هبوط أسواق المال.. سيناريو الاثنين الأسود حاضرا في الأذهان
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
تراجعت الأسواق العالمية بداية تعاملات هذا الأسبوع بمستويات كبيرة، للدرجة التي دفعت الكثير إلى تشبيه ما حدث بسيناريو "الاثنين الأسود" لعام 1987، حينما انهارت الأسواق العالمية قبل نحو 37 عاما.
وهبطت سوق الأسهم اليابانية، الاثنين، إلى أدنى مستوياتها في 37 عاما، قبل أن تعوض جزء من خسائرها، الثلاثاء، وترتفع بنسبة 12 بالمئة.
ومؤشر الخوف، هو مقياس لتقلبات مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" في الوقت الحقيقي والتوجهات المستقبلية بالنسبة للمتداولين، إذ يعني الارتفاع إلى تقلبات أكثر حدة في أسعار الأسهم.
وتسببت بيانات الوظائف الأميركية الصادرة قبل أيام في هذا التحول المفاجئ من سردية "الهبوط الناعم" للاقتصاد الأميركي إلى "الهبوط الحاد"، إلى جانب "المبالغة" في الدعاية حول مستقبل الذكاء الاصطناعي واحتمالية رفع أسعار الفائدة من جانب بنك اليابان بهدف تعزيز الين، وفقا لـ"وول ستريت جورنال".
والجمعة، قالت وزارة العمل الأميركية، إن الوظائف غير الزراعية زادت 114 ألف وظيفة في الشهر الماضي، وهو رقم أقل بكثير من متوسط توقعات الخبراء. كما قفز معدل البطالة إلى 4.3 بالمئة، وهو ما يقرب من أعلى مستوى في 3 سنوات.
وبحسب "وول ستريت جورنال"، فمن الأمثلة "المتطرفة" لتأثيرات الأحداث السابقة الناجمة عن هبوط الأسواق العالمية ما حدث عام 1987 المعروف بـ"الاثنين الأسود"، وانهيار شركة إدارة رأس المال طويل الأجل عام 1998، والأزمة المالية العالمية في 2008.
هبوط في أسواق الأسهم العالمية.. ماذا يقول الخبراء؟ امتدت موجة بيع في سوق الأسهم في جميع أنحاء العالم، مع انزلاق المؤشرات الأميركية إذ دفعت المخاوف من تباطؤ الاقتصاد في الولايات المتحدة الأسهم العالمية إلى التراجع، بينما تصدرت أسهم شركات الطاقة والمرافق الخسائر على نطاق واسع. "نسخة أخف"ووفق الصحيفة الأميركية المتخصصة في عالم المال والأعمال، فإن التاريخ لا يكون متشابها بشكل دقيق، لكن حتى الآن يبدو ما حدث هذا الأسبوع أقرب إلى نسخة "أخف" مما وقع عام 1987، مقارنة بالأزمة المالية العالمية السابقة في 2008.
وفي عام 1987، شهدت سوق الأوراق المالية أكبر هبوط لها في يوم واحد على الإطلاق، إذ انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بأكثر من 20 بالمئة.
وجاء الهبوط الحاد بعد ارتفاعات مذهلة في الأسهم بلغت أعلى مستوى خلال أغسطس السابق من ذات العام، بعدما راكم المستثمرون على نحو مفرط من الروافع المالية (الاقتراض من أجل الاستثمار في سوق الأسهم)، بحسب "وول ستريت جورنال".
وعلى إثر ذلك، تدخل الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) من أجل ضخ سيولة في البنوك، إذ لم تتخلف شركات السمسرة عن سداد الديون، فيما استردت السوق كل خسائرها في غضون عامين.
و"الخبر الجيد" هنا، وفق الصحيفة، أن عام 1987 كان كله يدور حول أسواق الأوراق المالية، حيث ارتفعت ثم عادت إلى الانخفاض.
وخلال عام 1987، كان مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" حقق ارتفاعا بنحو 36 بالمئة خلال الأشهر الثمانية حتى ذروته في أغسطس، وهو ما يشبه ارتفاعا بنسبة 33 بالمئة التي شهدها في الأشهر الثمانية الماضية حتى أعلى مستوى له هذا العام.
وكما حدث في عام 1987، فقد جاءت مكاسب هذا العام على الرغم من السياسة النقدية المتشددة وارتفاع عائدات السندات، طبقا لـ "وول ستريت جورنال"، التي قالت إنه "كما هو الحال اليوم، كان المستثمرون عام 1987 متوترين ومستعدين للبيع لتأمين الربح غير المتوقع".
"هذه المرة قد تكون مختلفة".. ما هي "قاعدة ساهم" التي تخيف الأسواق المالية؟ أنشئت "قاعدة ساهم" على يد كلوديا ساهم، الخبيرة الاقتصادية السابقة في الاحتياطي الفدرالي الأميركي والبيت الأبيض. "ينبغي أن نعتبر أنفسنا محظوظين"أما في عام 1998، كان الوضع "أسوأ بكثير" وإن كانت الأسهم تعافت بسرعة أكبر مقارنة بعام 1987، حيث انهار صندوق التحوط الخاص بإدارة رأس المال طويل الأجل "LTCM" على خلفية تخلف روسيا عن سداد ديونها المحلية.
وكان صندوق "LTCM" كبيرا بما يكفي لتهديد مؤسسات "وول ستريت" في نيويورك بالانهيار، حيث دفع ذلك الاحتياطي الفدرالي إلى خفض أسعار الفائدة 3 مرات لدعم البنوك لإنقاذ الصندوق وتقليص صفقاته ببطء.
ولم تستغرق الأسهم سوى 4 أشهر للتعافي، لكن "الأموال السهلة" (توفير السيولة بفائدة منخفضة) ساعد في تأجيج فقاعة "الدوت كوم"، التي انفجرت بعد عامين وأدت إلى "ركود معتدل"، وخسائر فادحة للمستثمرين في أسهم التكنولوجيا.
ووفق الصحيفة، يراهن المتعاملون في الوقت الراهن على أن الاحتياطي الفدرالي سوف يخفض أسعار الفائدة، مع خفض كبير بنسبة 50 نقطة أساس خلال اجتماع سبتمبر المقبل.
ويستبعد التقرير أن تكون نتيجة ما حدث في الأسواق هذا الأسبوع تكرارا للأزمة المالية العالمية عام 2008، مشيرا إلى أن "الوضع المثالي هنا هو تراجع الفائض في سوق الأسهم كما حدث عام 1987 دون إحداث مشاكل واسعة النطاق، ونأمل أن يتم ذلك بشكل تدريجي أكثر من 1987".
وأضافت الصحيفة: "إذا هدأ الذعر، وخفض الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة، ولم يحدث أي شيء في النظام المالي، فينبغي لنا أن نعتبر أنفسنا محظوظين".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الاحتیاطی الفدرالی وول ستریت جورنال أسعار الفائدة فی سوق الأسهم ما حدث عام 1987
إقرأ أيضاً:
كان حاضراً في وصية الباقر العفيف الأخيرة … علم السودان بين التاريخ و السياسة متى أوان «التغيير» ؟
لقد ظل العلم السوداني القديم شاهدا على مرحلة الاستقلال و بناء الدولة الوطنية حيث حمل رمزية تعكس تنوع البلاد و وحدتها بعيدا عن الإقصاء، و اليوم تعود الدعوات لإعادة النظر في رمزية العلم الوطني مع مقترحات تستلهم قيم الوحدة و التاريخ، و كان قد دعى دكتور الباقر العفيف قبيل وفاته في وصية له لإعادة تبني العلم القديم و إضافة رمزية جديدة تعكس نضالات الشعب السوداني .
التغيير – فتح الرحمن حمودة
و على خلفية دعوة العفيف في وصيته أجرت «التغيير» استطلاع أوساط المثقفين و المهتمين من الشباب السودانيين بالهوية الوطنية حيث تباينت وجهات نظرهم حول مدى تعبيره عن التنوع الثقافي و الجغرافي للبلاد و في هذا السياق قدم الكثير منهم أراء حول رمزية العلم الحالي مقارنة بعلم الإستقلال .
و يقول موسى أدريس في حديثه لــ «التغيير» أن علم السودان القديم يشكل جزءا من الذاكرة الجغرافية و التعددية الثقافية في البلاد حيث تعكس رموزه الثلاثة بيئة السودان و تنوعه الجغرافي مؤكدا أن هذا العلم يمثل الأساس الذي يربط وجدان السودانيين مشيرا إلى أن ثورة ديسمبر أعادت إحياءه ما جعله حاضرا في وعي الأجيال الجديدة .
ويضيف إدريس أن علم الاستقلال ينبغي أن يكون العلم الرسمي للبلاد فهو رمز قوي يعالج إشكاليات الهوية كما أشار الباقر إلى جانب أنه يحمل دلالات تتجاوز التصورات الأيديولوجية الأحادية و قال “حتى النشيد الوطني برأيي يحتاج إلى تحديث يعكس قيم الحرية و السلام و العدالة بما يساهم في خلق وعي جديد يتجاوز خطاب العنف و الإقصاء”.
و كان قد أنتقد الراحل الباقر العفيف العلم الحالي معتبرا أنه يعكس فقط هوية الطبقة الحاكمة و لا يمثل التنوع الثقافي الغني للسودانيين وإن هذا الإقصاء الرمزي بحسب وجهة نظره يعكس نوايا سياسية و ثقافية تقود إلى تمزيق النسيج الوطني
و قال عبدالرحمن برومو إن اختيار ألوان العلم الحالي كان محاولة للتأسي بالأعلام العربية ما جعله جزءا من سياق سياسي مرتبط بإنضمام البلاد لجامعة الدول العربية و أضاف “إن إرتباط السودانيين بالعلم الحالي كان نتيجة لفرض واقع حيث قامت الحكومة بتغييره فأصبح مع مرور الزمن العلم الرسمي للبلاد سواء شئنا أم أبينا”.
إلا أن الشاب محمد لوكا ينظر إلى أن ارتباط السودانيين بالعلم الحالي ضعيف لأنه يمثل فترة سياسية محددة و لا يعبر عن الجميع و يوضح لـ «التغيير» أن علم الإستقلال يحمل قيمة رمزية أكبر فهو يرمز للوحدة و النضال ضد الإستعمار و المطالبة بالعودة إليه نابعة عن الرغبة في إستعادة رمز يجسد السودان بعيدا عن تأثير الحكومات المتعاقبة.
بينما يرى عبدالله بشير لـ «التغيير»” إن العلم الحالي لا يعكس التنوع الكبير في السودان بل يميل إلى الهوية الإسلاموعروبية و مع ذلك يشير بشير إلى أنه ارتبط وجدانيا بالسودانيين نتيجة التأثير الأيديولوجي و استمراره لأكثر من خمسة عقود .
و يضيف بأن علم الاستقلال يحمل رمزية أقوى فهو يعكس طبيعة السودان الكلية بخضرته و نيله و صحاريه كما أتفق مع مقترح د. الباقر بإضافة ثلاثة نجمات للعلم لترمز للبعد السياسي و المنجز الإنساني في البلاد .
و كان قد دعي الباقر للعودة إلى العلم القديم مع إضافة رمزية جديدة تبرز انجازات الشعب السوداني مقترحا وضع ثلاثة نجمات على العلم ترمز للثورات الكبرى التي قادها السودانييون عبر تاريخيهم الحديث و بهذه الإضافة يرى أنه يمكن تحقيق توازن بين البعد الجغرافي و البعد البشري ما يعكس الهوية الوطنية السودانية بصورة أوسع و أكثر شمولاً.
و يقول محمد خليل أن دعوة العفيف لطرح نقاش حول علم البلاد لفتت الانتباه إلى قضايا القومية و الهوية الوطنية و هي قضايا مفقودة فعليا و يوضح لـ «التغيير» أن العلم الحالي بالنسبة له و للكثير من السودانيين لا يحمل دلالة وجدانية حقيقية فقد اختير في سياق سياسي مرتبط بمصالح الرئيس الأسبق جعفر نميري و علاقته بجامعة الدول العربية و ليس كمحاولة لتوحيد السودانيين.
وتابع خليل “عكس العلم الحالي فإن علم الاستقلال يعكس هوية السودان الأفريقية و تاريخه النضالي و كان نموذجا ألهم تصميم أعلام العديد من الدول الأفريقية و قد تكون الحرب الحالية فرصة على الأقل لاستعادة العلم القديم كرمز مشترك يعبر عن التوجهات المختلفة .
و ينظر مصطفي سعيد إلى أن جميع الرموز الوطنية في البلاد بما فيها العلم تتأثر بالواقع السياسي و الاجتماعي و يوضح أن العلم القديم يستند إلى دلالات مرتبطة بالموارد الطبيعية مثل الماء و الأرض كما يمكن ربطه بمدرسة الغابة و الصحراء التي تعكس التنوع الجغرافي و الثقافي في البلاد .
ونوه سعيد إلى أن مسألة الهوية الوطنية كانت و لا تزال إشكالية في السودان حيث تتغيير رموز الدولة وفقاً للسلطة الحاكمة و يوضح أن العلم الحالي جاء في سياق سياسي مرتبط بالوحدة العربية لكنه يحمل دلالات معنوية عميقة و مع ذلك فأن العلم القديم يظل رمزاً للتحرر من الاستعمار ما يجعله راسخا في الذاكرة الجمعية .
و جاءت وصية د. الباقر العفيف بمثابة إضاءة عميقة على رمزية علم البلاد القديم الذي يراه بأنه يعكس الوحدة الوطنية و الهوية الجامعة للسودانيين بعيدا عن الأقصاء أو التميز ما جعله يكتب في وصيته الأخيرة رغبته في أن يلف نعشه بالعلم القديم لكونه رمزاً يمثل كافة السودانيين بثقافتهم المتنوعة .
و يعود علم السودان القديم إلى الفترة التي شهدت فيها البلاد استقلالها من الاستعمار البريطاني المصري في عام 1956 و في تلك الفترة كان اختيار العلم الوطني للبلاد بمثابة إعلان الهوية الوطنية و تجسيدا لوحدة الشعب السوداني الذي كان يتطلع إلى بناء دولته المستقلة .
و كان العلم القديم يتألف من ثلاثة ألوان مرتبة في ثلاثة أشرطة أفقية متساوية الحجم فالأزرق يمثل مياه النيل شريان الحياة الذي يمر عبر السودان و يربط جميع مناطقه، و اللون الأصفر الذي يرمز إلى الصحراء السودانية التي تغطي جزاءً كبيراً من من مساحة البلاد، و الأخضر الذي يعكس الزراعة و الخضرة التي تشكل مصدراً رئيسياً للاقتصاد السوداني.
و كان العلم القديم رمزاً لوحدة الأمة في وقت كانت فيه البلاد تعيش مرحلة انتقالية حساسة من الهيمنة الاستعمارية إلى السيادة الوطنية حتى مثل العلم تطلعات السودانيين نحو الإستقلال و النهوض ببلدهم رغم التحديات .
و في عام 1970 تم استبدال العلم القديم بالعلم الحالي الذي أقر بعد ثورة مايو حيث يتميز العلم الجديد بتصميم يعكس ايديولوجيات تلك المرحلة إذ يضم الألوان العربية ” الأحمر الأبيض الأسود و الأخضر و التي تمثل التضامن مع العالم العربي و الهوية القومية و على الرغم من مرور الزمن يظل العلم القديم جزاءً من الذاكرة الوطنية و يرمز إلى حقبة تاريخية مهمة في بناء الدولة السودانية الحديثة .
الوسومالقديم تغيير علم السودان نميري