لا شك أن الاستهداف الاسرائيلي للعاصمة الايرانية طهران وما سبقه من استهداف في الضاحية الجنوبية لبيروت لم يكن وليد ساعته، إذ من الطبيعي ان يكون استهداف شخصيات قيادية بمستوى فؤاد شكر واسماعيل هنية قراراً ليس وليد اللحظة، وبالتالي فمن المؤكد أن تداعياته لن تكون عادية، لذلك فإنّ الحديث عن أننا دخلنا في مرحلة تصعيد جديدة ليس مجرد وصف يمكن تجاوزه.

لكنّ السؤال؛ كيف سيكون رد "المحور" والمشهد العام وما هي آفاق الحل؟

ترى مصادر عسكرية مطّلعة أنه قبل رسم المشهد، لا بد من تفكيك هذا التحول السريع الى جزئياته ومعرفة الاركان المحرّكة فيه وبالتالي يصبح التوقع أقرب للواقع.

ولعلّ مدخل هذا التحول كان زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الى الكونغرس الاميركي، والشرارة الأولى انطلقت عبر حادثة "مجدل شمس" وسقوط عدد من المدنيين المتواجدين في ملعب لكرة القدم. آنذاك سرعان ما صرّح الاميركي أنّ لإسرائيل حق الدفاع عن النفس وذلك بعد توجيهها اتهاماً مباشراً "لحزب الله"، ما يعني انّ الادارة الاميركية قد أعطت الضوء الأخضر لاسرائيل بضرب لبنان.  

واللافت في الأمر أن نتنياهو حصل على اجماع، ما أوحى بأنّ الامر كان محضراً ومنسّقاً مع الدولة العميقة في واشنطن ، وهذا يمكن ربطه بما نُقل عن بوتين عندما قام باستدعاء الرئيس السوري بشار الاسد على وجه الضرورة وابلغه أن هناك حدثا كبيرا سيحصل في المنطقة.

وأشارت المصادر أنه في حادثة "مجدل شمس" يكفي ان نعلم من المستفيد ومن المتضرر ومن الذي كان جاهزاً بعد الحدث للاستثمار لنستنتج بطبيعة الحال من هو المسؤول. فلو استبعدنا فرضية أنها حصلت نتيجة خطأ من القبة الحديدية يصبح السؤال حول من الذي استهدف "مجدل شمس" وجهّز قبل عملية الاستهداف لمادة الاتهام، وخطّط للحصول على اجماع اميركي سبق كلّ التحقيقات، حيث توجّهت كل أصابع الاتهام منذ اللحظة الاولى "لحزب الله"، الامر الذي روّجت له بالتوازي كل القنوات العالمية والعربية لإظهار اسرائيل على انها الضحية وبالتالي يصبح لها حق الرد.

 وخلال ساعات، نفّذ العدو الاسرائيلي عملية استهداف للقيادي في المقاومة الاسلامية فؤاد شكر، في عدوان وصفه بالرد الانتقامي على ما حصل في "مجدل شمس" ثم تبعها بعد منتصف الليل اغتيال رئيس حركة حماس اسماعيل هنية بواسطة صاروخ قصير المدى شديد الانفجار، بحسب ما ورد في المعلومات. من هُنا يمكن القول أنه من الواضح أن اسرائيل استطاعت ان تحدد اهدافها بدقة وتُطبق على الهدف، متذرّعة بحادثة "مجدل شمس" التي خططت لها بغطاء اميركي لتتمكن من تحقيق هدفها الثمين ومن ثم تقوم باستهداف هنية الذي كان في زيارة علنية الى طهران.

ولفتت المصادر الى أن اسرائيل توقّعت أن ايران لن تكون قادرة على الردّ بتصعيد كبير على اعتبار أنها تسلّم اليوم سلطة البلاد لرئيس اصلاحي جديد، ولكنّها في الوقت نفسه لم تلغ احتمال الردّ الايراني القاسي من حساباتها معتبرة أنها في هذه الحالة ستصبح قادرة على طلب الحماية الأميركية المباشرة.

استطاع نتنياهو إقناع الأميركي بمخططه والذي يتمحور حول اللعب على وتر الوجود الأميركي المَهدّد في العراق وسوريا، وبالتالي لو حصل ان خرج الاميركي منها تصبح اسرائيل بين فكّي المحور سيّما وأن الاردن سينجرف مع المدّ العربي المؤيد لفلسطين. ما يعني حتماً تراجع اسرائيل و خسارة اميركا لنفوذها في المنطقة بحيث لا يتبقى لها أي رادع بوجه روسيا في الشرق الاوسط.

وفي ظلّ الحديث عن ضربة ايرانية مُرتقبة، بدأت بعض الاصوات تتحدث عن امكان استخدام السلاح النووي التكتيكي بهدف تحقيق الردع للمحور وتحجيم رد الفعل. حينها انطلقت مباشرة مروحة الوساطات العربية أبرزها قطر التي قامت بطرح حلّ قد يشكّل فرصة ذهبية لايقاف الحرب على قطاع غزّة، وهذا الحل يقول بضرورة الاستثمار في الفعل الاسرائيلي واقتراح مشروع اتفاق حول غزة يضمن وقف اطلاق النار بشكل نهائي والذي من المفترض أن يترافق مع انسحاب العدو اضافة الى حزمة شروط يقبل بها الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي، على ان يكون الردّ الايراني على عملية الاغتيال اقلّ حدّة وفاعلية، الامر الذي وصفته المصادر بالـ"هدية" لغزة رأفة بشعبها. 

وترى المصادر أن هذا الطرح ليس بريئاً بالشكل الظاهر، إذ إنّ مجرد القبول به يعني ان يد الاسرائيلي ستكون هي العليا وستخرج حتماً بصورة المنتصر، بالإضافة الى أنه لا يمكن ضمان الا تفتعل اسرائيل حدثاً ما يضرب الاتفاق من أساسه لتعود الحرب من جديد على القطاع، وبالتالي يصبح محور المقاومة وعلى راسه ايران في "خانة اليك".

هذا الامر، بحسب المصادر، تنبهت له قيادات المحور لحظة اعلانهم ان المشهد المقبل بات يتأرجح بين امرين : الاول، استمرار إسناد غزة شرط الفصل بين هذه الجبهة وبين عملية الردّ المحتوم واعتباره أمراً لا يمكن التنازل عنه حتى لو توصل الفلسطينيون الى صيغة اتفاق نهائية، وهذا ما جاء على لسان امين عام "حزب الله" في خطابه الأخير حيث قال: "يجب ان نفصل بين امرين، الامر الاول: العمل بجبهة الاسناد اللبنانية لغزة وهذا سيتم منذ صباح الغد، ولا علاقة له بالرد على اغتيال السيد فؤاد، الامر الثاني: هو الرد على هذه الجريمة (الاعتداء على الضاحية، قتل المدنيين، اغتيال السيد فؤاد) لان هذا الرد سيكون مرتبطاً بموازين القوى في المنطقة بمعزل عن المعركة الدائرة في غزة .

وعليه فإنّ قرار التخلي عن هذا الحق غير وارد ولا يمكن القبول بضمانات العدو الذي يمكن له بكل بساطة خلق ذريعة جديدة لفض الاتفاق وفتح المعركة، لان الخطاب السائد في قيادة العدو والهدف الثابت يتركّز حول القضاء على "حماس" بأي شكل من الاشكال.

ولكن ماذا لو حصل الردّ فعلاً؟
تقول المصادر أنه في حال تحقّق الرد وهو بالتاكيد سيكون اقوى من فعل العدو، فإن ذلك من شأنه أن يردع العدو عن ارتكاب اي فعل يخرق اي اتفاق قد يحصل مستقبلاً .

وهنا يبقى السؤال عن شكل ردّ المحور وطبيعته، هل يكون رداً مشتركاً في لحظة واحدة او أن يكون لكل جهة ردها بتوقيت منفرد؟
الفرضيتان قائمتان وهذا تقديره يعود لقادة المحور حيث أنه مرتبط بفهمهم لجزئيات المشهد، ولكن بحسب المراقبين يمكن توقع الاتي:

في حال حصل الرد في لحظة واحدة، حينئذ قد يستطيع العدو الترويج لصورة المظلومية حتى وإن كانت الاستهدافات محددة الا ان شكل النار يمكّنه من استثمار المشهد وبالتالي سيسعى للحصول على التعاطف العالمي خاصة بعد ان خسر هذه الصورة نتيجة اجرامه في غزة. وعليه يمكن اعتبار ان الرد الذكي هو ان يقوم المحور بالرد منفصلا ما بدوره سيحقق الاستنفار الدائم للعدو خاصة لو كانت فترات الرد متباعدة تصبح الاستهدافات رادعه للعدو ولكن لا يمكن استثمارها للترويج على انه الضعيف.


واما عن نوع الاستهدافات فمن دون ادنى شك ستردّ ايران بما يتناسب مع حجم طهران والقيادي اسماعيل هنية وبالتالي سيكون اما على مراكز القرار في "تل أبيب" او على ما يضاهيها تأثيراً، وكذلك أيضاً بالنسبة للـ"حزب الله" الذي قد يمتلك هامشاً اوسع من المناورة خلافاً لايران.
من جهته فإنّ اليمن الذي يعتبر ان له حق الرد على الاستهداف الذي طاول منشاته المدنية النفط والكهرباء فسيكون رده على اهداف مماثلة، أما "حماس" فقد تقوم بإطلاق دفعة كبيرة من الصواريخ باتجاه" تل ابيب" بينما المقاومة في العراق ستستمر باستهداف القواعد الاميركية في كل من سوريا والعراق بهدف اخراج قواتها منها.

من جهة اخرى فإنّ تداعيات رد محور المقاومة ستكون على الشكل التالي؛
إمًا ان ترد اسرائيل بضربة تجعل المشهد قائما على الرد والرد المقابل وهنا قد تبدا المساعي الدولية لايقاف التصعيد. وإما ان ترد بضربة اقل، ما سيؤدي بطبيعة الحال الى خفض التصعيد.
وتختم الصادر أنه في حال استمرت اسرائيل بالرد بوتيرة اعلى وبكسر للمزيد من قواعد الاشتباك، فهذا سيكون مؤشرًا واضحاً على ان الاميركي قد اعطى اسرائيل الضوء الاخضر وبالتالي سنكون امام مشهد حرب شاملة في المنطقة. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی المنطقة مجدل شمس لا یمکن على ان

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي يضع 4 سيناريوهات لحرب غزة

قالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية ، مساء اليوم الاربعاء 23 أبريل 2025 ، إن المؤسسة الأمنية في إسرائيل تبحث سيناريوهات متعددة للحرب على قطاع غزة ، وفيما يتشدد شركاء بنيامين نتنياهو في مطالبها بحسم عسكري شامل، تبلورت لدى الجيش الإسرائيلي أربعة مسارات محتملة للحرب.

سيناريوهات حرب غزة

السيناريو الأول يتمثل في التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم مقابل الإفراج عن جميع الأسرى، وهو خيار يتماشى مع شروط حماس ، وبعتبر الجيش الإسرائيلي أنه يعد بمثابة "نصر معنوي" لها، ويستوجب انسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من القطاع، مع ضمانات بعدم تجدد القتال.

إلا أن القيادة الأمنية في إسرائيل ترفض هذا السيناريو في المرحلة الحالية، وترى أنه محفوف بالمخاطر السياسية والأمنية، وتعتبر أنه يشجع على تكرار نماذج عمليات مشابهة لهجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ويعزز ما تعتبره إسرائيل "إستراتيجية الاختطاف".

وترى هذه التقديرات أن الاستجابة لمطالب حماس قد تُكرّس استخدام الاختطاف كأداة ضغط إستراتيجية في المستقبل، ليس فقط لتحرير أسرى، كما كان الحال قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بل لفرض شروط سياسية على إسرائيل، ودفعها للتنازل كذلك عن أراض.

السيناريو الثاني يتناول إمكانية تنفيذ صفقات تبادل متدرجة على مراحل، يتخللها وقف مؤقت لإطلاق النار، على مدار أسابيع أو أشهر، على أن تُستخدم هذه الفترة لتشكيل تصور لما يسمى بـ"اليوم التالي" لحكم حماس في غزة.

هذا السيناريو، وإن كان مفضلاً لدى صناع القرار في إسرائيل، غير أن حماس ترفضه بشدة، وتصر على ضمانات لإنهاء الحرب على غزة بموجب أي صفقة، وكذلك الانسحاب الشامل لقوات الجيش الإسرائيلي من القطاع.

أما السيناريو الثالث، فيقوم على خيار "الحسم العسكري الكامل" من خلال تعبئة واسعة لقوات الاحتياط وشن هجوم بري واسع النطاق تشارك فيه عدة فرق عسكرية للسيطرة على معظم مناطق القطاع، وتطويق مراكز تواجد السكان، وتدمير شبكات الأنفاق ومرافق المقاومة.

وتدرك القيادات العسكرية الإسرائيلية، بحسب الصحيفة، أن هذا الخيار محفوف بتحديات عملياتية وسياسية، وقد يؤدي إلى سقوط عدد كبير من الجنود، فضلًا عن تعريض حياة الأسرى للخطر، إلى جانب تحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن إدارة الشؤون المدنية في غزة، وما قد يترتب على ذلك من تداعيات دولية وقانونية.

ويتمثل السيناريو الرابع، والذي تشير التقديرات الأمنية إلى أنه الخيار الأقرب حاليًا، في الاستمرار بالنهج الحالي عبر تصعيد تدريجي في العمليات العسكرية، مع إدخال محدود ومنضبط للمساعدات الإنسانية إلى مناطق محددة تحت رقابة صارمة.


 

يأتي ذلك فيما تواصل إسرائيل منع إدخال المساعدات إلى قطاع غزة منذ الثاني من آذار/ مارس الماضي؛ ويهدف هذا السيناريو إلى زيادة الضغط على حماس من جهة، ودفع الغزيين إلى ممارسة ضغط داخلي على الحركة، لإجبارها على القبول بصفقة تبادل أو تفكيك بنيتها العسكرية.

وتؤكد التقديرات أن الجيش الإسرائيلي يفضل إبقاء توزيع المساعدات بيد جهات خارجية أو منظمات دولية، وليس تحت مسؤوليته المباشرة، لتفادي استنزاف قواته المنتشرة ميدانيًا وعدم تعريضها لمخاطر أمنية وميدانية.

ووفقًا للصحيفة، يواصل الجيش الإسرائيلي إعداد خطط بديلة تحسبًا لاحتمال اضطراره إلى الإشراف بنفسه على توزيع المساعدات إذا ما فشلت الجهات الدولية بذلك، لكنه يفضل تفادي هذا السيناريو قدر الإمكان.

وذكرت الصحيفة أنه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، أجرى سلسلة من الاجتماعات خلال الأسابيع الماضية، منذ تسلمه مهامه، أفضت إلى بلورة تقييم محدّث للوضع، بمصادقة وزير الأمن، يسرائب كاتس غالانت.

ووفقًا للتقرير، يأخذ هذا التقييم بعين الاعتبار القيود السياسية والعسكرية المفروضة على إسرائيل في الظروف الراهنة، ويهدف إلى اشتقاق خيارات عملياتية يطرحها الجيش على الكابينيت السياسي – الأمني. وتشير الصحيفة إلى أن الجيش أعدّ ثلاث خطط عملياتية رئيسية، واحدة فقط منها تتطلب تعبئة واسعة لقوات الاحتياط.

المصدر : وكالة سوا - عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية الكابينت يجتمع مجددا غدا لبحث آلية إدخال المساعدات إلى غزة بالفيديو والصور: إخلاء بلدات وإغلاق طرق رئيسية.. حرائق جبال القدس خارج السيطرة الجيش الإسرائيلي يكشف عن فشله بالدفاع عن "العين الثالثة" في 7 أكتوبر الأكثر قراءة نتنياهو يوعز باستمرار الدفع بخطوات الإفراج عن الأسرى 10 شهداء في قصف استهدف خيمة نازحين غربي خانيونس سعر صرف الدولار والدينار مقابل الشيكل اليوم الخميس 17 إبريل طقس فلسطين اليوم: أجواء ربيعية وارتفاع على درجات الحرارة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • اليمن في قلب معركة التحرر: قرار الرد العسكري في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني
  • “حماس”: تصريحات نتنياهو تكريس لنهج “الإبادة الجماعية”
  • عاجل. ترامب: عدم السيطرة على كامل أراضي أوكرانيا هو التنازل الذي يمكن أن تقدم
  • هولندا تستدعي السفير الايراني بسبب حوادث اغتيال
  • وفاة الرئيس التونسي السابق فؤاد المبزع عن عمر 91 عاما
  • موعد جديد لاستدعاء السفير الايراني الى الخارجية
  • الجيش الإسرائيلي يضع 4 سيناريوهات لحرب غزة
  • اسرائيل تصعد جرائم قتل المدنيين ..عواصم أوروبية : يجب وقف الحصار فورا
  • الحوثيون يعلنون استهداف اسرائيل بصاروخ باليستي
  • فرص وخسائر.. ما الذي تحمله الحرب التجارية بين الصين وأمريكا؟