النزاهة: السجن 6 سنوات لمدير مصرف حكومي سابق في كركوك
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
بغداد اليوم -
أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة صدور قرار حكمٍ بالسجن غيابياً لمُدَّة ست سنواتٍ على مسؤولين سابقين في مصرف الرشيد في كركوك؛ لإحداثهما عمداً ضرراً بأموال ومصالح الجهة التي يعملان فيها.
مكتب الإعلام والاتصال الحكومي أشار في حديثه عن قرار الحكم الصادر عن محكمة جنايات كركوك/ الهيئة الثانية بحقّ (نجاة علي جواد) مديرة مصرف الرشيد في كركوك، و(سعد حسن موسى) مدير شعبة العمليَّات المصرفيَّة السابقين في المصرف؛ على خلفيَّة إطلاق الوديعة الخاصَّة بإحدى الشركات التجاريَّة عمداً دون التثبُّت من إيفائها بالتزاماتها المنصوص عليها في العقد المُبرم مع المشتكين؛ ممَّا تسبَّب بإحداث الضرر عمداً في أموال الدولة ومصالح الجهة التي يعملان فيها.
المكتب أوضح أنَّ المحكمة، بعد تدقيق الأدلة والقرائن المُتحصّلة بالدعوى، والمُتمثّلة بأقوال المُمثل القانونيّ للجهة المُشتكية، واستنتاجات وتوصيات التحقيق الإداريّ المربوط بالدعوى، إضافة إلى التقارير التدقيقيَّة والكشوفات ومحاضر التحرّي، وأقوال الشهود والكتب والمُخاطبات الرسميَّة، وقرينة هروب المُتَّهمين، وجدتها كافيةً ومُقنعةً للإدانة.
وأضاف إنَّ قرار الحكم بسجن المُدانين لمُدَّة ست سنواتٍ لكلٍّ منهما، صدر وفقاً لأحكام المادة (٣٤٠) من قانون العقوبات، وبدلالة موادّ الاشتراك ( ٤٧ و ٤٨ و ٤٩) من القانون نفسه، كما تضمَّن إصدار أمر قبضٍ بحقّهما، والإشعار إلى الجهات المُختصَّة لمنع سفرهما خارج العراق، فضلاً عن حجز أموالهما المنقولة وغير المنقولة، وإعطاء الحقّ للجهة المُشتكية بمُراجعة المحاكم المدنيَّة للمُطالبة بالتعويض بعد اكتساب الحكم درجة البتات.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
الترجمة والنقد.. السِّياق والمُنجْز
الترجمة والنقد السِّياق والمُنجْز
ناصر السيد النور *
تعدُ اللغة منطقة تقارب وتداخل بين الترجمة وأدواتها المتخصِّصة الفعليِّة والنقد وأدواته التحليلية التفاعلية في بنية النص اللغوي، إلا أن المسافة المتقاربة التي عادة ما تتخلَّلها ربما اختلافات منهجية تأسيساً للنص المعالج ترجمة أو نقدا. فالمرجعيات اللغوية داخل سياق المصطلحات وتراكيبها اللغوية تعمل في كل من الحقليِّن بوتيرة متشابهة وإن اختلفت المقاصد بين ترجمة تستهدف نقل النص إلى متن لغوي مقابل ونقد يتبحر في دراسة نص تتأوله مستويات متعدِّة من الكتابة (الأدبية، والشعر، والفكرية والفلسفية…الخ). وتخضع نفسها للترجمة بتعدِّد مصادر هذه المحتويات. ولكن اختلاف السيِّاق لا يعني أن ثمة تباعداً يفضي إلى تناقض منهجي أو مفاهيمي. فاللغة في النقد لا تعبر مفصحة إلا بتفكيك اللفظ والمصطلح والمعني ودلالته وفق منطوق يستدعي مكنة وذائقة متبادلة على نفس مستوى النص؛ بينما الترجمة تحكمها ثنائية النقل والتفسير أي العمل بين مسارين يحتفظ كل منهما بقاعدته المنهجية لغوية كانت أم دلالية تحديداً للمعني اللفظي أو بحثاً عن مكنزماته المضمرة. وهذا التوافق لا يتُّم دون قاعدة علمية حاكمة وناظمة تستند إلى بنية نظرية عملية ورؤية إبداعية قادرة إلى الوصول إلى عمق النص. وعلى قدر ما استوعب وحمل النقد مَشّقَة سبر أغوار المعرفة العقلية على مرِّ العصور ازدادت الحاجة النظرية والتطبيقية لأدوات تستوعب للنص اللغوي كنصٍ يقرأ علامات اللغة والوجود.
وإذا كانت المدخل التعريفي لكل من الترجمة والنقد يختلفان في المفهوم ويتباعدان في الممارسة، فإن الترجمة قد استقرت بوصفها فعلاً تتم معالجته في النصوص ويتخذ من المادة المنفذة برهاناً عليه، أي تقابل نصاً بنص على خلاف النقد بتعريفاته المتعددة مجمعيا واصطلاحياً وربما ايدولوجيا. فالتعريف قد لا يشير إلى التداخل، ولكنه يقرَّب على مستوى الدلالات المشتركة لغوياً وإلى حدٍ ما منهجيا. وغني عن القول إن الترجمة Translation والنقد التطبيقي Critique أو حكماً نقديا Criticism مفاهيماً كما في تداول الخطاب النقدي العام يحيلان إلى نشاطٍ بعينه وينجزان باستيعاب طاقة النص واحالاته وترحليه إلى مستوى لغوي آخر. ولكل منهما نظرياته المرجعية وحساسيته الإبداعية في التعامل والمعالجة النصية. ولأن القراءة من بين تأويلات النص أو تقصياً مضامينه وإشاراته وما يداخله من موضوعات لغوية. الأمر الذي يعود إلى تفكيك بنية النص مجدداً بما تستوعبه الطاقة النقدية احاطة بمقتضيات القراءة النقدية فيما يلزم من شروط تختلف درجة الحكم النقدي فيها عن محددات الترجمة ودقتها.
وليس من بعدٍ تاريخي يربط العلاقة بين الترجمة والنقد أكثر من تاريخ الكتابة النصيِّة نفسها في بعدها اللغوي التاريخي المُكِّون لتراكيبها المتوافقة وبينتها اللغوية، وبما تحدثه في بنية النص اللغوي. والنقد معالجة معرفية منحازةً إلى رؤى مسبقة في المنهج والرؤى والتطبيق؛ والترجمة بثبات حيادتيها التي لا تقبل التدخل بغير الاحالات اللغوية وفق منهج مُحكم تقيده معاني المفردات ودلالاتها. ولكن تبقى نظرية اللغة في كل من الترجمة والنقد متنازعة بين النص المستهدف بالترجمة أو النقد على المستوى المادة النصية المعالجة. والنقد طرح يقوم على التجاوز؛ وبداية قاسية لاختبار معينات الفكر ونتائج العلم في التمهيد لتمظهر رؤية لا تقتصر على ما يسود من علائق متداخلة بقدر ما في سياق التفكير الانساني. النقد هو الوعي بالتاريخ الذي هو وعي بالكتابة بوسيلة أخرى.
وبوجه من القول، فإن معايير الترجمة عند قياسها على المستوى النقدي والمنجز الكتابي تكون مقروءة داخل سياق التطور الحضاري للغة أمة ما. وكذلك تقتضي الترجمة التتبع على المستوى الشعري تقصياً للنص في مقابلاته الاصطلاحية وطاقته اللغوية وتصوراته الشعرية في فضاءات اللغة ومساراتها. وتقوم الترجمة التي تنقل الأفكار والسرد المتخيل إلى لغات عديدة في عملية تفاعلية بين الثقافات والفكر واللغات. واللغة لا تعمد إلى تفسير النص الروائي وتحليل نسق البناء اللغوي وعلاقات المفردات والدلالات المعجمية والتركيبية فحسب، بل تعمل بالتطابق والموافقة الموضعية بين مستوى اللغات التي تنطق بها الشخصيات في الرواية والعلامات الأخرى التي توجد بقوة الفعل اللغوي نفسه في النص. وبما أن الجدل النقدي قد احتدم حول مسوغات الاستخدام اللغوي ومستوى لغات الترجمات (ترجمة الأدب) ومدى مناسبة اللغة التي تنطق بها؛ خاصة إذا كانت اللغة المستخدمة لا تناسب طبيعة النص المترجم في أبعاده التخيلية واستعاراته المتضمنة في طبقات اللغة! وإن كانت بعض النظريات في الاتجاه الواقعي في الرواية في القرن العشرين قد برّرت لذلك بمبررات أيدولوجية لا تنتمي إلى النقد العلمي المنهجي بما لا يتوافق مع منهجيات الأدب المقارن.
إن التواصل اللغوي، وهو مبتغى اللغة في سكونها الراسخ بأدواتها التعبيرية ومنطقها اللغوي، وانتقالها بتغير دلالاتها إلى مجال يستنبط أدواته توافقاً مع ما تستدعيه الترجمة من إشارات مهمة؛ الأمر الذي جعل الترجمة تكتسب ما تصيغه اللغة من حيث الاستخدام والتطبيق. فاللغة محور مشترك بينما الترجمة مستويات متعددة من البحث لإيجاد صيغة توافق مرجعية تجميع بين خلفيات ثقافية متعددة. فالجهود النظرية في الترجمة أو في عملية الترجمة جعلت من الترجمة فناً لم يبلغ بعد درجة العلم رهنا بالنتائج المختلفة التي يتوصل إليها مختلف الأفراد المستخدمون للغة. فاللغة هي المنطوق والترجمة هي التفسير الذي يتعدى اللغة إلى التفسير المستخدم لغويا لإيصال المعلومة أو المعنى هي بمعني أشمل إعادة للتعبير والتفسير معًا.
إن اللغة ليست حالة منفصلة عن واقع التطبيق الفكري، كما أتجه اللغوي السويسري فريناند دي سوسير لدراستها في ذاتها ولذاتها، دون البحث عن مبررات علميّة بإضفاء الصبغة التطبيقية البحتة كأنثروبولوجيا اللغة والمباحث الفنولوجية والأدوات المنهجية الأخرى المجاورة للغة. وأن تترك في أفضل الأحوال ضمن حيز اللغة الاجتماعي. ولكنها، أي اللغة دائرة اتصال متعينة الوجود في التداول اللفظي المحدد، أحادي اللغة بينما الترجمة هي الحالة الثنائية للتتابع اللفظي بحثاً عن صيغة تكافؤ لغوي يقتصد الألفاظ ويبقي على المعاني. ومن هنا يكون النقد مصدراً مكوِّنا للرموز كما يقول في تشريحه النقدي الكلاسيكي يقول الناقد الكندي نورثروب فراي في ملاحظته النقدية: “عند قراءتنا لأي موضوع [نصّ] فإن انتبهنا يتحرك باتجاهين أحدهما الى الخارج ما نقرأ من كلمات، وما تعنيه هذه الكلمات أو عملياً بالعودة الى ذاكرتنا للربط بينهما. أما الاتجاه الآخر فإلى الداخل الجاذبية التي نحاول من خلالها نطور من الكلمات أو الإحساس. ففي كلا الحالتين نتعامل مع مرموزات، ولكن فيما يربط المعنى الذي لدينا، بالإضافة الى الرمز الشفاهي أو ما يمثله أو ترمز اليه”. وهو التفسير الذي يقارن بيِّن النص في الواقع ونقده.
ينجز كل من الترجمة والنقد بما تقتضيه المنهجية التحليلية المتبعة في التعامل مع النص اللغوي، ويكون مبلغ ذلك حالة الإجلاء أو البيان نقلاً للغة النص (ترجمة) أو تحليلاً لبنية النص (نقد). ويلزم ذلك السياق المعرفي أو التقني بما توفره آليات التحليل الذي يتقَّوم بمعطيات نصية أيٍ كانت من حيث التصنيف على المستوى الأدبي والفلسفي والفكري. وبما أن مقاربة الترجمة والنقد من الموضوعات التي لم يتمُّ مقاربتها بما يؤسس لنظرية تجمع بين مسارات الترجمة والسياقات النقدية إذ إن كلا منهما يتأسس على النص اللغوي. ولأن تباين المجالين بين أداة ناقلة للنص وأخرى تعيد قراءته ومن هنا يتاخم التأويل النقد أو يكون مكون من مكوناته الجوهرية في معالجة النصوص مما يوسع من دائرة الرؤية النقدية. وتبقى ثنائية الترجمة والنقد كفعل تقتضي ممارسته الإحاطة المعرفية الشاملة باللغة وعلومها – ترجمة ونقدا- التي يتعذر بدونها تصور وجودها بدون لغة كوسيط تتكثف فيه الدلالات والمدلولات اللغوية، لتضع المنجزات اللغوية في الترجمة والنقد ببعدهما اللغوي الإبداعي والمعرفي. فالنسق الذي تعممه الدراسات الإنسانية والثقافية والمجالات المفتوحة يجعل من الترجمة والنقد مسارين يتلازمان بضرورة الفعل وتقصي المرامي اللغوية وإن تمت ممارستهما في حلقين منفصلين ظاهريًا.
* كاتب ومترجم سوداني
الوسومالأدب الأدب السوداني الترجمة