سودانايل:
2025-03-16@17:37:06 GMT

ألغام ما بعد الألغام

تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT

وجدي كامل

التحذير الذي اطلقته محلية مدينة الخرطوم بحري لسكان ريفها من الالغام المزروعة بمناطقهم اثناء الحرب بكشف الامطار الغزيرة الحالية عنها تحذير يستوجب الانتباه ليس فقط على السكان المستهدفين منه بقدر ما يصبح تحذيرا يقبل، ويحتمل النشر على النطاق الاوسع، والتوليد لتحذيرات اخرى مماثلة و ممتدة عن مخاطر اشمل ستنهض امام المواطنيين المقيمين بالمناطق المتأثرة بالحرب، كما بانتظار النازحين بداخل السودان وخارجه حال عودتهم الى ديارهم ومساكنهم.

فاذا ما تمكن موسم الخريف الحالي من الكشف عن تلك الالغام القابلة للانفجار في مناطق ريفي بحري فان المخلفات العسكرية الحربية، وارتباطاتها بالخراب البيئي من افساد للنسق والنظام البيئي فستعد اشد خطورة لما ستنتجه من نتائج كارثية على معاش، وتعايش، وصحة الانسان.

وتعد الآثار المترتبة على التسليح، والعنف،والدمار الذين لازموا الحرب، بما في ذلك المخلفات البشرية، والحيوانية ونفوق الطيور وهجرتها له ما له من متاعباوضح ما يتصدرها من الصور هو واقع ما بعد الحرب بأكمله.

اما السلاح الذي بات في اياد كثيرة لا تحصى ولا تعد فمن البائن انه سيمثل مصدرا متقدما لمخاوف ومخاطر لاحقة. فالسلاح الذي عم القرى والحضر وتم تمليكه للمواطنيين ممن يصنفون كمستنفرين آو كتائب مقاتلة يشكل عبئا اضافيا للسلام الاجتماعي ويرجح حدوث الانتهاكات الجسيمة بواسطته حتى في افضل نجاح مساعي التجميع له، مما يؤشر لاتساع رقعة الحرب باشكال صريحة مباشرة، واشكال خفية رمزية ترقى من الناحية الاولى الى مستوى ممارسة التصفيات الجسدية والقتل خارج القانون، الى اشاعة الحروب ثقافية المدمرة المسلحة بالكراهية والعنصرية والتمييز. فالحرب التي افصحت عن عدم المسؤلية الوطنية للمؤسسة السياسية وللجهات والافراد ممكن تورطوا في معاركها ستواجه اعتى عقباتها بانتشار ظواهر خرق القانون والتفلتات الامنية التي لن يستمر في ارتكابها الخارجون عن القانون ممن تم اطلاق سراحهم اثناء، وعشية اندلاعها، بل من المتأثرين بعدم عدالتها ونتائج ذلك عليهم على المستويين الشخصي والعام بما لحق بهم من اذى وضرر.

فكل ما يرشح من معلومات وتتبدى من ظواهر تشير الى ان السودانيين المتأثرين بالحرب لن يعودوا طيبين، مسامحين، مسالمين كما كانوا من قبل رغم التسليم بالقضاء والقدر حسب المعتقدات، او المستودع في الاخلاق من مخزون ثقافي. ففكرة الانتقام هنا واردة كسيناريو من السيناريوهات كرد فعل للضحايا الذين سيكتشفون بعد قليل ان الذين جردوهم وسرقوهم مملوكاتهم سينفردون بلعب ادوار البطولة المطلقة في اقتصاد ما بعد الحرب الذي ينتظر الا يقل قذارة في اساليبه وعملياته مما سبقه من اقتصاد اثناء الحرب . فالمتغيرات النفسية ستولد المزيد من السلوكيات العدائية والعدوانية الناشزة وغير المتقيدة بالقانون وروحه باحترام اسس التعايش المتعارف عليها كما كان بينهم في السابق على التقدير الاقل.

حقائق مؤلمة جمة وكثيفة ستواجه فكرة العيش والتعايش من جديد بسبب الانتهاكات، وتجفيف مصادر الدورة المالية الاقتصادية بنظامها المتعارف عليه والقائم على مبدا الاسهام والمشاركة الانتاجية كل حسب نطاق عمله وانتاجه عندما يعود النازحون الى بيوتهم ومدنهم وقراهم فيكتشفون تبخر اولويات وسائل الحياة، بالاضافة لما اصاب بيوتهم ومساكنهم من تجفيف ونهب لكل شيء، وشوارع خلت من مظاهر المدنية والسلام والطمأنينة ، والسلامة.

اما جسور التواصل فمن الطبيعي ان تتاثر بتحطم الطرق و( الجسور )، وما سيتبع ذلك من صعوبات وعقبات تحول دون التواصل الفيزيائي بتكاليف اعتيادية ونمطية سابقة. فالمواصلات والتواصل الفيزيائي سيكونان من ضحايا الواقع القادم بالعاصمة المثلثة بسبب السرقات التي طالت كل شي بما فيها،وسائل المواصلات وما يتركه ذلك من تجميد لمهن وانشطة اقتصادية ذات ارتباط بالتنقل والحركة. وغالبا ما ستصبح الخرطوم في وسطها مكانا طاردا للتجمعات والوزارات والمصالح الحكومية الخدمية التي ستتحول الى اماكن موحشة تفتقد للعاملين والمهن ذات الارتباط بالتجمعات بسبب التخريب الذي طال المباني والمؤسسات ونظم الانتاج. سيختل نتيجة ذلك ميكانيزم العمل الذي تم سلب ادواته ونظمه.

واذا كان من المؤكد ان تتوفر اسواقا للخضار والفاكهة واللحوم ( رغم فشل الموسم الزراعي وشبح المجاعة المخيم او القائم حاليا) الا انه سيتعثر توفير الاسواق الاخرى – اسواق العمل ذات الارتباط بالمعاش القديم للناس وما تاتي به من عوائد مالية بعد ان تم تجفيف ( شفشفة ) الوسائل والادوات المشغلة لها. انه، وبتكبير صورة الكارثة المحدقة لما بعد كارثة الحرب واقع اشد بؤسا وصعوبة لتفكيك معضلاته مما يتصور وينظر له، وبحيث ستنتظر الناس ألغاما رمزية تفوق في خطورتها ومخاطرها ما يتم التحذير منه حاليا من محلية الخرطوم بحري عن الالغام المدفونة تحت الارض.

على الحرب ان تتوقف اليوم قبل الغد للحد من خسارات اشد قادمة في حالة استمرارها.

wagdik@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ما بعد

إقرأ أيضاً:

قاض أميركي يمنع ترامب من استخدام صلاحيات زمن الحرب لترحيل المهاجرين

أصدر قاض اتحادي أمس السبت حكما يمنع مؤقتا أي عمليات ترحيل من شأنها أن تحدث بموجب استعانة الرئيس دونالد ترامب بقانون نادر الاستخدام يعود إلى "زمن الحرب" لتسريع طرد من يزعم أنهم أعضاء في عصابة "ترين دي أراجوا" الفنزويلية.

وفي وقت سابق من اليوم، استعان ترامب بقانون "الأعداء الأجانب" لعام 1798 ضد المجموعة، قائلا إن "البلاد تواجه غزوا من منظمة إجرامية مرتبطة بالاختطاف والابتزاز والجريمة المنظمة والقتل المأجور".

وبعد ذلك بساعات، أصدر القاضي جيمس بوسبيرج أمرا تقييديا مؤقتا يمنع ترحيل الفنزويليين لمدة 14 يوما. وقال بوسبيرج إن القانون "لا يشكل أساسا لإعلان الرئيس، نظرا لأن مصطلحي الغزو والتوغل المتوحش ينطبقان في الواقع على الأعمال العدائية التي ترتكبها أي دولة، ويتناسبان مع الحرب".

وفي استحضاره لهذا القانون، قال ترامب إن "أعضاء العصابة يخوضون حربا غير نظامية ويقومون بأعمال عدائية ضد الولايات المتحدة، بهدف زعزعة استقرار البلاد".

وقد يسمح هذا القانون، الذي لم يستخدم إلا في أوقات الحرب، للرئيس بتجاوز حقوق الإجراءات القانونية الواجبة للمهاجرين المصنفين على أنهم يشكلون تهديدا وترحيلهم على نحو سريع.

ورغم أن البيت الأبيض أصدر الإعلان أمس السبت، إلا أن صياغته تشير إلى أن ترامب وقع عليه الجمعة.

إعلان

وبموجب إعلان ترامب، فإن جميع المواطنين الفنزويليين الذين يبلغون من العمر 14 عاما أو أكثر والذين تم تحديدهم على أنهم أعضاء في العصابة والموجودين داخل الولايات المتحدة والذين لا يحملون جنسية أخرى أو مقيمين دائمين قانونيين في البلاد "معرضون للاعتقال والتقييد والتأمين والإبعاد باعتبارهم أعداء أجانب".

انتقادات حقوقية

واشتهر قانون الأعداء الأجانب باستخدامه لتبرير إقامة معسكرات اعتقال للأشخاص من أصل ياباني وألماني وإيطالي خلال الحرب العالمية الثانية.

وانتقدت جماعات الحقوق المدنية وبعض الديمقراطيين فكرة إحياء القانون بهدف تعزيز عمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين، ومن المرجح أن تؤدي هذه الخطوة إلى طعونات قانونية.

ورفعت منظمة الاتحاد الأميركي للحريات المدنية ومنظمة غير ربحية أخرى تدعى "الديمقراطية إلى الأمام" الدعوى القضائية في وقت سابق من اليوم.

وقالت المنظمتان في الدعوى إن استخدام قانون الأعداء الأجانب لعام 1798 "وشيك" وسيكون غير قانوني لأنه "سلطة يتم استدعاؤها في وقت الحرب فقط، ومن الواضح أنها تنطبق فقط على الأعمال الحربية".

ولم يرد البيت الأبيض بعد على طلب التعليق. وتُظهر وثائق المحكمة أن الحكومة استأنفت أمر القاضي التقييدي المؤقت.

وكتب القاضي بوسبيرج من المحكمة الاتحادية في مقاطعة كولومبيا في أمره: "نظرا للظروف الملحة التي جرى الإخطار بها هذا الصباح، فقد قررت أن الأمر الفوري ضروري للحفاظ على الوضع الراهن حتى يتم تحديد جلسة".

وقالت المنظمتان في بيان مشترك إن الاتحاد الأميركي للحريات المدنية ومنظمة الديمقراطية إلى الأمام سيطلبان توسيع نطاق أمر التقييد المؤقت ليشمل كل من هم معرضون لخطر الإبعاد بموجب القانون.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية بسبب الحرب التجارية التي أطلقها ترمب
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • قاض أميركي يمنع ترامب من استخدام صلاحيات زمن الحرب لترحيل المهاجرين
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • عاجل | واشنطن بوست عن مصادر: إسرائيل تطبق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تساعد الفلسطينيين
  • فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟
  • معاناة رعاة الإبل في مأرب اليمنية بين النزوح والموت بالألغام
  • رويترز: الألغام الأرضية تشكل تهديدا لرعاة الإبل وقطعانهم في اليمن
  • شاهد بالصورة والفيديو.. بالتهليل والتكبير.. الفنان طه سليمان يصل مدينة بحري ويختبر معدات الصوت التي استجلبها لخدمة مساجد المدينة
  • مأرب.. إتلاف كميات من الألغام والقذائف غير المنفجرة في "رغوان"