عراقيون يتحدون الجفاف لإنقاذ زراعة الشلب
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
بعد سنوات شهد خلالها على تآكل أرضه تدريجيا، يواجه المزارع، منتظر الجوفي، الجفاف وشح المياه في العراق عبر زراعة الأرز بطرق ري حديثة وبذور مقاومة للحر.
على وقع الجفاف الذي أنهك العراق طوال 4 سنوات، يعمل خبراء لدى وزارة الزراعة على تجارب يأملون من خلالها إنقاذ زراعة الأرز، وخاصة صنف العنبر الحاضر على كل مائدة في البلاد.
ويعمد هؤلاء إلى تطوير بذور جديدة، بينها ما هو تركيبة وراثية من العنبر، وزرعها عبر استخدام المرشات بدلا من طريقة الغمر التقليدية التي تتطلب أن يبقى الأرز مغمورا بالمياه على مدى 5 أشهر، الأمر الذي لم يعد متاحا بسهولة جراء الجفاف.
ويقول الجوفي (40 عاما)، وهو يتصبب عرقا أثناء تنقله في أرضه بمحافظة النجف (وسط البلاد)، إنها "المرة الأولى التي بدأنا فيها الزراعة بالطرق الحديثة عبر (الري) بالمرشات".
ويضيف الرجل الذي يعمل في الزراعة منذ 15 عاما بأن "الفرق كبير جدا"، مقارنة بالغمر.
وتحتاج زراعة الأرز، ومنه صنف العنبر، إلى ما بين 10 إلى 12 مليار متر مكعب من المياه خلال الموسم الواحد، لكن الخبراء يقولون إن المرشات تستهلك 30 بالمئة فقط من كمية المياه.
ولم يتمكن الجوفي العام الماضي من زراعة أرضه تماما بسبب شح المياه، لكنه اليوم يتنقل بين المرشات للتأكد من أنها تعمل بالشكل الصحيح غير آبه بالشمس الحارقة ودرجات الحرارة التي تلامس 50 درجة مئوية.
ويقول الجوفي إن المزارعين كانوا سابقا يقضون وقتهم في ضمان تدفق المياه بالطريقة الصحيحة، وأما اليوم "فيقوم شخص واحد بتشغيل المرشات، لتسقي الأرض بصورة صحيحة ... ولا يبقى موقع لا تصله المياه التي تطال جميع الجهات بالتساوي".
ويعد العراق الذي يتعافى من عقود من النزاعات والفوضى من الدول الخمس الأكثر تأثرا بالتغير المناخي، وفقا للأمم المتحدة.
وتسبب الجفاف بخفض انتاج الأرز بشكل هائل في العراق، فبعدما كانت مساحات الأرز تتخطى 300 ألف دونم، بمعدل إنتاج 300 ألف طن، لم يزرع في عام 2023 سوى 5 آلاف دونم فقط، وفق خبراء بوزارة الزراعة.
"شح المياه"وبعدما سئم مزارعو الأرز من رؤية حقولهم، وقد باتت أشبه بالصحراء، كان لا بد من إيجاد طرق للتأقلم مع الظروف القاسية المفروضة عليهم.
ويقول المسؤول في برنامج إكثار بذور الأرز لدى وزارة الزراعة، عبدالكاظم جواد موسى، "جراء الجفاف وشح المياه، كان لا بد لنا من استخدام تقنيات ري حديثة وبذور بتركيبات وراثية جديدة".
ويضيف: "الأمر الأهم هو استخدام التقنيات الحديثة في زراعة الأرز لمقاومة شح المياه"، مشيرا إلى أن فريق الخبراء يسعى إلى إيجاد المزيج الأفضل بين طرق الري والبذور.
ويجرب الخبراء طرق ري باعتماد أنواع مختلفة من المرشات، بينها الصغيرة والثابتة أو تلك التي تتنقل داخل الحقل، والري بالتنقيط، كما يعملون على 5 أنواع بذور مختلفة أقل استهلاكا للمياه.
ويوضح موسى بأنه وفريقه يريدون "اختبار التراكيب الوراثية (لتحديد) أي من هذه الأصناف يتحمل عملية الري بالمرشات" بدلا من الغمر.
وبعدما حقق الخبراء نتائج إيجابية العام الماضي مع بذور الغري، وهي أحدى "التراكيب الوراثية" من العنبر، وأرز الياسمين وأصله من جنوب آسيا، عبر الري بالمرشات، قدموها لمزارعين مثل الجوفي لتحديد مدى نجاحها.
ويقول جواد: "في نهاية الموسم سنخرج بتوصيات حول أي مرشات يجدر استخدامها وأي صنف بذور ملائم لها"، آملا أن يسهم ذلك في زيادة "مساحة الأراضي المزروعة بالأرز".
صعوبات وعوائقوأرغم الجفاف كثر على هجرة الزراعة والنزوح بعيدا عن أراضيهم، كما عمدت السلطات إلى تقنين استخدام المياه وتقليص الأراضي الزراعية لتوفير مياه الاستخدام اليومي للسكان البالغ عددهم 43 مليون نسمة، لا سيما خلال الصيف.
وفي عام 2022، قلصت السلطات مساحات زراعة الأرز إلى 10 آلاف دونم فقط في محافظتي النجف والديوانية (جنوب العراق)، المعقلان الرئيسيان لتلك الزراعة وخصوصا العنبر.
وخلال الفترة الماضية، تظاهر العشرات في الديوانية لمطالبة الحكومة بالسماح لهم بالعودة إلى أراضيهم بعد توقف لعامين. لكن السلطات لم تسمح لهم العام الحالي بزراعة سوى 30 بالمئة من حقولهم، وفق قولهم.
ويقول المزارع فائز الياسري (57 عاما)، الذي هرع لزراعة جزء من أرضه، إن "2020 كانت آخر سنوات الوفرة ومن بعدها حل الجفاف".
وفي محاولة لتوفير بعض المياه، يؤكد الياسري بأنه سيقوم بحراثة الأرض وتعديلها قبل غمر بذور الأرز معتمدا الطريقة التقليدية، داعيا السلطات إلى تزويد الفلاحين بالمبيدات والكهرباء في بلد يعاني من أزمة طاقة مزمنة.
وبرغم اعتقاده أن "الربح ليس بكثير" هذه المرة، يقول الياسري: "نتحمل من أجل إعادة بذور العنبر والياسمين".
وبعكس الياسري، فقد ابن عمه باسم (30 عاما) الأمل بعودة زراعة الأرز بحيث أن المعوقات كبيرة وبات يصعب التغلب عليها.
ويقول باسم: "سمحوا لنا بزراعة نسبة (من الأرض) لكن ليس هناك مياه أو كهرباء".
وتابع: "الزراعة انتهت نهائيا بسبب شح المياه ... انتهى الشلب" في اشارة إلى نبات الأرز كما يُعرف في العراق.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: زراعة الأرز فی العراق شح المیاه
إقرأ أيضاً:
القادة الأفارقة يتحدون لتعبئة الاستثمارات والتمويل الأفريقي لتنفيذ أجندة 2063
اجتمع رؤساء الدول والحكومات ورجال الأعمال الأفارقة، على هامش الدورة العادية الثامنة والثلاثين لقمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، إثيوبيا، في حوار إفطار رئاسي لمعالجة الفجوات التمويلية والاستثمارية في القارة. وقد أقيم الحدث تحت شعار "أفريقيا في الطليعة: تعبئة الاستثمار والتمويل الأفريقيين لتنفيذ أجندة 2063".
أكد الحوار الذي استضافه جون دراماني ماهاما، رئيس جمهورية غانا وبطل المؤسسات المالية التابعة للاتحاد الأفريقي، بالتعاون مع مفوضية الاتحاد الأفريقي وتحالف المؤسسات المالية الأفريقية متعددة الأطراف، التزام القارة بتسريع التنمية الاقتصادية المستدامة المعتمدة على الذات.
وشدد الرئيس ماهاما في كلمته الرئيسية على الحاجة الملحة إلى تعزيز الاستقلال المالي لأفريقيا من خلال تعبئة الموارد المحلية، والتمويل الميسر، والشراكات الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص. وأضاف " أنه يجب على إفريقيا تسخير قدراتها المالية والاستثمارية لدفع الرؤية التحويلية لأجندة 2063. حيث أنه لا يمكننا الاستمرار في الاعتماد على آليات التمويل الخارجية التي لا تتماشى مع أهدافنا الإنمائية طويلة الأجل".
وشددت الدكتورة نغوزي أوكونجو إيويالا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، على ضرورة تولى الأفارقة مسؤولية تنميتهم من خلال تغيير العقليات وتعزيز الاكتفاء الذاتي المالي.
وقالت: "يعد نادي إفريقيا خطوة حاسمة نحو النظر إلى الداخل وتسخير إمكاناتنا. ومع ذلك، نحتاج إلى التركيز على أربع أولويات رئيسية للتحول المالي والاقتصادي في أفريقيا: أولاً، تعزيز المؤسسات المالية الأفريقية - إذا أردنا تمويل تنمية قارتنا، فيجب علينا تمويل مؤسساتنا المالية، بما في ذلك البنوك الوطنية للتنمية، وضمان حصولها على الموارد اللازمة لدعم احتياجات أفريقيا. ثانياً، علينا أن نتعامل مع تحديات الديون لجذب الاستثمار ــ يتعين علينا أن نركز على جذب الاستثمار والاحتفاظ به، بما في ذلك الاستثمار الأجنبي المباشر، وتنفيذ استراتيجيات منسقة لتعزيز التمويل بالأسهم. وبدلاً من الاعتماد على المساعدات، ينبغي لأفريقيا أن تدفع نحو إقامة شراكات تعمل على توجيه الموارد المالية نحو الاستثمارات. ثالثا، يجب علينا أن نستفيد من الموارد المحلية - مع وجود أكثر من 250 مليار دولار أمريكي من صناديق المعاشات التقاعدية في القارة، يجب أن نستفيد من هذه الموارد من أجل التنمية. ومن شأن تعزيز أسواق رأس المال، ودمج المؤسسات المالية الأفريقية، واستخدام سندات المهجر أن يعزز بشكل كبير المرونة المالية لأفريقيا. وأخيرا، يتعين علينا أن نقود التجارة والنمو الاقتصادي ــ فالتمويل المستدام يتوقف على قدرة أفريقيا على تنمية اقتصاداتها، وزيادة التجارة، وإضافة القيمة إلى منتجاتها. وبدون التوسع الاقتصادي، ستظل الموارد اللازمة لسد فجوات التمويل بعيدة المنال"".
وفي حديثها خلال الحوار، سلطت الدكتورة مونيك نسانزاباغنوا، نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، الضوء على الإمكانات الهائلة لأفريقيا والدور الحاسم للتعاون. "هذا وقت مثير لأفريقيا، التي كانت تمتد وتجدد نفسها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا في السنوات الأخيرة. ولن يراهن إلا المتشائمون الأكثر تشاؤما ضد هذا العصر الجديد من "وقت أفريقيا" فيما يتصل بالتحول الاقتصادي والاجتماعي الذي تصوره أجندة 2063".
وحثت الدكتور نسانزاباغانوا المستثمرين على اغتنام الفرص في المشهد الاقتصادي المتطور في أفريقيا. "سيكون من حقك أن تؤمن وتثق في الاستثمار في إفريقيا. ينظر إلى القارة على أنها "الحدود الجديدة"، "جنة المستقبل" التي تشحذ السباق نحو الأسواق من قبل عدد متزايد من المستثمرين".
وأكد البروفيسور بنديكت أوراما، الرئيس ورئيس مجلس إدارة التحالف ورئيس أفريكسيم بنك، متحدثا باسم التحالف على أهمية قيادة المؤسسات المالية الأفريقية في مجال تمويل التنمية. وقال: "تمثل المؤسسات المالية الأفريقية المتعددة الأطراف القوة المالية الجماعية لإفريقيا، ومن خلال العمل المنسق، سنقوم بتعبئة الموارد على نطاق واسع لتحقيق أجندة 2063". وشدد كذلك على حاجة إفريقيا إلى التضامن المالي في حل الديون: "لقد طورنا منصة من شأنها أن تجعل من الممكن الاستثمار المشترك في المشاريع التي تؤثر على القارة. لا يوجد سبب يمنع بناء الجسر عبر الكونغو برازافيل والكونغو كينشاسا، فالتكلفة لا تتجاوز 500 مليون دولار أمريكي. لا يوجد سبب يمنع بناء السكك الحديدية في جميع أنحاء إفريقيا، في أحسن الأحوال تكلف حوالي 1-2 مليار دولار أمريكي. لا يمكننا أن ندعو إلى إصلاح الهيكل المالي الدولي على أرجل ضعيفة، ولن يستمع إلينا أحد إذا اعتبرنا مجرد متسولين. يجب أن نعتمد على مؤسساتنا الخاصة ونستخدم هذه المنصة للاستفادة من مواردنا الفردية والجماعية لتحويل قارتنا. يجب علينا أن نعزز تحالفنا لتحقيق أهدافنا المحددة ".
شارك في الحوار فريق رفيع المستوى من القادة والخبراء الماليين المتميزين، بمن فيهم: الدكتور دونالد كابيروكا، الممثل السامي للاتحاد الأفريقي لتمويل الاتحاد وصندوق السلام؛ وسومايلا زبيرو ، النائب الأول لرئيس مجلس إدارة تحالف المؤسسات المالية الأفريقية متعددة الأطراف والرئيس والمدير التنفيذي لمؤسسة التمويل الأفريقية؛ الدكتور كورنيل كاريكيزي ، النائب الثاني لرئيس مجلس إدارة التحالف والعضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة شركة إعادة التأمين الأفريقية، و أهونا إزياكونوا، المديرة المساعدة والمديرة الإقليمية لأفريقيا، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ و السفير ألبرت موشانغا ، مفوض التنمية الاقتصادية والتجارة والسياحة والصناعة والمعادن، مفوضية الاتحاد الأفريقي.
وتركزت المناقشات على الاستراتيجيات المبتكرة لتعبئة رؤوس الأموال الأفريقية، وتعزيز المؤسسات المالية، والاستفادة من دور المؤسسات المالية الأفريقية متعددة الأطراف في تمويل قطاعات التنمية الحيوية مثل البنية التحتية والتصنيع والتجارة.
كما شهد الحدث إعلانات استثمارية خاصة:
صندوق تحول التجارة الأفريقية ، مبادرة رائدة بقيمة 5 مليارات دولار أمريكي من قبل أفريكسيم بنك لتوفير تمويل ميسر لإطلاق فرص جديدة للشركات والحكومات الأفريقية.
قدم بنك الإسكان الأفريقي للتنمية الصندوق التحفيزي لتجديد رأس المال لسد فجوة الإسكان والبنية التحتية الحضرية في إفريقيا والتي تبلغ 53 مليون وحدة سكنية ، والتي يطتلب 1.3 تريليون دولار أمريكي لسدها.
تعهدت مجموعة المؤسسة الأفريقية لإعادة التأمين بتقديم مليون دولار لصندوق السلام التابع للاتحاد الأفريقي. بالإضافة إلى ذلك ، تبرعت المؤسسة بمبلغ 500,000 دولار أمريكي للمركز الأفريقي لمكافة الأمراض والوقاية منها خلال جائحة كوفيد-19 وسمحت الآن باستخدام الرصيد لجهود الاستجابة لجدري القرود. وذكر المدير العام للمجموعة أن الشركة الأفريقية لإعادة التأمين خصصت 2٪ من صافي أرباحها للمؤسسة الخيرية التابعة للمجموعة، والتي ستخصص أموالا لدعم مختلف المبادرات في جميع أنحاء القارة ، بما في ذلك تمويل مخاطر الكوارث.
أنشأ صندوق التضامن الأفريقي شراكتين رئيسيتين: خط ائتمان بقيمة 320 مليون دولار أمريكي لتعزيز الوصول إلى ائتمان الإسكان وضمان خط ائتمان بقيمة 240 مليون دولار أمريكي لدعم تمكين المرأة والشباب ، وتعزيز ريادة الأعمال في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا.
أطلق البنك العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا مبادرة "الدين مقابل المساهم" لدعم رسملة المؤسسات المالية الأفريقية متعددة الأطراف من خلال تعبئة الموارد من العالم العربي نحو أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.