سودانايل:
2024-12-23@00:33:05 GMT

نحن و هُم : أزمة الضمير في السودان (2)

تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT

• جبير بولاد

( ما دام ثمة أغنياء و فقراء بالولادة، فأنه لا يمكن أن يوجد عقد عادل، و لا توزيع عادل للشروط الإجتماعية )
إميل دوركايم

.. نستمر في هذه السلسلة في حلقتها رقم (2) الي السير في تتبع البنيات الأولية لأزمة الضمير في السودان، و بدأنا ببنيات الوعي الأولي للنشأة داخل حواف الأسرة ثم المحيط المسؤولان عن تشكلات تصوراتنا عن الآخر ، و كانت بأستمرار تُغذي هذه التصورات عن الآخر في المخيال حول الاختلافات و التمايزات، بالرغم من أن الناظر الي مجتمعات السودانيين من الخارج فأنه لا يري فروقات كبيرة في طبائع حياتهم و أمثالهم و نشاطاتهم و قوانينهم الإجتماعية و في مواسم الزراعة و ما يتبعها من علاقات الأرض او سير الرعي في احزمته الممتدة او طرائق الزي شمالا أو وسطا او شرقا او غربا مع اختلافات طفيفة هنا و هناك اقتضتها اختلافات المناخ و تواريخ تطور الأزياء نفسها .


.. ايضا قلنا ان المجاورة في السكن التي فرضتها المدن حظيت بمزاحمة و شيئا فشيئا نبتت فكرة المعايشة من غير ان يتبعها مشروع ثقافي/ اجتماعي ترعاه الدولة و لكن في نهاية المطاف، قانون الصدفة و الذي يلعب دورا كبيرا في الحياة السودانية، لعب دوره و نبتت الوشائج في المدن و الاحياء الشعبية و أقصد بقانون الصدفة هو الأمر الذي يقود الي أشكال جديدة في الحياة دون التخطيط لها، و كان يلزمنا هذا التخطيط في مجتمعات حديثة التكوين تتخلق لتكون فكرة و صُرة لُحمة الشعب فيما بعد ، و كما هو معلوم أن المجتمعات قديمة و لكن فكرة الشعب نفسها حديثة نوعا ما في تاريخ العالم (مقارنة مع تاريخ الدولة الحديثة) ناهيك عن تاريخنا كسودانيين ، إذ أن فكرة الشعب و العمل علي خلق مركزية لها هي عمل منظم و مخطط يقوم به آباء التأسيس (السياسي و الثقافي و الاجتماعي ) من مكونات المجتمعات ككل و بالذات في المجتمعات ذات التعدد اللغوي و الثقافي و الآثني كمثل ما عندنا في السودان .
.. أول نخبة حاولت صياغة مضمون فكرة الشعب كانت في النصف الثاني من حكم المستعمر الإنجليزي ( جمعية اللواء الابيض ) لذلك طبيعيا ان يحدث هذا التساؤل و الذي ما زال مُشتعل حتي الآن حول الهوية، و عدد من المثقفين السودانيين يرونه سؤالا جدليا انصرافيا، أخذ من وقت السودانيين الكثير دون طائل و لكنهم لم يستصحبوا معهم ضرورات نشأته المنطقية، و لا العقبات السياسية و السلطوية التي حالت دون حسمه من وقت مبكر، و لذلك تفجّر فيما بعد السؤال بقوة لتقوم عليه ايدولوجيات سياسية (قومية) و كيانات مقاتلة ( حركات التمرد) .
.. عندما نتحدث عن الوطن، فلكل ذات تولد ( الفرد أو المجموعة) تصورها عن الوطن بطبيعة الحال، هذا التصور يتمرحل مع سنوات العمر و تفتحات الوعي المستمرة، و لكنه يأخذ معناه الاسمي في الوطن الكبير ، الذي يمثل الشراكة في الأرض التي تجمع بين مجتمعاتها فكرة المواطنة و حقوقها و شعور الذات بتمثل كل ذلك عن رضا و قناعة و وشيجة محبة و هذه التوليفة لا تأتي مجانا، بل يلزمها عمل دؤوب من قادة الدولة و مثقفيها و سياسيها و رموز مجتمعاتها و ينطوي كل ذلك تحت مشروع ثقافي/ اجتماعي يعلي بأستمرار من الشعور تجاه الوطن و ينمي روح الإنتماء إليه بدءا من الاسرة كأول نواة للذات ، حينها يكون الشعب له دلالته الحية في رحم دالة الوطن و هذا بطبيعة الحال لم يحدث عندنا بهذا النسق الذي أشرنا إليه، فقد كان دوما الوطن مفصّل علي شاكلة و عقلية من قادوا الدولة السودانية في حقبها المتلاحقة و صغروا و قزموا صورة الوطن منذ تقسيمة ال(نحن) و ال(هُم) والتي ظلت توسع الفجوة بأستمرار في مخيال الذات في أولي تشكلاتها و هذا الأمر تمظهر لاحقا في خلق تراتبية اولاد البلد و الآخرون التُبّع مما أسفر عن ظاهرة حركات التمرد كحركات حركتها مخاوف المستقبل من المستعمر المحلي الجديد ، لذلك كانت أولي دفوعات تمردها هي تحرير السودان! و هنا يأتي السؤال الذي يازور عنه العقل السوداني الصفوي الذي تحّكم و تسّيد المشهد السياسي و الثقافي و الاجتماعي السوداني، ممن يكون التحرير الذي ينادي به شركاء الوطن ؟ و لماذا التمرد لم يكن شعاره التغيير فقط، أي تغيير السلطة و دلف مباشرة الي مفردة التحرير ؟!
.. للإجابة علي هذه الاسئلة تلزم شجاعة قوية لم تسعف توليفة السلطة(سياسية / ثقافية/ اجتماعية ) حيث جِبن الضمير لديهم عن الإجابة و اختاروا البقاء في حضن الامتيازات التي تمثلت في حق التمثيل الثقافي و الرأسمال الإجتماعي و ضمان الوظائف المتعلقة بأحتكار السلطة من خلال ضمير أضمر أبعاد الآخرين من شركاء الوطن و قليلي الحيلة في تلك الأوقات المبكرة من عمر الدولة السودانية و كان الذي يتمشق عناء الإجابة من هذه الصفوة، تأتي إجابته مثل افعي تتلوي في الاحراش لا تكاد تستبين رأسها من ذيلها .
نواصل

jebeerb@yahoo.com
//////////////////////  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الشعب الجمهوري: سلاح الأكاذيب والشائعات لن يحرك ساكنًا لدى المصريين

قال المهندس أيمن عفرة، القيادي بحزب الشعب الجمهوري، والأمين العام المساعد للحزب بمحافظة الغربية، إنه على وقع المُتغيرات الطارئة التي تحدث في المنطقة، والتحديات الصارخة التي تموج بالإقليم فإن الواجب الوطني يفرض على الجميع الالتفاف خلف القيادة السياسية والدولة المصرية ومؤسساتها، لنكون على قلب رجل واحد حتى نتمكن من الخروج من دائرة التحديات التي تفرض نفسها بسبب تلك المُتغيرات، لافتًا إلى أننا لاحظنا في الفترة الأخيرة هجمات مارقة تستهدف زعزعة أمن واستقرار الوطن عبر سلاح الأكاذيب والشائعات.

وبحسب القيادي في حزب الشعب الجمهوري، فإن مصر واجهت في غضون السنوات الأخيرة، حروبًا ضروس من قبل الكتائب الإليكترونية لجماعة الإخوان، وزادت حدتها، مؤخرًا، بعد النجاحات الكبيرة التي حققتها القيادة السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي، بهدف وقف عجلة التنمية واستهداف أركان ومقدرات الدولة ضمن حملات ممنهجة تقوم بها على الدوام، لبث الإحباط في نفوس المصريين، في محاولة بائسة وفاشلة للتشكيك في كل المُنجزات التي تتحقق واقعًا.

ولفت المهندس أيمن عفرة، إلى أن رهان القيادة السياسية على وعي المصريين كان بمثابة حائط صد تجاه تلك الحملات التي تستهدف النيل من مقدرات هذا الوطن الغالي العزيز، مشيرًا إلى أنه على الرغم من المحاولات البائسة للجماعة واستغلال المنصات الإلكترونية ووسائل الإعلام المأجورة لنشر ادعاءاتها الزائفة لتشويه الحقائق وزرع الفتنة بين أفراد المجتمع، إلا أنها تواجه بحائط صلد من المصريين الذين يدركون جيدًا حقيقة تلك المحاولات ويعلمون حجم التحديات ودوافع المواجهات.

وطالب القيادي بحزب الشعب الجمهوري، جميع القوى السياسية المصرية بضرورة تنظيم حملات توعوية في كل بقعة من بقاع مصر لتعريف المصريين بالحقائق وتوضيح الصورة كاملة، وكذلك بضرورة الوحدة تنحية أية خلافات جانبًا، فلا صوت يعلو فقط صوت الحفاظ على الوطن، وضرورة السعي الحثيث لتقوية البنية الداخلية سبيلًا لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، مؤكدًا أن عودة الريادة المصرية في محيطها الإقليمي والعالمي وكذلك منح المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية تصنيفات مطمئنة للغاية عن مستقبل الاقتصاد المصري، أثار حالة من الهلع داخل صفوف أعداء هذا الوطن.

ودعا عفرة، كافة قوى الشعب إلى التماسك والاصطفاف خلف القيادة السياسية والقوات المسلحة المصرية في الوقت الذي تمثل فيه مصر هي حائط الصد الوحيد والمنيع أمام المخططات التى تستهدف تقسيم المنطقة، مؤكدًا أن تماسك الجبهة الداخلية يمثل خط الدفاع الأول عن الأمن القومي المصري، لذا نطالب جميع المصريين بعدم الالتفات إلى شائعات المغرضين التي تستهدف النيل من عزيمة مصر والمصريين، ودعم الرئيس عبدالفتاح السيسي في كل قراراته وفي اتخاذ ما يراه حفاظًا على أمن الوطن ووحدته وحماية شعبه الأصيل.

مقالات مشابهة

  • تامر أمين للرئيس السيسي: جينات الشعب المصري تٌعلي كلمة الوطن فوق كل شيء
  • الشعب الجمهوري: رسائل الرئيس بأكاديمية الشرطة أكدت حجم المخاطر التي تُحاك ضد الوطن
  • الحرية المصري: حديث الرئيس بأكاديمية الشرطة اتسم بالمكاشفة بشأن التحديات التي تواجه الوطن
  • كيف اختزلت حادثة ماغديبورغ مدى الاحتقان الطائفي والعرقي والسياسي الذي ينخر في جسد الوطن العربي؟
  • أزمة السودان.. جهود دولية إنسانية دون حل سياسي في الأفق
  • اليوم نرفع راية استقلالنا (1)
  • الجيل الديمقراطي : أعداء الوطن يتربصون بمقدرات الدولة
  • الشعب الجمهوري: سلاح الأكاذيب والشائعات لن يحرك ساكنًا لدى المصريين
  • قيادي بـ«الشعب الجمهوري»: الأكاذيب والشائعات لن تهز عزيمة المصريين
  • بلينكن: أزمة السودان تهدد السلام العالمي