تحديات تنتظر الرئيس الجزائري حال إعادة انتخابه.. ما علاقة خاتمه؟
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
اقترب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من إعادة انتخابه لولاية رئاسية جديدة في الانتخابات الرئاسية المقرر أقامتها فى أيلول / سبتمبر المقبل.
نشرت صحيفة "جون أفريك" الفرنسية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على التحديات التي تنتظر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بعد إعادة انتخابه.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه، بعد أن انتخب بشكل سيء في سنة 2019، يعتبر رئيس الدولة فائزا بالفعل في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في السابع من أيلول/سبتمبر، حيث يستفيد من دعم الجيش والأحزاب السياسية والإخوان والأسرة الثورية.
هل يؤمن عبد المجيد تبون بالخرافات؟ الأمر المؤكد أنه لا ينفصل أبدا عن الخاتم الذي يلبسه في خنصر يده اليمنى، والذي قدمه له شيخ من زاوية في أدرار، على بعد 1400 كيلومتر جنوب الجزائر، قبل بضع سنوات بينما كان يتنبأ بمستقبل سعيد في قصر كبير. لكن لو قال أحد العرّافين لعبد المجيد تبون في آب /أغسطس2017 إنه سيصبح يوما ما رئيسا للجمهورية، فربما لم يكن ليصدق ذلك لأنه في ذلك الشهر، تم فصله بشكل مفاجئ من منصب رئيس الوزراء، الذي شغله لمدة 80 يوما فقط.
أثناء وضعه في الحجر الصحي في فيلا داخل مقر إقامة "نادي الصنوبر" اكتشف تبون أصدقاءه المخلصين. وبعد سنة من إقالته من رئاسة الحكومة، بدا أن محنة عبد المجيد تبون تزداد سوءا عندما أُلقي بابنه خالد في السجن في قضية تتعلق بمشروع عقاري حيث خرج منها بريئا تماما. ولولا التدخلات من قبل شخصيات تحتل مناصب عليا، لم يكن عبد المجيد تبون بعيدا عن الانضمام إلى ابنه في زنزانة بسجن الحراش.
فترة ما بعد بوتفليقة
في خريف 2020، واجه صدمة أخرى جديدة إذ كان يُعتقد أن نهايته أوشكت تقريبا بعد إصابته بفيروس كوفيد-19، التي كاد بعدها يفقد حياته. ومع ذلك، تعافى عبد المجيد تبون وأكمل ولايته الأولى. وهذه السنة، نعلم أنه من المؤكد إعادة تعيينه لولاية ثانية بعد الانتخابات الرئاسية في السابع من أيلول/سبتمبر، والتي بدت وكأنها إجراء شكلي بسيط. وكانت لويزة حنون، التي تعتبر من أوائل الذين أعلنوا ترشحهم لرئاسة 2024، والمعروفة بعدم تخليها بسهولة عن مشروعاتها أو طموحاتها السياسية، قد انسحبت أيضًا من السباق السياسي.
شرحت المعارضة اليسارية سبب انسحابها إذ ترى أن العملية الانتخابية لا تسمح للمواطنين بممارسة إرادتهم الحرة وأن النظام الحالي يعد استمرارية للنظام السابق. ومن الواضح أن هذا ليس خطاب الرئيس المنتهية ولايته. ومن يحب أن يقول إنه عندما دخل قصر المرادية في كانون الأول/ ديسمبر 2019، تفاجأ بشكل غير سار باكتشاف مكاتب ذات جدران متداعية وأثاث متهالك وسجاد تفوح منه رائحة النفتالين. وهي طريقة بالنسبة له للتأكيد بوضوح على النهاية المأساوية لعهد سلفه عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان أحد المتعاونين المقربين منه.
منذ ذلك الحين، وطوال سنوات ولايته الخمس، لم يتوقف عبد المجيد تبون عن الحديث عن مدى كارثية النظام القديم على البلاد، وكيف تركها في حالة خراب، وأفرغ خزائن الدولة، وترك اقتصادا يحتضر ويعاني من الفساد، قضاء خاضع، ودبلوماسية عاجزة ومشلولة... باختصار، كان لا بد من إعادة بناء جزائر ما بعد بوتفليقة. ومن هنا جاء شعار "الجزائر الجديدة" الذي تبناه الرئيس المنتهية ولايته. وهذه الرغبة، وهذا الواجب بالذات، لترسيخ ما تم إنجازه خلال السنوات الخمس الماضية، دفعه إلى البقاء في القصر لمدة خمس سنوات أخرى.
تقارب واضح مع رئيس هيئة الأركان
من المؤكد أن الطاقم السياسي قد تم تجديده بشكل كبير. والعديد من أولئك الذين لعبوا أدوارا قيادية في عهد بوتفليقة هم اليوم في السجن، أو ماتوا أو فروا إلى الخارج. لكن بنية السلطة، في نهاية المطاف، تظل على حالها.
إذا كان عبد العزيز بوتفليقة قد حكم بدعم من أركان الجيش، الذي يجسده أحمد قايد صالح (الذي اختفى في كانون الأول/ديسمبر 2019)، وأجهزة المخابرات والمخابرات، يستفيد تبون من الدعم الكامل لنفس هيئة الأركان التي يترأسها الآن اللواء سعيد شنقريحة. فهو يتبع رئيس الدولة كظله في أدنى تحركاته داخل البلاد، واستطاع الرئيس بمهارة معينة أن يجعله حليفا وشريكا رغم أنه كان معروفا أن العلاقات بين سعيد شنقريحة وبوعلام، مدير ديوان الرئاسة والعقل المدبر لتبون، كانت باردة في الماضي القريب.
ماذا لو كان هناك دعم من الجيش فقط! على مدى عشرين سنة، كان بوتفليقة يحظى بدعم الحكومة، والبرلمان، والهيئات المشكلة، وأهم وسائل الإعلام، والاتحاد الرسمي، والاتحاد العام للعمال الجزائريين، والأحزاب الكبرى (جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي وغيرها من التشكيلات الأخرى)، وكذلك أرباب العمل في القطاعين العام والخاص، الفنانين، وحتى المنظمات العائلية الثورية وغيرها.
ويستند خلفه على نفس النظام. فهو يسيطر على دوائر السلطة نفسها، والتي يمكن إضافة إليها بعض الصحف الكبيرة مثل صحيفة الوطن، الحرية أو الخبر التي أصبحت اليوم محلية أو تم الغاؤها. وفي الواقع، لم يعد هناك أي صوت حر حتى لمناقشة أو انتقاد سجل القاطن في قصر المرادية.
وأضافت الصحيفة أن الشبكات الاجتماعية والشوارع، التي كان دورها حاسما في الحراك الذي تسبب في سقوط بوتفليقة، تم تحييدها اليوم، وإن كانت مظاهر النظام الديمقراطي والتعددي تبدو محفوظة من الناحية النظرية، فإن عبد المجيد تبون قد شكل في الواقع نظاما خاصا به تماما، حيث تكاد تكون القوى المضادة معدومة. لذلك فإن انتصاره في السابع من أيلول/ سبتمبر ينبغي أن يكون شكليا. لكن، ما الذي يمكن وينبغي أن يحققه تبون وفريقه خلال السنوات الخمس المقبلة؟ ما هي تحديات الفصل الثاني من "الجزائر الجديدة"؟
لتبرير قراره بتجديد ولايته، أوضح تبون في كانون الأول/ ديسمبر 2023 أنه لم يتسن له الوقت لتنفيذ برنامجه، مشيرًا إلى أن إقامته الطويلة في المستشفى بألمانيا، بين خريف 2020 وشتاء 2021، لعلاج آثار إصابته بفيروس كورونا، فضلا عن أن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية المدمرة للجائحة قد عرقلت ولايته. ومن هنا ظهرت الحاجة إلى فترة رئاسية ثانية، لاستكمال المهمة قبل تسليم السلطة. وهي تقريبًا نفس الحجج التي قدمها سلفه، الذي عانى من قرحة نزفية في سنة 2005، للحصول على ولاية ثالثة في سنة 2009.
وأوردت الصحيفة أن التحدي الأول لتبون بعد إعادة انتخابه يتمثل في إتاحة مساحة للتنفس الديمقراطي في بلاده. لقد خلق الحراك في سنة 2019 قدرا من الحرية أحيت لدى الشباب توقعات وآمالًا ورغبة في المشاركة في الحياة السياسية، وابتكار طرق جديدة للحكم وتجديد النخب الحاكمة. مع الحراك، اعتقد الجزائريون أنهم استعادوا مساحات التعبير الحر، الذي صودر منهم. في الوقت الراهن، يشعر جزء كبير من أولئك الذين شاركوا في هذه الثورة السلمية بخيبة الأمل والتعب وعدم الاهتمام التام بالحياة السياسية
تظهر صور ملايين الجزائريين الذين كانوا يتظاهرون سلمياً كل يوم جمعة لإعادة إحياء مستقبلهم الآن وكأنها سراب في الصحراء، لدرجة ذهب فيها البعض بالقول بأن البلاد كانت في حال أفضل في عهد بوتفليقة. ويعتبر إنهاء مناخ القمع والمضايقات والترهيب وتحرير المساحات المحظورة، وإعادة شغف الجزائريين ورغبتهم في ممارسة السياسة والاستثمار في إدارة شؤون المدينة من بين التحديات المطروحة.
إقلاع اقتصادي لا غنى عنه
على المستوى الاقتصادي، يرغب الرئيس المنتهية ولايته في سرد الأرقام والإحصاءات لتوضيح الأداء الذي تم تحقيقه خلال ولايته، وهي تحقيق نسبة نمو تزيد عن 4.2 بالمئة وناتج محلي إجمالي متوقع يصل إلى 400 مليار دولار في سنة 2027، وحوالي 250 ألف وحدة سكنية تم توزيعها وآلاف أخرى قيد الإنشاء وبلوغ قيمة الصادرات باستثناء المحروقات 7 مليارات دولار وورود أكثر من 100 طلب استثمار أجنبي، واحتياطات من العملة الأجنبية تصل إلى 70 مليار دولار.
وفي حال حظيت هذه المؤشرات الاقتصادية والمالية بإشادة البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي، فإن الاقتصاد الجزائري لا يزال مشلولًا بسبب البيروقراطية والأعباء الإدارية التي تثبط أفضل النوايا. لقد بُذلت جهود خلال السنوات الخمس الماضية، لا سيما في مجال التحكم في الواردات، ولكن كان هناك عدد قليل من المشاريع الاستثمارية الكبرى القادرة على خلق فرص عمل، والأهم من ذلك جذب الشركاء الأجانب.
وأشارت الصحيفة إلى تعبير مستثمرين إيطاليين وقطريين وأتراك عن نيتهم الاستثمار أو إنجازهم ذلك فعلا، باعتبار أن هذه الديناميكية أمر حيوي لتقليل الاعتماد على الريع النفطي. وعلى الرغم من ثرواتها وموقعها الجغرافي وإمكاناتها البشرية، إلا أن الجزائر تكافح لمنافسة بلدان ناشئة مثل السنغال والغابون ورواندا ونيجيريا أو ساحل العاج. وندرة الاستثمارات الأجنبية المباشرة المؤشر الأكثر لفتًا للانتباه لهذا المناخ غير المشجع للأعمال. ففي سنة 2022، بلغت هذه الاستثمارات 89 مليون دولار مقارنة بـ 870 مليون دولار في سنة 2021 و1.1 مليار دولار في سنة 2020.
غلاء الأسعار
يقول شخص يدعى حكيم، وهو مدير شركة تأمين في الجزائر العاصمة، إن القدرة الشرائية أحد الشواغل الرئيسية للجزائريين. ويضيف حكيم: "تضاعف سعر المشتريات تقريبًا، وارتفع سعر السيارات بشكل كبير. لقد تراجعت قيمة الدينار، مما أضعف النسيج الاقتصادي. عندما لا يتم استيراد المنتج النهائي بالعملات الأجنبية، فإن المواد الخام هي التي تُستورد. يترتب عن ارتفاع العملة تصاعد الأسعار. حتى الطبقات الوسطى تأثرت بتآكل القدرة الشرائية".
ساهمت الزيادات في الرواتب التي حدثت خلال السنوات الخمس الماضية وتلك التي تم الإعلان عنها على المدى المتوسط في تهدئة المناخ الاجتماعي. مع ذلك، لا تعتبر البلاد في منأى عن مخاطر الاضطرابات الاجتماعية بسبب تدهور مستوى المعيشة. حتى وإن كان المناخ الحالي من القمع يردع أي محاولة للاحتجاج، فإن الاضطرابات المتعلقة بالمياه التي شهدتها ولاية تيارت في حزيران/ يونيو تشكل تحذيرًا جادًا للسلطات.
والسؤال الأخير المحيط بالولاية الثانية يتعلق بسر الدولة والحالة الصحية الحقيقية للرئيس. في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، سيبلغ عبد المجيد تبون 79 عامًا. بنهاية ولايته الثانية، سيكون عمره 84 عامًا، مع العلم أن الإجهاد الناتج عن تولي السلطة والتقدم في السن والآثار الجانبية لكوفيد-19 ستؤثر بلا شك على أسلوب حكمه، وعلى قدراته على العمل، وعلى تنقلاته داخل البلاد وخارجها، خاصة أن الرئيس يتولى جميع السلطات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الجزائري عبد المجيد تبون الانتخابات الرئاسية الجزائر الانتخابات الرئاسية عبد المجيد تبون صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة خلال السنوات الخمس عبد المجید تبون إعادة انتخابه فی سنة
إقرأ أيضاً:
الحزب الناصرى: حديث الرئيس السيسي بقمة العشرين ألقى الضوء على تحديات الدول النامية
قال المستشار محسن جلال، نائب رئيس الحزب العربى الناصرى، إن مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في البرازيل، تأتي لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر والبرازيل، خاصة بعد توقيع اتفاقيات جديدة للتعاون، وإن هذه الشراكة تحمل أبعادًا اقتصادية وسياسية هامة تعود بالنفع على البلدين، وتساهم في تعزيز النمو الاقتصادى وتحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف جلال، فى بيان للحزب، أن وجود مصر في حضرة دول ذات اقتصاديات كبرى، تمثل 80% من إجمالي الإنتاج العالمي، وتملك 75% من حجم التجارة العالمية، من شأنه تعزيز موارد العملة الصعبة، فضلاً عن الحصول على امتيازات، مثل استيراد منتجات بتكلفة منخفضة، والحصول على تمويلات لمشروعات مجتمعية أو تنموية، وكذلك تمكين مصر من الحصول على دعم وتعاون مع المؤسسات المالية الكبرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في برامج تنموية لتعزيز اقتصادها ومواجهة التحديات الاقتصادية، فضلا عن تبادل الخبرات في جميع المجالات الاقتصادية والصناعية على الأخص.
وأوضح أن اقتراح الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال قمة مجموعة العشرين بشأن إنشاء مركز عالمي لتخزين وتوزيع الحبوب والمواد الغذائية على الأراضي المصرية يعكس رؤية استراتيجية لمواجهة أزمة الأمن الغذائي العالمية.
ولفت إلى أن هذا الاقتراح يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو تعزيز استقرار سلاسل الإمداد الغذائي وتوفير حلول مبتكرة لدعم الدول الأكثر تأثراً بالأزمات الغذائية.