قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إن الحرب المستعرة في قطاع غزة منذ أكثر من 10 أشهر استنفدت طاقات جنود الاحتياط الإسرائيليين، مما يحد من خيارات إسرائيل التي تفكر مليًّا في شن حرب ضد حزب الله اللبناني.

وأشارت في تقرير لها إلى أن إسرائيل، وهي دولة صغيرة يقل عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة، تعتمد بشكل كبير على جنود الاحتياط لمساعدة الجيش في أداء مهامه في أوقات الأزمات.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الكلاب الضالة.. أحدث ميادين الصراع بين أردوغان وخصومهlist 2 of 2هآرتس: اخرجوا للشوارع أيضا ضد محاولة الانقلاب على القضاءend of list

ومع دخول الحرب في غزة شهرها الـ11، ومع احتدام تبادل إطلاق النار باستمرار مع المليشيات في المنطقة مثل حزب الله، تقول الصحيفة إن العديد من جنود الاحتياط يقتربون من نقطة الانهيار، فهم يعانون من الإرهاق والإحباط، ويكافحون من أجل تحقيق التوازن بين الأسرة والعمل والخدمة العسكرية، في حين تتزايد خسائرهم الاقتصادية الناجمة عن غيابهم عن أعمالهم الأصلية.

تردد في شن حرب

ووفقا لتقرير الصحيفة، فإن الضغوط التي تمارس على الجنود هي أحد الأسباب التي تجعل المسؤولين الإسرائيليين مترددين في شن حرب شاملة ضد حزب الله، ذلك لأنها تتطلب الاستعانة بنفس المجموعة من جنود الاحتياط المرهقين أصلا للقتال ضد قوة عسكرية أكثر تفوقا من حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ويعتقد رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق ياكوف أميدرور، أن إسرائيل لم تُعدّ نفسها لخوض حرب طويلة. وقال "لقد فكرنا في توجيه ضربة جوية كبيرة ثم القيام بمناورة برية سريعة للقوات البرية" مضيفا أنه كلما طال أمد الحرب، زادت صعوبة الاستمرار في تقديم الإسناد للقوات المقاتلة وجاهزيتها.

وذكرت الصحيفة أن إسرائيل نجحت في السابق في خوض حروب قصيرة حيث تستطيع فيها الاعتماد على قوات الاحتياط وتفوقها الساحق في مجال التكنولوجيا. ولفتت إلى أن إسرائيل استطاعت هزيمة 4 جيوش عربية في حرب يونيو/حزيران عام 1967.

الأمر مختلف هذه المرة

لكن الأمر مختلف هذه المرة، تقول الصحيفة مشيرة إلى أن المليشيات العربية المسلحة، "التي تمولها إيران"، تسيطر الآن على مساحات واسعة من الأراضي المجاورة لإسرائيل، وقد تستغرق إزاحتها سنوات، هذا إذا كان ذلك ممكنا في الأساس.

وتواجه إسرائيل معضلة أخرى تتمثل في رفض مَن هم في سن التجنيد من اليهود المتشددين الانضمام إلى الجيش أو قوات الاحتياط، نظرا لحصولهم على إعفاءات عن الخدمة العسكرية هم وبعض "الأقليات" العربية. وهذا هو السبب -برأي وول ستريت جورنال- الذي جعل الجيش الإسرائيلي يعتمد كثيرا على جنود الاحتياط الذين يفوق عددهم ضعف أعداد الجنود المتفرغين.

وعلى عكس قوات الجيش، فإن جنود الاحتياط مواطنون عاديون لديهم وظائف ويقومون برعاية أسرهم. وقد خدم العديد منهم الآن في جولات متعددة وخاضوا معارك عنيفة. ووفقا لتقديرات الجيش، فقد قُتل منهم أكثر من 300 جندي وأُصيب أكثر من 4 آلاف آخرين منذ بدأت إسرائيل حربها البرية في غزة. ولا تشمل هذه الأرقام الخسائر في صفوف جنود الجيش المحترفين.

 

قطاع التكنولوجيا

واضطر العديد من جنود الاحتياط إلى ترك أعمالهم وإغلاق شركاتهم وتأجيل استثماراتهم، حيث تغيّب ما يقرب من 150 ألفا عن العمل، من بينهم كثيرون يعملون في قطاع التكنولوجيا الحيوي في إسرائيل.

ويتوقع بنك إسرائيل المركزي -بحسب الصحيفة الأميركية- أن ينمو اقتصاد البلاد بنسبة 1.5% فقط في عام 2024، بعد انكماشه بنسبة 5.7% في الربع الأخير من عام 2023. ولكنه لا يتوقع انتعاشا يصل إلى 4.2% في عام 2025 إلا إذا وضعت الحرب أوزارها.

وإزاء هذه الأوضاع المضطربة، يعاني جنود الاحتياط -من أمثال المدفعجي عدي حزان- ويشعرون بأنهم عالقون في الحرب.

حالة يُرثى لها

وأوضحت الصحيفة أن حزان (41 عاما) أدى الخدمة العسكرية لأول مرة في غزة وهو الآن في الضفة الغربية ضمن قوة مكلفة بقمع الاحتجاجات هناك. غير أن حياته "باتت في حالة يرثى لها"، وغرق في الديون بعد أن اضطر لإغلاق محله في مجال البناء عقب استدعائه للقتال، وأصبحت عائلته تستجدي الصدقات من الأصدقاء والجمعيات الخيرية.

وبحسب الصحيفة، فإن حزان قد يواجه مشكلة بعد الفراغ من الخدمة العسكرية، وهي أنه سيكون مجبرا على التعامل مع الدائنين، الذين يقول إنه مدين لهم بمبلغ 250 ألف دولار.

وتختم الصحيفة تقريرها بعبارة ذات دلالة لجندي الاحتياط حزان، قال فيها "أشعر أن كل شيء ينهار. ففي نهاية المطاف، سيتعين عليَّ مواجهة تحديات الحياة.. فأنا لست مجندا (في الجيش)، بل جندي (احتياط) ولدي عائلة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات جنود الاحتیاط أن إسرائیل

إقرأ أيضاً:

الطلاب والأطباء الجدد جنود مجهولون لإنقاذ جرحى غزة

غزة- حينما قرر الطبيب معتز حرارة فتح قسم "استقبال وطوارئ" جديد في المستشفى المعمداني، لاستقبال جرحى الحرب بعد تدمير الاحتلال مستشفى الشفاء في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، فوجئ بعقبة كبيرة تمثَّلت في صعوبة التواصل مع الأطباء المختصين، لتعطل شبكة الاتصالات ونزوح كثير منهم إلى جنوب قطاع غزة.

وسط هذا الفراغ الطبي الخطير، لم يتردد حرارة (رئيس قسم الاستقبال والطوارئ بمستشفى الشفاء) في اتخاذ قرار حاسم بالاستعانة بالخريجين الجدد وطلبة الامتياز، وطلاب كليات الطب، وبدأ في تدريبهم، بهدف إنقاذ الأرواح المهددة بالموت.

يقول حرارة للجزيرة نت "قبل الحرب، كان لدينا 60 طبيب طوارئ، وبعدها، تبين أن ثلثي الأطباء نزحوا إلى جنوب القطاع أو سافروا للخارج، بينما كان الثلث الباقي يعاني من ويلات النزوح مع عائلاتهم".

الأطباء القدامى والطلاب الجدد عملوا معا لإنقاذ أعداد كبيرة من الجرحى (الجزيرة) %70 جدد

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي اجتاحت مستشفى الشفاء في غزة مرتين، أولاهما في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، والثانية في مارس/آذار 2024، وألحقت به دمارا كبيرا وأخرجته عن الخدمة.

وتابع الطبيب حرارة قائلا "بدأت أبحث عن طلاب طب وأطباء جدد، وقرَّرت فتح قسم للطوارئ في مستشفى المعمداني لمواكبة التدفق الكبير للجرحى".

وكشف عن أن نحو 70% من العاملين في قسمي الاستقبال والطوارئ في مستشفيي الشفاء والمعمداني كانوا من الأطباء الجدد وطلاب كليات الطب.

إعلان

واستطرد حرارة أن التحديات كانت كبيرة، خاصة مع قلة الخبرة لدى الأطباء الجدد، "لكننا كنا نعلمهم وندربهم على كيفية التعامل مع المواقف الصعبة".

الطبيب معتز حرارة قال إن أطباء كثيرين نزحوا بفعل الحرب وآخرين سافروا (الجزيرة)

وعلى سبيل المثال -يواصل حرارة- تطلبت بعض الحالات الحرجة تدخلا فوريا، فيتعلم الجدد كيفية تنفيذ الإجراءات اللازمة، كتركيب الأنبوب الصدري لتفريغ الهواء أو الدم، وهو عمل كان يقتصر على أطباء الجراحة المتمرِّسين.

وآنذاك، كان فريق المناوبة الليلي يتكون من 5 أطباء: طبيب طوارئ (موظف قديم)، مع طبيب متطوع، و3 طلاب طب، يعملون على مدار الساعة.

وأكد حرارة أن الأطباء الجدد والطلاب استفادوا كثيرا من خبرات الطوارئ، وأصبحوا أكثر مهارة في التعامل مع الحالات المعقدة، ولا يزالون على رأس عملهم، وأضاف "لن نتخلَ عنهم، هؤلاء كانوا الجنود المجهولين الذين ساعدونا في مواجهة الأزمة".

وظائف أخرى

وقبل الحرب بنحو 3 أشهر تخرّج لؤي قنوع، وكان قد بدأ فترة التدريب (الامتياز) في قسم الطوارئ بمستشفى الشفاء، وحينما اشتد العدوان، قرَّر مواصلة عمله "تطوعا".

ويقول قنوع للجزيرة نت "كان الوضع صعبا للغاية، ونقص الأطباء من أكبر المشاكل التي واجهناها، فمعظمنا متطوعون وحديثو تخرُّج ومن دون خبرة، ورغم ذلك، فكان علينا التعامل مع حالات لا نملك المهارة الكافية للتعامل معها".

ويشعر قنوع بالفخر لإنقاذ حياة كثيرين، ومنهم طفلة أصيبت في رأسها وخرج جزء من دماغها، وقام بعلاجها رغم عدم توفر الإمكانات، وعلم لاحقا من والدها أنها نجت.

كما يحتفظ الطبيب الشاب في ذاكرته بمواقف كثيرة عجز أمامها، بينها وفاة طفل جريح احتاج إلى أنبوب تنفس صناعي، وكان يمكن أن يعيش لو توفر له، وأضاف "لم أنس هذا الطفل حتى اليوم".

وخلال الحرب اضطر قنوع للعمل في تخصصات متعددة، ومنها تشغيل جهاز تصوير الأشعة السينية، تحسبا لغياب الفنيين، وتجبير الكسور وخدمات التمريض.

الطبيبة حنين الداية بينما كانت تتطوع في خدمة الجرحى تلقت مع غيرها تدريبا من الأطباء القدامى (الجزيرة) عمل وتدريب

حنين الداية، تخرجت عام 2022، وأنهت فترة "الامتياز" قبل الحرب بـ6 أشهر، ولم تتردد في التطوع لخدمة المرضى والجرحى.

إعلان

وتقول للجزيرة نت "تنقلت بين مستشفيَي المعمداني والشفاء، وكنا نواجه صعوبات شديدة، خاصة عندما يستهدف الاحتلال المستشفيات أو المدارس أو المنازل، ويصلنا عدد هائل من الجرحى دفعة واحدة، بينما نعمل في مساحة صغيرة جدا، والجرحى ملقون على الأرض لعدم وجود أسرة فارغة".

ولفتت الداية إلى أن الأطباء القدامى كانوا حريصين على تعليمهم بشكل عملي، إضافة إلى تنظيم محاضرات تدريبية 3 مرات أسبوعيا.

وتكمل "يشرف الأطباء علينا في البداية، ثم بعد فترة يتركوننا للعمل دون متابعة مباشرة، لوجود عدد كبير من المصابين".

وتذكر إحدى الحالات التي أنقذت حياتها وتقول "كان هناك شاب فاقد للوعي، وملقى على الأرض وسط زحمة الجرحى، تابعته واكتشفت أنه أصيب بشظية قنبلة في غشاء القلب تسببت له بنزيف، وتمكنا من إنقاذه، وعاد بعد يومين ليشكرنا".

لكن الحرب -تتابع الداية- كانت مليئة بالحالات الصعبة أيضا، إحداها لمواطن نجا وحده من مجزرة راح ضحيتها 111 فردا من عائلته، ثم استشهد نظرا لقلة الإمكانات وصعوبة حالته.

يقول الطبيب محمد الجدبة، الذي أنهى فترة "الامتياز" قبل شهر من اندلاع الحرب، واصفا تجربته الصعبة "لم أكن قد حصلت على تصريح مزاولة المهنة بعد، لكن بمجرد بدء الحرب تطوعت للعمل في مستشفى الشفاء".

وأضاف للجزيرة نت "في أثناء عملي، واجهنا أعدادا هائلة من الجرحى، وكانت مفاجأة كبيرة لنا -نحن الأطباء الجدد- لأننا لم نكن نملك الخبرة الكافية للتعامل مع هذه الحالات المعقدة".

الاحتلال دمّر المرافق الطبية كما الحال في مشفى الشفاء والمعمداني مما ضاعف مهمة الأطباء ومعاناة الجرحى (الجزيرة) مواقف صعبة

ورغم أنه اكتسب "خبرة كبير جدا"، من تلك التجربة، فإن الوضع كان صعبا على المستوى الشخصي، بالنسبة للجدبة، وتعرض لضغط شديد نتيجة لقلقه الدائم على عائلته، حيث كانت المناوبات تستمر لشهر كامل من دون العودة إلى منازلهم.

إعلان

وعانوا كثيرا لتوفير الطعام ويقول "في أيام المجاعة، كنا نفطر على 3 تمرات فقط، ثم نضطر للمشي لمسافات طويلة للوصول إلى المستشفى بسبب انقطاع وسائل النقل".

ويسرد الجدبة موقفا صعبا، إبان المجاعة التي تعرض لها شمال القطاع، تمثَّل في وصول عائلة كاملة تناولت نباتا ساما من شدة الجوع، ولم تكن لديه معرفة كافية بكيفية التعامل مع السم أو المصل الخاص به، ورغم ذلك، فإنه نجح في التقليل من تركيزه، وإنقاذ الأسرة.

أما محمد الغازي، طالب السنة الرابعة في الطب، فتحدث عن تجربته التطوعية خلال الحرب وكيف تحوَّل لـ"طبيب عظام".

ويقول للجزيرة نت "بدأت التطوع في مستشفى الشفاء في السابع من يناير/كانون الثاني 2024، وكنت في السنة الثالثة، ودفعني لذلك حاجة الناس الكبيرة".

وأضاف "عملت في قسم العظام، وكنا نستقبل نحو 120 حالة يوميا، ونقوم بتجبيرها بالجبس"، وواصل "هذه الفترة شكَّلت نقلة نوعية بالنسبة لي، فقد كان لديّ القليل من المعلومات، لكن العمل تحت ضغط الظروف علمنا الكثير".

مقالات مشابهة

  • مصدر أمني إسرائيلي: الجيش يستعد لتعبئة كبيرة في قوات الاحتياط استعدادا لهجوم واسع على غزة
  • الطلاب والأطباء الجدد جنود مجهولون لإنقاذ جرحى غزة
  • الجيش الإسرائيلي يعبء قوات الاحتياط لشن هجوم واسع على غزة
  • كاتب إسرائيلي: غزة تحولت إلى فيتنام والجيش يغرق بحرب العصابات
  • الخسائر الاقتصادية جرّاء الحرب في السودان بعد عامها الثاني تبلغ مليارات الدولارات
  • هآرتس: خسائر الجيش تكشف مأزق إسرائيل عسكريا وسياسيا
  • الجيش الإسرائيلي يجري تعديلا لتعويض نقص جنوده
  • الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندييْن وإصابة آخرين في معارك غزة
  • حماس تعلن استعدادها لهدنة طويلة وتعتبر سلاحها خطا أحمر
  • وول ستريت جورنال: إسرائيل هزمت أعداءها وأحرجت شركاءها