غزة- صبيحة يوم الخميس الأول من أغسطس/آب الجاري، تلقى عبد العزيز جنيد اتصالا من رقم يحمل مقدمة شركة خليوية إسرائيلية، وهو ما أثار قلقه. جاء صوت المُتصل مرتبكا، وبِنبرة مواساة قال "يؤسفنا إخبارك أن ابنك عُمر توفي بسبب التعذيب داخل السجن، يوم 17 يونيو/حزيران الماضي".

انفطر قلب جنيد، عقب الاتصال الذي تلقاه من مؤسسة "هموكيد" الحقوقية الإسرائيلية التي تتابع قضايا المعتقلين الفلسطينيين من غزة، داخل سجون الاحتلال، فكان يُمنّي نفسه بنبأ سار يبشره بمكان ابنه المفقود منذ اعتقاله على يد جيش الاحتلال في 24 ديسمبر/كانون الأول 2023، من منزله في بلدة جباليا شمالي قطاع غزة.

آنذاك، اعتقل جيش الاحتلال ولدَيْ عبد العزيز، الشهيد عمر، وياسر الذي أفرج عنه في 25 فبراير/شباط الماضي لكنه أبعده إلى جنوبي القطاع المفصول إلى شطرين. وأخبر ياسر والده أنه افترق عن شقيقه الشهيد عمر داخل السجن، في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، ومن وقتها لم يعلم عنه أي شيء.

والدة الشهيد عمر جنيد تعرض بطاقة دعوة حفل زفافه (الجزيرة) نهشته الكلاب حيّا

وتلقت والدة عمر النبأ بألم مُضاعف، حيث كانت تجهّز لحفل زفافه يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول المنقضي، لكن اندلاع الحرب في السابع من الشهر ذاته، أجبر الأُسرة على تأجيله. حاملة بطاقة دعوة حفل الزفاف في يدها، تقول الأم المكلومة للجزيرة نت "أجّرنا له شقة، وجهزنا له الأثاث، وعقَدَ قرانه على فتاة، حتى جاءت الحرب.. حسبنا الله ونعم الوكيل".

حينما أعلنت هيئة الأسرى والمحررين الفلسطينية (رسمية) الخميس الماضي، نبأ استشهاد الأسير إسلام السرساوي (42 عاما)، لم يفاجئ هذا الأمر عائلته، فقد كانت على علم بالخبر منذ نحو 4 شهور.

في ذلك الوقت، كان أفراد العائلة يستمعون إلى مقابلة صحفية مع أسير سابق عبر أثير إحدى الإذاعات، قال فيها إن السجانين قتلوا أسيرا من عائلة السرساوي. ولاحقا، تأكدت الأُسرة من الخبر من أسير سابق.

ريهام (يمين) وسمر زوجتا الشهيد إسلام السرساوي علمتا مصادفة باستشهاده (الجزيرة)

وحول تفاصيل الحدث، قال الأسير السابق للعائلة، إن السرساوي طلب الذهاب إلى المرحاض، فرفضت إحدى السجّانات، وقالت له "تبوّل على نفسك"، فرد قائلا "حسبنا الله ونعم الوكيل"، وهو ما أثار غضب جنود الاحتلال وانهال عليه نحو 8 سجّانين بالضرب المبرح، ثم أطلقوا عليه الكلاب المتوحشة لتنهش جسده حيا، حتى لفظ أنفاسه.

وصرح ابن عمه بدران السرساوي -للجزيرة نت- بأن إسلام اعتُقل في اجتياح مستشفى الشفاء نهاية مارس/آذار الماضي، وضربوه وهو مقيّد، وكسّروا عظامه بوحشية، "ثم أطلقوا الكلاب لتأكل لحمه وهو حي".

والشهيد السرساوي متزوج من سيدتين، وأب لـ 7 بنات و3 أولاد. وتقول زوجته الأولى ريهام للجزيرة نت "لم نتوقع أبدا استشهاده داخل السجن، كان طيب القلب". أما زوجته الثانية سمر فتضيف للجزيرة نت "قتلوه لأنه قال فقط: حسبي الله ونعم الوكيل، هذه هي جريمته".

بدران السرساوي أكد أن السجانين أطلقوا الكلاب لتأكل لحم الشهيد إسلام وهو حي (الجزيرة) مأساة الأسرى

وتُلقي قصتا جنيد والسرساوي الضوء على مأساة أسرى غزة الذين تخفيهم إسرائيل قسريا، وتمارس ضدهم أبشع الانتهاكات، وهو ما قد يُفضي إلى وفاتهم تحت التعذيب أو بسبب الإهمال الطبي، وسوء أوضاعهم المعيشية.

وبسبب سياسة الإخفاء القسري، لا تملك السلطات الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية معلومات دقيقة حول أعداد أسرى القطاع، وعدد الشهداء الذين قضوا منهم داخل السجون.

لكنّ صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، كانت قد كشفت يوم 29 يوليو/تموز الماضي أن 36 أسيرا من غزة، قُتلوا داخل سجون الاحتلال منذ بداية الحرب. كما ذكرت في تحقيق نشرته في الرابع من أبريل/نيسان الماضي، أن العديد من أسرى غزة فقدوا بعض أطرافهم بسبب تقييدهم لساعات طويلة وسوء الرعاية الطبية.

تصف المحامية جنان عبده، من لجنة مناهضة التعذيب (مؤسسة حقوقية إسرائيلية)، أحوال أسرى قطاع غزة داخل السجون بالصعبة للغاية، موضحة أن ممارسات الاحتلال بحقهم "تعدت مفهوم الوحشية". وقالت للجزيرة نت إنها أجرت آخر زيارة لأسرى غزة، في 22 يوليو/تموز الماضي، وكانت في سجن عوفر العسكري.

وذكرت أن السجانين يقيدون الأسرى، ويعصبون عيونهم، ويجبرونهم على المكوث في وضعيات غير مريحة طوال الوقت، عدا حوالي 5 إلى 6 ساعات يوميا، هي ساعات النوم، ويمنعونهم من الحديث، أو تغيير شكل جلستهم.

وأضافت عبده أن الأسرى يصابون بأمراض عديدة جراء العنف الجسدي والعقاب الجماعي، والتنكيل المتواصل، وتؤكد "أي أسير يقوم بأي حركة، حتى لو كانت غير إرادية كأن يغفو مثلا، يتم عقابه من خلال الشبح وقوفا أو الجلوس على ركبتيه لساعات طويلة".

كما لفتت إلى أن السجانين يستخدمون الكلاب المتوحشة بشكل مفرط، للتنكيل بالأسرى. وتقول "الأمثلة على التعذيب كثيرة جدا، وما يميزها الوحشية المفرطة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات للجزیرة نت أسرى غزة

إقرأ أيضاً:

“نيان دي ران” حكايات من السودان القديم

كلام الناس
نورالدين مدني
noradin@msn.com
*أهداني صديقي الدبلوماسي والكاتب الصحفي قير تور كتابه "نيان دي ران" الرواية التي قال في مقمتها أنه إستفاد في كتابتها من التراث والقيم الأخلاقية التي عاش في كنفها.
*ينبغي علي أن أذكركم بأن قير تور كان أحد كتاب (السوداني ) الراتبين وله عمود يومي بإسم "لويل كودو" ومعناه في لغة الدينكا "طالب بحقوقك"، وأنه كان سفيرا بوزارة الخارجة السودانية، وكان يعمل في سفارة السودان بالممكة العربية السعودية قبل قيام دولة جنوب السودان، وأنه وحدوي وقلبه معلق بالسودان القديم الذي أمضى فيه جانباً كبيراً من حياته الدراسية والمهنية بين أترابه وعلى ترابه.
*عندما كان يكتب معنا في السوداني قرر إشهار إسلامه، وذهب معنا إلى مسجد الأكاديمية العليا للقوات المسلحة، وأشهر إسلامه على يد إمام الجامع عقب صلاة الجمعة، لذلك لم يكن من المستغرب أن يبدأ روايته بحكاية بعنوان " المنقذ هو الله".
*بعد أن حكى لنا بعض الحكايات المأخوذة من تراث الدينكا، حدثنا عن حكاية إسمه وأنه يفخر بأن ميلاد أبيه إرتبط بالزعيم الروحي للقبيلة شيردينق، وأنه من إختار أسم أبيه وأسمه، وقال إن قير تعني الغبار الكثيف الذي سببته حركة الماشية في يوم ميلاد والده الذي أسماه أتور ويعني الغبار أيضاً .
*ينتقل بنا قير تور إلى حكاية أقرب للأساطير ترمز إلى وحدة الوجود وإنتقال الصفات من الحيوانات إلى البشر، خلال حكايته عن "أفيو" وحيده أبيها الذي تقدم له أربعة شبان لخطبتها وأحضروا معهم مهورهم من الأبقار ، إحتار الأب وسأل الله أن يلهمه القرارالصواب، وفي أثناء نومه سمع صوتاً ينصحه بأن تبيت ابنته مع ثلاثة حيوانات، الحمار والبقرة والكلب، ونفذ الوصية ليفاجأ في الصباح بوجود ثلاثة بنات طبق الأصل من إبنته أفيو ،ويحكي لنا فيما بعد كيف أن كل واحدة منهن اكتسبت صفات وطباع حيوان من الحيوانات الثلاثة.
*في ختام الروية يقف بنا قير تورعند مشاهد من الحياة في واوفي عام 1964م، ويحكي لنا كيف كان بعض أبناء الجنوب كانوا يعيشون بين نارين ، بين سندان الحكومة ومطرقة حملة السلاح، لذلك يقول قير عن هذه الحقبة: لا نستطيع وصف القادة الشماليين الذين كانوا في الجيش بالجنوب، كلهم بالسيئين، فقد كانت المعلومات تصلهم من بعض الجنوبين أنفسهم.
*فجأة يقول على لسان الأب : الأفضل لك السكوت، فأنت تريد جر الأطفال للسياسة، وما خرب بلدنا إلا أفعال الساسة، لهذا عاد السفير قير تور مرة أخرى لسرد حكاياته التراثية التي لاتخلو من دروس وعبر.  

مقالات مشابهة

  • نوات التعذيب الحوثية
  • جولة قتل جديدة لمن يبحثون عن الحياة في غزة
  • مندوب فلسطين بالجامعة العربية: إسرائيل تمارس أقصى أنواع التعذيب بحق الأسرى الفلسطينيين
  • “نيان دي ران” حكايات من السودان القديم
  • وزير خارجية بلجيكا للجزيرة: ما تقوم به إسرائيل ليس دفاعا عن النفس
  • عائلات أسرى الاحتلال: نتنياهو قام بخطوة مروعة.. الحل بإنهاء الحرب وإعادة الجميع
  • عائلات أسرى إسرائيل بغزة: الحكومة اختارت التخلي عن الرهائن
  • عائلات أسرى الاحتلال مصدومة من استئناف العدوان وتوجه نداء لترامب
  • حماس: الغارات الإسرائيلية قـ.تلت وأصابت عددا من أسرى الاحتلال لدى الحركة
  • «وسام» ما بين الحياة والموت و«طارق» في السجن.. أحداث الحلقة الثانية لـ مسلسل لام شمسية