولادة تلك الهُدنة، فولدها فعلاً بعد يوم واحد من عملية كسر الحصار الثالثة مجبَرًا لا بطلًا، لكنه سرعان ما تبرأ منها بمراوغته ومماطلته عن تنفيذ أي شرط من شروطها فأصابها بشلل نصفي من جانبه وجعلها عقيمة بعكس قيادة صنعاء التي خصتها بعناية مركزة على مدار الساعة من أول فترة لها، وبذلت أقصى جهودها وطاقتها طوال فترات تجديدها التالية، وقدمت كُـلّ التسهيلات، واستعانت بكل الأطراف الوسيطة، وسخرت كُـلّ ما هو متاح بيدها لعل وعسى الحياة تدب في نصفها المشلول، حتى انقضى عام كامل دون أن يتغير حالها الميؤوس منه؛ بسَببِ تعمد نظام الرياض إبقاءَها على هذا الحال؛ فلا يريد موتها ولا يريد تعافي نصفها وظهورها كهُدنة حقيقية يفي كُـلّ طرف بالتزاماته فيها، بل أكّـد إصراره على التعنت والمراوغة وسعى بكل طاقته لإطالة واستمرار هدنة مشلولة من جانبه وسارية من جانب صنعاء، ومع ذلك لم تفقد قيادة صنعاء أملها في أن تتفتح في تلك الهدنة مسام المصداقية والإرادَة الجادة لتحقيق السلام من جانب الرياض، وتخرجها من حالة الشلل بإعلان رسمي عن وقف الحرب، ووقف نزيف الدم وتفوح منها بوادر حُسن النية، وتُجسد الرياض ذلك بتحَرّكات صادقة بمنح الشعب اليمني استحقاقاته الإنسانية المشروعة ووقف العدوان وكلّ الأعمال العدائية ورفع الحصار وفتح المنافذ الإنسانية ورفع الحظر كليًّا عن مطار صنعاء وإعادة أمواله المجمعة في البنك الأهلي السعوديّ من نفطه وغازه وثرواته المنهوبة، لصرف مرتبات الموظفين المحرومين من رواتبهم منذ أواخر العام 2016م.
ثم الانسحاب غير المشروط لقوات العدوان من كافة الأراضي اليمنية وجزرها وبحارها، ثم الشروع بجبر الضرر وإعادة الإعمار، ودفع التعويضات العادلة العامة والخَاصَّة عن مختلف الأضرار الناجمة عن عدوان تحالفه المشؤوم وحربه وحصاره للشعب اليمني لثماني سنوات، فصبرت طويلاً إلا أن ذلك لم يتحقّق منه حتى خطوة واحدة، وهو الأمر الذي جعل قيادة صنعاء تصل إلى قناعة أكيدة بأن نظام الرياض عاجز أصلاً عن الدخول في هدنة حقيقية نافذة؛ لأَنَّه لا يملك قرارها ولا يملك الحق حتى في قرار مصلحته أصلاً؛ لأَنَّ من يملك قرار الهدنة ويملك القرار السعوديّ برمته هو الأمريكي والبريطاني، وهو ما ظهر منهما جهاراً نهاراً، وما أثبتته وقائع ومستجدات التفاوض معه خلال الفترة من تاريخ الاتّفاق على سريان الهدنة وإلى اليوم، حَيثُ تجلى ذلك بتحَرّك الأمريكي والبريطاني إلى السعوديّة عقب أي تقدم أحرزته الوساطة العمانية لإنجاح الهدنة لعرقلة تحقيق ذلك التقدم وتوجيههم للسعوديّة بعدم تنفيذ التزاماتها التي نص عليها اتّفاق التوقيع على الهدنة وسعيهما الحثيث لإفشال أي نجاح لمساعي الوساطة العمانية؛ الأمر الذي جعل قيادة صنعاء تقتنع تماماً بحقيقة أن سكوتها على هذا الحال من المحال، وأنه يستحيل أن تستمر أكثر في هكذا وضع، وأن أية هدنة مع النظام السعوديّ هدنة مشلولة وهدنة عقيمة لن تثمر ما دام أنه يبادر في تنفيذ التوجيهات الأمريكية والبريطانية، ويتراجع عن تنفيذ التزاماته تجاه بنود الهدنة إرضاء لهم وتقرباً إليهم.
هذه الحقيقة عبرت عنها قيادة صنعاء بتصريحات تحذيرية واضحة ومتعددة خلال الشهور الماضية على لسان قائد الثورة -يحفظه الله ويرعاه- شخصيًّا، وعلى لسان فخامة الرئيس المشير مهدي المشاط، ووزير الدفاع أَيْـضاً والعميد سريع الناطق الرسمي للقوات المسلحة، وكذلك أَيْـضاً على لسان رئيس الوفد المفاوض الأُستاذ محمد عبدالسلام.
وهو ما يقودنا إلى استنتاج يؤكّـد أن قيادة صنعاء قد حدّدت بداية النهاية لهذه الهدنة العميقة واستكملت كُـلّ ترتيباتها، وأن سبب تأخرها في إعلان قرارها التاريخي يرجع إلى مراعاتها لاعتبارات زمنية معينة لها خصوصية شرعية وإنسانية، وقد أوشكت على الانقضاء، وهو ما يجب أن تعيه السعوديّة ودول العدوان، ويجب عليهم أَيْـضاً أن يعلموا أن زمن التعنت والتسويف سينقضي بانقضاء زمن تلك الاعتبارات التي راعتها قيادة صنعاء، فلن تنفعهم المراوغة بعدها، وأن هدنتهم العقيمة والمشلولة في آخر لحظات الاحتضار إن لم يبادروا بالتنفيذ الكامل والفوري وَغير المشروط للشروط التي طرحتها قيادة صنعاء، والأيّام القادمة عندها الخبر اليقين، ومن عاش خبّر.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: من جانب
إقرأ أيضاً:
مليونية بالعاصمة صنعاء في مسيرة “مع غزة ولبنان.. دماء الشهداء تصنع النصر”
سبأ :
شهدت العاصمة صنعاء اليوم، حشدا مليونيا في مسيرة “مع غزة ولبنان.. دماء الشهداء تصنع النصر”.
وأكدت الجماهير التي خرجت تحت الأمطار استجابة لدعوة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أن دماء وتضحيات الشهداء هي مصدر قوة الشعب اليمني وهي من صنعت المجد والنصر لليمنيين وعززت صمودهم في مواجهة أعداء الأمة الإسلامية.
وأدانت استمرار أمريكا في استخدام حق النقض “الفيتو” لعرقلة قرار إيقاف الحرب على غزة والشعب الفلسطيني.. مؤكدة أن هذا الفيتو يكشف مجدداً أن أمريكا هي الشريك والداعم الأساسي لاستمرار حرب الإبادة الصهيونية في غزة.
ودعت الشعوب العربية والإسلامية إلى التحرك الفاعل واتخاذ موقف قوي لإيقاف حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من قبل الكيان الصهيوني المجرم، والتنديد بموقف وعرقلة الإدارة الأمريكية لأي قرار أو جهود دولية لإيقاف العدوان الصهيوني على غزة.
وجددت الحشود المليونية، التأكيد على استمرار موقف اليمن القوي والثابت المناصر لغزة والشعبين الفلسطيني واللبناني ومقاومتهم الباسلة، ومواصلة المضي على خطى الشهداء في العطاء والبذل والتضحية لردع كل طواغيت العصر.
ورددت الهتافات المؤكدة على أن دماء الشهداء الأبرار هزمت دول الاستكبار، وأن مشروع شهيد القرآن أفشل مشروع الشيطان.. مؤكدة أن أمريكا سبب الحروب ورأس العدوان على غزة ولبنان، وعدوة كل الشعوب.
وهتفت بالشعارات المناهضة لقوى العدوان والاستكبار العالمي، والمؤكدة على أن يمن العزة والإسلام أسقط هيبة إبراهام، مجددة التأكيد على جهوزية الشعب اليمني لخوض معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، نصرة لفلسطين ولبنان.
وأشار بيان صادر عن المسيرة ألقاه قائد كتائب الوهبي اللواء بكيل الوهبي، إلى أن العدو الصهيوني يواصل حرب الإبادة الجماعية بحق إخواننا الفلسطينيين في قطاع غزة للشهر الثاني من السنة الثانية، بمشاركة ودعم أمريكي كامل ومساندة من بعض الدول الأوروبية والغربية، ومازال يمارس إجرامه كذلك في الضفة الغربية ولبنان، في ظل تخاذل وصمت عربي وإسلامي وأممي مخزٍ ومهين.
وأكد استمرار الخروج الأسبوعي بمسيرة مليونية، استجابةً لله سبحانه وتعالى، وجهاداً في سبيله، وابتغاءً لمرضاته، ومساندين للشعبين الفلسطيني واللبناني بلا كلل ولا ملل، ولا تراجع ولا فتور، حتى النصر بإذن الله.
وأوضح البيان، أنه في ختام الذكرى السنوية للشهيد، وبكل إيمانٍ وثباتٍ على المبادئ التي ضحى من أجلها الشهداء، نؤكد استمرارانا في رفع رايةِ الجهاد في سبيل الله، والتمسك بكتابه العظيم، وإعلاء كلمته، تحت راية الأعلام الهداةِ إلى دينه، دون تردد أو تراجع.
وأضاف “وبكل ما أوتينا من قوة حتى لو اجتمع علينا كل أشرار العالم، متأسين بقول الله سبحانه وتعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾”.
وتوجه بالحمد والشكر لله والثناء عليه سبحانه وتعالى على ما منّ به علينا من انتصارات متواصلة، والتي كان آخرها إجبار حاملة الطائرات الأمريكية (إبراهام لينكولن) على الفرار بعد أن ضربها الله على أيدي مجاهدي قواتنا المسلحة.
ودعا البيان، مجاهدي القوات المسلحة إلى مواصلة ضرباتهم للمجرمين بكل قوة، حتى النصر بإذن الله.. وأضاف “أمام الانكشاف والسقوط المتواصل الذي أظهر الوجه الأشنع والإجرامي لأمريكا باستخدامها (الفيتو) أمام مشروع قرار مجلس الأمن الذي يدعو للوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، وأمام فشل وعجز مجلس الأمن مجدداً في إيقاف الإبادة الجماعية في غزة لأكثر من عام وشهر نؤكد استمرار الجهاد في سبيل الله في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس حتى وقف العدوان على غزة ولبنان؛ كون ذلك هو الخيار الوحيد والسليم للدفاع عن أنفسنا وعن أمتنا.
كما دعا شعوب الأمة العربية والإسلامية إلى التحرك في هذا الخيار الذي أثبت الواقع أن لا خيار لنا سواه.
وأدان واستنكر الاساءات المتكررة والمستمرة لمقدساتنا من قبل النظام السعودي، والتي كان آخرها استخدام أشكال مشابهة للكعبة المشرفة خلال تنظيمه لحفلات المجون والتعري فيما يسمى بموسم الترفيه، في خطوة مستفزة لمشاعر كل المسلمين، بهدف ضرب قدسيتها في عيون أبناء الأمة، تمهيداً لاستهدافها من قبل اليهود الذين لا يخفون نواياهم ومخططاتهم للسيطرة عليها من خلال ما يسمونه بمشروع “إسرائيل الكبرى”.
وجدد البيان، الدعوة لأبناء شعبنا ولكل شعوب أمتنا وكل الشعوب الحرة والكريمة لمواصلة مقاطعة البضائع والسلع والمنتجات الصهيونية والأمريكية وتكثيف فعاليات المساندة للشعبين الفلسطيني واللبناني والاحتجاج على الإجرام الصهيوني والأمريكي بحقهما.
إلى ذلك تلى المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع بيانا أعلن فيه عن تنفيذ القوات المسلحة عملية عسكرية استهدفت قاعدة “نيفاتيم” الجوية التابعة للعدو الإسرائيلي في منطقة النقب جنوبي فلسطين المحتلة.
وأوضح أن القوة الصاروخية نفذت العملية بصاروخ باليستي فرط صوتي “فلسطين 2″، وأن العملية حققت هدفها بنجاح.. مؤكدا أنه ورداً على جرائم العدو الصهيوني في غزة ولبنان ستواصل القوات المسلحة اليمنية عملياتها العسكرية، وأن هذه العمليات لن تتوقف إلا بوقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة ووقف العدوان على لبنان.