هل يجوز لحكومة السودان مقاضاة الطلبة المبعوثين للدراسة بالخارج؟
ترجمة : عبد المنعم عجب الفَيا

المحكمة الأعلى بالخرطوم

حكومة السودان /ضد/ أحمد عبد الرزاق وعبد الرزاق عبد الحميد
و
حكومة السودان /ضد /عبد اللطيف على زروق والتجاني على زروق

موجز وقائع الدعوى :
ابتعثت حكومة جمهورية السودان اثنين من الطلاب للدراسة العليا بمعهد في الهند للبحوث الزراعية، لكنهما لم يمكثا بالهند أكثر من تسعة أيام وعادا إلى السودان.

وكان كل واحد منهما قد وقع على عقد مع حكومة السودان التزم فيه بأن يدفع للحكومة النفقات التي تكبدتها في حال اخلاله بالعقد. كما وقع ولي أمر كل منهما على تعهد يضمن فيه وفاء الطالب بالتزاماته المتفق عليها بالعقد. أقامت حكومة السودان دعاوى ضد الطالبين وولي امريهما مطالبة باسترداد المبالغ التي صرفتها عليهما.

ملخص أسباب الحكم:
١. لحكومة السودان الحق في استرداد المبالغ التي دفعتها بالفعل للطلاب المدعى عليهم.
٢. ولما كانت الحكومة لم تصرف سوى ٥٠ جنيها لكل طالب فإنه لا تستحق الحكم لها بأكثر من هذا المبلغ.
٣. رفض الحكم لصالح حكومة السودان بالمبالغ التي دفعها طرف ثالث (جهات أجنبية أخرى).

المحامون :
عثمان صالح / عن النائب العام / عن المدعية
مبارك زروق وعبد الله النجيب/ عن المدعى عليهم

الحكم:
١ يونيو ١٩٦٠
القاضي/ توفيق قطران*:
المدعون في هاتين الدعويين المضمومتين* ، هم حكومة جمهورية السودان وقد اختصمت المدعى عليهم في الدعويين تأسيسا على الإخلال بالعقد والذي نشأ في الظروف التالية:
كانت حكومة السودان قد قبلت بموجب خطاب مؤرخ في ٣١ مارس ١٩٥٨ العرض المقدم من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم مساعدات اقتصادية وتقنية ومساعدات في مجالات أخرى ذات صلة. (مستند رقم ا). وشملت هذه المساعدات التقنية والفنية ابتعاث طلاب سودانيين منتخبين إلى مختلف الجامعات الأمريكية وغيرها من الجامعات ومعاهد البحوث الأخرى للتخصص في الحقول التقنية التي يحتاج السودان فيها إلى خبراء وذلك على نفقة حكومة الولايات المتحدة الأمريكية.
ولما كانت مصلحة الغابات بورزاة الزراعة في حاجة إلى خبراء في الغابات، نشرت إعلانا بالصحف تطلب فيه من الطلاب التقديم للفوز بمنحتين دراسيتين بالجامعات الأمريكية. فتقدم للمنحتين كل من المدعي عليه الأول والثالث وكانا قد عادا لتوهما من مصر بعد أن حصلا على درجات جامعية في الزراعة من جامعة القاهرة (مستندات أرقام، ك، ل، م) وقد تم اختيارهما اختيارا صحيحا وفق النظم المتبعة للاختيار،.
ولكن اتضح فيما بعد أن المنح الدراسية ليست متاحة بالجامعات الأمريكية، فطلب من المدعى عليهما الذهاب إلى معهد بالهند بدلا عن الولايات المتحدة، فوافقا ووقع كل منهما على تعهد جاء في احد بنوده ما يلي: "اتعهد بأن اسدد لحكومة السودان اي تكاليف أو نفقات تكبدتها بسبب الإخلال بالالتزامات المنصوص عليها في هذه الاتفاقية" مستند ب بند رقم ٩
كذلك وقع كل من والد المدعى عليه الأول وأخ المدعى عليه الثالث تعهدا التزم فيه كل منهما بأنه " يضمن بأن يقوم الطالب بالوفاء بكل الالتزامات التي تعهد بها وأنه يوافق على تعويض حكومة السودان عن كل المطالبات والمصروفات التي يتسبب فيها الطالب خلال مدة دراسته إضافة إلى الالتزامات التي لم تغطيها شروط وبنود الاتفاقية السارية في الوقت الراهن".
غادر الطالبان المدعى عليهما الخرطوم إلى معهد بحوث الغابات في دهرا دين بالهند في ٩ نوفمبر ١٩٥٨. ودهرا دين مدينة صغيرة عدد سكانها حوالي الالف نسمة وتقع على سفح جبال الهملايا على بعد ١٢٠ ميلا تقريبا من نيودلهي. وكان كل من المدعى عليهما يحمل تذكرة عودة إلى الخرطوم وقد اعطي كل منهما مبلغ ٥٠ دولارا من قبل البعثة التعليمية الأمريكية بالخرطوم ومبلغ خمسين جنيها سودانيا من قبل حكومة السودان.
وصل الطالبان إلى نيودلهي في مساء ١٢ نوفمبر ١٩٥٨ ولكن ما لبثا أن غادرا دلهي عائدين إلى السودان في ٢١ نوفمبر ووصلا الخرطوم في ٢٢ نوفمبر ١٩٥٨ اي ان مدة إقامتها في دلهي لم تتعدى التسعة ايام. وما حدث خلال تلك الأيام سوف نناقشه فيما بعد ونكتفي هنا بالقول إن حكومة السودان قد قررت مقاضاة الطالبين وضامنيهما مطالبة الحكم لها ضد كل طالب وضامنه بالمبالغ التالية:
١- مبلغ ٥٠ جنيها دفعتها لهما حكومة السودان.
٢- مبلغ ٣٤.٦٠٠ جنيها دفعتها البعثة التعليمية الأمريكية بالخرطوم بالدولار.
٣- مبلغ ٣١.١٤٠ جنيها دفعتها البعثة التعليمية للولايات المتحدة الأمريكية بالهند
٤- مبلغ ٢٠٠.٨٧ جنيها ثمن تذكرة العودة دفعتها البعثة التعليمية الأمريكية بالخرطوم.
٥- مبلغ ٥٠٠ جنيه سوداني تعويضا عاما عن الإضرار بالسمعة التي تسبب فيها الطالبان لحكومة السودان في نظر الراي العام وفي نظر المؤسسات التعليمية العالمية والهندية وبسبب تفويت الفرصة على حكومة السودان الإفادة من المنح لو كانت قد منحت لطلاب مسؤولين.
وكان الطلاب قد لخصوا أسباب تظلمهم التي جعلتهم يقطعون البعثة ويعودون إلى السودان بهذه السرعة في الخطاب الموجه إلى مدير مصلحة الغابات (مستند اتش) إضافة إلى الأسباب الأخرى التي وردت في أقوالهم أمام المحكمة.
السبب الأول في تظلمهم هو قولهم انهم كانوا قد افهموا قبل مغادرتهم إلى الهند أن المعهد سوف يمنحهم عند تخرجهم بنجاح درجة الماجستير ولكن عند وصولهم إلى هناك اكتشفوا أن المعهد ليس جامعة ولا يمنح درجات عليا وإنما يمنح فقط دبلوم. وأنهم وجدوا أن المعهد يدرس ذات المواد التي سبق أن درسوها في جامعة القاهرة، وزعموا بأن المعهد المفروض ان يرفع من مستوى الكورسات التي يقوم بتدريسها. والسبب الثاني لتظلمهم هو زعمهم انهم كانوا قد افهموا بأنه يحق لهم السكن خارج مجمع المعهد وأنه يحق لكل منهما أن يضم أسرته إليه بعد شهر من الوصول إلى الهند ولكنهم اكتشفوا أن ذلك غير مسموح به.
واَما السبب الثالث للتظلم هو قولهم انهم كانوا قد قراوا في كتيب وزع لهم يسمى تعليمات للمشاركين في برنامج مشاريع التدريب الأجنبي المباشر USOM(مستند ١، ص ٦، الفقرة د) أن كل طالب سوف يمنح مبلغ ١٢ دولارا في اليوم، للعشرين يوم الأولى من تواجده في الريف أثناء الرحلات الميدانية القصيرة، وكذلك في حالة المرور الترانزيت عندما لا يمكث في المكان أكثر من عشرين يوما كما يمنح مبلغ ٨ دولارات في اليوم عندما يكون مقيما في المكان لمدة تزيد عن العشرين يوما. ويدفع له ايضا نفقات الاكل والسكن بالأسعار التجارية أو دفع مبلغ ٧ دولارا إذا كان الطالب يقوم بسداد تكلفة السكن وثمن الوجبات في كافتيريا الكلية أو المعهد. وعند وصولهم الهند اكتشفوا أن جملة علاوة السكن والاعاشة التي تدفع للطالب هي فقط ما يعادل ١٥ دولارا.
والسبب الرابع لشكوى المدعي عليهم متعلق بأحوال الطقس في دهرا دين. فهي شديدة البرودة نسبة لوقوعها عند سفح جبال الهملايا. ويتعلق السبب الخامس للتظلم في الشكوى من نوع الطعام الذي يقدم لهم في المعهد في دهرا دين فهو لا يلائم ذوقهم كما لا توجد لحوم ولا بيض ولا لبن. وهناك سبب آخر هو أن قطارات الهند مخيفة وغير محتملة. وخلص المدعي عليهم في شكواهم إلى أن كل هذه التظلمات التي ساقوها تشكل اخلالا بالعقد من قبل حكومة السودان الأمر الذي يبرر عودتهم إلى السودان.
وكانت المفاوضات بين الطلاب و حكومة السودان تتم عبر مستر سينج من مصلحة الغابات. وقد حضر أمامي السيد سينج هنا في المحكمة لاستجوابه وعلى الرغم انه يميل إلى المبالغة في وصف الأشياء والأشخاص والأماكن الا انني وجدته شاهدا صادقا يقول الحق، ووجدت أن الصفات التي الصقها به الطلاب غير صحيحة. ولذلك متى ما تضاربت أقوال الطلاب مع أقواله أخذت بأقواله. ان كل الذي حدث هو أن الطلاب لم يجدوا الهند على النحو الذي توقعاه. فهما قد أمضيا عدة سنوات في الدراسة بجامعة القاهرة، وهي جامعة كبيرة بكل المقاييس وتقع في عاصمة مصر وفي دولة تتحدث اللغة التي يتحدثانها وحيث وسائل الراحة والترفيه وكذلك الحياة الاجتماعية مختلفة تماما عن تلك التي في دهرا دين. ان دهرا دين ليس بجامعة وإنما معهد متخصص فقط في الغابات، ولذا فهو يفتقر إلى البيئة الطلابية الواسعة والعريضة التي نجدها في الجامعات ذات الكليات المتعددة والمتنوعة. ولا شك أن الطلاب المدعى عليهم بعد كل حياة الأضواء التي عاشوها في القاهرة، قد وجدوا في الهند مكانا بائسا بالمقارنة مع حياة الرفاهية في القاهرة، فقرروا العودة إلى السودان مهما كلفهم ذلك من ثمن.
لقد دحض المدعي عليهم (حكومة السودان) بالبينات الكافية كل تظلمات وشكاوى المدعى عليهم التي عرضناها آنفا والتي يزعمون فيها اخلال حكومة السودان بتعهداتها في العقد.
فبالنسبة للسبب الأول لشكوي الطلاب فقد ثبت وفقا لدليل القبول للمعهد (مستند ٩) وكذلك وفقا لدليل معاهد بحوث الغابات الصادر عن منظمة الزراعة والاعذية التابعة للأمم المتحدة (مستند و صفحة ٥) أن الحد الأدنى لشهادة القبول للمعهد هو بكالريوس العلوم بمرتبة الشرف، القسم الثاني، في العلوم الطبيعية أو الرياضيات أو الزراعة. والواقع أن الطلاب المدعى عليهم قد تخرجوا في جامعة القاهرة بدرجة مقبول فقط، وهي درجة أقل من الحد الأدنى المقرر للقبول للمعهد. ولم يفلح الطلاب بالفوز بالقبول بمعهد دهرا دين الا بتدخل من السفارة الهندية بالخرطوم (مستند اف وجي).
ولذلك فإن قول الطلاب أن على المعهد ان يرتقي بمستواه الأكاديمي مجرد لغو فارغ. وغني عن الذكر انه يتعين على طالب الدراسات العليا أن يدرس في المعهد العالي للبحوث المواد العلمية التي سبق أن درسها في المدرسة أو الكلية الجامعية. ذلك أن دراسة الطالب لمادة علمية في المدرسة أو الكلية لا يعني انه قد أحاط بها علما والم بكل تفاصيلها. والقول إن الطلاب قد درسوا بعض المواد المدرجة في برنامج المعهد بجامعة القاهرة، لا يدل على أن الدراسة في المعهد مجرد تكرار لتلك المواد، وإنما هو توسع في دراسة هذه المواد، فالمعهد هو معهد عالي للبحوث.
وأما شكوى الطلاب الثانية التي تخص الحق في السكن خارج المعهد والسماح لهم باستقدام اسرهم، فلا اعتقد أن حق الطلاب في السكن خارج المعهد كان مدار نقاش بينهم والسيد سينج ابدا. كل ما هناك فيما أرى أن الطلاب بحكم تجربة سكنهم في جامعة القاهرة ظنوا انه يحق لهم أيضا السكن هناك خارج المعهد. كذلك أنني على قناعة تامة أن حكومة السودان لم تتعهد للطلاب في أي وقت من الأوقات بالحق في استقدام أسرهم بعد شهر من وصولهم إلى الهند.
وبالفحص الدقيق لهذا الجزء من الشكوى نجده ليس أكثر من ذر للرماد في العيون red herring ذلك أن كلا من الطالبين المدعي عليهم غير متزوج. وكان الطالب زروق قد ذكر عند اعادة استجوابه بالمحكمة ان هذا الجزء من شكواهم يتعلق فقط بزميله الآخر عبد الرزاق. غير ان عبد الرازق قد ذكر في إعادة الاستجواب في المحكمة بأنه غير متزوج ( وهذا ثابت باستمارة طلب المنحة) وأفاد أنه يقصد من كلمة عائلته والدته! هكذا كما ذكرت من قبل أن الطلاب المدعى عليهم يختلقون المعاذير للتملس من الوفاء بالتزاماتهم في العقد. فوق ذلك أنهم قد غضوا النظر عن الفقرة ا بالمستند رقم١ ص ٧ والتي تنص على أنه غير مسموح للزوجات او اي شخص آخر ممن يعوله الانضمام إليه بالمعهد.
وفيما يتعلق بالشكوى التي تتعلق بالإعانة المالية فقد تبين لي أن السيد سينج لم يضلل المدعى عليهم أو يكذب عليهم أو يعدهم بأن يتقاضى كل طالب منهما مبلغ ٩٣ جنيها في الشهر بحسب زعمهم. وكانوا قد استدلوا على ذلك بالفقرة ( و) صفحة ٦ بالمستند رقم ١، غير انهم تغاضوا عن ذكر الفقرة التي تنطبق عليهم والتي تقرا: "تستحق مبالغ أخرى في شأن علاوة الدعم المالي إذا كنت مريضا راقد بالمستشفى الخ.. أو كنت تتلقى التدريب في دولة ثالثة" اي غير الولايات المتحدة الأمريكية.
وأما في شأن الشكوى من برودة الطقس ونوع الطعام، فيجب ألا تاخذ منا مناقشة ذلك وقتا طويلا ذلك أن الطلاب لم يذهبوا في رحلة إلى حديقة الريفيرا وإنما ذهبوا إلى هناك للدراسة والتدريب، فينبغي عليهم أن يقبلوا بما يقدم إليهم طالما ارتضوا بمحض إرادتهم الذهاب إلى الهند. لكل هذه الأسباب جميعها اخلص إلى أن المدعى عليهم قد اخلوا بالتزاماتهم وتعهداتهم لدى حكومة السودان.
والان نأتي لبحث مطالبات حكومة السودان في دعواها. وهنا نواجه ببعض الصعوبات. ان الامر الذي لا شك فيه أن المدعى عليهم قد ادخلوا مصلحة الغابات في حرج بالغ ولكن هذه أول مرة طوال فترة عملي قاضيا اسمع عن مطالبة للتعويض عن الأضرار بالسمعة (وهي من دعاوى المسؤولية التقصيرية عن الفعل الضار) في دعوى الإخلال بالعقد. فالمعلوم أنه إذا أبرم عقد وقصد الاطرا ف من هذا العقد انشاء علاقة قانونية استنادا إلى بنود العقد، فإنه في حال اخلال احد الأطراف بالعقد يجوز للطرف المتضرر أن يقاضي الطرف المخل بالتعويض عن العقد. ولكنا نجد في هذه الدعوى أن حكومة السودان تطلب بالفقرة ٥ د من عريضة الدعوى الحكم لها بمبلغ ٥٠٠ جنيه في مواجهة كل طالب تعويضا عن الأضرار بالسمعة. ونحن نرى أن هذا الطلب ينطوي على خطأ في فهم القانون وكان ينبغي أن يستبعد منذ المراحل الأولى من المرافعات كونه مربكا.
والنقطة القانونية الأخرى التي يجب بحثها هي ما إذا كانت نية أطراف العقد قد انصرفت إلى إنشاء علاقة قانونية فيما بينهم بموجب العقد. بالنظر في العقد وما ورد فيه من بنود و شروط اخلص إلى أن الاطراف قد قصدوا إلى إنشاء علاقة قانونية فيما بينهم ولكني انتهيت إلى هذه الخلاصة بعد تردد عظيم. ذلك أنه بالنظر في التعهدات الصادرة عن المدعى عليهم نجد أن كل بند فيها ينطوي على نوع من الإبهام.
فعلى سبيل المثال إذا افترضنا أن أحد الطلبة قد خالف الفقرة (ا) من التعهد وتزوج، فهل يحق للحكومة في هذه الحالة أن تقاضيه بحجة الإخلال بالعقد؟ فإذا كانت الإجابة بنعم، فما هي فرص النجاح المتاحة أمامها لكسب هذه الدعوي؟ أليس مما يخالف النظام العام والمصلحة العامة حرمان اي شخص من الزواج لأي فترة محددة؟ ثم ما هو معيار تقدير التعويض عن الإخلال بهذ الشرط؟.
أيضا ماذا سيحدث لو فشل الطالب في النجاح في امتحان التخرج بعد أن بذل قصارى جهده؟.
ماذا سيكون لو رفض احد الطلاب بعد التخرج الالتحاق بالعمل لدى حكومة السودان؟
كل هذه الشروط والبنود مبهمة. ومن المستحيل إيجاد معايير معقولة وطبيعية لتقدير التعويض حال الإخلال بها.
كنت قد قررت آنفا أن أطراف العقد قصدوا من العقد انشاء علاقة قانونية ملزمة فيما بينهم، ولكني لا بد أن أقرر أن هذه العلاقة القانونية مقصورة على حق حكومة السودان في المطالبة باسترداد ما تكبدته فعلا من نفقات ومصاريف بسبب فشل الطلبة الالتزام بشروط العقد. وقد اتفق االاطراف اتفاقا صريحا على أن هذه المنصرفات يجب أن تسترد في حال الإخلال بالعقد. والواقع أن حكومة السودان لم تدفع سوى مبلغ ٥٠ جنيها سودانيا لكل طالب. ومع ذلك نجدها تطلب في دعواها باسترداد تكاليف تحملها طرف ثالث third party وهو تحديدا البرنامج الأمريكي لمساعدة السودان وقد ثبت بالأوراق أن برنامج USOM قد دفع لكل طالب مبلغ ٢٦٠ جنيها سودانيا، فهل يحق لحكومة السودان استرداد هذا المبلغ؟ أرى أنه لا يحق لها ذلك. فحكومة السودان لم تتكبد دفع هذا المبالغ ابدا.
لكل هذه الأسباب احكم لصالح المدعين حكومة السودان ضد المدعى عليهم في كل من الدعويين بمبلغ ٥٠ جنيها فقط .
لا أمر بشأن للرسوم.

هوامش المترجم :
١. القاضي توفيق قطران فلسطيني الجنسية وهو من قلة قليلة من القضاة بقية في خدمة حكومة السودان بعد قرار سودنة الوظائف نفاذا لاتفاقية تقرير المصير لسنة ١٩٥٣
٢. في البداية رفعت حكومة السودان دعاوى منفصلة في مواجهة كل طالب وولي أمره، ثم قررت المحكمة ضم الدعويين في ملف لوحدة الموضوع ليفصل فيهما معا وهو إجراء معلوم لدى أهل المهنة.
٣. ترجمناها من مجلة الأحكام القضائية السودانية لسنة ١٩٦٠ ص. ١٧٤، حيث كانت الأحكام القضائية تصدر آنذاك بالإنجليزية.

abusara21@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المتحدة الأمریکیة الولایات المتحدة البعثة التعلیمیة لحکومة السودان علاقة قانونیة جامعة القاهرة حکومة السودان المدعى علیهم إلى السودان السودان فی أن الطلاب إلى الهند أن المعهد ٥٠ جنیها کل منهما مبلغ ٥٠ کل طالب ذلک أن فی حال کل هذه من قبل

إقرأ أيضاً:

أكس تتوقف عن العمل وآلاف المستخدمين تعذر عليهم الدخول

أكس تتوقف عن العمل وآلاف المستخدمين تعذر عليهم الدخول

مقالات مشابهة

  • بعد فضيحة مدوية.. حكومة عدن تقرر إعادة فرز نتائج امتحانات الثانوية العامة في تعز
  • بدء الكشف الطبى على الطلاب الجدد بالمعهد الفنى الصحى بقنا
  • محمد فوزي يكشف للوفد مطالب الجالية المصرية التي عرضت على وزير الخارجية والهجرة أثناء لقاءهم به بالامارات
  • حكومة السودان ترفض قوة تدخل اقترحتها بعثة حقوق الإنسان
  • الأستاذ الصحفي فتحـي الضـو عن الحرب العبثية الدائرة ومآلاتها والسيناريوهات التي يمكن أن تحدث حال إستمرارها
  • مقاضاة سناب لفشلها في حماية الأطفال من مخططات الابتزاز
  • أكس تتوقف عن العمل وآلاف المستخدمين تعذر عليهم الدخول
  • رئيس وفد حكومة السودان المفاوض: الحرب الآن في نهاياتها وجيشنا يقلب الموازين
  • وزير الخارجية يشيد بالرعاية والاهتمام التي يحظى بها المصريين العاملين بالإمارات
  • عدم قبول دعوى موظف لرفعها بغير الطريق المحدد قانوناً