6 أغسطس، 2024

بغداد/المسلة:  تشهد الساحة السياسية في العراق جدلاً حادًا حول مشروع تعديل قانون العفو العام، حيث تتباين المواقف بين القوى السياسية السنية والشيعية بشأن آثار هذا التعديل على الوضع الأمني والسياسي في البلاد.

وتسعى القوى السياسية السنية إلى تسريع إقرار التعديل على قانون العفو العام كوسيلة لتخفيف الضغط عن السجون المكتظة واستمالة القواعد الشعبية التي تشعر بالإحباط من أداء هذه القوى وصراعاتها المستمرة على السلطة.

هذا الإجراء يُنظر إليه كفرصة لتقديم بادرة إيجابية أمام الناخبين وتحسين الصورة العامة للقوى السنية.

من جهة أخرى، تعارض بعض القوى الشيعية إقرار هذا التعديل، محذرةً من أن القانون قد يتحول إلى وسيلة لحماية الإرهابيين من المحاسبة وإطلاق أيديهم في البلاد، ما يؤدي إلى زيادة التهديدات الأمنية وتعريض الاستقرار الوطني للخطر.

وتتخوف هذه القوى من أن العفو العام قد يستفيد منه من لهم علاقات بالإرهاب.

الإحصائيات والتحديات

تشير الإحصائيات إلى أن عدد السجناء في جميع سجون العراق يبلغ حوالي 67 ألف سجين، منهم 20 ألفًا محكومون بتهم إرهابية و47 ألفًا بتهم جنائية أخرى تشمل القتل والسرقة والتزوير وتجارة المخدرات. يعكس هذا التوزيع حجم التحديات التي تواجه النظام القضائي والسجون في العراق.

الأوضاع في السجون العراقية أصبحت مأساوية، حيث تعاني من اكتظاظ شديد بلغ 300%، وهو ما يعتبر مؤشرًا خطيرًا على الضغط الذي تعاني منه المؤسسات الإصلاحية. وفقًا للإحصائيات، يحتل العراق المرتبة الحادية والثمانين عالميًا من حيث اكتظاظ السجون. في محاولة لتخفيف هذا الضغط، أعلن وزير العدل العراقي خالد شواني عن خطة لخفض نسبة الاكتظاظ إلى 200% من خلال فتح سجون جديدة.

توقعات

الجدل حول تعديل قانون العفو العام يكشف عن التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه العراق. في حالة إقرار التعديل، قد يساهم ذلك في تخفيف الضغط على السجون ولكن قد يثير مخاوف بشأن الأمان. من جهة أخرى، عدم إقرار التعديل قد يؤدي إلى تفاقم مشكلة الاكتظاظ في السجون، مما يزيد من معاناة السجناء ويؤثر على فعالية النظام القضائي.

وترى تحليلات انه من الضروري أن يتم اتخاذ القرارات بناءً على تقييم شامل للتأثيرات الأمنية والاجتماعية، مع ضمان عدم التسبب في تفاقم الأزمات الأمنية الحالية.

وقد يكون من المفيد تبني حلول متكاملة تشمل تحسين شروط السجون وتعزيز برامج إعادة التأهيل، إلى جانب مراجعة سياسة العفو العام بشكل يتوافق مع مبادئ العدالة والأمان.

وما زال الإقرار النهائي لقانون العفو العام في العراق يتعثّر على الرغم من أن الأمر لم يعد يتوقّف سوى على تمرير تعديل طفيف يتعلّق بإعادة تعريف لعبارات واردة في القانون الذي وضع سنة 2016 وعُدّل بعد ذلك في 2017.

وأنهى مجلس النواب العراقي الأحد القراءة الأولى لمشروع التعديل بينما تواصلت اعتراضات العديد من ، وذلك على الرغم من أنّ لقانون العفو العام فوائد إجرائية ومالية، تتجاوز الجوانب الحقوقية المتعلّقة بإنصاف المظلومين من المدانين والسجناء بتهم في حاجة إلى إثباتات جدية وإثر محاكمات مفتقرة لمعايير المهنية.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: قانون العفو العام

إقرأ أيضاً:

تركيا تحارب الإرهاب أم ترسم حدود نفوذ جديدة في شمال العراق؟

16 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: قال وزير الدفاع التركي يشار غولر إن بلاده أرست الأمن على طول حدودها مع العراق، في تصريحات أثارت جدلاً واسعاً بشأن مدى احترام تركيا لسيادة العراق خلال عملياتها العسكرية المستمرة ضد حزب العمال الكردستاني. ووسط تزايد العمليات العسكرية التركية في شمال العراق، تبرز تساؤلات حول حقيقة الأجندة التركية في المنطقة، حيث يبدو أن المصالح الوطنية التركية تتصدر المشهد على حساب التنسيق مع بغداد.

في إحدى القرى القريبة من منطقة زاب شمال العراق، تحدث أحد السكان المحليين، ويدعى أحمد شريف، قائلاً: “كنا نستيقظ على أصوات الطائرات والقصف. منذ عام 2022 وحتى الآن، لا يمر شهر من دون سماع أخبار عن مقتل أشخاص في الجبال”. تصريح أحمد يأتي في سياق إعلان غولر عن تحييد 1136 مقاتلاً من حزب العمال الكردستاني خلال العامين الماضيين. إلا أن السكان المحليين يرون في هذه الأرقام مجرد عناوين إعلامية تخفي وراءها قصص معاناة طويلة.

وفي تدوينة على منصة “فيسبوك”، كتب الكردي هوزان ميرزا: “تركيا تدّعي أنها تحارب الإرهاب، لكنها في الواقع ترسم حدوداً جديدة للنفوذ في الشمال العراقي، ولا يهمها إن كان ذلك على حساب سيادة العراق أو استقرار أهله”. جاءت هذه التدوينة بعد أيام من تصريحات تركية وأخرى عراقية بشأن إنشاء مركز مشترك للتنسيق الأمني في بغداد، وهي خطوة قد تكون محاولة لاحتواء التوترات المتصاعدة بين الجانبين.

التوترات التركية-العراقية ليست جديدة. ففي السنوات الأخيرة، تصاعدت حدة الخلافات بين البلدين حول عمليات عسكرية عبر الحدود تنفذها تركيا ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني. في تغريدة على منصة “إكس”، قالت الناشطة العراقية سهى العزاوي: “العراق محاصر بضغوط إقليمية ودولية. اليوم، نراه يرضخ لإعلان حزب العمال الكردستاني كمنظمة محظورة تحت الضغط التركي، وغداً ربما يُجبر على تنازلات أكبر”.

من جانبه، أفاد باحث اجتماعي من مدينة السليمانية، يدعى فرهاد علي، أن “هذه العمليات العسكرية التي تبررها تركيا بحماية حدودها تترك أثراً عميقاً على المجتمع الكردي في العراق. العائلات التي تفقد أبناءها في هذه المناطق تنظر إلى العراق على أنه متخاذل أمام القوة التركية”. وأضاف: “الضغوط التركية تأتي في وقت يعاني فيه العراق من تحديات سياسية داخلية تجعل من الصعب عليه التصدي بشكل حاسم لهذه التدخلات”.

الشمال العراقي بات محوراً لا يتوقف عند الصراع بين أنقرة وبغداد، بل يمتد ليشمل الولايات المتحدة، التي تتهمها تركيا بدعم وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، وهي الفصيل الأكبر ضمن قوات سوريا الديمقراطية. على الجانب الآخر، تعتبر واشنطن هذه القوات شريكاً استراتيجياً في الحرب ضد تنظيم داعش. في تصريح لمسؤول تركي سابق على إحدى القنوات المحلية، قال: “لا يمكن لتركيا أن تغض الطرف عن الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب الكردية، فهذا الدعم يهدد الأمن التركي بشكل مباشر”.

وفي مشهد يعكس التعقيد المستمر، تحدثت مواطنة عراقية تدعى لمياء صالح، من سكان منطقة نينوى، عن تجربة منطقتها مع وجود القوات التركية في معسكر بعشيقة. “كنا نظن أن وجودهم مؤقت، لكننا الآن نعيش تحت وطأة القلق من أن يتحول هذا الوجود إلى دائم. معسكر بعشيقة ليس مجرد موقع عسكري، إنه علامة على أن العراق يفقد السيطرة على أرضه”.

التوقعات تشير إلى أن التوتر بين تركيا والعراق قد يستمر، خاصة في ظل تمسك أنقرة بخيار القوة العسكرية لحماية مصالحها الحدودية. ووفق تحليلات خبراء، فإن هذه السياسات قد تؤدي إلى تعقيد العلاقات أكثر، ما لم يتم التوصل إلى صيغة تفاهم إقليمي جديد يعالج مخاوف الطرفين. لكن حتى ذلك الحين، يبقى شمال العراق مسرحاً لصراعات النفوذ الإقليمي، حيث تُدفع أثمان باهظة من أمن السكان المحليين واستقرار العراق كدولة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • ماذا قرر مجلس الوزراء بشأن قضية المفقودين والمعتقلين في السجون السورية؟
  • البابا: تعرضت لمحاولة اغتيال بالعراق العام 2021
  • خليجي 26: العراق يعول على الاستقرار الفني رغم الغيابات
  • ما بعد الأسد: ايران قد تتجه الى تحالف عربي لاحتواء الفوضى الإقليمية
  • منظمة بدر:قانون العفو العام “يعطل العدالة”!
  • القوى العاملة بالنواب تؤجل مناقشة طلبات بشأن الصناديق الخاصة
  • تركيا تحارب الإرهاب أم ترسم حدود نفوذ جديدة في شمال العراق؟
  • المواقفُ المشرِّفة تفشل مخطّطات الأعداء
  • قسد تستنفر في محيط 5 سجون سورية تضم معتقلين من العراق و11 جنسية أخرى
  • العراق يطرح ورقة شاملة حول خطة العمل بشأن مستقبل سوريا