سودانايل:
2024-09-09@19:53:59 GMT

ألغام ما بعد الألغام

تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT

وجدي كامل

التحذير الذي اطلقته محلية مدينة الخرطوم بحري لسكان ريفها من الالغام المزروعة بمناطقهم اثناء الحرب بكشف الامطار الغزيرة الحالية عنها تحذير يستوجب الانتباه ليس فقط على السكان المستهدفين منه بقدر ما يصبح تحذيرا يقبل، ويحتمل النشر على النطاق الاوسع، والتوليد لتحذيرات اخرى مماثلة و ممتدة عن مخاطر اشمل ستنهض امام المواطنيين المقيمين بالمناطق المتأثرة بالحرب، كما بانتظار النازحين بداخل السودان وخارجه حال عودتهم الى ديارهم ومساكنهم.

فاذا ما تمكن موسم الخريف الحالي من الكشف عن تلك الالغام القابلة للانفجار في مناطق ريفي بحري فان المخلفات العسكرية الحربية، وارتباطاتها بالخراب البيئي من افساد للنسق والنظام البيئي فستعد اشد خطورة لما ستنتجه من نتائج كارثية على معاش، وتعايش، وصحة الانسان.

وتعد الآثار المترتبة على التسليح، والعنف،والدمار الذين لازموا الحرب، بما في ذلك المخلفات البشرية، والحيوانية ونفوق الطيور وهجرتها له ما له من متاعباوضح ما يتصدرها من الصور هو واقع ما بعد الحرب بأكمله.

اما السلاح الذي بات في اياد كثيرة لا تحصى ولا تعد فمن البائن انه سيمثل مصدرا متقدما لمخاوف ومخاطر لاحقة. فالسلاح الذي عم القرى والحضر وتم تمليكه للمواطنيين ممن يصنفون كمستنفرين آو كتائب مقاتلة يشكل عبئا اضافيا للسلام الاجتماعي ويرجح حدوث الانتهاكات الجسيمة بواسطته حتى في افضل نجاح مساعي التجميع له، مما يؤشر لاتساع رقعة الحرب باشكال صريحة مباشرة، واشكال خفية رمزية ترقى من الناحية الاولى الى مستوى ممارسة التصفيات الجسدية والقتل خارج القانون، الى اشاعة الحروب ثقافية المدمرة المسلحة بالكراهية والعنصرية والتمييز. فالحرب التي افصحت عن عدم المسؤلية الوطنية للمؤسسة السياسية وللجهات والافراد ممكن تورطوا في معاركها ستواجه اعتى عقباتها بانتشار ظواهر خرق القانون والتفلتات الامنية التي لن يستمر في ارتكابها الخارجون عن القانون ممن تم اطلاق سراحهم اثناء، وعشية اندلاعها، بل من المتأثرين بعدم عدالتها ونتائج ذلك عليهم على المستويين الشخصي والعام بما لحق بهم من اذى وضرر.

فكل ما يرشح من معلومات وتتبدى من ظواهر تشير الى ان السودانيين المتأثرين بالحرب لن يعودوا طيبين، مسامحين، مسالمين كما كانوا من قبل رغم التسليم بالقضاء والقدر حسب المعتقدات، او المستودع في الاخلاق من مخزون ثقافي. ففكرة الانتقام هنا واردة كسيناريو من السيناريوهات كرد فعل للضحايا الذين سيكتشفون بعد قليل ان الذين جردوهم وسرقوهم مملوكاتهم سينفردون بلعب ادوار البطولة المطلقة في اقتصاد ما بعد الحرب الذي ينتظر الا يقل قذارة في اساليبه وعملياته مما سبقه من اقتصاد اثناء الحرب . فالمتغيرات النفسية ستولد المزيد من السلوكيات العدائية والعدوانية الناشزة وغير المتقيدة بالقانون وروحه باحترام اسس التعايش المتعارف عليها كما كان بينهم في السابق على التقدير الاقل.

حقائق مؤلمة جمة وكثيفة ستواجه فكرة العيش والتعايش من جديد بسبب الانتهاكات، وتجفيف مصادر الدورة المالية الاقتصادية بنظامها المتعارف عليه والقائم على مبدا الاسهام والمشاركة الانتاجية كل حسب نطاق عمله وانتاجه عندما يعود النازحون الى بيوتهم ومدنهم وقراهم فيكتشفون تبخر اولويات وسائل الحياة، بالاضافة لما اصاب بيوتهم ومساكنهم من تجفيف ونهب لكل شيء، وشوارع خلت من مظاهر المدنية والسلام والطمأنينة ، والسلامة.

اما جسور التواصل فمن الطبيعي ان تتاثر بتحطم الطرق و( الجسور )، وما سيتبع ذلك من صعوبات وعقبات تحول دون التواصل الفيزيائي بتكاليف اعتيادية ونمطية سابقة. فالمواصلات والتواصل الفيزيائي سيكونان من ضحايا الواقع القادم بالعاصمة المثلثة بسبب السرقات التي طالت كل شي بما فيها،وسائل المواصلات وما يتركه ذلك من تجميد لمهن وانشطة اقتصادية ذات ارتباط بالتنقل والحركة. وغالبا ما ستصبح الخرطوم في وسطها مكانا طاردا للتجمعات والوزارات والمصالح الحكومية الخدمية التي ستتحول الى اماكن موحشة تفتقد للعاملين والمهن ذات الارتباط بالتجمعات بسبب التخريب الذي طال المباني والمؤسسات ونظم الانتاج. سيختل نتيجة ذلك ميكانيزم العمل الذي تم سلب ادواته ونظمه.

واذا كان من المؤكد ان تتوفر اسواقا للخضار والفاكهة واللحوم ( رغم فشل الموسم الزراعي وشبح المجاعة المخيم او القائم حاليا) الا انه سيتعثر توفير الاسواق الاخرى – اسواق العمل ذات الارتباط بالمعاش القديم للناس وما تاتي به من عوائد مالية بعد ان تم تجفيف ( شفشفة ) الوسائل والادوات المشغلة لها. انه، وبتكبير صورة الكارثة المحدقة لما بعد كارثة الحرب واقع اشد بؤسا وصعوبة لتفكيك معضلاته مما يتصور وينظر له، وبحيث ستنتظر الناس ألغاما رمزية تفوق في خطورتها ومخاطرها ما يتم التحذير منه حاليا من محلية الخرطوم بحري عن الالغام المدفونة تحت الارض.

على الحرب ان تتوقف اليوم قبل الغد للحد من خسارات اشد قادمة في حالة استمرارها.

wagdik@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ما بعد

إقرأ أيضاً:

جيروزاليم بوست: حرب غزة تضيّع جيلا من الإسرائيليين

أثرت حرب إسرائيل على غزة بالطلاب الإسرائيليين وبالقطاع التعليمي الإسرائيلي كله، وإذا استمرت الحكومة الإسرائيلية بتجاهل ذلك فستخسر جيلا آخر بجانب جيل الشباب الذين جندتهم في حربها المستمرة.

وأوضحت صحيفة جيروزاليم بوست -في افتتاحيتها- أن المدارس عادت إلى دوامها في إسرائيل ولكن في 31 أغسطس/آب الماضي، أي قبل يوم واحد من بدء العام الدراسي، أعلن معلمو المدارس الثانوية في إسرائيل إضرابا لا يزال مستمرا، مطالبين برفع الأجور وتحسين عقود العمل.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الاحتلال يهدم منازل بلدة سلوان بالقدس تحت ستار الحربlist 2 of 2إسرائيل قتلت أميركية أخرى بالضفة الغربية.. إنترسبت: هل ترد واشنطن يوما؟end of list

وذكرت الصحيفة أن الحرب الإسرائيلية على غزة لا تزال في أوجها، وأن المعلمين يشعرون بآثارها، فهم يعملون فوق طاقتهم مقابل أجور يعتبرونها زهيدة، ويزيد الأمر تعقيدا زيادة عدد الطلاب في كل فصل بسبب تنقل العائلات إثر الحرب وقلة عدد المدرسين المتوفرين.

وزاد سخط المعلمين عدم تلقيهم زيادات الرواتب والميزات المتفق عليها للعام الدراسي الجاري، إذ أدت الحرب باستنزافها لموارد البلاد إلى خفض ميزانية وزارة التربية والتعليم بمقدار 38 مليون شيكل.

كما تسبب استمرار الحرب بتفكك الأسر الإسرائيلية، فمع مغادرة جنود الاحتياط منازلهم يتبقى سوى زوج واحد فقط للعناية بالأطفال، ويشير التقرير إلى تفاقم هذه المشكلة في القدس بسبب إضراب المرافقين الذين عادة ما يعتنون بالأطفال بعد ساعات الدوام، ويجبر ذلك العديد من الآباء والأمهات على مغادرة العمل مبكرا، مما يهدد أمنهم الوظيفي.

وأضرت الحرب بالطلاب كذلك، وأظهرت تقارير جمعية طب الأطفال الإسرائيلية أن 84% من الأطفال الإسرائيليين يعانون ضغوطا عاطفية بسبب الحرب وعدم توفير الحكومة الدعم النفسي والتعليمي الكافي، وفي حين تستمر الحكومة بتقديم دعمها الكامل للمدارس الحريدية، فإنها تهمل احتياجات بقية النظام التعليمي في البلاد.

ووفق التقرير، تسلط هذه الفجوة في الدعم الضوء على ضرورة معالجة الأزمة التي تؤثر على ما يقرب من 514 ألف طالب في المدارس الثانوية الإسرائيلية، والتعامل مع تبعات الحرب بفعالية أكبر، وإلا فستواجه البلاد عواقب وخيمة قد تكلفها جيلا آخر.

مقالات مشابهة

  • أونروا: الظروف التي نعمل بها في غزة مليئة بالتحديات منذ بدء الحرب حتى هذه اللحظة
  • الكثيري يطلع على أنشطة مكتب تنسيق الأعمال
  • قراءات قصصية منوعة في لقاء أدبي بالحسكة
  • التسريبات …
  • بسبب الحرب.. عام دراسي دون تعليم في غزة
  • القوات اليمنية تطهر مساحات جديدة من ألغام الحوثي
  • نقل بحري.. برنامج الرحلات حتى 1 أكتوبر
  • جيروزاليم بوست: حرب غزة تضيّع جيلا من الإسرائيليين
  • وزير الأمن القومي الإسرائيلي: الحرب التي نخوضها ليست في لبنان وغزة فقط إنما في الضفة الغربية كذلك
  • الأستاذ الصحفي فتحـي الضـو عن الحرب العبثية الدائرة ومآلاتها والسيناريوهات التي يمكن أن تحدث حال إستمرارها