بنغلاديش في قبضة الجيش والطلبة ينادون بنصير الفقراء رئيسا للحكومة
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
باتت بنغلاديش في قبضة الجيش النافذ في البلاد، في حين دعا الطلبة الذين نظموا الاحتجاجات إلى تولي محمد يونس -مؤسس بنك الفقراء والحائز على جائزة نوبل- الحكومةَ المؤقتة، غداة فرار الشيخة حسينة إلى الهند، وسط اضطرابات لم تنتهِ بعد؛ رغم الفرحة العارمة التي تعم البلاد بعد الإطاحة بها.
واستبقت قيادات الطلبة اجتماعا مرتقبا مع قائد الجيش في وقت لاحق اليوم الثلاثاء بالإعلان عن عزمهم الضغط من أجل تولي محمد يونس (84 عاما) رئاسة الحكومة المؤقتة.
وأفادت المنظمة، في منشور بالفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، بأن قادة الاحتجاج الطلابي "تحدثوا بالفعل مع يونس، الذي وافق على تولي المسؤولية بالنظر إلى الوضع الحالي في البلاد".
كما ذكرت قيادات الطلبة أنهم سيعلنون عن المزيد من الأسماء للحكومة، "وسيكون من الصعب "على القيادة الحالية تجاهل خياراتهم.
ويونس موجود حاليا في أوروبا وأفاد مساعد مقرب منه في وقت متأخر أمس بأنه لم يحصل حتى اللحظة على أي عرض من الجيش لقيادة الحكومة المؤقتة.
وواجه يونس، الذي وصف استقالة حسينة بأنها "يوم التحرير الثاني" للبلاد، عددا من اتهامات الفساد وتم تقديمه للمحاكمة أثناء حكم رئيسة الوزراء السابقة التي اتهمته بـ"مص دماء" الفقراء.
وسبق أن حصل يونس على جائزة نوبل للسلام في عام 2006 بعد أن كان رائدا في مجال الإقراض الصغير، وقال إن اتهامات الفساد الموجهة إليه كانت بدافع الانتقام.
الملايين تتدفق على شوارع بنغلاديش احتفالا بالإطاحة بحسينة (الأوروبية) وعودوأعلن قائد الجيش الجنرال وقر الزمان في بث على التلفزيون الرسمي استقالة الشيخة حسينة من منصبها كرئيسة للوزراء مؤكدا أن الجيش سيشكّل حكومة تصريف أعمال مؤقتة قريبا.
وأكد أنه سيتم رفع حظر التجول صباح اليوم الثلاثاء وسط توقعات بأن يقود الجيش حكومة مؤقتة. وقال بعد وقت قصير من اقتحام الحشود مقر إقامة حسينة ونهبه إن "البلد عانى كثيرا وتضرر الاقتصاد وقتل عدد كبير من الناس، وحان الوقت لوقف العنف".
وأمر الرئيس البنغلاديشي محمد شهاب الدين في وقت متأخر أمس بالإفراج عن الأشخاص الذين سجنوا على خلفية الاحتجاجات وعن رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة المعارضة خالدة ضياء (78 عاما) التي سجنتها حسينة عام 2018 بتهم الفساد، والتي تعاني من وضع صحي متدهور.
واجتمع الرئيس وقائد الجيش أيضا في وقت متأخر أمس، إلى جانب قادة للمعارضة، وأعلن الرئيس شهاب الدين، بعد الاجتماع أنه سيتم "حل البرلمان وتشكيل حكومة وطنية في أقرب وقت ممكن"، مما يؤدي إلى انتخابات جديدة.
وأعلن فريق العلاقات العامة الخاص بالرئيس بأنه تم "اتخاذ قرار بتشكيل حكومة مؤقتة فورا"، لكن لم يتضح بعد إن كان سيرأسها قائد الجيش الذي أعلن مساء أمس إغلاق مطار دكا الدولي من دون توضيح الأسباب.
وفي تصريحاته المتلفزة، قال الجنرال زمان، الذي تولى منصب قائد الجيش في 23 يونيو/حزيران الماضي فقط: "إن البلاد تمر بفترة ثورية، وأعدكم جميعا بأننا سنحقق العدالة لجميع جرائم القتل والظلم ونطلب منكم أن تثقوا بجيش البلاد".
ووعد واقر الزمان بأن الجيش سوف يحقق في حملة القمع التي خلّفت ما يقرب من 300 قتيل منذ منتصف يوليو/تموز، وهي واحدة من أسوأ عمليات إراقة الدماء في البلاد منذ حرب الاستقلال عام 1971، والتي أججت الغضب ضد الحكومة.
وطبقا لصحيفة "بروثوم ألو" اليومية الواسعة الانتشار في البلاد والتي تصدر باللغة البنغالية، تم اعتقال ما لا يقل عن 11 ألف شخص في الأسابيع الأخيرة. وقال واقر الزمان: "حافظوا على ثقتكم في الجيش. سوف نحقق في جميع عمليات القتل ونعاقب المسؤولين".
ويعرف عن بنغلاديش تاريخها الطويل في الانقلابات، حيث يتمتع الجيش بنفوذ سياسي كبير في البلاد، التي واجهت أكثر من 20 انقلابا أو محاولة انقلاب منذ الاستقلال عام 1971.
وقد التقط البعض صور "سيلفي" مع الجنود الذين يحرسون المبنى، حيث نهب المتظاهرون الغاضبون قبل يوم واحد الأثاث واللوحات وحتى الدجاج وأواني الزهور الخاصة برئيسة الوزراء السابقة.
محتجون يعتلون أحد تماثيل مجيب الرحمن والد الشيخة حسينة قبل تحطيم رأسه (رويترز) الهدوء والفوضىوبدت شوارع العاصمة دكا هادئة نسبيا اليوم، مع عدم وجود تقارير عن أعمال عنف جديدة. وتم رفع حظر التجول، واستعادة الاتصالات إلى حد كبير، وتم إطلاق سراح العشرات من المتظاهرين الذين اعتقلوا خلال أسابيع من الاحتجاجات.
ولا يزال المتظاهرون المبتهجون يتزاحمون على مقر إقامة الزعيمة المخلوعة بعدما قُتل 109 أشخاص على الأقلّ خلال اضطرابات شهدتها البلاد أمس حسبما أفادت الشرطة وأطباء.
وتعد حصيلة القتلى هذه الأعلى التي تسجل خلال يوم واحد منذ بدء الاحتجاجات الطلابية في مطلع يوليو/تموز الماضي، وهذا يرفع إجمالي قتلى المظاهرات إلى 409، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات صادرة عن الشرطة ومسؤولين حكوميين وأطباء.
واقتحم متظاهرون البرلمان أمس وأحرقوا محطات تلفزيونية بينما حطم عدد منهم تماثيل لوالد حسينة، الشيخ مجيب الرحمن الملقب بـ"بطل الاستقلال".
وأضرم آخرون النار في متحف مخصص للزعيم السابق، فالتهمت ألسنة اللهب الصور، في مشهد لم يكن من الممكن تخيله قبل ساعات فقط، عندما كانت حسينة تحظى بدعم القوات الأمنية لحكمها الاستبدادي.
وحسب شهود عيان تعرضت مكاتب رابطة عوامي، حزب حسينة، إلى الحرق والنهب في أنحاء البلاد، كما اقتحمت حشود المبتهجين المقار الفخمة التابعة للرئاسة بدون معارضة، ونهبت الأثاث وأجهزة التلفاز.
في غضون ذلك حث حزب المعارضة الرئيسي في بنغلاديش (حزب القوميين في بنغلاديش) الناسَ اليوم على ممارسة ضبط النفس، واصفا المرحلة بأنها "لحظة انتقالية في مسارنا الديمقراطي".
وكتب طارق رحمن، رئيس الحزب بالنيابة، على منصة إكس يقول: "سيؤدي ذلك إلى هزيمة روح الثورة التي أطاحت بالنظام غير الشرعي والاستبدادي للشيخة حسينة إذا قرر الناس أخذ القانون بأيديهم بدون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة".
وفي إطار ردود الفعل الدولية شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أهمية "الانتقال السلمي والمنظّم والديمقراطي" للسلطة، في دعوة كررها أيضا مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، كما دعت بريطانيا والولايات المتحدة إلى "التهدئة".
المصيرفي غضون ذلك بدا مصير حسينة غير واضح أيضا بعد أن هبطت حسينة في مطار عسكري بالقرب من نيودلهي أمس عقب مغادرتها دكا، والتقت مستشارَ الأمن القومي الهندي أجيت دوفال، حسبما ذكرت صحيفة "إنديان إكسبريس" التي قالت إن حسينة "نُقلت إلى منزل آمن ومن المرجح أن تسافر إلى المملكة المتحدة".
وبنيما أفاد مصدر عالي المستوى بأنها ستتوقف في الهند قبل استكمال رحلتها إلى لندن، أثارت دعوات الحكومة البريطانية إلى فتح تحقيق تقوده الأمم المتحدة في "مستويات العنف غير المسبوقة"؛ الشكوكَ حيال ذلك.
وصرح ابن حسينة، سجيب وازد جوي، لهيئة الإذاعة البريطانية بأنه يشك في أن والدته ستعود إلى العمل السياسي، كما فعلت في الماضي، قائلا إنها "شعرت بخيبة أمل كبيرة بعد كل عملها الشاق".
يذكر أن حسينة (76) قد أقامت علاقات مع دول قوية، بما في ذلك الهند والصين المجاورتين. كما كانت العلاقة بين حسينة والولايات المتحدة جيّدة في الغالب، إذ كانت واشنطن تعتبرها شريكة في تحقيق أولوياتها لا سيما "مكافحة التطرّف الإسلامي" وإيواء لاجئي الروهينغا الهاربين من الاضطهاد في بورما.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات قائد الجیش فی البلاد فی وقت
إقرأ أيضاً:
تركيا توجه فصائل الجيش الوطني السوري للانضمام إلى الإدارة الجديدة بدمشق
كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، عن توجيه أنقرة للفصائل المنضوية ضمن الجيش الوطني السوري المدعوم تركيّا بالانضمام إلى وزارة الدفاع في الحكومة السورية، وذلك في ظل تواصل مساعي الإدارة الجديدة في دمشق لحل الفصائل وحصر السلاح بيد الدولة.
وتدعم تركيا فصائل الجيش الوطني السوري في شمال غرب سوريا التي تضم ما يقرب من 80 ألف عنصر مسلح. وقد شاركت هذه الفصائل في عمليات أنقرة العسكرية داخل الأراضي السورية خلال السنوات الماضية.
وقال فيدان في لقاء مع قناة "الشرق" التي تتخذ من السعودية مركزا لها، الاثنين: "قلنا لهم دون تردد: اذهبوا وانضموا إلى الجيش الوطني، وكونوا جزءا منه ولا تسمحوا بحدوث أي اضطرابات في البلاد. وأتمنى أن يحدث نفس الشيء مع فصائل الجنوب، في السويداء ودرعا".
وأضاف أنه "من أهم الملفات المطروحة أمام الإدارة الجديدة في سوريا حاليا هو توحيد جميع الفصائل المسلحة تحت مظلة جيش واحد، بحيث يكون هناك جهاز دولة شرعي واحد فقط مخول بحمل السلاح واستخدام القوة"، وفقا لوكالة الأناضول.
ولفت الوزير التركي إلى أن "هذا هو الأمر الطبيعي في جميع الدول الحديثة"، موضحا أن "وجود أكثر من مجموعة مسلحة أو عناصر مسلحة تابعة لسلطات مختلفة يعني وجود أرضية لحرب أهلية، وهذا أمر غير مقبول".
وتابع فيدان بأن "الفصائل المسلحة كانت تعارض نظام الأسد باستثناء مجموعة واحدة، وهي تنظيم واي بي جي الإرهابي، الذي أصبح صديقا لبشار الأسد ورفض الانضمام إلى المعارضة. أما بقية الفصائل، سواء المجموعات المدعومة من تركيا في الشمال، أو هيئة تحرير الشام، أو الفصائل في الجنوب، فقد أظهرت جميعها موقفا معارضا لبشار الأسد".
يشار إلى أن وزارة الدفاع ضمن حكومة تصريف الأعمال السورية أجرت خلال الأسابيع الماضية عشرات اللقاءات مع قادة فصائل مسلحة من أجل ضمان انخراطها ضمن هيكلة الوزارة.
ولا تبدي قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي تعتبرها تركيا تهديدا على أمنها القومي، تعاونا في هذا الملف، حيث إنها شددت على مطلبها الدخول إلى القوات المسلحة ضمن وزارة الدفاع مع الاحتفاظ على كتلتها، وهو ما ترفضه الإدارة الجديدة.
وفي السياق، تطرق وزير الخارجية التركي إلى الجوانب المنتظرة من الإدارة السورية الجديدة في دمشق بقيادة أحمد الشرع، مشيرا إلى أنها "يجب أن لا تشكل تهديدا للمنطقة بعد الآن، ولا ينبغي التسامح مع الإرهاب أبدًا، ويجب معاملة الأقليات في البلاد بشكل جيد، ويجب إنشاء حكومة شاملة، والحفاظ على السلامة الإقليمية والسياسية وينبغي ضمان سيادة البلاد بشكل كامل".
وقال: "نحن كمجتمع دولي ودول إقليمية وافقنا على هذه المطالب ونقلناها للإدارة السورية. وفي الوقت الراهن، بغض النظر عمّن يذهب إلى دمشق، فإننا نتحدث عن نفس الأمور. وهذا ما نتوقعه من سوريا. وقلنا إنه لا يجوز لأي دولة أن تملي مطالبها الخاصة. ليس لدينا أي طلبات خاصة. ونتوقع إدارة تضمن رفاهة الشعب السوري وتساهم في استقرار وأمن دول المنطقة".
وفجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر، دخلت فصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق، وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.
وجرى تكليف المهندس محمد البشير، وهو رئيس حكومة الإنقاذ التي كانت تدير إدلب، بتشكيل حكومة لإدارة شؤون البلاد في المرحلة الانتقالية، إلى غاية الأول من شهر آذار/ مارس المقبل.