وجدي كامل
التحذير الذي اطلقته محلية مدينة الخرطوم بحري لسكان ريفها من الالغام المزروعة بمناطقهم اثناء الحرب بكشف الامطار الغزيرة الحالية عنها تحذير يستوجب الانتباه ليس فقط على السكان المستهدفين منه بقدر ما يصبح تحذيرا يقبل، ويحتمل النشر على النطاق الاوسع، والتوليد لتحذيرات اخرى مماثلة و ممتدة عن مخاطر اشمل ستنهض امام المواطنيين المقيمين بالمناطق المتأثرة بالحرب، كما بانتظار النازحين بداخل السودان وخارجه حال عودتهم الى ديارهم ومساكنهم.
وتعد الآثار المترتبة على التسليح، والعنف،والدمار الذين لازموا الحرب، بما في ذلك المخلفات البشرية، والحيوانية ونفوق الطيور وهجرتها له ما له من متاعباوضح ما يتصدرها من الصور هو واقع ما بعد الحرب بأكمله.
اما السلاح الذي بات في اياد كثيرة لا تحصى ولا تعد فمن البائن انه سيمثل مصدرا متقدما لمخاوف ومخاطر لاحقة. فالسلاح الذي عم القرى والحضر وتم تمليكه للمواطنيين ممن يصنفون كمستنفرين آو كتائب مقاتلة يشكل عبئا اضافيا للسلام الاجتماعي ويرجح حدوث الانتهاكات الجسيمة بواسطته حتى في افضل نجاح مساعي التجميع له، مما يؤشر لاتساع رقعة الحرب باشكال صريحة مباشرة، واشكال خفية رمزية ترقى من الناحية الاولى الى مستوى ممارسة التصفيات الجسدية والقتل خارج القانون، الى اشاعة الحروب ثقافية المدمرة المسلحة بالكراهية والعنصرية والتمييز. فالحرب التي افصحت عن عدم المسؤلية الوطنية للمؤسسة السياسية وللجهات والافراد ممكن تورطوا في معاركها ستواجه اعتى عقباتها بانتشار ظواهر خرق القانون والتفلتات الامنية التي لن يستمر في ارتكابها الخارجون عن القانون ممن تم اطلاق سراحهم اثناء، وعشية اندلاعها، بل من المتأثرين بعدم عدالتها ونتائج ذلك عليهم على المستويين الشخصي والعام بما لحق بهم من اذى وضرر.
فكل ما يرشح من معلومات وتتبدى من ظواهر تشير الى ان السودانيين المتأثرين بالحرب لن يعودوا طيبين، مسامحين، مسالمين كما كانوا من قبل رغم التسليم بالقضاء والقدر حسب المعتقدات، او المستودع في الاخلاق من مخزون ثقافي. ففكرة الانتقام هنا واردة كسيناريو من السيناريوهات كرد فعل للضحايا الذين سيكتشفون بعد قليل ان الذين جردوهم وسرقوهم مملوكاتهم سينفردون بلعب ادوار البطولة المطلقة في اقتصاد ما بعد الحرب الذي ينتظر الا يقل قذارة في اساليبه وعملياته مما سبقه من اقتصاد اثناء الحرب . فالمتغيرات النفسية ستولد المزيد من السلوكيات العدائية والعدوانية الناشزة وغير المتقيدة بالقانون وروحه باحترام اسس التعايش المتعارف عليها كما كان بينهم في السابق على التقدير الاقل.
حقائق مؤلمة جمة وكثيفة ستواجه فكرة العيش والتعايش من جديد بسبب الانتهاكات، وتجفيف مصادر الدورة المالية الاقتصادية بنظامها المتعارف عليه والقائم على مبدا الاسهام والمشاركة الانتاجية كل حسب نطاق عمله وانتاجه عندما يعود النازحون الى بيوتهم ومدنهم وقراهم فيكتشفون تبخر اولويات وسائل الحياة، بالاضافة لما اصاب بيوتهم ومساكنهم من تجفيف ونهب لكل شيء، وشوارع خلت من مظاهر المدنية والسلام والطمأنينة ، والسلامة.
اما جسور التواصل فمن الطبيعي ان تتاثر بتحطم الطرق و( الجسور )، وما سيتبع ذلك من صعوبات وعقبات تحول دون التواصل الفيزيائي بتكاليف اعتيادية ونمطية سابقة. فالمواصلات والتواصل الفيزيائي سيكونان من ضحايا الواقع القادم بالعاصمة المثلثة بسبب السرقات التي طالت كل شي بما فيها،وسائل المواصلات وما يتركه ذلك من تجميد لمهن وانشطة اقتصادية ذات ارتباط بالتنقل والحركة. وغالبا ما ستصبح الخرطوم في وسطها مكانا طاردا للتجمعات والوزارات والمصالح الحكومية الخدمية التي ستتحول الى اماكن موحشة تفتقد للعاملين والمهن ذات الارتباط بالتجمعات بسبب التخريب الذي طال المباني والمؤسسات ونظم الانتاج. سيختل نتيجة ذلك ميكانيزم العمل الذي تم سلب ادواته ونظمه.
واذا كان من المؤكد ان تتوفر اسواقا للخضار والفاكهة واللحوم ( رغم فشل الموسم الزراعي وشبح المجاعة المخيم او القائم حاليا) الا انه سيتعثر توفير الاسواق الاخرى – اسواق العمل ذات الارتباط بالمعاش القديم للناس وما تاتي به من عوائد مالية بعد ان تم تجفيف ( شفشفة ) الوسائل والادوات المشغلة لها. انه، وبتكبير صورة الكارثة المحدقة لما بعد كارثة الحرب واقع اشد بؤسا وصعوبة لتفكيك معضلاته مما يتصور وينظر له، وبحيث ستنتظر الناس ألغاما رمزية تفوق في خطورتها ومخاطرها ما يتم التحذير منه حاليا من محلية الخرطوم بحري عن الالغام المدفونة تحت الارض.
على الحرب ان تتوقف اليوم قبل الغد للحد من خسارات اشد قادمة في حالة استمرارها.
wagdik@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: ما بعد
إقرأ أيضاً:
إحصائية بالخسائر التي خلفتها حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة .. تقرير
الجديد برس|
كشفت معطيات إحصائية جديدة حجم ما ألحقته آلة القتل والتدمير الإسرائيلية في القطاع غزة على مدار 470 يومًا من حرب الإبادة الجماعية التي طاولت كل مقومات الحياة الإنسانية.
وقدر المكتب الإعلامي الحكومي في تقرير إحصائي نشره اليوم الثلاثاء، الخسائر الأولية المباشرة للحرب بأكثر من 38 مليار دولار، فيما بلغت نسبة الدمار 88%.
وبين أن جيش الاحتلال ألقى طوال فترة الحرب على غزة 100 ألف طن من المتفجرات، استشهد على إثرها 46 ألفًا و960 مواطنا، بينهم 17 ألفًا و861 طفلًا منهم 214 رضيعًا و808 أطفال دون عمر السنة، بالإضافة لارتقاء 12 ألفًا و316 امرأة، مشيرا إلى نسبة الأطفال والنساء تشكل 70% من إجمالي عدد الضحايا.
وسجل الإعلام الحكومي 14 ألفًا و222 مفقودًا، ونحو 110 آلاف و725 إصابة، بينهم 15 ألفًا بحاجة لعمليات تأهيل طويلة الأمد، و4 آلاف و500 حالة بتر، موضحا أن 18% من إجمالي حالات البتر سجلت بين الأطفال، فيما يحتاج 12 ألفًا و700 جريح للعلاج في الخارج.
وأوضح الإعلام الحكومي أن 38495 طفلًا يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما، فيما فقدت 13901 من النساء أزواجهن خلال الحرب.
وفي تفاصيل ممارساته الإجرامية، ارتكب الاحتلال مجازر مروّعة ضد العائلات الفلسطينية طيلة أشهر الحرب، حيث أباد 2092 عائلة بمجموع عدد أفراد 5967 شهيدًا، في حين أنّ 4889 عائلة أخرى فقدت جميع أفرادها باستثناء فرد واحد (الناجي الوحيد)، ليصل عدد شهداء هذه العائلات إلى أكثر من 8980 شهيدًا.
النزوح والجوع
في حين أجبرت حرب الإبادة مليونين من مواطني قطاع غزة البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع مأساوية مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء، حسب إحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي. وأشار إلى أنّ 110 ألف خيمة اهترأت وأصبحت غير صالحة للنازحين، فيما أُصيب أكثر من مليونين و136 ألفًا بأمراض معدية نتيجة النزوح، فيما انتقلت عدوى التهابات الكبد الوبائي لنحو 71 ألفًا و338 نازحًا.
وفي غزة، شدد المكتب على أن “الناس ماتت جوعًا ومن البرد أيضًا”، إذ استشهد 8 فلسطينيين بينهن 7 أطفال من شدة البرد في الخيام، فيما استشهد 44 نتيجة سياسة التجويع التي انتهجها الاحتلال خلال أشهر الحرب ضد سكان القطاع تحديدًا محافظتي غزة وشمالها لحملهم على الهجرة القسرية، ولا يزال الموت يتهدد نحو 3 آلاف و500 طفل في القطاع بسبب سوء التغذية.
وعلى مدار أكثر من 15 شهرا من الإبادة التي ارتكبها الاحتلال بغزة، لم يسلم القطاع الصحي من دائرة الاستهداف المباشر والحصار المشدد، حيث وصل عدد شهداء الطواقم الطبية ألف و155 شهيدًا ونحو 360 معتقلًا أعدم منهم 3 أطباء داخل السجون.
المستشفيات والدفاع المدني
ومنذ السابع من أكتوبر ألو 2023، طال العدوان 34 مستشفى في قطاع غزة من خلال حرقها أو الاعتداء عليها أو إخراجها من الخدمة، فيما تعمل بقية المستشفيات بقدرات محدودة للغاية.
وأدى العدوان، وفي معطيات الإعلام الحكومي، لإخراج 80 مركزا صحيا عن الخدمة بشكل كامل، كما استهدف الاحتلال 162 مؤسسة صحية أخرى، فضلًا عن استهداف وتدمير 136 سيارة إسعاف مما أدى إلى شلل كبير بقدرة الطواقم الطبية على الاستجابة لحالات الطوارئ.
أما طواقم الدفاع المدني فقد استشهد منهم 94 عاملًا، واعتُقل 26 آخرين من إجمالي 6 آلاف و600 حالة اعتقال نفذها الاحتلال في قطاع غزة منذ بادية الحرب، ووضعتهم تحت ظروف قهرية بدنية ونفسية قاسية، ومارست عليهم شتى أنواع التعذيب والتنكيل، وواجه بعضهم عمليات اغتصاب وتحرش جنسي.
وخلال الحرب دمر الاحتلال 19 مقبرة بشكلٍ كلي وجزئي من أصل 60 مقبرة، وانتهك حرمة الأموات بسرقة ألفي و300 جثمان من المقابر. كما اكتشفت الطواقم المختصة 7 مقابر جماعية أقامها الاحتلال داخل المستشفيات، جرى انتشال 520 شهيدًا منها.
كما لم تسلم بيوت العبادة من العدوان، حيث تعرض 823 مسجدًا للهدم الكلي بفعل الاستهداف المباشر، و158 مسجدا بشكلٍ بليغ بحاجة لإعادة ترميم، إلى جانب استهداف وتدمير 3 كناس في القطاع، و206 مواقع أثرية.
وشدد الإعلام الحكومي على تعمد جيش الاحتلال منذ بداية الحرب، استهداف الصحفيين وملاحقتهم في محاولة لطمس الحقيقة التي أصروا على نقلها رغم المخاطر التي أحاطت بهم، إذ أسفرت الغارات الإسرائيلية عن استشهاد 205 صحفيين، إصابة 400 آخرين، واعتقال 48 صحفيًا معلومة هوياتهم.
البنية التحتية السكانية والخدماتية
ووفق الإحصاءات، تعرضت 161 ألفًا و600 وحدة سكنية في قطاع غزة للهدم الكلي بفعل القصف الإسرائيلي، إلى جانب 82 ألفا أخرى أصحبت غير صالحة للسكن، و194 ألفًا تضررت بشكل جزئي بدرجات متفاوتة.
وهدم جيش الاحتلال 216 مقرًا حكوميًا بشكل كلي، وارتكب 150 جريمة استهدف فهيا عناصر شرطة وتأمين مساعدات، خلّفت 736 شهيدًا. وطالت سياسة التدمير القطاع التعليمي في غزة، حيث هدم الاحتلال كليًا 137 مدرسة وجامعة، فيما تضررت 357 مدرسة وجامعة بشكلٍ جزئي.
أما ما عدد ما قتله الاحتلال من طلبة ومعلمين وأساتذة وباحثين، فقد أحصى “الإعلام الحكومي” استشهاد 12 ألفًا و800 طالب وطالبة، و760 معلمًا وموظفًا تربويًا في سلك التعليم، و150 عالمًا وأكاديميًا وأستاذًا جامعيًا وباحثًا.