اللعب على حافة الهاوية.. هل تنزلق المعركة الى حرب اقليمية؟
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
الانتظار سيد الموقف، اذ إن القوى السياسية الداخلية والرأي العام المحلي ينتظر الردّ الذي من المتوقع ان يقوم به "حزب الله" من جهة والإيرانيون من جهة أخرى ضدّ اسرائيل،على قاعدة ان تبعات الردّ قد تغير معادلات وقد تنهي الحرب وقد تؤدي ايضاً الى توسعها والذهاب نحو معركة اقليمية شاملة لا يمكن ضبط نتائجها السياسية والعسكرية واضرارها على البنى التحتية في دول المنطقة.
لذلك فإن المراوحة ستسيطر حتى على الميدان العسكري بإنتظار ساعة الصفر للرد، وعندها يمكن البدء بتحليل التطور الفعلي للمعركة والمسار العام للمفاوضات.
وصلت كل عمليات التفاوض والتواصل والاتصالات السياسية والديبلوماسية مع ايران ومع "حزب الله" إلى مرحلة بالغة الخطورة، اذ بعد ايام من الضربات الاسرائيلية، لم يستطع اي وسيط ان يأخذ فرصة الحوار الفعلي مع هذه الاطراف من اجل تأجيل الردّ او تخفيفه او إلغائه، وعليه فإن الردّ حتمي، وما بات شبه مؤكد، بحسب المعطيات، أنه سيكون عالي المستوى وغير مسبوق في اطار المعركة الحالية، لا بل ان طهران اجابت من تواصل معها بأنها مستعدة للذهاب الى حرب شاملة اذا كان هذا الامر ثمن ردها لكنها لن تتراجع عنه.
في المقابل تبدو تل ابيب متهيّبة من ردة فعل أعدائها لكنها في الوقت نفسه لا يمكنها السكوت عن اي ضربة عسكرية كبيرة قد تتعرض لها، لان ذلك سيؤدي الى تحقيق اضرار كبرى في منظومة الردع لديها وسيصبح من السهل التعرض لها، لان سقفها السياسي والعسكري سيصبح معروفاً، لذلك فإن التهديدات الرسمية الاسرائيلية رفعت سقف التهديد الى مستوى الحرب الشاملة وباتت تل ابيب جاهزة للذهاب الى معركة كبيرة في اطار الردّ على اي ضربة جدية قد تتعرض لها.
تعد اسرائيل الميدان وفق إعتبار ان الحرب الشاملة واقعة، فقد ألغت الإجازات لجميع العسكريين واستدعت الاحتياط بشكل كامل وهذا يعني أن تل ابيب تريد الايحاء بأنها ذاهبة نحو معركة كبيرة حتى لو كانت حرباً إقليمية.وعليه فإن اسرائيل المنهكة عسكريا تحاول الايحاء لخصومها واعدائها بأنها جاهزة للذهاب بعيداً علها تفرض عليهم التراجع امامها على اعتبار انهم لا يريدون الحرب اقله في المرحلة الحالية، وعندها تكون اسرائيل قد استحوذت مجدداً على المبادرة العسكرية والاستراتيجية.
في المقابل تلعب ايران و"حزب الله" اللعبة ذاتها مع اسرائيل، اذ بدأ "حزب الله" تحضيرات جدية للحرب الشاملة وهذا يوحي بأنه جاهز للذهاب إليها في حال ادى الردّ الذي سيقوم به الى ردة فعل اسرائيلية كبيرة، وهذا ما تفعله ايران ايضا، ما يعني أن قناعة المحور بأن نتنياهو ومن خلفه الولايات المتحدة الاميركية لا يريدان التصعيد، ستدفعه الى توجيه ضربة تتخطى الخطوط الحمر ضدّ اسرائيل وعليه فإن اللعب على حافة الهاوية من قبل الطرفين قد يؤدي الى تدحرج الامور الى مستوى جديد من التصعيد لن يكون من السهل على أحد ضبطه.
حتى ان دخول روسيا الى المشهد الاقليمي عبر دعم ايران وزيارة وزير الدفاع الروسي الى ايران يزيد من حجم الورطة والازمة، خصوصا اذا وضعت موسكو نفسها في مواجهة الولايات المتحدة الاميركية في حال دعمها لاسرائيل وهذا كله يوصل التصعيد الى مستوى قياسي ويوحي بالانفجار في حال لم يستطع اي من الاطراف ضبظه.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
الآتاكمز.. هل تغير قواعد المعركة؟
ما هى حكاية صواريخ الآتاكمز ATACMS التى جعلت العالم بأكمله يخشى من تحول الحرب الروسية الأوكرانية من حرب تقليدية إلى حرب نووية؟
هذه الصواريخ تنتجها شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، والنسخة التى وصلت لأوكرانيا مؤخرا يصل مداها إلى ١٦٥ كيلومترا، فى حين أن هناك نسخا أحدث مداها ٣٠٠ كيلومتر.
هذا الصاروخ يحمل رأسا حربيا يزن ٢٢٧ كيلوجراما ومجهز بنظام تحديد المواقع GPS ويحتوى على ذخائر عنقودية، وعند إطلاق هذه العناقيد فى الهواء، فإنها تنشر مئات القنابل الصغيرة بدلا من رأس حربى واحد محدثة خسائر وإصابات متنوعة.
والسؤال لماذا شعرت روسيا بأن هذه الصواريخ قد تمثل تغيرا نوعيا فى الحرب، بل دفعتها إلى تغيير عقيدتها النووية، بما يتيح لها شن هجوم نووى ضد دولة لا تملك أسلحة نووية مثل أوكرانيا؟
الإجابة يقدمها الخبراء العسكريون بقولهم إن استخدام القوات الأوكرانية لهذه الصواريخ سيؤدى إلى تشتيت القوة الجوية الروسية وسحب طائراتها بعيدا عن خطوط المواجهة، كما يمكنها تعطيل خطوط الإمداد الروسية التى تتحرك بحرية كبيرة فى مسارح العمليات.
كما أن هذه الصواريخ ستكون موجهة بالأساس إلى المطارات والطائرات العسكرية الروسية، والبنية التحتية الحيوية، خصوصا قطاع الطاقة، وكذلك مراكز الاتصالات.
لكن فى النهاية فإن تأثير هذه الصواريخ يتوقف على العدد الذى تنوى أمريكا أن تقدمه لأوكرانيا، وعلى نوعية النسخ بمعنى هل تكون ذات مدى ١٦٥ كيلومترا أم ٣٠٠ كيلو، فإذا كانت ذات مدى أطول وتشمل معظم الأراضى الروسية فستعقد قدرة موسكو على الاستجابة لمتطلبات ساحة المعركة، أما إذا اقتصرت على ضرب القوات الروسية فى جيب كورسك الذى تحتل معظمه القوات الأوكرانية منذ أغسطس الماضى، فإن ذلك قد لا يقلق موسكو كثيرا لأنها لن تكون مضطرة إلى نقل مراكز القيادة ومناطق انتشار قواتها الجوية إلى أماكن أبعد من المدى الذى تصله هذه الصواريخ.
أوكرانيا أطلقت بالفعل ٦ صواريخ آتاكمز يوم الأربعاء الماضى، وطبقا للجيش الروسى فقد تم إسقاط ٥ صواريخ منها والسادس تطايرت شظاياه الى موقع عسكرى لكن من دون خسائر.
خبراء عسكريون قالوا إن القوات الروسية كان لديها المزيد من الوقت لسحب معداتها خارج مدى هذه الصواريخ.
ما تأمله أوكرانيا أن تتمكن من الاستمرار فى السيطرة على كورسك الروسية لكى تستغلها ورقة مهمة فى أى مفاوضات مقبلة، أما إذا فقدت هذه الورقة، فلن يكون بإمكانها أن تقايض روسيا على أى شىء خصوصا أن الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب كرر وعده بأنه سيوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
والتقديرات أن هذا الوقف سيصب فى مصلحة روسيا التى تتمتع بوضع عسكرى أفضل، وتسيطر على ثلث مساحة أوكرانيا، ولو نجح الهجوم الروسى المتوقع فى كورسك فلن يجد زيلينسكى شيئا للتفاوض بشأنه.
وفى هذا الإطار يلفت النظر ما يكرره زيلينسكى فى الأيام الأخيرة بأن بلاده ستفعل ما فى وسعها لضمان انتهاء الحرب فى العام المقبل من خلال الوسائل الدبلوماسية، لكنه لا يخفى نواياه بأن الأسلحة الحديثة التى حصل عليها من الغرب يمكنها أن تساعده فى شن هجوم مضاد فى الأسابيع المقبلة لتعزيز السيطرة على كورسك أولا، وصد الهجوم الروسى المستمر والذى حقق نجاحات ميدانية كثيرة فى الأسابيع الأخيرة ثانيا، قبل أن يأتى الشتاء بأمطاره وأوحاله والمعطل للحرب.
مرة أخرى نسأل: هل صواريخ الآتاكمز ومعها صواريخ ستورم شادو البريطانية و«سكالب» الفرنسية التى صارت بحوزة أوكرانيا يمكنها أن تغير من مسار المعركة وتؤمن نصرا لأوكرانيا؟
غالبية الخبراء يقولون أن الإجابة هى لا.
على سبيل المثال جليب فولوسكى المحلل فى مركز CBA للأبحاث يقول إن تزويد أوكرانيا بالصواريخ جاء متأخرا جدا، ولو تم اتخاذه فى بداية الخريف لأمكن تعطيل الهجوم الروسى المضاد فى كورسك، ولو جاء فى وقت أبكر من الخريف لكان من الممكن أن يعرقل الهجوم فى اتجاه بوكروفسك.
روسيا وللمرة الأولى اطلقت صاروخا عابرا للقارات على دنيبرو فى أوكرانيا يوم الخميس الماضى وهو تطور شديد الأهمية.
تلك هى الصورة، والأقرب للدقة أن روسيا ستنتظر لترى أثر هذه الصواريخ والأسلحة الغربية الحديثة على سير المعركة.
فإذا لم تؤثر سيظل القتال بصيغته الراهنة، أما إذا حدث تغير نوعى لصالح أوكرانيا، فلن يكون مستبعدا أن ينفذ بوتين وعده ويستخدم الأسلحة النووية تطبيقا لتغيير العقيدة النووية.
ووقتها سيكون الكلام مختلفا بل ربما لن يكون هناك كلام بالمرة.
(الشروق المصرية)