الجزيرة:
2025-04-26@07:51:41 GMT

خطاب النهايات.. عن أفول الأدب ووظيفته

تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT

خطاب النهايات.. عن أفول الأدب ووظيفته

بعد نهاية القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة، تعالت أصوات تنادي بـ"موت الأدب" أو "أفول الأدب" أو "احتضار الأدب"، وهي كلها تسميات تزيد من الشعور بوجود أزمة في الأدب، وفي وظيفته وفي تلقيه، والواقع أن هذه الأصوات المنبهة لـ"موت الأدب"، ليست مخصوصة بالأدب فحسب، فهناك حديث عن "موت الأخلاق" و"موت الإنسان" و"موت القيم" و"موت الفن" وغيرها من الأطروحات التي قلبت حياة الناس رأسا على عقب وحولت طريقة تفكيرهم وفهمهم إلى درجة أنها فصلتهم عن الوضع الاعتباري للأدب.

إن هذه الكتابات المتواترة بخصوص موت الأدب والإعلان عن حقبة جديدة في تاريخ البشرية، تؤكد بالملموس مدى ملازمة الأدب للإنسان، ومعه نطرح السؤال الآتي: هل "الأدب في خطر" فعلا كما تنبه إلى ذلك الناقد الفرنسي تزيفيتان تودوروف؟ فمن المعلوم، أن القرن العشرين هو قرن النهايات، غير أن راهنية الأدب تفرض إعادة التفكير في مساراته ووضعياته وسياقاته، فأدب اليوم يختلف كليا عن أدب الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، وكل مرحلة من تاريخ الأدب الإنساني، هي بمثابة مرحلة لها خصوصياتها وإشكالاتها.

ومن المؤكد، أن كل مرحلة لها نهاية حتمية ومحتملة، لأنها واقعة تحت قوى ضاغطة، غير أنه، ومن زاوية أخرى، يمكن النظر إلى الأمر بنوع من المرونة والتبصر، ذلك أن الأدب سيرورة أفكار وتموج للتاريخ وحلقة مترابطة تنطلق من الإنسان في اتجاه الإنسان، لذلك، فأفول الأدب في خطابات الألفية الثالثة وما بعدها، ليست مفصولة عن السياق العام لسيرورة الأدب، وإنما هي هاجس يسكن التفكير البشري ويلازمه باعتباره يتعين قلقا وجوديا أو سؤالا في الكينونة أو مظهرا من مظهر الهوس الفكري.

مسار الأدب ووظيفته

في ضوء هذه الخطابات المستجدة بخصوص مسار الأدب ووظيفته، لا بد من الإشارة إلى أن حقبة الألفية الثالثة قد شهدت ثورة كبرى في مختلف الوسائط الرقمية والالكترونية، فعمقت الفجوة بين الإنسان والأدب، ففي وقت قريب، كان الإنسان في أوقات فراغه ينصرف إلى قراءة الشعر والقصص والروايات طلبا للمتعة ونشدانا للمعرفة والثقافة بدل الجلوس ساعات طويلة أمام شاشات السينما والتلفزيون دون أي فائدة تذكر.

هكذا تحولت المعرفة من كتب الأدب إلى معرفة أخرى أساسها الصورة وعبورها في متخيل الإنسان، ومن ثمة، أضحى الأدب ضحية للثورة الرقمية إيذانا بـ"موت الأدب" أو هكذا يتصور العديد من الكتاب والفلاسفة والأدباء، وبتأمل العناوين الآتية: "الأدب في خطر" لتزيفيتان تودوروف، و" لم يصلح الأدب" لأنطوان كومبانيون و"ضدا على سانتبروست، أو نهاية الأدب" لدومينيك مانغونو، إضافة إلى فكرتي "موت الإنسان" التي انتشرت في الأوساط الثقافية مع فورة البنيوية و"موت المؤلف" التي نادى بها الناقد الفرنسي رولان بارت، سنلمس رغم الاختلاف في الرؤى والتصورات، أن هذه الأطروحات تتنافذ كلها وتتقاطع عند نقطة هامة وهي نزع هالة الحياة عن الأدب والتبشير بأفوله.

غير أن هذا المعطى الذي يربط موت الأدب بالثورة الرقمية لا يبرر وجود هذه الأزمة التي يعرفها الأدب في وقتنا الراهن وازدياد الشعور بالخوف في قيمته ووظيفته ودوره في حياة الإنسان. إن الأدب لا يموت ولن يموت، فهو مرتبط أيما ارتباط بالإنسان، وإنما هي أطروحات تتغذى من إرهاصات فكر معطوب وتاريخ مرتهن لتوحش العولمة ونزوع الإنسان نفسه نحو فضاءات أخرى ضاغطة وأكثر استلابا لحياة الإنسان كالتقنية والفضاء الرقمي والغلو في الفردانية والميل نحو العوالم المغرقة في التجريد والاستيهام، ومن ثم، تجدد خطاب النهايات وتعمق أكثر في الدراسات والأبحاث، بل ساهم في تبدل حياة الناس وطريقة تفكيرهم وعيشهم.

الثورة الرقمية

لكن، ألا يمكن للثورة الرقمية أن تكون رافعة للأدب؟ بمعنى آخر، بإمكان الفضاء الرقمي أن يسهم في انتشار الأدب وبث الحياة فيه بدل أن يكون كالسم في الدسم، وإتاحة الفرص أمام الأدب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أن يقتحم العالم الافتراضي ويقيم بين ثناياه إيجابا لا سلبا، تفاعلا لا انفعالا، حياة لا موتا، وبذلك، تنتفي شروط الموت والأفول والاحتضار نحو الإقبال على الحياة والتفاعل مع إيقاع الحياة السريع.

إن استقلالية الأدب وحياته هي تعبير عن وجود الإنسان في عنق إشكالات العصر وديناميته التي لا تنتهي بمجرد صيحات تسمع هنا وهناك، فالإقرار بجدوى الأدب ومشروعيته لا يحتاج منا كل هذا "التبيين والتبين"، بل هي مسألة واقعة في صميم التفكير البشري، وما نفور الناس من المقروء والمكتوب إلا ضرورة حضارية أملتها التحولات العميقة التي يعرفها العالم منذ التسعينيات إلى وقتنا الراهن.

بيد أن نظرة عجلى متبصرة للواقع الثقافي والأدبي، سنلاحظ أن ثمة نقطة ضوء وسط مساحات كبيرة من العتمة، لكن، بإمكان تلك النقطة الوحيدة أن تلامس مساحات أخرى وتكشف نداءات الحياة بدل تعاليم الموت، وقد تكون محكا لقدرة الإنسان على صوغ ذاته إزاء الضوء المنتشر في العالم، ويحارب العمى المستفحل، ثم يتوجه إلى إدراك الجواب عن السؤال المؤرق: ماذا يعني لك الأدب؟ ومن الطبيعي، أن تكون هناك إرادة مشتركة بين الذات والضوء، وبين الموت والحياة، حينها يمكننا القول وبصوت عال إن الأدب باق يتمدد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأدب فی

إقرأ أيضاً:

تفاصيل خطاب الرئيس السيسي في الذكرى 43 لتحرير سيناء

في مناسبة غالية على قلب كل مصري، تحتفل مصر هذا العام بمرور 43 عامًا على تحرير سيناء، تلك البقعة الطاهرة من أرض الوطن التي سطر فيها رجال القوات المسلحة المصرية أروع البطولات في معركة استعادة الأرض من الاحتلال الإسرائيلي. وبتوجيه خطاب في هذه الذكرى، حمل الرئيس عبدالفتاح السيسي رسائل قوية حول السيادة الوطنية لمصر، وثبات الموقف المصري في دعم القضية الفلسطينية، ومواصلة السعي لتحقيق التنمية الشاملة في كافة أنحاء البلاد.
وفي كلمته، أعاد الرئيس التأكيد على أن الدفاع عن أرض سيناء جزء لا يتجزأ من عقيدة المصريين، مشددًا على أن حماية أرض الوطن تظل من أولويات الأمن القومي المصري. كما وجه السيسي رسالة حاسمة للمجتمع الدولي، معلنًا أن السلام العادل والشامل في المنطقة لا يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. فيما يلي نستعرض أبرز الرسائل التي حملها خطاب الرئيس السيسي بمناسبة الذكرى الـ43 لتحرير سيناء.

 

سيناء جزء لا يتجزأ من أرض مصر

 

افتتح الرئيس السيسي كلمته بالتأكيد على أن أرض سيناء جزء لا يتجزأ من أرض مصر، مشيرًا إلى أن الدفاع عنها يعد عهدًا لا رجعة فيه. وأكد أن هذه الحقيقة ترسخت في وجدان المصريين جيلًا بعد جيل، وجعلها جزءًا من عقيدتهم الوطنية التي لا تقبل المساومة أو التفريط. كما وصف ملحمة تحرير سيناء بأنها واحدة من أروع البطولات التي خاضها المصريون، الذين قدموا دماءهم فداء لهذه الأرض المقدسة.

 

التضحية والشجاعة في الدفاع عن الأرض

 

 

أشاد الرئيس السيسي في خطابه بشجاعة وبسالة القوات المسلحة المصرية التي قدمت الشهداء في معركة تحرير سيناء، وأكد أن هذه التضحيات كانت بمثابة درس للأجيال القادمة حول أهمية الدفاع عن الوطن. كما أشاد بدور رجال الشرطة المدنية في مكافحة الإرهاب في سيناء، معتبرًا أن معركة الأمن هناك كانت مثالًا على التضحية الوطنية المتواصلة من أجل سلامة مصر.

 

الدبلوماسية المصرية

 

كما تطرق الرئيس السيسي إلى الدبلوماسية المصرية التي أثبتت قدرتها على انتزاع الحقوق الوطنية عبر الإرادة والعلم، حيث أشاد بنجاح مصر في تحكيم طابا دوليًا واستعادة السيادة على هذه الأرض. وأكد السيسي أن هذا المثال أصبح نموذجًا رائدًا في سجل الانتصارات الوطنية، التي تثبت قدرة مصر على المطالبة بحقوقها والوقوف في وجه التحديات الدولية.

 

مصر والرفض القاطع للتصفية الفلسطينية

 

فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني، أكد الرئيس السيسي أن مصر تقف سدًا منيعًا ضد محاولات تصفية القضية الفلسطينية، معلنًا رفض مصر القاطع لأي تهجير للفلسطينيين من أراضيهم. وشدد على أن إعادة إعمار غزة يجب أن تتم وفقًا للخطط العربية الإسلامية، ورفض أي حلول تقتطع من حقوق الفلسطينيين. وأضاف السيسي أن السلام العادل والشامل لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقًا لقرارات الشرعية الدولية.

 

 وحدة شعب وجيش

 

أوضح الرئيس السيسي أن مصر ستظل عزيزة النفس وشديدة البأس بفضل وحدة شعبها وبسالة جيشها، مؤكدًا أن الشعب المصري أثبت من خلال رؤيته الواعية وإدراكه العميق لأبعاد التحديات التي تواجهه، أنه جبهة داخلية متماسكة لا يمكن التلاعب بها. كما أكد على أن مصر ستظل محفوظة بحكمة شعبها وقوة جيشها، ومؤكدًا أن الحق سيظل حاضرًا ومرفوضًا لأي نوع من الظلم.

 

التنمية المستدامة

 

أشار الرئيس السيسي في ختام خطابه إلى أن تحقيق التنمية في مصر لا يقل أهمية عن الدفاع عن الأرض، موضحًا أن مصر اليوم تشهد جهودًا غير مسبوقة لتحقيق نهضة شاملة من خلال مشروعات تنموية تسعى إلى بناء مصر الحديثة بالشكل الذي يستحقه المواطن المصري وأكد أن العمل على مستقبل أفضل لمصر لا يتوقف، ويستمر مع كافة أبناء الشعب المصري في جميع المجالات.

 

مقالات مشابهة

  • خطاب يفوز على خان شيخون في مباراة ودية بكرة القدم
  • أرضنا لا تقبل المساومة| رسائل الرئيس السادات من الكنيست بلسان الحاضر.. ماذا قال؟
  • صلاة القلق.. إبداع مصري يتوّج بـ«جائزة البوكر العربية 2025»
  • تفاصيل خطاب الرئيس السيسي في الذكرى 43 لتحرير سيناء
  • مسامرة «موضوعها مصطفى» مع الراحل خطاب حسن أحمد
  • عوامل نهوض الأمة في مواجهة الأعداء من منظور خطاب السيد القائد
  • شاهد بالصور.. في موقف يُجسد الشرف والأمانة.. شرطي سوداني يعيد مبلغ 250 ألف دولار ومبالغ أخرى لصاحبها بعد تعرض سيارته التي يقودها لحادث سير بالطريق القومي
  • 150 عاما من الحياة: تكنولوجيا خارقة تعيد تشكيل مصير الإنسان
  • هيئة الأدب والنشر والترجمة تدشن جناح المملكة في معرض مسقط الدولي للكتاب 2025
  • مركز أبوظبي الثقافي يستضيف حديثُا عن الأدب والزمن والرواية.. صور