تحويل المشهد الدوائي: بروز المملكة العربية السعودية كمركز رائد للابتكار
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
بقلم محمد ماهر الغنام، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة أفالون فارما:
بينما يتصارع العالم مع تحديات الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والابتكار فيها، برزت المملكة العربية السعودية مؤخراً كلاعب مهم في مجال البحث والتطوير الدوائي. ومع نمو قطاع الرعاية الصحية والتزام الحكومة بتنويع الاقتصاد، كرست المملكة استثمارات مهمة لإنشاء منظومة مزدهرة للابتكار الدوائي.
ثقافة التطوير
يعد البحث والتطوير العصب الأساسي لقطاع الأدوية، حيث يدفع عجلة الابتكار، ويحسن فعالية الرعاية الصحية، ويعزز النمو الاقتصادي. ومن هنا، يعد البحث والتطوير أمراً بالغ الأهمية لقطاع الأدوية المزدهر في المملكة العربية السعودية. وقد أظهرت الحكومة السعودية التزاماً بتعزيز منظومة قوية للبحث والتطوير في مجال الأدوية من خلال إطلاق العديد من المبادرات والاستثمارات.
وكان إنشاء الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية (SFDA) في عام 2009 بمثابة منعطف مهم في هذه الرحلة. تتولى الهيئة العامة للغذاء والدواء تنظيم قطاع الأدوية والإشراف عليه، مما يضمن الامتثال للمعايير الدولية وأفضل الممارسات. علاوة على ذلك، تهدف رؤية السعودية 2030 إلى تنويع الاقتصاد، وتشجيع الابتكار، وتعزيز القدرة التنافسية العالمية للمملكة. وفي قطاع الأدوية، أثمرت هذه الرؤية عن مبادرات عديدة مثل البرنامج الوطني لتطوير الصناعة الدوائية، الذي يسعى إلى زيادة الأدوية المصنعة محلياً، وتعزيز قدرات البحث والتطوير، وجذب الاستثمار الأجنبي. وقد دعمت هذه الجهود نمو قطاع الأدوية السعودي والابتكار فيه.
البنية التحتية من أجل الابتكار
شهدت المملكة العربية السعودية استثمارات كبيرة لتطوير البنية التحتية، الأمر الذي مهد لإطار شامل للبحث والتطوير الدوائي. كما تشهد المملكة في الآونة الأخيرة طفرة في إنشاء المرافق البحثية والمختبرات ومراكز الابتكار فائقة الحداثة، مما يوفر البنية التحتية اللازمة للعلماء والباحثين وخبراء القطاع من أجل التعاون والابتكار.
وبرزت مدينة الملك عبدالله للعلوم والتقنية كمركز بحثي رائد، حيث تستضيف العديد من مراكز التميز في مجالات مثل التكنولوجيا الحيوية، وتكنولوجيا النانو، والمواد المتقدمة. وبالمثل، ساهمت الخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار (STIP) في المملكة العربية السعودية بإنشاء مؤسسات بحثية مثل المعهد السعودي للعلوم البحثية (SRSI) والشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني (تقنية).
كما أدى تنفيذ مبادرات مثل الإستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية، بالتوازي مع تطوير وادي الرياض للتقنية ومدينة المعرفة الإقتصادية، إلى تعزيز ثقافة التعاون وريادة الأعمال والابتكار، مما أسهم في توفير بيئة مثالية تساعد على ازدهار البحث والتطوير الدوائي في المملكة العربية السعودية
علاوة على ذلك، فإن الشراكات مع المؤسسات الخارجية، مثل مستشاري براءات الاختراع، ومنظمات البحوث التعاقدية السريرية، ومختبرات الفحص المتقدمة، ساهمت في تعزيز قدرات البحث والتطوير. وتضمن هذه الجهود التعاونية تطوير منتجات عالية الجودة وتبسيط عملية تسويق الأدوية المبتكرة. وتشمل التحديات التي تعترض تطوير المنتجات الجديدة، الدراسات السريرية لأشكال الجرعات المختلفة وتطوير المنتجات غير الدوائية. ويتم دوماً تزويد مختبرات الأبحاث بأدوات جديدة وقوى عاملة متمرسة لمعالجة هذه التحديات.
وقد ساهمت تطورات البنية التحتية والشراكات الاستراتيجية هذه في تعزيز القدرات البحثية للمملكة العربية السعودية، وجذب الشراكات والاستثمارات والمواهب الدولية إليها، مما جعلها مركزاً إقليمياً للابتكار بمجال الأدوية.
تطوير المواهب
يعد تطوير المواهب المحلية جانباً بالغ الأهمية لدعم مستقبل البحث والتطوير في مجال الأدوية بالمملكة العربية السعودية. وانطلاقاً من أهمية الخبرات المحلية، أطلق القطاعان الحكومي والخاص مبادرات تهدف إلى الارتقاء بمهارات الباحثين والعلماء السعوديين، وتمكينهم من دفع عجلة الابتكار والتقدم بمجال صناعة الأدوية.
وهناك برامج، مثل الصندوق السعودي للتنمية (SFD) والمعهد السعودي للعلوم البحثية (SRSI)، تقدم منحاً دراسية وفرصاً تدريبية للطلاب والمتخصصين السعوديين من أجل الحصول على درجات علمية متقدمة، وإجراء أبحاث في مؤسسات دولية مرموقة. وتعمل هذه المبادرات على دعم المواهب المحلية وتعزيز أطر التعاون الدولي. وبالإضافة إلى ذلك، تقدم مؤسسات، مثل مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية (KAIMRC) والهيئة العامة للغذاء والدواء (SFDA)، برامج تدريب وتطوير للباحثين والعلماء السعوديين، مع التركيز على مجالات متخصصة مثل التجارب السريرية، والشؤون التنظيمية، والتكنولوجيا الدوائية.
علاوة على ذلك، فإن تطوير المنتجات المحلية والخبرة بمجال تسجيل المنتجات في الأسواق السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي يضمن التقدم في مجال الرعاية الصحية فائقة الجودة. ومن خلال مواءمة جهود البحث والتطوير مع الاحتياجات الصحية المحددة للمستهلكين في مختلف الأسواق، تضمن المملكة العربية السعودية تطوير منتجات شاملة وفعالة. وتؤثر آراء المرضى ونتائج التجارب السريرية على عملية البحث والتطوير ودورة تطوير المنتج، مما يضمن منتجات عالية الجودة وإجراء التعديلات اللازمة بناءً على هذه الآراء.
ومن خلال تطوير المواهب المحلية، يمكن للمملكة العربية السعودية تقليل اعتمادها على الخبرات الأجنبية، وتعزيز عملية الاحتفاظ بالمعرفة، وبناء منظومة مستدامة للبحث والتطوير قادرة على دفع نمو صناعة الأدوية والمساهمة في التنويع والتنمية الاقتصادية للمملكة.
حقبة جديدة
يستعد قطاع الأدوية في المملكة العربية السعودية لطفرة نمو كبيرة، مدفوعاً بمنظومة قوية للبحث والتطوير، والبنية التحتية المبتكرة، ووجود نخبة من الباحثين والعلماء المحليين. ومع استمرار المملكة في الاستثمار بقطاع الأدوية، فمن الضروري الحفاظ على هذا الزخم من خلال تعزيز أطر التعاون الدولي، وتشجيع تبادل المعرفة، وحفز الابتكار. ويرتكز هذا النمو على الامتثال للمعايير التنظيمية الدولية، والتي يتم الحفاظ عليها من خلال المرافق البحثية المبتكرة التي تدعم كلاً من لوائح الممارسات المخبرية الجيدة (GLP) وممارسات التصنيع الجيد الحالية (cGMP). وسيجعل هذا النهج المملكة العربية السعودية مركزاً إقليمياً للابتكار الدوائي، مما يساهم في التنويع الاقتصادي وتحسين سبل الرعاية الصحية فيها. وإذ يقف قطاع الأدوية في المملكة العربية السعودية على عتبة مستقبل مشرق، من الضروري مواصلة دعم هذا القطاع الحيوي لاستكشاف كامل إمكاناته.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: أخبار السعودية أخر أخبار السعودية فی المملکة العربیة السعودیة البنیة التحتیة للبحث والتطویر البحث والتطویر الرعایة الصحیة قطاع الأدویة فی مجال من خلال
إقرأ أيضاً:
الشرع من قصر «الأسد»: لا نريد تحويل سوريا إلى نسخة من أفغانستان
قال القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، “إن البلاد منهكة من الحرب ولا تشكل تهديدا لجيرانها أو للغرب، وإن القيادة الجديدة لا تريد تحويل سوريا إلى نسخة من أفغانستان”.
وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC من قصر الشعب، دعا الشرع، “إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا، لأنها كانت تستهدف النظام القديم”، مشددا على أنه “يجب شطب “هيئة تحرير الشام” من قائمة المنظمات الإرهابية”، بحسب تصنيف الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة”.
وأكد أن “هيئة تحرير الشام” ليست جماعة إرهابية، مشيرا إلى أنهم “لم يستهدفوا المدنيين أو المناطق المدنية، بل هم يعتبرون أنفسهم ضحايا لجرائم نظام الأسد، والضحايا لا ينبغي أن يعاملوا بنفس طريقة التعامل مع الظالمين”.
ونفى أنه يريد تحويل سوريا إلى نسخة من أفغانستان، قائلا إن “البلدين مختلفان للغاية ولديهما تقاليد مختلفة، باعتبار أن أفغانستان مجتمع قبلي”، موضحا أن “سوريا لديها عقلية مختلفة، وأنه يؤمن بتعليم النساء”.
وذكر الشرع، أنه “لدينا جامعات في إدلب منذ أكثر من ثماني سنوات، وأعتقد أن نسبة النساء في الجامعات تزيد عن 60%”.
وعندما سئل عما إذا كان تناول المشروبات الكحولية سيكون مسموحا به، قال الشرع: “هناك أشياء كثيرة ليس من حقي أن أتحدث عنها لأنها مسائل قانونية”، مشيرا إلى أنه ستكون هناك “لجنة سورية من الخبراء القانونيين لكتابة الدستور، وهم سيقررون، وأي حاكم أو رئيس يجب أن يتبع القانون”.
“Ahmad Al-Sharaa struck me as a highly intelligent & politically sophisticated man”. From the presidential palace in #Damascus, he expressed his vision of free #Syria to the #BBC’s Jeremy Bowen pic.twitter.com/dvlnBxIs5A
— Mal Kash (@Mal_Kash1) December 19, 2024