سواليف:
2025-03-10@10:27:49 GMT

خارطة الطريق

تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT

#خارطة_الطريق

د. #هاشم_غرايبه

لا يختلف اثنان على أن أمتنا تعيش حاليا أسوأ حالات انحطاطها، رغم امتلاكها كل مقومات الارتقاء والرفعة، فالأموال كثيرة لكنها بأيدي سفهاء يبددونها في البذخ والتعالي في البنيان، والثروات الطبيعية وفيرة لكن أصحاب القرار في استثمارها مسلوبو الإرادة خاضعون لإملاءات سرية من المستعمر، وموقع ديارها على ملتقى ثلاث قارات، فهو عالي الأهمية الاستراتيجية، لكن أولي الأمر لا يحسنون استثمار ذلك.


لو عدنا الى جذور هذه الحالة في تاريخنا الحديث من بداية القرن العشرين، لوجدنا أن الإنكليز الطامعين بالإستيلاء على أملاك الدولة العثمانية عملوا على صعيدين معا: اختراق الأتراك بجمعية الإتحاد والترقي التي عملت على اضطهاد العرب وإرهاقهم بالضرائب والتجنيد من أجل توليد النقمة على الأتراك ودفع العرب للثورة، ومن ناحية أخرى أغرت العرب بالثورة عليهم.
هكذا وجد العرب أنفسهم فجأة مكشوفين أيتاما، بعد سقوط الدولة الإسلامية، التي تمتعوا في كنفها بالوحدة والمنعة طوال قرون عديدة، فتم إغراء مثقفيهم برعاية فرنسية أولا ثم بريطانية بأن الوحدة ستحققها الحركة القومية، ووجدت أكثر المتحمسين لها من غير المسلمين، ورافق ذلك حركة نشاط ثقافي أدبي سميت تنويرية، لكنها كانت تبشيرية بثقافة الغرب المتفوق، وتمثلت ببعثات الى أوروبا، وانتاجات هؤلاء كانت تسعى للربط الثقافي مع الفترة الجاهلية من أجل القفز عن فترة الدولة الإسلامية.
سياسيا تم تكريس التقسيم والشرذمة، فأُنشأت حدود لأول مرة بين الأقطار العربية، وأسست بريطانيا الجامعة العربية كملهاة عن فكرة الوحدة.
هنا بدأت جذور الروح الإلتحاقية بالغرب، إذ لم تولد هذه الدول العربية ولادة طبيعية من رحم الله بل كأطفال الأنابيب معا في معامل بريطانية فرنسية، لذلك لم تعرف الأنظمة أبا غير المتبني الذي استنبتها، والذي لم يفعل ذلك أبوة ورحمة، بل بهدف الإسترقاق.
هكذا أصبحت التبعية جزءا بنيويا من طبيعة النظام، ولذلك لا يمكن أن يكون مستقلا أو حتى ساعيا لذلك.
أن هنالك اتفاق على تشخيص سبب ذلك، وهو ذاته دائما عبر كل عصور هزال الأمة: الشرذمة والفرقة بسبب التكالب على الإمارة، فيضحي الطامعون بكل شيء لأجل ذلك، بما فيه مولاة أعداء الأمة، مما يعني الخضوع لشروطهم ومطامعهم.
لذا فالحل واضح، وهو استنهاض مكامن قوة الأمة، في النهضة من جديد، واستعادة التجربة التي نجحت في جمع شمل الأمة خلال عشرين عاما، ثم ارتقائها لتصبح منافسة للإمبراطوريات العطمى، فكانت حالة فريدة غير مسبوقة في تاريخها، الذي بقيت فيه مستغرقة تخلفا وتبعية لغيرها من الأمم آلافا مؤلفة من السنين.
لكن السؤال الكبير: كيف السبيل الى ذلك، وينقصنا الشخصية القيادية المخلصة الممثلة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب على ذلك حاضر، فليس كل ذلك النجاح عائد الى القدرات القيادية الفردية، بل الى الفكر الذي اتبعه ذلك القائد، بدليل أن الصعود لم يتوقف بموته، بل استمر وبتسارع، كون من كانوا حوله تتلمذوا على يديه على الإيمان بذلك الفكر والاخلاص في اتباعه وتطبيقه كنظام حياة.
هنا يصبح السبيل الى الصعود من الجب أكثر وضوحا.
والرافعة هي الفكر ذاته.
البداية يجب أن تكون على وقف الرهان على من صنع الحالة الحالية من الشرذمة والتبعية ومنتفع منها، في إمكانية الخروج منها، فمن يبرع في الهدم والتمزيق، لا يمكن أن يعهد إليه بعملية البناء والرتق.
كما أن من لا يؤمن بوجود مشكلة بنيوية في النظام السياسي العربي والتي ولدت هذا الحال المائل، بل يصور له تعاليه وكبره الأحمق أن المشكلة في طبيعة شعوبنا فيعتبرها متخلفة عن الشعوب الغربية، وكسولة خامله، أو يحيل سبب تخلفها الذي يزعمه الى الدين.
فهؤلاء أيضا لا يمكنهم المساهمة في المشروع النهضوي، لأن المحبط والمتعالي يفتقد الى الروح النضالية، وفاقد الشيء لا يعطيه.
إذن فالمشروع ملقى على عاتق متبني الفكر الإسلامي، لكن من غير اختراقهم من قبل الطامحين الى تولي الحكم بأية وسيلة، فذلك سيعيدنا الى المأزق الذي قصم ظهر الدولة الإسلامية من قبل.
المسؤولية في ذلك تقع على عاتق المؤمنين الصادقين الذين يبتغون رضوان الله، والتخلي عن انانيات حب الزعامة، والتقاؤهم علي برنامج واحد، لأجل التحامهم جبهويا، والقائد سيولد حتما من بينهم، إذ سيفرض وجوده بمقدار اخلاصه وترفعه وتضحياته.

مقالات ذات صلة كلماتٌ في وداع إسماعيل هنية “أبو العبد” 4 2024/08/06

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: خارطة الطريق

إقرأ أيضاً:

للمرة الأولى.. انطلاق ملتقى الفكر الإسلامي لذوي القدرات الخاصة والهمم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أطلق "المجلس الأعلى للشئون الإسلامية" اليوم الجمعة، ملتقى الفكر الإسلامي "لذوي القدرات الخاصة والهمم" للمرة الأولى، وكان لقاء اليوم بعنوان: "أهمية الدعم الأسري لذوي القدرات والهمم وأثره في تشكيل قدراتهم النفسية والاجتماعية" في خطوة رائدة لدعم ذوي الهمم وأسرهم، وذلك برعاية وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري، وإشراف الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وذلك بمسجد السيدة زينب، مساء اليوم الخميس ٦ رمضان ١٤٤٦هـ الموافق ٦ مارس ٢٠٢٥م، في أجواءٍ علمية وروحانية واجتماعية تجمع بين أصالة الفكر الإسلامي وتجديده والجانب الإنساني.

وذلك ضمن جهود الوزارة والمجلس لتعزيز دور الأسرة في رعاية ذوي الهمم، وتنمية ورعاية مواهبهم وقدراتهم النفسية والاجتماعية.

وبدأت فعاليات الملتقى بآيات من القرآن الكريم تلاها القارئ الشيخ منتصر الأكرت.
وأدار اللقاء الإذاعي الدكتور حسن مدني، رئيس شبكتي البرنامج العام وإذاعة القرآن الكريم الأسبق، حيث تحدث حول دور القيادة السياسية واهتمامها بذوي الهمم ومحورية هذا الملتقى، وسيره على خارطة الدولة في الاهتمام بذوي الهمم، وتقدم الدكتور جمال الدين شفيق، أستاذ العلاج النفسي بجامعة عين شمس، للحديث حول الموضوع مؤكدًا أن الدعم الأسري يعد حجر الأساس في تنمية قدرات الأبناء ذوي الهمم.

كما استعرض أنواع الدعم النفسي، والتي تشمل الإشباع العاطفي والنفسي والمادي، مشددًا على ضرورة تكامل هذه الجوانب لضمان بيئة داعمة ومحفزة لهم، كما تشمل الدعم النفسي في تنمية المهارات وتحقيق الإنجازات، لافتًا إلى أن ذوي الهمم قادرون على تحقيق نجاحات قد تفوق أقرانهم العاديين إذا توفر لهم الدعم المناسب، وتسليط الضوء على النماذج الناجحة من ذوي القدرات الخاصة في مختلف المجالات.

واستعرض حقوق ذوي الهمم التي نص عليها الدستور المصري بعد تعديله في ٢٠١٨م، وأشاد بجهود الدولة المصرية في رعايتهم، مستشهدًا بتقارير منظمة الصحة العالمية التي تؤكد أهمية توفير بيئة مجتمعية دامجة لهم.

وتخلل اللقاء فقرات إنشادية متميزة من أبنائنا ذوي الهمم حيث أبدع الطفل الموهوب/ عمر حمادة، أحد النماذج المشرّفة من ذوي الهمم، في تقديم ابتهال مميز، كما قدمت المبتهلة فردوس مكي، أول سيدة مبتهلة مصرية، ابتهالًا آخر أضفى على اللقاء أجواءً روحانية.

واختتمت الفعالية بمجموعة من الابتهالات قدمها فريق الإنشاد "نوابغ مصر"، والتي حظيت بتفاعل وترحيب كبير من الحضور، وابتهالات للمبتهل الإذاعي منصور الأكرت؛ مما جعل الجميع يعيش حالةً روحانية وأجواءً إيمانية.

FB_IMG_1741354063002 FB_IMG_1741354059169 FB_IMG_1741354057275 FB_IMG_1741354055485 FB_IMG_1741354053678 FB_IMG_1741354051754 FB_IMG_1741353972789

مقالات مشابهة

  • بن صهيون.. والد نتنياهو الذي غرس فيه كره العرب
  • التعامل بالمثل.. خارطة طريق عراقية لحل ملف الفصائل المسلحة داخليا
  • محافظ الغربية: شراكة بين التنفيذيين والنواب لرسم خارطة تنموية تلبي طموحات المواطنين
  • انعقاد ملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الإمام الحسين
  • ملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الإمام الحسين يناقش حفظ التراث والشريعة
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: الفكر تحت سلطة الحرف
  • بريطانيا تعزز تعاونها مع فرنسا لمكافحة تهريب المهاجرين
  • للمرة الأولى.. انطلاق ملتقى الفكر الإسلامي لذوي القدرات الخاصة والهمم
  • الضويني: الأزهر منحة ربانية من الله ويقف صامدا في مواجهة الفكر المتطرف
  • "حرمة التبذير".. انعقاد ملتقى الفكر الإسلامي للواعظات بمحافظات الجمهورية