محمد فضل علي . كندا

اذا غضب الله علي قوم ابتلاهم بالجدل والتنظير الفارغ وقلة الفهم والعمل وعدم الواقعية وصناعة الاوهام
لقد كان السودان اثناء دولة 56 دوحة امنة مستقرة ورافة الظلال
اعيدونا اليها حيث وجدتمونا يرحمكم الله
زارنا في قاهرة التسعينات البرلماني الخلوق والانسان الكريم وخفيف الظل هاشم بامكار للعلاج والاستشفاء تغمده الله بواسع رحمته واخبرني من اخبرني من الاصدقاء بوجوده باحد فنادق وسط القاهرة وذهبت اليه مدفوعا بشوق كبير للرجل الذي ربطتني به عشرة استمرت ثلاثة اعوام اثناء التغطية الاعلامية اليومية لجلسات اخر برلمان سوداني منتخب منتصف الثمانينات لصفحة الاخبار بصحيفة صوت الشارع اليومية التي اغلقت بعد الانقلاب بطريقة انتقامية غير كريمة بسبب رفض مجلس ادارتها وملاك الصحيفة الراحلين حسن عز الدين ود المامور ومحمد احمد دسوقي بيع الصحيفة لمجموعة من رجال الاعمال وتجار الجبهة القومية الاسلامية بعد ان اذدات مبيوعات وتوزيع الصحيفة واصبحت في المرتبة الثالثة في توزيع الصحف بعد صحيفة السياسة اليومية لمالكها الفاضل الكريم خالد فرح وصحيفة الوطن للراحل المقيم والصحافي العصامي الشجاع سيد احمد خليفة الذي تحدي هولاء المتاسلمين وحده واذاق هولاء الخوارج الوان وفنون من الردع الاعلامي بتسليط الضوء علي جرائم وفساد ونفاق تجار الدين من قيادات ما كانت تعرف بالجبهة القومية الاسلامية ومعه رسام الكاركتير سامي المك وذلك في اطار الرد علي استهدافه بطريقة غير لائقة وكريمة .


اذدات معدلات توزيع صحيفة صوت الشارع التي تحولت من رياضية اسبوعية الي صحيفة يومية شاملة واسعة الانتشار بفضل مجهودات مجموعة من الشباب الطموحين الاشقياء المشاغبين من الاعلاميين الرياضيين والسياسيين وكتاب الاعمدة المتنوعة الواسعة الانتشار اضافة الي الاخبار اليومية والتحقيقات والاعمدة والمقالات المتنوعة لبعض الكتاب المعروفين .
كانت كافتيريا البرلمان السوداني هي المكان المناسب للتحدث الي النواب ووزراء تلك الفترة وكبار المسؤولين في تلك الايام وكان لتصريحات الراحل المقيم هاشم بامكار الساخرة حول مجريات الامور في البلاد مذاق خاص وكان الرجل يبادر باكرام كل من يجلس علي مائدته من اكل وشرب وشراء عدد من صناديق السجائر البنسون الانيق وتوزيعها علي من يجلسون اليه من المدخنين .
عندما وصلت اليه في غرفته بالفندق وجدت انسان اخر منهك الوجه والملامح وكانه قد كبر الف عام وظهرت علي الرجل علامات الاعياء واثار حكم الانقاذ والاخوان المتاسلمين البغيض علي الرغم من انه كان في بداياته.
تعمدت عدم التحدث اليه عمايجري في البلاد حرصا علي المتبقي من صحته وقد اتت الي زيارته اعداد غفيرة من المواطنين والمعارضين في قاهرة تلك الايام وسالني عن بعض رفاقه الحزبيين والبرلمانيين الراحل المقيم محمد توفيق احمد صاحب عمود جمرات والاستاذ محمد الحسن عبدالله يسن الذين استقر بهم المقام مع اخرين في قاهرة تلك الايام وابلغني ان اخبرهم بوجوده في القاهرة جلست بجانبه قبل خروجي من غرفته وتبادلنا حديثا قصيرا ومفيدا وبالغ الاهمية في نفس الوقت فقد كشف لي البرلماني وابن البلد العريق والاصيل هاشم بامكار ان " المستهبلين " كما كان يسمي قادة الكيزان قد ارسلوا اليه من يعرض عليه المشاركة في مهزلة الحوار الوطني المزعوم في تلك الايام واعداد مشروع للحكم الاقليمي واقتسام السلطة واشياء من هذا القبيل واصروا علي مواصلة عروضهم علي الرجل علي الرغم من عدم تجاوبه معهم.
النائب البرلماني المحبوب في الشرق وكل انحاء السودان هاشم بامكار تغمده الله بواسع رحمته قال ان احد كبار هولاء المتاسلمين الانقلابيين سالني ماذا تريد بالضبط اخ هاشم فقال رديت عليه وقلت له انتم قلتم انكم حكومة اتتت لانقاذ السودان " يكون كويس " لو رجعتونا محل انقذتونا وخلونا هناك هكذا لخص لهم العملية ووضع حدا لاصرارهم لتوريط نائب برلماني منتخب في مشروع مخادع وفاشل ..
رحم الله هاشم بامكار الذكي الفطن فقد سخر من هولاء المتاسلمين ومن مشروعهم المرواغ المتخلف الذي ادخل البلاد في ظلامات وانهيارات متوالية منذ ذلك اليوم وحتي محطة الحرب الراهنة والدمار الشامل وتشريد كرماء القوم من السودانيين من الشيوخ والنساء والشباب وحتي الاطفال في كل انحاء البلاد وينطبق ذلك علي اخرين تركوا كل مشاهد الموت والدمار والمقابر الجماعية الراهنة وخلصوا الي ان كل اسباب مايجري في السودان يعود الي اختلال في الطريقة التي حكم بها السودان بعد استقلال البلاد وما اصطلح بتسميته بدولة 56 الفترة التي ادير فيها السودان بواسطة حكومات مدنية وشبه عسكرية والناس الذين عاصروا تلك الفترات والحكومات شهود علي ما كانت عليه احوالهم وامنهم ومعاشهم وطريقة ادارة موارد وثروات البلاد وقد اصبح الناس اليوم امام الدمار الرهيب الذي لحق بحياتهم وبلادهم وانسانيتهم يعزون انفسهم باجترار الذكريات عن السودان القديم .
نقول هذا ونردد ماقاله البرهان علي لسان صديقة ياسر العطا فقد وصل الناس والبلاد الحد واصبح السودان بين امرين لاثالث لهم بين ان يكون او لايكون وستنتهي هذا الحرب في يوم قريب وستتم ملاحقة المجانين والمحرضين علي الحرب والموت والدمار الذين احتلوا الشوارع والطرقات وهم يروجون لادبيات حكم الانقاذ البغيض عن الجهاد ضد قوات الدعم السريع ومطالبة الناس بحمل السلاح لمحاربة نفس الميليشيا التي صنعوها بايديهم .
لكل ذلك يبقي التحدي الاكبر في ترتيب اولويات مابعد الحرب واعادة الاعمار وبناء ماتهدم من المرافق العامة والخاصة وتنظيف الشوارع وطرقات وازقة الاحياء السكنية من القمامة واثار الحرب والحرائق الاتجاه مباشرة لقيام مؤسسات ونيابات عدالة انتقالية لكي تتولي القيام بحملات مماثلة لنظافة العقول وبعض النفوس المريضة بقوة القانون والفصل في ارث متراكم من الانتهاكات والجرائم المنهجية ضد الدولة والانسان في السودان واحالة كل قول وفعل لموازين العدالة لتكون سيادة القانون هي الحارس الامين والفيصل بين الناس في كل صغيرة وكبيرة بعيدا عن الاستهبال واللف والدوران حتي لاياخذ الناس القانون في اليد وتدخل البلاد من جديد في سلسلة من المواجهات والحملات الانتقامية المتبادلة والتصفيات الجسدية علي خلفية الغبن الرهيب من الخسائر التي لحقت بالانفس والممتلكات وتغرق البلاد في شبر مية كما يقولون .
سيكتمل النصر بعودة الملايين الي ديارهم وستشتعل ارض السودان قمحا ووعدا وتمني كما قال الشاعر في احد الاغنيات الوطنية وستعود الروح الي الشوارع والطرقات والمسارح ودور الرياضة واستادات الكرة والمساجد ودور الطرق الصوفية وستدور عجلة الحياة بلا توقف وسيقبل الناس في السودان القادم التراب الذي مشت عليه قيادات ورموز الاستقلال الوطني ودولة 56 من باب الوفاء والعرفان لما قدموا لبلادهم وان غدا لناظره قريب .  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: تلک الایام

إقرأ أيضاً:

الحرب بين المساءلة والتواطؤ: كشف الحساب المؤجل

الحرب بين المساءلة والتواطؤ: كشف الحساب المؤجل

وجدي كامل

أسئلة الحرب ومساءلاتها لن تُؤجَّل، وإن تأخرت. فبذات حجم الكارثة التي حلّت، يجب على الوطنيين الديمقراطيين طرح الأسئلة المهمة والبحث عن إجابات داعمة وبنّاءة لها.

ومن أهم تلك الأسئلة: هل كانت المؤسسة التي أكدت، بأكثر من لسان، أن قوات الدعم السريع خرجت من رحمها (وليس صُلبها)، على علمٍ دقيقٍ بمحمولات العنف وأفكار الانتقام والعقوبات التي سينفذها “الابن” على المنشآت والمدنيين أثناء خوضه القتال؟.

هل كانت قيادات المؤسسة العسكرية تعلم ما سيفعله جنود الدعم السريع بالمدنيين والممتلكات العامة للدولة؟ هل كانت على دراية بما يكمن من حقدٍ وتربيةٍ عسكريةٍ انتهاكية تجاه أهل الوسط والشمال والشرق والغرب، وجميعهم من بناة ومؤسسي دولة 1956؟

الإجابة نعم. والدليل على ذلك أن قائد الجيش ورأس الدولة قد أجاب أحد الصحفيين، قبل اندلاع الحرب، عندما سأله: “ماذا تتوقع من الدعم السريع إذا ما وقع النزاع؟”.

أجاب الرجل- كما أقرَّ الصحفي لاحقًا- قائلاً إنه يتوقع أن يدخل جنود الدعم السريع بيوت المواطنين (الأعيان) ويخربوا المنشآت، وغير ذلك.

تلك كانت الإجابة التي تختصر كل الاتهامات والدفوعات التي قدمها قائد الجيش لاحقًا، زاعمًا أن الحرب كانت “فعل خيانة مفاجئ”. إذ يتضح أن القوات المسلحة، ممثلة في أعلى قياداتها، كانت على علمٍ تامٍّ بما سيقع على المواطن جراء هذه الحرب، وما سيحلّ بالوطن من خراب.

ومع ذلك، تقدم الجيش إلى الحرب، باعترافات أخيرة لبعض الضباط، خاصة من معسكر “الباقير”، لينخرط فيها دون أي وازعٍ أخلاقيٍّ وطنيّ، غير عابئٍ بما سيقع على المواطنين والوطن من دمار وخراب وخروقات لا وصف لها.

لاحقًا، سيطلق داعمو الحرب عليها اسم “حرب الكرامة”، وسيُروَّج لها بأنها دفاعٌ عن الوطن في مواجهة “هجومٍ غازٍ”. لكن قطاعًا واسعًا من الرأي العام سيدرك أنها حرب استنزاف وابتزاز، ذات أهداف خفية، بعضها ظهر بوضوح، كالثروات التي تكدّست في حسابات قادة الجيش وتابعيهم، ولا تزال تتضخم كل يومٍ يمرّ من عمر هذه الحرب، التي باتت تبدو للعيان أقرب إلى خيارات أصحاب المصالح وتجار الدين والسياسة، الراغبين في عودة النظام السابق.

غير أن البعد الدراماتيكي في هذه الحرب تجلى في اجتماع الرأي العام- المتضرر من الحرب- إلى جانب الجيش الغارق في التحيز السياسي. تقوم الدنيا ولا تقعد، تُغنّي “القونات” أغاني الانحطاط، فيدفع لهن كبار اللصوص الأموال، ويُحرّضن على خداع الرأي العام، جنبًا إلى جنب مع جمهرة الإعلاميين المأجورين، والكلّ يردد شعار “بل بس” حتى إخراج آخر جندي من قوات الدعم السريع من الخرطوم و”بيوت المواطنين”، تمامًا كما اشترطت المؤسسة العسكرية في اتفاقية جدة.

لكن، ماذا يحدث الآن بعد ما سُمِّيَ بـ”تحرير الخرطوم”؟.

تخرج قوات الدعم السريع “عنوةً واقتدارًا” كما يحلو لداعمي الجيش، وتتوالى الدعوات للنازحين، المغلوبين على أمرهم، الهاربين من ويلات الحرب، للعودة إلى ديارهم التي نُهِبت، والاندماج في حياةٍ خاليةٍ من أبسط الضرورات الأساسية، من ماءٍ وكهرباءٍ وأمن.

هذا الواقع يُضاف إلى سجل غياب المسؤولية الوطنية في اتخاذ قرار الحرب. بل ويخرج مدير مؤسسة أكاديمية عريقة كجامعة الخرطوم، قبل أيام، ليأمر الأساتذة والطلاب بالعودة إلى الدراسة، وكأن شيئًا لم يكن! ليس هذا فحسب، بل ترفع الدعوات، عبر منصات التواصل الاجتماعي، للجنود والمواطنين “الشفشافة” لمواصلة نهب ما تبقى من الممتلكات الخاصة والعامة، فيما يبدو وكأنه تهديدٌ جديدٌ للسكان النازحين بأنهم سيعودون ليجدوا ما تبقى قد سُرق أيضًا!

أيُّ جنونٍ هذا الذي تفعله سلطة المال بأخلاق هؤلاء الرجال؟ وأيُّ قلوبٍ تحجرت ضمائر أصحابها؟ كيف لا يأبهون بالقيم السمحة التي تربّى عليها غالبية أهل السودان؟

أسوأ الأخبار هي ما ترد من قصص أهل الداخل ممن لم يبارحوا بيوتهم، الذين سربوا معلومات تفيد بتعرضهم للسلب والنهب والاغتصاب من كتائب البراء بن مالك وجنود القوات المشتركة وكان هؤلاء قد قرروا استكمال فظائع الدعم السريع وسرقة واحتقار ما تبقى ومن تبقوا. بل لقد صرنا نشاهد الفيديوهات التي يصورها الجنود وهم يراجعون سوق الذهب وبيوت يبحثون عن الفتات، مثلما شاهدنا أحدهم بعمارة الذهب بوسط الخرطوم وهو يلعن حظه بعدم عثوره حتى على خاتم ليبيعه (بدلاً من أن يسلمه أمانات الشرطة).

إن ما يجري اليوم، بكل المعايير، يُضاف إلى سجل جرائم الحرب، حيث يُدفع بالملايين للعودة قسرًا، استثمارًا في ضيقهم وعُسر أحوالهم في مناطق النزوح، لإلقائهم في أتون محرقةٍ جديدةٍ، بمواصفاتٍ أخرى، أقلّها السحق الاقتصادي والاحتقار لآدمية الإنسان.

طال الزمن أم قصر، فإن المستقبل مفتوحٌ لصالح الحكم المدني. ليس بالضرورة أن يأتي هذا الحكم على صهوة “صمود” أو “حمدوك” المغدورين بالتهم الجزافية، لكنه سيكون مدنيًا ديمقراطيًا، حتى في أسوأ الفرضيات.

وعندها، سيكون أول مطالبه توقيع أقسى العقوبات على الطرفين العسكريين وقادتهما، بتقديمهم إلى محاكماتٍ ميدانية، واجتثاث الحاضنة السياسية الإخوانية لكليهما، دونما رحمة، حتى تسود سلطة القانون، وتترسخ قيم الاحترام للحق العام، ويكون للأجيال الجديدة فرصةٌ حقيقيةٌ في بناء وطنٍ رفيع المعاني والقدرات. كل ذلك ولكى يتحقق، لا بد أن يعتمد على توفير وتوفر الإجابة على سؤال ماذا نحن فاعلون بالسودان بعد الحرب؟.

الوسوماتفاقية جدة الباقير الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان تجار الدين وجدي كامل

مقالات مشابهة

  • وزير المعادن يتفقد مرافق الوزارة المتضررة بالخرطوم
  • مطار الخرطوم “الدولي” الحالي: لا للفكرة الخطيرة
  • السودان القديم وطنٌ كان قبل أن يُرسم
  • وزير المعادن يزور مقر الوزارة في الخرطوم ويكشف عن حجم النحاس المفقود
  • 25 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على مخيم للنازحين في الفاشر  
  • السودان.. البرهان يصل إريتريا في زيارة “مفاجئة”
  • الحرب ونذر تفكك السودان
  • خرطوم ما بعد التحرير من الجنجويد
  • الحرب بين المساءلة والتواطؤ: كشف الحساب المؤجل
  • الموت يغيب الفريق طيار الفاتح عروة