"إبادة وصمت دولي".. هيروشيما حاضرة في غزة
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
في 6 أغسطس/ آب تحل الذكرى السنوية 79 لإلقاء أول قنبلة ذرية في العالم على مدينة هيروشيما عام 1945، في وقت يعيش فيه قطاع غزة مشاهد قاسية تُذكر بمآسي المدينة اليابانية المنكوبة.
في القرن العشرين أضحت هيروشيما رمزا للدمار الشامل والقتل الجماعي، فيما جسد قطاع غزة في القرن الواحد والعشرين نموذجا لحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
تعيد مشاهد الحرب الإسرائيلية على غزة المنكوبة للأذهان مأساة هيروشيما اليابانية، مع اختلاف الأسلحة المستخدمة.
فهيروشيما ابتلعتها قنبلة ذرية أمريكية، فيما تواصل أنياب الأسلحة الإسرائيلية والأمريكية نهش قطاع غزة مخلفة دمارا هائلا وصادما.
وبحسب تقديرات حكومة غزة، فإن المتفجرات التي ألقاها الجيش الإسرائيلي على القطاع تعادل 5 أضعاف القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي.
وقال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده، ومدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة، إن جريمتي هيروشيما وقطاع غزة تتشابهان في ثالوث "السلاح الأمريكي، والإبادة الشاملة، والصمت الدولي".
ورصدت الأناضول في مقابلتين أجرتهما مع المسؤولين عبده والثوابتة، أوجه الشبه بين هيروشيما وغزة المنكوبتين.
** تشابه المشهدين
يقارن الحقوقي عبده بين جريمة هيروشيما والحرب الإسرائيلية على غزة، قائلا: "استخدمت الولايات المتحدة القنبلة الذرية لأول مرة، وهي سلاح دمار شامل أسفر عن تدمير واسع النطاق وقتل عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء".
ويضيف للأناضول: "إسرائيل لم تستخدم قنبلة ذرية في غزة، لكنها استخدمت أسلحة ذات قدرة تدميرية هائلة تُحدث خسائر واسعة في صفوف المدنيين والبنية التحتية".
ويوضح أن الأسلحة الإسرائيلية عند استخدامها "لا تراعي مبدأ التناسب وفق القانون الدولي، كما يحدث تماما عند استخدام قنبلة ذرية لا تفرق بين مسلح ومدني".
وأكمل: "إسرائيل استخدمت أسلحة دمرت خلالها أبراج سكنية من عدة طوابق فوق رؤوس ساكنيها، واستخدمت أسلوب الحزام الناري في استهداف أحياء سكنية بأكملها، متسببة بقتل وإصابة مئات المدنيين".
** دعم أمريكي
أكد المسؤول الحكومي الثوابتة أن الولايات المتحدة التي دمرت هيروشيما في لحظة، "تواصل مد إسرائيل بأنواع مختلفة من الأسلحة لتحقيق جريمة الإبادة الشاملة".
ويتابع للأناضول: "إسرائيل تعتمد في حربها الحالية بالدرجة الأولى، على دعم عسكري أمريكي كبير، بما في ذلك الأسلحة المتقدمة والتكنولوجيا الحديثة".
ويقدّر الثوابتة إلقاء إسرائيل "أكثر من 82 ألف طن من المتفجرات، بما يعادل أكثر من 5 أضعاف القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي".
ويشير إلى أن واشنطن "زودت إسرائيل بأكثر من 100 ألف قنبلة وصاروخ يزن بعضها 2000 رطل من المتفجرات، فيما تواصل الأخيرة خوض حرب الإبادة الجماعية بهذا السلاح، وقتل النساء والأطفال وكبار السن والمدنيين العزل".
** إبادة شاملة
فيما يتعلق بالإبادة الشاملة في مسرح الجريمة، يقول عبده إن القصف الذري لهيروشيما أدى إلى إبادة جماعية، مضيفا: "في غزة، لم يسلم أي من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من القصف الجوي والبري والبحري غير المتناسب".
ويتابع: "إسرائيل لا تنفذ حربا ضد فصيل معين بل حرب إبادة جماعية ضد كافة السكان".
وأشار إلى أن "هيروشيما شهدت مقتل ما بين 70 و80 ألف شخص على الفور، فيما ارتفع عدد الوفيات بحلول نهاية 1945 إلى نحو 140 ألفا".
ولا يختلف الأمر كثيرا في قطاع غزة، الذي واجه 10 بالمئة من سكانه القتل أو الإصابة أو فُقدت آثاره نتيجة الإبادة الجماعية، وفق رئيس "المرصد الأورومتوسطي".
إلى جانب ذلك، فإن هيروشيما تعرضت لدمار شبه كامل بسبب الانفجار الذري حيث بلغ حجم دمار المباني فيها نحو 70 بالمئة، ما يعادل حجم الدمار الذي خلفته حرب إسرائيل في الوحدات السكنية بغزة.
وتابع: "إسرائيل تتعمد استهداف كل ما يتم إصلاحه بشكل جزئي في غزة لجعل الحياة مستحيلة".
الثوابتة يدعم ذلك بالأرقام، قائلاً: "اليوم هناك أكثر من 145 ألف ضحية في غزة، بينهم قرابة 40 ألف شهيد وأكثر من 91 ألف جريح".
ويشير إلى حجم الدمار الهائل في القطاع، موضحا أن إسرائيل دمرت أكثر من 150 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، و200 ألف وحدة بشكل جزئي، و80 ألف وحدة سكنية غير صالحة للسكن.
كما دمرت الحرب الإسرائيلية كافة مناحي الحياة في القطاع، واستهدفت 15 قطاعًا حيويًا، لتحويله إلى منطقة بلا حياة وغير صالحة للحياة، وفق الثوابتة.
وأكد أن "الاحتلال الإسرائيلي يحاول تحقيق مبدأ الإبادة الشاملة ضد الفلسطينيين في هذه الحرب".
** صمت دولي
الجريمتان الأمريكية والإسرائيلية القديمة والحديثة واجهتا صمتا دوليا، ففي حين أنه لم تعاقب الولايات المتحدة على إبادة "هيروشيما"، كذلك يحدث مع إسرائيل التي لم تعاقب على جريمة "الإبادة الجماعية" بغزة رغم مرور 10 أشهر على بدايتها.
الحقوقي عبده ينتقد الصمت الدولي تجاه ما يحدث في غزة، مشيرًا إلى أنه لم "تُتخذ إجراءات فعالة لكسر الحصار أو محاسبة مرتكبي جرائم الحرب".
كذلك يدين المسؤول الحكومي الثوابتة صمت العالم إزاء المأساة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة، الأمر الذي يتيح لإسرائيل الاستمرار في جرائمها، كما قال.
ويختم الثوابتة حديثه قائلا: "هذه الجريمة يندى لها جبين البشرية، فالعالم يقف صامتًا تجاه إعدام وسحق أكثر من 20 ألف طفل وسيدة، ولا يتحرك قيد أنملة لوقف الحرب المدمرة وبالتالي تغيب العدالة ونصرة الحق والحقيقية".
وتشن إسرائيل بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا على غزة؛ أسفرت عن أكثر من 131 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.
وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني بغزة.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة قنبلة ذریة قطاع غزة أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
ضحايا شبكة الحوثي وصمت الشرعية.. الحرب الروسية- الأوكرانية تواصل حصد اليمنيين
تواصل الحرب الروسية - الأوكرانية، حصد أرواح العشرات من الشبّان اليمنيين الذين وقعوا ضحية شبكة الاتجار بالبشر الحوثية، وحالة الجمود المشبوه للحكومة اليمنية المعترف بها تجاه رعاياها.
عصابات شبكة الإتجار بالبشر التي تديرها مليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن وسلطنة عمان، عملت على إيهام الشباب بفرص عمل مدنية عديدة في أعمال البناء والمصانع والنجارة وغيرها وبرواتب مغرية،
الضحايا، اكدوا مراراً في مناشدات مرئية نشروها على مواقع التواصل الإجتماعي، أنهم وقعوا عقود عمل مع شركة "الجابري" للعمل في مجالات مدنية وتخصصات مختلفة، لكنه تم إرسالهم فور وصولهم روسيا إلى معسكرات تدريبية والدفع بهم إلى جبهات القتال.
وذكر الضحايا ان شركة "الجابري" تتبع المدعو "عبدالولي عبده حسن الجابري". وبعد تحر الفريق الميداني لوكالة "خبر"، تبيّن أن "الجابري" كان يشغل منصباً عسكرياً لدى مليشيا الحوثي في اللواء 115 ويقيم حالياً في سلطنة عمان. كما أن الشركة تضم شبكة استقطاب واسعة في عموم البلاد، سيما في تعز، وإب وذمار وصنعاء.
في حين قال الصحفي والكاتب صلاح بن لغبر، إن هذه "الشركة التي غررت بمجاميع من اليمنيين وأرسلتهم إلى روسيا للقتال تتبع الحوثيين ويديرها المدعو محمد عبدالسلام". مشيراً إلى أنها "تنشط منذ سنوات في تهريب السلاح للمليشيا تحت ستار أنشطة تجارية".
لا توضيح رسمي
مصادر عديدة أكدت أن اعداد ضحايا هذه الشركة بالمئات، أن لم يكن بالآلاف، قُتل واصيب العشرات منهم في جبهات القتال أثناء الدفع بهم في مقدمة الصفوف الروسية للقتال ضد الجيش الأوكراني.
ووفقا للمصادر، فإن القتلى سقطوا إما بالنيران الأوكرانية اثناء الاشتباكات المباشرة، أو القصف المدفعي والصغروهي والمسيراتي، والبعض منهم قتلوا من الخلف بنيران جنود روسيين أثناء محاولات الانسحاب أثناء اشتداد المعارك أو التعرض لهجمات صاروخية.
يقول شبّان يمنيون من بين الضحايا، إنهم فقدوا خلال الأشهر الأخيرة العشرات من زملائهم الأبرياء، ممن فُرض عليهم القتال فيما عقود أعمالهم مدنية. موضحين أنهم في كل مجزرة يتعرض لها زملاءهم لا يستطيعون انتشال جثثهم، نتيجة الإهمال الروسي المتعمّد.
كما ان الجرحى يتعرضون للمعاملات السيئة وإهمال طبي كبير، حد قولهم، وسط مناشدات متكررة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً ووزارة خارجيتها، بالتخاطب مع الجانب الروسي والتنسيق لضمان تأمين خروجهم بشكل آمن.
وحتى اللحظة، لم يصدر أي توضيح رسمي من الحكومة اليمنية يطمئن أقارب الضحايا، ما يؤكد أنها لم تقم بأي تواصل مع الجانب الروسي، وسط شكوك واتهامات بإبرام صفقة مشبوهة وغير واضحة.
قتلى جُـدد
بعد أيام من مناشدة جديدة للحكومة اليمنية، قُتل شاب يمني ينحدر من محافظة إب (وسط اليمن) في جبهات القتال الروسية - الأوكرانية.
وافادت مصادر مطلعة بأن الشاب "أحمد رشاد الجعفري"، 19 عاما، قُتل في إحدى جبهات القتال الروسية - الأوكرانية.
وأشارت إلى أن عددا ممن تم التغرير عليهم، كان هدفهم مواصلة الدراسة في إحدى الجامعات في العاصمة الروسية موسكو، وليس الذهاب إلى جبهات القتال.
فيما كشفت مصادر إعلامية عن مقتل مجند يمني وإصابة آخرين بجروح، إثر قصف أوكراني بطائرة مسيّرة استهدف مواقعهم في جبهات القتال مع روسيا.
ولفتت إلى أن المجنّد اليمني وزملاءه كانوا أيضا ضمن مجموعة من الشباب، الذين تم تجنيدهم للقتال في أوكرانيا عبر شبكات مشبوهة، ووُعِدوا بفرص عمل في روسيا، لكنهم أُجبروا على القتال في أوكرانيا.
ويتوعد حقوقيون برفع قضية ضد شركة الجابري الحوثية، بتهمة "الاتجار بالبشر" بحق هؤلاء الضحايا، واستغلال الوضع المعيشي المتدني في البلاد نتيجة الحرب التي اندلعت إثر انقلاب مليشيا الحوثي في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
ومؤخراً، ازدهر النشاط السياسي والعسكري الروسي في الساحة الإيرانية والحوثية، في تحالفٍ موازٍ للتحالف الأمريكي- الأوكراني. وهي التحالفات التي انعكست آثارها على حالة التوتر العسكري في منطقة الشرق الأوسط منذ سن إسرائيل عدوان وحشي على قطاع غزة الفلسطيني رداً على هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.