سجّل الطلب على السلع الاستهلاكية في السوبرماركات زيادة طفيفة لا ترتقي إلى مستوى «التهافت» الذي سبق أن شهده لبنان في مراحل مختلفة، سواء في الحروب السابقة أو في الأزمات الاقتصادية. في فترات كهذه، كانت مجرّد شائعة أو «خبريّة» تخلق الطوابير على رفوف السوبرماركات أو أمام محطات الوقود.
وكتبت" الاخبار": التهويل المرتبط باندلاع حرب إقليمية لم يترجم بسلوك استهلاكي مختلف، كما يظهر من المبيعات في نقاط البيع، بل يبدو أن لبنان يتكيّف سريعاً مع الأزمات والتهديدات!يقول المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد بوحيدر إن الطلب الاستهلاكي «ارتفع في نهاية الشهر بنسبة تراوح بين 5 و7%، وهذه أرقام استخرجتها الوزارة من مراقبتها لـ 6 سوبرماركات كبيرة»، إلا أنه لا يمكن اعتبار هذه الزيادة «تهافتاً»، لأنّ لها تفسيراً واضحاً متكرّراً وهي تعود إلى «الإقبال في بداية الشهر الجديد.

لذا لم نشهد اتجاهاً لتخزين المواد الغذائية». وفي السياق نفسه، يشير نقيب أصحاب السوبرماركات في لبنان نبيل فهد إلى أنّ «الحركة في السوبرماركات طبيعية، والإقبال على التخزين من قبل المستهلكين خفيف، ويقتصر على زيادة ضئيلة في مبيعات المعلّبات والحبوب وعبوات المياه». وبحسب صاحب سوبرماركت في منطقة الضاحية الجنوبية، فإن الزيادة التي طرأت على حركة المبيع «طبيعية ومتوقعة، ولا تشير إلى خوف الناس من انقطاع السلع أو تترك انطباعاً بأن هناك اتجاهاً نحو التخرين». ويستدلّ على ذلك من أصناف المشتريات، إذ «لم يتهافت المستهلكون على شراء أصناف قابلة للتخزين مثل السلع الأساسية كالطحين والحبوب والأرزّ، ولم تسجّل زيادة في الطلب على القطع الكبيرة من السلع الحيوية كأكياس الأرزّ والسكر بوزن 5 كيلوغرامات، بل اقتصرت أكثر من 90% من فواتير الشراء على الأساسيات من المواد الغذائية، ولم يتجاوز سقف الفاتورة (السلّة الاستهلاكية) 110 دولارات، وهو المعدّل العام لمثل هذا الوقت من الشهر».
غير أن «الوضع ليس على ما يرام»، كما يلفت نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي الذي «لا يريد إعطاء تطمينات خاطئة، ولا سيما أن لبنان شديد التأثر بما يجري في البحر الأحمر».
عملياً، الأسعار لم تتأثر خلال الأيام الماضية، بل «هناك استقرار في أسعار المواد على رفوف السوبرماركات»، وفقاً لفهد الذي أكّد «عدم تغيير المورّدين لأسعارهم». وبحسب بوحيدر، فإن «وزارة الاقتصاد تراقب أسعار 50 سلعة بشكل أسبوعي»، وفي حال تسجيل أيّ ارتفاع «يعود مراقبو الوزارة إلى التدقيق في فواتير المستورد مباشرةً لمعرفة سبب هذه الزيادة وما إذا كانت تعود إلى تقلّبات عالمية، أو مصدرها تغيّراً في كلفة النقل؟ فإذا تبيّن أنّ التاجر يرفع السعر من تلقاء نفسه، نحوّله إلى القضاء المختص». ورغم مخاوفه المرتبطة بمخاطر سلاسل التوريد وحركة الاستيراد عبر البحر الأحمر، إلا أن بحصلي يؤكّد أنه لم تحصل تغييرات على أسعار المواد الغذائية المستوردة، باستثناء الزيت، إذ زادت أسعاره عالمياً بنسبة تراوح بين 12 و15%. ولفت من جهة ثانية إلى ارتفاع كبير أصاب أسعار سلع غير أساسية مثل البن والكاكاو، ما سيؤثّر حكماً على أسعار القهوة والشوكولا.
أما لناحية المخزون الموجود في لبنان، «فلا مشكلات، لا في النفط ولا في الغذاء»، قال بوحيدر، ولفت إلى «أنّ المستوردين لديهم مواد غذائية تكفي ما يقارب الأربعة أشهر، عدا المتوفر في السوبرماركات ونقاط البيع التي يراوح عددها بين 20 و22 ألف نقطة بيع». و«على مستوى الطحين، هناك مخزون يكفي من شهرين إلى ثلاثة أشهر من الطحين الأبيض المخصص للخبز العربي، فضلاً عن الطحين غير المدعوم المستخدم في الأفران لصناعة الخبز الافرنجي والحلويات». كما أكّد بوحيدر «طلب وزارة الاقتصاد من المستوردين توزيع المواد الغذائية على المستودعات في المناطق، كي لا تحصر المواد في مكان واحد، وإتاحة الغذاء للجميع».
هذا لجهة المواد الغذائية، أما لجهة المشتقات النفطية، «لدينا ما يكفي لخمسة أسابيع من غاز الطهي، عدا المتوفر في البيوت». وبالنسبة إلى مادتَي المازوت والبنزين، «تفرغ السفن الشحنات كل يوم تقريباً في المرافئ المخصصة، وبالتالي لا مشكلة»، ولفت بوحيدر «أنّ هذه المواد لا تخزّن، بل يجري تصريفها مباشرةً في الأسواق. ومثلما جرى مع مستوردي المواد الغذائية، «طلبت وزارة الاقتصاد من مستوردي المشتقات النفطية تخصيص حصة طارئة تحت الطلب، تعطى الأولوية في توزيعها للقطاعات الاستراتيجية مثل المستشفيات والمخابز والدفاع المدني والمصانع».
رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان الوزير السابق محمد شقير، أوضح أن «الأسواق اللبنانية لديها كميّات من المواد الغذائية تكفي ما بين 3 و6 أشهر، بالإضافة إلى توفر مخزون من الطحين يؤمن استمرار عمل الأفران لثلاثة أشهر، وهي المدة القصوى لتحزين هذه المادة». وأكد شقير لـ«الشرق الأوسط» أن «تهافت الناس على تخزين المواد الغذائية والأدوية وعمليات التموين العشوائي، يخلق حالة من البلبلة لدى الناس، ويتسبب بتقليص المخزون الاحتياطي الموجود في المستودعات».
ولم يخف رئيس الهيئات الاقتصادية «وجود خوف من وقوع الحرب؛ لأن مقومات الصمود التي كانت متوفرة في عام 2006 غير مؤمنة حالياً»، لافتاً إلى أنه «خلال حرب تموز 2006 كان الشريان البري مع سوريا مفتوحاً، وطرق الإمداد والاستيراد عبرها قللت من حجم الأزمة، أما اليوم فلا يمكن شحن بضائع عبر الموانئ السورية ونقلها إلى لبنان بسبب العقوبات الدولية دمشق، كما أنه لا توجد مصارف فاعلة في لبنان لتحويل الأموال إلى الخارج واستيراد البضائع، من هنا يعمد المستوردون إلى شراء البضائع بالعملة نقداً، ما يصعّب عليهم شراء واستيراد كميات كبيرة».
ووزع مواطنون صوراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر رفوف وواجهات بعض السوبر ماركت خالية تماماً من البضائع، ورأى رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني البحصلي، أن «البلبلة القائمة وتهافت الناس على السوبر ماركت مبالغ فيهما؛ أقلّه حتى الآن، في ظلّ توفر ما يكفي من مخزون في المستودعات». وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مستودعات الطحين فيها ما يكفي لشهرين على الأقل، ولا مشكلة إطلاقاً في المواد الغذائية الموجودة الآن بوفرة سواء في المستودعات أو السوبر ماركت»، لكنه أفاد بأن «المشكلة قد تقع في حال اندلاع الحرب وقطع الطرقات وصعوبة نقل البضائع من المستودعات الرئيسية الموجودة في محيط العاصمة بيروت وتسليمها إلى التجار والسوبر ماركت في المناطق»، مذكراً بأنه «خلال حرب تموز 2006، تعمدت إسرائيل قصف أغلب الشاحنات التي تعبر الطرق الرئيسية (بذريعة أنها تنقل أسلحة وصواريخ لـ«حزب الله»)، وثمة خشية من تكرار السيناريو نفسه اليوم».

نفى نقيب مستوردي الأدوية في لبنان، جو غريّب، وجود نقص في الأدوية والحليب، وأكد أن «المخزون المكدّس في المستودعات يكفي ما بين أربعة وخمسة أشهر لحاجة المستشفيات والصيدليات». لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «التهافت على الصيدليات لشراء كميات كبيرة من الأدوية والحليب من قبل المقتدرين، يحرم غير المقتدرين من أدويتهم، وبدأ يشعر المواطن بأن هذه السلعة مفقودة»، مشدداً على أن «الخوف الحقيقي يبدأ في حال فرض حصار برّي وجوي على لبنان يحول دون استيراد الأدوية خلال فترة الحرب». وكشف غريّب أن نقابة مستوردي الأدوية «وضعت المخزون المتوفر لديها تحت إشراف وزارة الصحة، لتلبية حاجة المرضى خصوصاً مرضى السرطان من الأدوية».
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: المواد الغذائیة وزارة الاقتصاد فی المستودعات فی لبنان

إقرأ أيضاً:

الذهب بين الصعود والانخفاض: هل تستعيد الأسعار بريقها السابق؟

الذهب بين الصعود والانخفاض: هل تستعيد الأسعار بريقها السابق؟.. شهدت أسعار الذهب اليوم الأحد 8 سبتمبر 2024، ارتفاعًا طفيفًا بعد سلسلة من التراجعات التي هيمنت على السوق في الأسابيع الماضية، وسط ترقب كبير من قبل المستثمرين والمتابعين. هذا التحسن جاء نتيجة ارتفاع سعر الأوقية في بورصة نيويورك، التي تجاوزت حاجز 2500 دولار لأول مرة منذ فترة، لتصل إلى 2515 دولارًا للأوقية، مما ساهم في تعزيز الأسعار في الأسواق المحلية.

أداء الذهب في السوق المصري: ارتفاع محدود بعيدًا عن مستويات الذروةالذهب بين الصعود والانخفاض: هل تستعيد الأسعار بريقها السابق؟

في السوق المصري، سجل سعر الذهب عيار 21 ارتفاعًا إلى 3400 جنيه بعد أن كان في مستويات أقل بلغت 3350 جنيهًا في الأيام الماضية. وعلى الرغم من هذا الارتفاع، تظل الأسعار الحالية بعيدة عن مستوياتها القياسية التي حققتها في يناير الماضي، عندما وصل سعر الذهب عيار 18 إلى نحو 3500 جنيه، بينما بلغ سعر عيار 21 آنذاك نحو 4050 جنيهًا.

أسعار العيارات المختلفة: فروق واضحة بين الماضي والحاضر

- عيار 21: شهد سعر عيار 21 صعودًا مستمرًا خلال الأيام الأخيرة ليصل إلى 3400 جنيه بعد انخفاضه إلى 3350 جنيهًا.
- عيار 18: في فترة الذروة في يناير، حقق ارتفاعًا كبيرًا ليصل إلى 3500 جنيه، وهو سعر لم يقترب منه مرة أخرى حتى الآن.
- الذروة السابقة لعيار 21: في يناير الماضي، سجل هذا العيار سعرًا قياسيًا بلغ نحو 4050 جنيهًا، مما يوضح الفارق بين الوضع الحالي ومستوى الأسعار في بداية العام.

تراجع ملحوظ في سعر الجنيه الذهب عن مستوياته السابقة

استقر سعر الجنيه الذهب اليوم عند 27،160 جنيهًا، وهو ارتفاع طفيف مقارنة أمس حيث كان السعر 27،120 جنيهًا. ومع ذلك، يعكس هذا السعر تراجعًا ملحوظًا عن مستواه قبل بضعة أيام عندما وصل إلى 27،560 جنيهًا، وبفارق كبير عن أعلى سعر بلغه في الفترة الأخيرة، والذي وصل إلى 28،120 جنيهًا. يُذكر أن سعر الجنيه الذهب سجل أعلى مستوياته في نهاية يناير 2024، حيث تراوح حينها بين 30 و32 ألف جنيه، مما يعكس حجم التذبذب الكبير في الأسعار.

الأسعار الحالية للذهب في السوق المصري

- عيار 24: سجل 3،880 جنيهًا للشراء و3،869 جنيهًا للبيع.
- عيار 21: بلغ سعره 3،395 جنيهًا للشراء و3،385 جنيهًا للبيع.
- عيار 18: وصل سعره إلى 2،910 جنيهات للشراء و2،901 جنيه للبيع.

مستقبل الذهب: بين التذبذب والتطلع للعودة إلى القمة

تواصل أسعار الذهب حالة التذبذب بين الصعود والهبوط، ولم تتمكن حتى الآن من العودة إلى المستويات القياسية التي سجلتها في بداية العام الجاري. يتابع المراقبون والمتداولون حركة السوق بحذر وسط تقلبات في الأسواق العالمية التي تلقي بظلالها على الأسعار المحلية، بينما تظل الآمال معلقة على عودة الأسعار إلى ذروتها السابقة. التحديات العالمية والمحلية ستبقى عوامل حاسمة في تحديد مسار الذهب في الفترة القادمة، مع ترقب مستمر لما سيأتي به المستقبل لهذا المعدن النفيس.

مقالات مشابهة

  • شعبة المواد الغذائية: تقليل تكاليف النقل وتسهيل حركة التجارة أبرز إيجابيات صفقة رأس الحكمة
  • الكيلو بـ 30 جنيه.. الطماطم تتفوق على المانجا بأسواق المنيا
  • كركوك.. تجار الخضار والفواكه يشكون ارتفاع الأسعار بسبب ضرائب الموصل وخانقين
  • توقعات بانخفاض التضخم بمصر في آب رغم ارتفاع الأسعار
  • العراق يتصدر قائمة مستوردي البسكويت من تركيا
  • الذهب بين الصعود والانخفاض: هل تستعيد الأسعار بريقها السابق؟
  • التجارة تعتزم فتح 6 مراكز لتسويق المواد الغذائية في بغداد
  • موفدة «القاهرة الإخبارية» من الجزائر: إقبال ضعيف على الانتخابات في اليوم الأول
  • وزير التموين: إنشاء المستودعات الاستراتيجية ينعكس إيجابا على سعر السلع الغذائية
  • «الأغذية العالمي» يدخل «100» طن من المواد الغذائية إلى دارفور عبر «أدري»