سواليف:
2024-09-09@20:15:18 GMT

خارطة الطريق

تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT

#خارطة_الطريق

د. #هاشم_غرايبه

لا يختلف اثنان على أن أمتنا تعيش حاليا أسوأ حالات انحطاطها، رغم امتلاكها كل مقومات الارتقاء والرفعة، فالأموال كثيرة لكنها بأيدي سفهاء يبددونها في البذخ والتعالي في البنيان، والثروات الطبيعية وفيرة لكن أصحاب القرار في استثمارها مسلوبو الإرادة خاضعون لإملاءات سرية من المستعمر، وموقع ديارها على ملتقى ثلاث قارات، فهو عالي الأهمية الاستراتيجية، لكن أولي الأمر لا يحسنون استثمار ذلك.


لو عدنا الى جذور هذه الحالة في تاريخنا الحديث من بداية القرن العشرين، لوجدنا أن الإنكليز الطامعين بالإستيلاء على أملاك الدولة العثمانية عملوا على صعيدين معا: اختراق الأتراك بجمعية الإتحاد والترقي التي عملت على اضطهاد العرب وإرهاقهم بالضرائب والتجنيد من أجل توليد النقمة على الأتراك ودفع العرب للثورة، ومن ناحية أخرى أغرت العرب بالثورة عليهم.
هكذا وجد العرب أنفسهم فجأة مكشوفين أيتاما، بعد سقوط الدولة الإسلامية، التي تمتعوا في كنفها بالوحدة والمنعة طوال قرون عديدة، فتم إغراء مثقفيهم برعاية فرنسية أولا ثم بريطانية بأن الوحدة ستحققها الحركة القومية، ووجدت أكثر المتحمسين لها من غير المسلمين، ورافق ذلك حركة نشاط ثقافي أدبي سميت تنويرية، لكنها كانت تبشيرية بثقافة الغرب المتفوق، وتمثلت ببعثات الى أوروبا، وانتاجات هؤلاء كانت تسعى للربط الثقافي مع الفترة الجاهلية من أجل القفز عن فترة الدولة الإسلامية.
سياسيا تم تكريس التقسيم والشرذمة، فأُنشأت حدود لأول مرة بين الأقطار العربية، وأسست بريطانيا الجامعة العربية كملهاة عن فكرة الوحدة.
هنا بدأت جذور الروح الإلتحاقية بالغرب، إذ لم تولد هذه الدول العربية ولادة طبيعية من رحم الله بل كأطفال الأنابيب معا في معامل بريطانية فرنسية، لذلك لم تعرف الأنظمة أبا غير المتبني الذي استنبتها، والذي لم يفعل ذلك أبوة ورحمة، بل بهدف الإسترقاق.
هكذا أصبحت التبعية جزءا بنيويا من طبيعة النظام، ولذلك لا يمكن أن يكون مستقلا أو حتى ساعيا لذلك.
أن هنالك اتفاق على تشخيص سبب ذلك، وهو ذاته دائما عبر كل عصور هزال الأمة: الشرذمة والفرقة بسبب التكالب على الإمارة، فيضحي الطامعون بكل شيء لأجل ذلك، بما فيه مولاة أعداء الأمة، مما يعني الخضوع لشروطهم ومطامعهم.
لذا فالحل واضح، وهو استنهاض مكامن قوة الأمة، في النهضة من جديد، واستعادة التجربة التي نجحت في جمع شمل الأمة خلال عشرين عاما، ثم ارتقائها لتصبح منافسة للإمبراطوريات العطمى، فكانت حالة فريدة غير مسبوقة في تاريخها، الذي بقيت فيه مستغرقة تخلفا وتبعية لغيرها من الأمم آلافا مؤلفة من السنين.
لكن السؤال الكبير: كيف السبيل الى ذلك، وينقصنا الشخصية القيادية المخلصة الممثلة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب على ذلك حاضر، فليس كل ذلك النجاح عائد الى القدرات القيادية الفردية، بل الى الفكر الذي اتبعه ذلك القائد، بدليل أن الصعود لم يتوقف بموته، بل استمر وبتسارع، كون من كانوا حوله تتلمذوا على يديه على الإيمان بذلك الفكر والاخلاص في اتباعه وتطبيقه كنظام حياة.
هنا يصبح السبيل الى الصعود من الجب أكثر وضوحا.
والرافعة هي الفكر ذاته.
البداية يجب أن تكون على وقف الرهان على من صنع الحالة الحالية من الشرذمة والتبعية ومنتفع منها، في إمكانية الخروج منها، فمن يبرع في الهدم والتمزيق، لا يمكن أن يعهد إليه بعملية البناء والرتق.
كما أن من لا يؤمن بوجود مشكلة بنيوية في النظام السياسي العربي والتي ولدت هذا الحال المائل، بل يصور له تعاليه وكبره الأحمق أن المشكلة في طبيعة شعوبنا فيعتبرها متخلفة عن الشعوب الغربية، وكسولة خامله، أو يحيل سبب تخلفها الذي يزعمه الى الدين.
فهؤلاء أيضا لا يمكنهم المساهمة في المشروع النهضوي، لأن المحبط والمتعالي يفتقد الى الروح النضالية، وفاقد الشيء لا يعطيه.
إذن فالمشروع ملقى على عاتق متبني الفكر الإسلامي، لكن من غير اختراقهم من قبل الطامحين الى تولي الحكم بأية وسيلة، فذلك سيعيدنا الى المأزق الذي قصم ظهر الدولة الإسلامية من قبل.
المسؤولية في ذلك تقع على عاتق المؤمنين الصادقين الذين يبتغون رضوان الله، والتخلي عن انانيات حب الزعامة، والتقاؤهم علي برنامج واحد، لأجل التحامهم جبهويا، والقائد سيولد حتما من بينهم، إذ سيفرض وجوده بمقدار اخلاصه وترفعه وتضحياته.

مقالات ذات صلة كلماتٌ في وداع إسماعيل هنية “أبو العبد” 4 2024/08/06

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: خارطة الطريق

إقرأ أيضاً:

البنك المركزي العراقي يعلن خارطة الاصلاح المصرفي الشامل

بعد عودة وفد البنك المركزي من جولة المفاوضات الاخيرة مع الخزانة الامريكية والفيدرالي الامريكي كشف  عن خريطة الطريق للاصلاح المصرفي الجذري والشامل والتي تبدأ بالعمل على إلغاء

 

 المنصة الإلكترونية للتحويلات الخارجية والتي طبقت  كمرحلة أولى لإعادة تنظيم التحويلات المالية بما يؤمِّن الرقابة الاستباقية عليها بدلاً من الرقابة اللاحقة. وكان ذلك إجراءً استثنائيا مؤقتا وجرى التخطيط للتحول التدريجي نحو بناء علاقات مباشرة بين المصارف في العراق والبنوك الخارجية المراسلة والمعتمدة، يتوسط ذلك شركة تدقيق دولية للقيام بالتدقيق المسبق على الحوالات قبل تنفيذها من قبل البنوك المراسلة.   وخلال سنة 2024 ولغاية الآن تم تحقيق ما نسبته 95% من عملية التحويل من المنصة الالكترونية إلى آلية البنوك المراسلة مباشرة بينها وبين المصارف العراقية، وذلك يعني أن المتبقي حوالي 5% فقط منها داخل المنصة، والذي سينجز تحويله بذات الآلية قبل نهاية هذا العام وحسب الخطة.   وبهذا فان بعض التوقعات حول تأثيرات محتملة على سعر الصرف وعمليات التحويل لا أساس لها، لأن العملية لن تكون بشكل مفاجئ أو بدفعة واحدة في نهاية هذا العام، بل أنها تحقّقت اصلاً خلال المدة الماضية بجهد ومتابعة دقيقة، إلا ما تبقى من نسبة ضئيلة ستنجز في الفترة القليلة المقبلة.   ويؤكد البنك المركزي  أن التجارة مع دولة الإمارات العربية المتحدة وتركيا والهند والصين تمثل حوالي 70% من تجار العراق الخارجية كــ(استيرادات)، وهو ما دعى البنك المركزي العراقي إلى ايجاد قنوات للتحويل بعملات اليورو، اليوان الصيني، الروبية الهندية، الدرهم الاماراتي، عبر بنوك مراسلة معتمدة في تلك البلدان، وبدأ فعلاً (13) مصرفاً عراقياً إجراء عمليات التحويل مع آلية التدقيق المسبق تم الاتفاق عليها وإقرارها بالإضافة إلى التحويلات بعملة الدولار.   ومع توفير قنوات للتحويل الشخصي للأغراض المشروعة والمشتريات الخارجية عبر قنوات الدفع الإلكتروني وشركات التحويل المالي العالمية والبيع النقدي للمسافرين، ودفع الدولار النقدي للحوالات الواردة للجهات والاغراض المحددة في تعليمات البنك المركزي المنشورة.   ويشدّد البنك المركزي، أنه وضع عمليات التحويل الخارجي وتلبية الطلبات على الدولار في مسارات سليمة ومنسجمة مع الممارسات والمعايير الدولية وقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.   ويوضح، إن توفير القنوات المذكورة وللأغراض كافة بالسعر الرسمي للدولار، يجعل هذا السعر هو المؤشر الحقيقي للممارسات الاقتصادية، وهو ما أثبته واقع استقرار الأسعار والسيطرة على التضخم، وأي سعر آخر يتم تداوله خارج تلك القنوات يعد سعراً شاذاً يلجأ ذوي الممارسات غير الاصولية أو غير المشروعة الذين يبتعدون عن القنوات الرسمية في تعاملاتهم فيتحملون لوحدهم التكاليف الإضافية بالشراء بأعلى من السعر الرسمي لِـيُوهِم الأخرين بالفرق بين السّعر الرّسمي وغيره.وان الخارطة والاليات التي اعلنها البنك المركزي بالتأكيد ستؤدي الى رفع الارباك وعدم الاستقرار في السوق  النقدي والتي هي سائدة بسبب استمرار فرض القيود الامريكية على مصارفنا الخاصة وتوجيه الاتهامات والافتراءات والاشاعات   والتحليلات والاجتهادات والاستهدافات للبنك المركزي وسيخلق حالة من التفائل برفع القيود المفروضة على بعض المصارف الخاصة .وهذا يعني ان هناك جهودا كبيرة بذلها البنك المركزي وبالتعاون مع الحكومة منذ بداية 2023 ولغاية الان  في مجال تنفيذ برنامج الاصلاح المالي والمصرفي والتنسيق المثمر مع السياسة المالية  مما يدحض الافتراءات والاتهامات ونشر التفائل وطمأنة السوق والمواطنين.وهذا ماسبق ان اكد علية السيد محافظ البنك المركزي قبل سفر وفد البنك المركزي الاخيرة  الى امريكا.وان خارطة الطريق الاصلاحية الجديدة هي نتيجة من نتائج الجهود المبذولة سابقا والتي عمل عليها البنك المركزي منذ سنة وثمانية اشهر وهي مايلي:    - إعادة تنظيم تمويل التجارة الخارجية بما يؤمن عدة أهداف في آن واحد، ومن هذه الأهداف هو شفافية العمليات في التحويل الخارجي التي تبدأ من عملية التحويل والمحول إلى المستفيد الأخير وإلى المصدر من خلال البيانات كافة والوثائق والمعلومات التي تعزز الواقع وتطابقه". وان جىيع الشركات الكبيرة والمتوسطة ملتزمة بتحقيق هذا الهدف .وان المشكلة الان هو تعاملات التجار الصغار خارج عمليات  التحويلات الخارجية الاصواية  والتي تشكل ضغطاً على السوق النقدية بالدولار ويسبب ارتفاعه.   - أن "البنك المركزي فتح قنوات للعملة الصينية والتركية والهندية والإماراتية وهي عملات تمثل وزنا كبيرا في التجارة الخارجية، حيث حصل توقف لفترة بسبب تنظيم جديد يهدف إلى توفير رقابة كافية على هذه العمليات.   وقد  "تم وضع آلية تدقيق جديدة تقوم بها شركة دولية وتم الانتهاء من تنظيم هذه العملية وهي الآن قيد الانطلاق من جديد".   -البنك المركزي حث بشكل مستمر على فتح علاقات مع بنوك مراسلة؛ لأن المصرف العراقي بدون أن يكون له مراسلون خارجيون يعتبر بمثابة مصرف محلي ولا يستطيع أن ينفتح على العالم".   والبنك المركزي من جانبه يدعم هذا التوجه ويساعد عليه".

- "في ضوء التنظيم الجديد لعملية التحويل الخارجي، فإنه ينبغي النظر إلى السعر الحقيقي الذي يبيع به البنك المركزي   يوميا أكثر من 250 مليون دولار بالسعر الرسمي، ومعنى ذلك أن البنك يغطي التجارة الخارجية وهذا يفسر سبب عدم وجود تضخم أو ارتفاع بالأسعار.

- السوق الموازية عبارة عن سوق لمن لا يريد أن يتجه باتجاه الطرق الأصولية للتحويل وتكون تجارة غير مشروعة أو التجارة الهاربة من الإجراءات الأصولية أو العمليات غير المشروعة الأخرى مثل تجارة المخدرات أو الاتجار بالبشر أو أموال الفساد وغيرها.

 

- أن سعر الدولار ارتفع أو انخفض فهو ليس مؤشرا صحيحا، حيث يجب النظر إلى ماذا وكم تبلغ مبيعات البنك المركزي بالسعر الرسمي لتصفية مختلف الحاجات".   - أن "الهدف الأساسي للبنك المركزي هو الحفاظ على المستوى العام للأسعار والحد من التضخم ويفترض أن يكون المقياس لنجاح السياسة النقدية، والتي نجحت في السيطرة على هذا الجانب ومستوى التضخم مقارنة بالدول الأخرى وحتى بالأعوام السابقة أقل بكثير، وضمن المستهدف وهذا يعني أن التجارة الخارجية التي يعتمد عليها العراق بشكل أساسي بتلبية حاجات المواطنين تغطى بالسعر الرسمي".   - أن "هناك إشادة كبيرة في كل الاجتماعات مع المنظمات الدولية ومنها صندوق النقد الدولي والبنك الفيدرالي والخزانة الأمريكية، بالتحولات والإدارة والتنظيم لعملية التحويل الخارجي في البنك المركزي العراقي في الوقت الحاضر    وأن "خطة البنك المركزي لغاية نهاية السنة ستصل إلى 100%، بالحوالات الخارجية بين المصارف العراقية والبنوك المراسلة، من دون المرور بالفيدرالي الأمريكي.

 

ـ أن "الخطة المتعلقة بإصلاح المصارف التي تتعرض للقيود ورفعها عنها تتضمن محورين: الأول يتعلق بإجراء تدقيق للعمليات السابقة التي أثيرت حولها الشبهات عن طريق مكتب تدقيق مستقل خارجي والبعض منها اكتمل فيما ننتظر إكمال التدقيق للبعض الآخر حتى يتم الوقوف على الصورة الكلية وتصنيف طبيعة هذه الإشكالات وكيف تتم الإجراءات حولها لاحقاً"   والوصول إلى قطاع مصرفي حقيقي مستقر متناسق مع ما هو مطلوب على مستوى الاقتصاد الوطني وعدم بقاء بعض المصارف بشكل هامشي ولا تمثل إضافة حقيقية للاقتصاد العراقي وأن تحظى بقبول خارجي من خلال الاتفاق على تطبيقها للسياسات والإجراءات والمعايير الدولية".   -أن "البنك المركزي لم يحدد حصة للتحويل الخارجي للمصارف وبإمكانها أن تتقدم بما تستطيع أن تجتذبه من معاملات التحويل الخارجي كما أن المركزي لا يتدخل بخيارات الزبائن وأن المصارف التي تقوم بهذه العملية تعتمد على قدراتها لجذب زبائنها".

مقالات مشابهة

  • سلطان الثقافة.. يرسم خارطة الثقافة العربية
  • مباحثات عالية المستوى بين ”اليمن وقطر” بشأن خارطة الطريق والتطورات في البحر الأحمر
  • كيف غير "مترو دبي" خارطة الإمارة في 15 عاما؟
  • كيف غير "مترو دبي" خارطة الإمارة في 15 عاما؟
  • لماذا يُجلد أهل الفكر في دولة سنار الحديثة وهم فاعلون بالعقلانية الحميدة؟ !
  • الهريفي: الفكر الحالي في الهلال غريب ويختلف عن الفكر السابق .. فيديو
  • الشرعية والديمقراطية صراع غياب الفكر
  • البنك المركزي العراقي يعلن خارطة الاصلاح المصرفي الشامل
  • زيلينسكي يعتزم اعداد خارطة طريق للصراع في أوكرانيا
  • الأعلام الاوروبيون الثلاثة هم لويس الرابع عشر ومترنخ الذي يلقب بداهية السياسة الألمانية وكارل ماركس