كتب إبراهيم سليمان

تأسست أول نواة للجيش السوداني عام 1925م، إبان فترة الاحتلال البريطاني لمصر والسودان، وكانت تسمّى آنذاك "قوة دفاع السودان"، مآل هذا الجيش بعد قرن من الزمان، أقل ما يوصف به أنه، أصبح أضحوكة في نظر الشعب السوداني، ومهزلة بين جيوش العالم. هذا الجيش الذي ظل يتأسّد على الحكومات المدنية مراراً منذ بواكير الاستقلال، الكل مندهش كيف له إن ينقاد لشرذمة معدودة ومعزولة من قيادات الحركة الإسلامية، المجرمة والفاسدة؟ حتى إن كان "الحال من بعضه"، فالقيادات الحالية للقوات المسلحة السودانية، هم شركاء بالإصالة لأولياء نعمتهم الحركة الإسلامية في الإجرام في حق الشعب والفساد في حق الدولة السودانية.

رغم ذلك، مصدر المدهشة والاستغراب، كيف لجيش مدجج بكافة أنواع الأسلحة الرادعة، إن ينقاد لشخصيات مهرطقة، وتنصاع لأوامرها، رغم أنهم ظلوا يوردونهم موارد الهلاك، بجرهم إلى هذه الحرب قسراً، وقد لاذوا بالفرار بما نهبوه من أموال الشعب إلى الخارج، قبيل إشعالها، وما فتئوا يعنفونهم على الهزائم، ويهددونهم إن جنحوا للسلم عبر التفاوض!
من الممكن تحت ضغط الهزائم العسكرية، أن يحدث انقلاب عسكري، يحرر القيادة الحالية من قبضة الإسلاميين، كما حدث في 11 أبريل عام 2019م حيث انحازت اللجنة الأمنية لنظام الإنقاذ شكلياً إلى خيار الشعب، وعزلت الرئيس المخلوع عمر البشير، رغم أن نوايا تلك اللجنة كانت كذوبة. فقد انقلبت مرة أخرى على الحكومة الانتقالية، عندما دنى أجل تسليم رئاسة المجلس القيادي الانتقالي للمدنيين. وقفزت مرة أخرى قفزة هوجاء إلى الأمام، بإشعالها الحرب الحالية في 15 أبريل 2023م عندما تم محاصرة الانقلابيين، بما عُرف بالمشروع الإطاري للدستور الانتقالي، والذي كان سيعيد السلطة للمدنيين مرة أخرى، بصورة سلسلة، ويضع حداً لعشم عودة الإسلاميين للسلطة، وإلى الأبد.
يبدو أن هنالك سباقاً محموما، لاحتمالين من الانقلابات، احتمال حدوث انقلاب للتخّلص من الفريق البرهان، الذي بدأ يتململ من التدخل السافر من قيادات الحركة الإسلامية وكتائبها الجهادية المتشددة بشأن الاستمرار في الحرب الخاسرة، واحتمال حدوث انقلاب آخر، ينفذه ضباط من خارج منظومة القيادة الحالية للجيش السوداني، للتخلص من سطوة الحركة الإسلامية، والشروع الفوري في مفاوضات سلام مع قوات الدعم السريع، يحفظ لما تبقّ للجيش السوداني، ماء وجه.
ورغم عدم ظهور بوادر لهذا السيناريو، إلا أنه غير مستبعد، وهو ما يتمناه قطاع عريض من الشعب السوداني، بما فيها تيارات إسلامية، يتزعمها د. إبراهيم غندور.
انعتاق القوات المسلحة السودانية، من قبضة الحركة الإسلامية المتشرذمة، يمكن حدوثه، بل يعتبر بمثابة ضرورة مرحلية، يمليه مآل هذا الجيش، ولكن إن حدث هذا الانعتاق، من المستبعد، إن يكون ذلك كافياً، لقلب الطاولة ميدانياً، وتحقيق انتصارات كاسحة، لتسترد ما استولت عليها قوات الدعم السريع، طيلة أشهر الحرب الماضية، لأسباب معنوية، وهيكلية في تركيبة الجيش السوداني بصورته الحالية.
فالجندي في صفوف الجيش السوداني، مدرك جيداً أنه يقاتل من أجل عودة الحركة الإسلامية المجرمة والفاسدة إلى سدة الحكم، وهي ذات المنظومة، التي أهمل الجندي السوداني، وركّز على رفاهية كبار الضباط، ناهيك عن العزلة النفسية بين الجنود وضباطهم، سببها تعقيد تركيبة مكونات المجتمع السوداني، التي تم إعادة صاغيتها منذ الغزو التركي للبلاد بدايات القرن التاسع عشر.
إذا، غسل عار الهزائم الساحقة، الذي التصق بالجيش السوداني، رغم عراقة التأسيس، ورغم نياشين قادة أركان الحرب، ورغم الميزانية السخية التي استقطعتها القوات المسلحة من خزانة الدولة قسراً لصالحها، تلك الهزائم المرة على أيدي أشاوس الدعم السريع، رغم حداثة تكوينها، وبدائية تدريبها، تلك الفضائح لا يمكن إزالتها من أسوار قيادة الجيش السوداني، ولكن يمكن التقليل من تفاقمها، بالجلوس الفوري للتفاوض غير المشروط بشأن إحلال السلام في البلاد، ولا نظن إن ذلك ممكنا، إلا بتنفيذ انقلاب على القيادة الحالية، والتخلص من قبضة الحركة الإسلامية، والتي لا تمانع من استمرار الحرب مئة عام، طالما هم وأسرهم، في مأمن من ويلاتها.

ebraheemsu@gmail.com

//أقلم متّحدة ــ العدد ــ 161//  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة الجیش السودانی من قبضة

إقرأ أيضاً:

وتاااني رجعوا لقصة حميدتي مات

انا لو في محل الغرف الكيزانية اياها دي ، ووصلني خبر موت حميدتي من مصدر موثوق بعمل رايحة او بنكر الخبر دا حطب واكسر رقبة الناس واغالطم انو حي وبكامل عافيته !
موش اجتهد في اثبات كذبة انو حميدتي مات والعالم كلو عارف انو حي يرزق!
السؤال : زول مات وقواته اصبحت مقطوعة الرأس ومع ذلك ما قادرين تستردو منهم مدينة واحدة؟
هسة بالله الزول دا لو فعلا مات دي موش فضيحة بجلاجل للبلابسة والكيزان ومفروض ينكروها زي نكرانهم لاشعال الحرب؟
عموما اسئلة الشعب السوداني الان ليست اين يوجد حميدتي ولماذا لا يشرب الشاي بالزلابيا في الشوارع
الاسئلة التي تؤرق هذا الشعب المنكوب هي:
متى تتوقف هذه الحرب؟
لماذا تأخرت ساعة الحسم وقفزت من سويعات وازبوع ازبوعين الى مائة عام؟
بعد افشال جنيف والتوجه الى التصعيد العسكري لماذا فشلت محاولة الانفتاح في الخرطوم وبحري وكم عدد القتلى والجرحى من المدنيين والعسكريين؟
هناك تقرير منشور في الاكونومست حذر من ان المجاعة في السودان لو استمرت الحرب سوف تقتل عشرة ملايين انسان بحلول عام ٢٠٢٧ فما هي خطة برهان ازاء هذه الكارثة؟ ولا موت عشرة مليون سوداني ما مشكلة ؟  

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يتكبد 5 آلاف قتيل وخسائر تتجاوز 10 مليارات دولار والصحة العالمية تتحدث عن 20 الف قتيل
  • أزهري محمد علي: الحرب الحالية ليست حرب كرامة بل تخص طرفاً واحداً تقاطعت مصالحه
  • 15 روحًا تغادر الدنيا في حادث مروع بتعز، فكيف تحولت لفتة إنسانية إلى كارثة؟
  • كيف اختير السنوار رئيسا لحماس وما التغييرات التي شهدتها الحركة؟
  • تجدد الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وتحذيرات للمواطنين
  • الإمارات: ملتزمون بالعمل مع الشركاء لتخفيف معاناة الشعب السوداني
  • وتاااني رجعوا لقصة حميدتي مات
  • حشد الشعب السوداني لوقف الحرب نحو دعوة للسلام والاستقرار
  • حميدتي: البرهان الانقلابي قائد قوات الحركة الإسلامية سعى لاستغلال تواجده في الصيني لادعاء شرعية متوهمة، وتقديمه خطاب أجوف ملئ بالأكاذيب
  • د. محمد حافظ: يهمني جدا أن لا ينهار (سد النهضة) وفناء الشعب السوداني