انهيار الدور الرقابي لمجلس النواب تحت رئاسة محسن المندلاوي
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
أغسطس 6, 2024آخر تحديث: أغسطس 6, 2024
المستقلة/- أكدت مصادر سياسية مطلعة وقريبة من دوائر صنع القرار في بغداد أن هناك إزعاجاً كبيراً بعد تدني الدور الرقابي لمجلس النواب العراقي تحت رئاسة محسن المندلاوي. فقد شهد اداء المجلس في اختصاصه الرقابي تراجعاً كبيراً في الفترة الأخيرة، مما أثار انتقادات واسعة من قبل الأعضاء والمراقبين السياسيين.
محسن المندلاوي، الذي تولى رئاسة المجلس في فترة حساسة وبعد عملية إقصاء محمد الحلبوسي بقرار من المحكمة الاتحادية، يواجه اتهامات بالتقصير المتعمد في متابعة قضايا الفساد الكبرى وخضوعه للضغوط سياسية من أطراف متعددة ومجاملته لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني.
أشار بعض الأعضاء الذين تحدثوا إلى مراسل المستقلة إلى أن المندلاوي فشل في تحقيق تقدم ملموس في العديد من الملفات الهامة، مما ساهم في ضعف الثقة بين الشعب والبرلمان.
وفقاً للمصادر المطلعة، فإن الخلافات الداخلية والتوترات السياسية والفساد المستشري بين الكتل السياسية كانت لها دور كبير في إعاقة الدور الرقابي للمجلس. هذه الصراعات أدت إلى تشتيت الجهود وإضعاف القدرة على محاسبة المسؤولين ومتابعة القضايا الحساسة.
كشفت المصادر عن جوانب أخرى من ضعف المجلس، مشيرة إلى قضايا فساد داخلية وتأثيرات خارجية تسببت في تعقيد الوضع. بالإضافة إلى ذلك، أفادت المصادر بأن القيادة الحالية، تحت رئاسة محسن المندلاوي، لم تكن قادرة على اتخاذ خطوات حاسمة لتحسين الأداء الرقابي للمجلس.
وتعود أسباب ضعف الدور الرقابي لمجلس النواب إلى عدة عوامل:
أولاً، الضغوط السياسية التي تمارسها الأحزاب والمصالح السياسية على قرارات المجلس أدت إلى تقييد حركته وتوجيه جهوده نحو مصالح معينة على حساب الصالح العام.
ثانياً، تورط بعض الأعضاء في قضايا فساد أدى إلى ضعف المصداقية والفعالية، مما جعل من الصعب على المجلس ممارسة دوره الرقابي بشفافية ونزاهة.
ثالثاً، الخلافات بين الأعضاء وتضارب المصالح أسهمت في إعاقة الأداء الرقابي، وتسببت في تعطيل العديد من المبادرات الرقابية المهمة.
وأخيراً، الإدارة الضعيفة وغير الحاسمة تحت رئاسة محسن المندلاوي أدت إلى تراجع قدرة المجلس على اتخاذ قرارات قوية وحاسمة.
إن تراجع الدور الرقابي لمجلس النواب له تأثيرات سلبية كبيرة على العراق. عدم القدرة على محاسبة المسؤولين ومتابعة قضايا الفساد أدى إلى تفشي الفساد في مختلف مؤسسات الدولة، مما أثر سلباً على الاقتصاد والخدمات العامة.
هذا التراجع عزز الفساد ورفع معدلاته، حيث أن عدم وجود رقابة فعالة جعل من السهل على الفاسدين الاستمرار في ممارساتهم دون خوف من المحاسبة. بالإضافة إلى ذلك، ضعف الثقة بين الشعب ومجلس النواب كان نتيجة مباشرة لعدم القدرة على تحقيق تقدم في الملفات الهامة وعدم محاسبة الفاسدين، مما أدى إلى تراجع الدعم الشعبي للمجلس.
ان تدهور الأوضاع الاقتصادية والخدمية كان نتيجة أخرى لتراجع الدور الرقابي. حيث الفساد والصراعات السياسية قد أدى إلى تراجع الاستثمارات وتدهور الوضع الاقتصادي، مما زاد من معدلات البطالة والفقر. تأخر الإصلاحات في مختلف القطاعات نتيجة للصراعات الداخلية وضعف القيادة أدى إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية وزيادة معدلات الفقر والجريمة. إن تحسين الأداء الرقابي لمجلس النواب وتعزيز الشفافية والنزاهة يتطلب إصلاحات سياسية وإدارية تهدف إلى تقوية مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد بشكل فعال.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: العدید من أدى إلى
إقرأ أيضاً:
ليث نصراوين .. مشاجرة عنيفة بين نائبين بسلاح محرّم اجتماعيا
#سواليف
كتب .. أستاذ القانون الدستوري عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة أ. د. #ليث_كمال_نصراوين:
حادثة غريبة شهدتها أروقة #مجلس_النواب قبل أيام؛ فقد وقعت #مشاجرة_عنيفة بين #نائبين اثنين استُخدم فيها #الحذاء سلاحا تقليديا محرما اجتماعيا، لتبدأ بعدها عملية إصدار البيانات والتصريحات النارية التي تهدد باللجوء إلى القضاء وتقديم شكاوى جزائية.
إن هذه المعركة النيابية وإن لم تكن الأولى من نوعها، إلا أن ما يميزها عن سابقاتها طبيعة الأطراف المتورطين فيها والسلاح المستخدم فيها. فقد وقع شجار بين نائبين حزبيين خاضا #الانتخابات_النيابية الأخيرة معا ضمن #قائمة_حزبية واحدة، وذلك بعد أن نجحا في كسب ثقة الحزب السياسي الذي ينتميان إليه. فما هي سوى أشهر قليلة من فوزهما بالانتخابات حتى ثبت أن الرابطة الحزبية التي كانت تجمعهما لم تكن سوى وسيلة لتحقيق مآرب شخصية تتمثل بالترشح للانتخابات والفوز بعضوية مجلس النواب.
ويبقى التساؤل الأبرز حول الأسباب التي أدت إلى ايجاد هذه الحالة العدائية بين عضوين يُفترض أنهما قد عملا معا لانجاح قائمتهما الانتخابية الحزبية، وأنهما قد أمضيا الأيام والأسابيع في التخطيط لخوض غمار التنافس الحزبي ومن ثم النيابي لكسب ثقة الناخبين الأردنيين، وذلك طمعا منهم في الفوز بتمثيل مؤازريهم في المجلس النيابي.
إن التعامل مع هذه السلوكيات النيابية الفردية قضائيا سيصطدم بفكرة الحصانة النيابية التي يتمتع بها كلا النائبين كون المجلس في حالة انعقاد. فالمادة (86) من الدستور لا تجيز توقيف أي من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب ومحاكمتهم خلال مدة اجتماع المجلس ما لم يصدر عن المجلس الذي هو منتسب إليه قرارا برفع الحصانة عنه.
كما أن نطاق الحصانة النيابية قد توسعت المحكمة الدستورية في تفسيره في قرارها الصادر عنها رقم (7) لسنة 2013 بالقول “إن الحصانة التي منحها المشرع الدستوري للعين أو النائب قد جاءت مطلقة من حيث زمان وقوع الفعل المرتكب؛ ولا يمكن الاستثناء منها سوى حالة القبض على أحد أعضاء المجلسين متلبسا بجريمة جنائية”.
أما الخيار الثاني للتعامل مع هذه الواقعة، فيتمثل بتحويل الأعضاء المعنيين إلى اللجنة القانونية صاحبة الولاية العامة بالنظر في أي تصرف يسيء إلى سمعة المجلس وهيبته.
إلا أن ما سيصدر عن هذه اللجنة من توصيات بعقوبات نيابية لن تكون كافية لمواجهة تبعات العنف النيابي الحزبي الذي حصل مؤخرا. فأي عقوبة ستصدر بفصل النائب أو تجميد عضويته ستتعارض مع أبرز مخرجات التحديث السياسي المتمثلة بإيجاد تمثيل نيابي للأحزاب السياسية المرخصة والفائزة في الانتخابات. فالنائبان المتورطان في المشاجرة هما الممثلان الوحيدان للحزب الذي ينتميان إليه، بالتالي فإن أي عقوبة برلمانية تتضمن تغييبهما عن جلسات المجلس، بشكل دائم أو مؤقت، يعني غياب أي تمثيل لهذا الحزب الفائز في الانتخابات.
إلا أن الدبلوماسية الاجتماعية وكالعادة كانت هي الأسرع لتطويق الخلاف الحاصل، فقد تم إجبار النائب المعتدي على أن يقوم بتقديم اعتذار علني خلال الجلسة القادمة لمجلس النواب. فإن كان النائب المعتدى عليه سيكتفي بهذا الاجراء، فإن “الحق العام” يجب ألا يسقط بسقوط الحق الشخصي للنائب المضروب. فهيبة مجلس النواب ورمزية أعضائه قد تضررت بسبب هذا الخلاف وطبيعة الأسلحة “الثقيلة” التي جرى استخدامها في ساحة المعركة. لذا، يجب التفكير في ايجاد حلول تشريعية مناسبة للحيلولة دون تكرار هذه الواقعة مرة أخرى.
فمن الأفكار المقترحة في هذا السياق ربط بقاء الحزب السياسي من عدمه بسلوك أفراده وممثليه في مجلس النواب، بحيث يترتب على أي سلوك أو تصرف من قبل عضو الحزب فيه مساس بهيبة المجلس وكرامة أعضائه أن يصدر القرار القضائي بحل الحزب وإلغاء وجوده القانوني.
ويبقى اللافت للأمر أن المعركة النيابية الأخيرة قد تصادفت مع تصاعد العنف الطلابي في المدارس والاعتداءات الجسيمة التي وقعت من الطلبة بحق زملائهم على مقاعد الدراسة، والتي لاقت استهجانا ورفضا شعبيا كبيرا، ليكتمل المشهد العام بانتقال حمى المعارك إلى مجلس النواب.
إلا أنه وكما أن الحوادث الطلابية لن تغير من الواقع المجتمعي بأن التعليم هو أمر أساسي لا مفر منه وبأن الجناة المتورطين من داخل الجسم التعليمي سيلقون جزاءهم المناسب، فإن “المعركة العمالية” الأخيرة لن يتسع نطاقها وآثارها لأكثر من أطرافها والكيان السياسي الذين ينتمون اليه، فالقضاء الأردني لم يقل كلمته بعد في مشروعية قرار فصل أحد المتورطين في الشجار العمالي.