الانتظار سيد الموقف، اذ إن القوى السياسية الداخلية والرأي العام المحلي ينتظر الردّ الذي من المتوقع ان يقوم به "حزب الله" من جهة والإيرانيون من جهة أخرى ضدّ اسرائيل،على قاعدة ان تبعات الردّ قد تغير معادلات وقد تنهي الحرب وقد تؤدي ايضاً الى توسعها والذهاب نحو معركة اقليمية شاملة لا يمكن ضبط نتائجها السياسية والعسكرية واضرارها على البنى التحتية في دول المنطقة.


لذلك فإن المراوحة ستسيطر حتى على الميدان العسكري بإنتظار ساعة الصفر للرد، وعندها يمكن البدء بتحليل التطور الفعلي للمعركة والمسار العام للمفاوضات.

وصلت كل عمليات التفاوض والتواصل والاتصالات السياسية والديبلوماسية مع ايران ومع "حزب الله" إلى مرحلة بالغة الخطورة، اذ بعد ايام من الضربات الاسرائيلية، لم يستطع اي وسيط ان يأخذ فرصة الحوار الفعلي مع هذه الاطراف من اجل تأجيل الردّ او تخفيفه او إلغائه، وعليه فإن الردّ حتمي، وما بات شبه مؤكد، بحسب المعطيات، أنه سيكون عالي المستوى وغير مسبوق في اطار المعركة الحالية، لا بل ان طهران اجابت من تواصل معها بأنها مستعدة للذهاب الى حرب شاملة اذا كان هذا الامر ثمن ردها لكنها لن تتراجع عنه.

في المقابل تبدو تل ابيب متهيّبة من ردة فعل أعدائها لكنها في الوقت نفسه لا يمكنها السكوت عن اي ضربة عسكرية كبيرة قد تتعرض لها، لان ذلك سيؤدي الى تحقيق اضرار كبرى في منظومة الردع لديها وسيصبح من السهل التعرض لها، لان سقفها السياسي والعسكري سيصبح معروفاً، لذلك فإن التهديدات الرسمية الاسرائيلية رفعت سقف التهديد الى مستوى الحرب الشاملة وباتت تل ابيب جاهزة للذهاب الى معركة كبيرة في اطار الردّ على اي ضربة جدية قد تتعرض لها.

تعد اسرائيل الميدان وفق إعتبار ان الحرب الشاملة واقعة، فقد ألغت الإجازات لجميع العسكريين واستدعت الاحتياط بشكل كامل وهذا يعني أن تل ابيب تريد الايحاء بأنها ذاهبة نحو معركة كبيرة حتى لو كانت حرباً إقليمية.وعليه فإن اسرائيل المنهكة عسكريا تحاول الايحاء لخصومها واعدائها بأنها جاهزة للذهاب بعيداً علها تفرض عليهم التراجع امامها على اعتبار انهم لا يريدون الحرب اقله في المرحلة الحالية، وعندها تكون اسرائيل قد استحوذت مجدداً على المبادرة العسكرية والاستراتيجية.

في المقابل تلعب ايران و"حزب الله" اللعبة ذاتها مع اسرائيل، اذ بدأ "حزب الله" تحضيرات جدية للحرب الشاملة وهذا يوحي بأنه جاهز للذهاب إليها في حال ادى الردّ الذي سيقوم به الى ردة فعل اسرائيلية كبيرة، وهذا ما تفعله ايران ايضا، ما يعني أن قناعة المحور بأن نتنياهو ومن خلفه الولايات المتحدة الاميركية لا يريدان التصعيد، ستدفعه الى توجيه ضربة تتخطى الخطوط الحمر ضدّ اسرائيل وعليه فإن اللعب على حافة الهاوية من قبل الطرفين قد يؤدي الى تدحرج الامور الى مستوى جديد من التصعيد لن يكون من السهل على أحد ضبطه.

حتى ان دخول روسيا الى المشهد الاقليمي عبر دعم ايران وزيارة وزير الدفاع الروسي الى ايران يزيد من حجم الورطة والازمة، خصوصا اذا وضعت موسكو نفسها في مواجهة الولايات المتحدة الاميركية في حال دعمها لاسرائيل وهذا كله يوصل التصعيد الى مستوى قياسي ويوحي بالانفجار في حال لم يستطع اي من الاطراف ضبظه.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

قنبلة الشرق الأوسط الموقوتة تهدد بالانفجار

أعاصير التغيير الكبير تهب على العالم بعنف لأن أخطر مؤشرات الحرب العالمية الثالثة هي اليوم تهديد (ترامب) و (ناتنياهو) بقصف إيران تبعه موقف إيران العقلاني الساعي للسلام.

ويصاب المرء بفقدان البوصلة لأننا تجاوزنا ما سميناه بالحداثة وما سميناه بما بعد الحداثة وأصبحت تكهنات (صامويل هنتنغتون) وراء ظهورنا وهو الذي بشر بحرب الحضارات بعد الحروب بين الدول. على رغم أن الحرب الروسية – الأوكرانية لم تضع أوزارها بعد بدأ الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء باستخلاص الدروس منها.

هذه الحرب كشفت حجم الخلل البنيوي الذي تعاني منه أوروبا على صعيد قدراتها الدفاعية مع سعي دونالد ترامب إلى وضع حد لهذه الحرب بمعزل عن الأوروبيين: إزاء رئيس أمريكي لا يعترف إلا بالقوة الذاتية للدول اتضح افتقاد الأوروبيين ككتلة إقليمية ممثلة بالاتحاد الأوروبي وكدول مستقلة القدرة على فرض مصالحها.

ولعلنا نعيش أواخر عصر السياسة حين نشهد الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل على سوريا بدعوى ضرب مواقع إرهابية وعلى لبنان تحت تعلة ضربات استباقية لما يدبره حزب الله من هجومات على إسرائيل ومشاركة الجيش الإسرائيلي في الحرب على اليمن وعلى العراق تحت غطاء تدمير قواعد الحشد الشعبي وطبعا بالتوازي مع إعادة حرب الإبادة في غزة (بالأمس الخميس استشهد 70 فلسطينيا منهم 25 طفلا) ثم إن قصف المستشفيات جريمة حرب غير مسبوقة مع غلق المعابر ومنع وصول الإعانات لغزة هو القتل بالتجويع!

 نعم نحن أمام مذابح ترتكبها إسرائيل ضد أشقائنا الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين وربما قريبا الأردنيين والمصريين فنغضب ونشارك في النفير الكبير الذي دعت له المقاومة واستجابت له بقية الأمة الإسلامية!

تؤكد وكالات الأنباء أن حكومة (نتنياهو) تستعد لاحتلال قطاع غزة والضفة وفرض الحكم العسكري عليهما والسيطرة الكاملة على الفلسطينيين وعلى الشرق الأوسط وتنفيذ مخططاتها المتعلقة بالاستيطان أو التهجير. وهو التوجه الذي يتوافق مع خطة رئيس هيئة الأركان العامة (إيال زامير)
لكن يبقى السؤال: هل تمتلك إسرائيل إستراتيجية واضحة لما تقوم به؟ وانظروا ما يحدث في العالم من حولنا: رجل أمريكي مثير للجدل ترأس الأمة الأمريكية مرتين واحتل البيت الأبيض ويخطط لعهدة ثالثة وأعلن أن كندا وبنما والقطب الشمالي (غرين لاند) هي ولايات تابعة لأمريكا ! وأن خليج المكسيك أصبح اسمه خليج أمريكا وأن أوكرانيا ليست أوروبية بل هي قطعة من روسيا ثم أعلن أنه لا يعترف للاتحاد الأوروبي بأي سلطة على أوكرانيا بل أنه يعمل على إنهاء الحرب الأوكرانية الروسية في مفاوضات بينه وبين (بوتين) حليفه الجديد ونعت الرئيس الفرنسي (ماكرون) بالمعتوه الذي يغرر بالأوروبيين ويريد قيادتهم الى حرب ضد روسيا مثلما نعت (زيلنسكي) أيضا بالمجنون الذي نفخ فيه الأوروبيون روحا من البطولة المزيفة أفقدته حجمه الحقيقي!

 وأمام حرب إبادة الفلسطينيين وقف عاجزا عن إبداع من إبداعاته واكتفى بالرجوع الى أصول ديانته الأنغليكانية التي تدمج الخرافات التلمودية المتطرفة في عقيدتها المسيحية (والتي قاومها القس الألماني مارتن لوثر في القرن السادس م) واكتفى بالقول بأن إسرائيل محقة في الدفاع عن أمنها!!! وهو التبرير الخطأ الممجوج من كثرة تكراره حتى لم يعد يقنع اليهود أنفسهم وخرج بعض نزهائهم للتظاهر ضد حرب الإبادة التي وصمت اليهود بالعار الى أبد الدهر وجعلت شرفاء الدنيا كلهم يشيرون إليهم بالبنان كقتلة أطفال وهو عار لن تمحوه الدعايات البلهاء الصادرة عن العنصريين المتطرفين من مستوطني فلسطين منذ العشرينيات (بداية الهجرات الكبرى) الى عام 2025 حيث بدأ الإسرائيليون حاملو جنسيتين يغادرون فلسطين المحتلة الى بلدانهم الأصلية التي جاؤوا منها (أكثر من 300 ألف حالة عودة طوعية منذ السابع من أكتوبر 2013).

وحسب تحليل أخير للدكتور طلال أبو غزالة (وهو أفضل من يفكك خفايا الصراع في الشرق الأوسط) فإن إسرائيل دخلت مرحلة الحرب الأهلية لأن نصف شعبها يقف ضد (ناتنياهو) والنصف الثاني متعدد الانتماءات والمصالح وبلغت الحرب الأهلية مستوى قياداتها العسكرية حتى أن بعضهم استعمل مصطلح الحرب الأهلية مرات عديدة! ويتنبأ هذا الخبير الواعي بأن حماس سوف تنتصر لأنها تدافع عن أرضها المغتصبة بينما يقاتل الإسرائيلي من أجل الاحتفاظ بأرض اغتصبها ولأن (ناتنياهو) حينما يؤكد أنه يقاتل على سبع جبهات فإنه في الحقيقة يقر باستحالة الانتصار في السبع جبهات بسببين: سبب جغرافي وسبب عقائدي فجبهة لبنان مثلا هي عدة جبهات: حزب الله ودولة لبنان مع الرئيس الجديد (جوزاف عون) الذي أكد أمام (ماكرون) أن الدولة وحدها لديها حق حمل السلاح لكنه أضاف: «وهذا أمر يحتاج الى شيء من الوقت بالنظر الى أن جزءا من أراضينا ما زالت محتلة» فاقتنع الجميع وأولهم (ماكرون) الراعي الرسمي للدولة اللبنانية بأن عملية نزع سلاح حزب الله بالقوة يعني بكل تأكيد حربا أهلية لبنانية أعنف من الحرب الأهلية الأولى (1975-1990) وهي حربٌ أهليّةٌ متعدّدة الأصعدة راح ضحيتها 120 ألف لبناني مسلحين ومدنيين ولا يزال 76 ألف لبناني مشردين نازحين ولاجئين داخل لبنان أو خارجه.

يتذكر أبناء جيلي أن تلك الحرب الضروس اندلعت على إثر محاولة اغتيال الزعيم (بيار جميل) ومحاولات إسقاط إصلاحات فؤاد شهاب الذي سعى لجمع الطوائف وسن دستور ديمقراطي مما حرك طبقات اجتماعية من اللبنانيين تعودوا على الإثراء مغتنمين هشاشة الدولة ثم تحركت قوى اقليمية ودولية تسعى للحفاظ على مصالحها في لبنان والشرق الأوسط مثل سوريا ومصر والأردن ثم روسيا وأمريكا وفي الأثناء ازداد تواجد الفلسطينيين وقياداتهم على التراب اللبناني معتبرين عن خطأ في التقدير أن لبنان أرض مواجهة مباشرة مع العدو الإسرائيلي المحتل ولا ننسى أن منظمة التحرير تم إجلاؤها بقوة عن الأردن في أيلول 1970عندما شرع فدائيوها في تفجير طائرات مختطفة في الأردن فاستقروا في لبنان ليخلوا بالتوازن الهش بين المسلمين والمسيحيين فانقسموا الى يمين ويسار! وحمل شبابهم السلاح وتقاتلوا فيما بينهم واندلعت حرب أهلية دمرت لبنان! نحن اليوم في مارس 2025 نكتشف مزيد انقسام دار الإسلام ونستحي عندما نرى ونسمع السودانيين يتقاتلون وكل فريق يهتف «الله أكبر» وهو يقصف مسلمين موحدين يهتفون أيضا «الله أكبر»! ونرى ليبيا عاصمتين وجيشين وحكومتين ونرى اليمن يمنين وحكومتين وجيشين! وتصل الأزمة العنيفة الى تركيا السنية لتوقظ مارد الفانوس السحري من نومه فيهدد استقرار تركيا مع أردوغان ويكاد يعصف بالليرة وبالسياحة. من جهتها أطلقت الإيكونوميست البريطانية تحذيرا مرعبا للإسرائيليين حول دولتهم مشيرة إلى أن سياسات الحكومة الحالية تقودهم إلى كارثة غير مسبوقة وجاء في تقريرها الذي تصدر غلافها تحت عنوان «غطرسة إسرائيل»  أن دولتهم تبدو قوية ظاهريا لكنها تواجه أخطارا متزايدة تهدد استقرارها بل وجودها!!

(الشرق القطرية)

مقالات مشابهة

  • لبنان ينتظر الرد الاميركي على اقتراحاته للجنوب.. أورتاغوس غداة زيارتها: حزب الله سرطان
  • بعد محاولات اغتيال الرئيس الصومالي.. مقديشو على حافة الهاوية مع تصعيد تهديدات جماعة الشباب
  • إعلام العدو: 1700 مليونير غادروا ” اسرائيل” في 2024
  • لذا لزم التنويه: عن المعركة الأخيرة (3-8)
  • خوفا من الرد الأمريكي.. فصائل عراقية تستعد لنزع سلاحها بالتنسيق مع إيران
  • الأندية الجماهيرية لـ وزير الرياضة عن تعديلات القانون: بعضها يقودنا إلى الهاوية
  • ايران: نتشاور باستمرار مع روسيا و الصين بشأن الملف النووي
  • مراحل الحرب التدريجية:-جارية في اليمن .. وستنتقل للعراق. ثم تنزلق نحو إيران!
  • 10 تقنيات عسكرية قد تقلب موازين ساحة المعركة
  • قنبلة الشرق الأوسط الموقوتة تهدد بالانفجار