الجزيرة:
2025-07-13@09:58:28 GMT

خطاب النهايات.. عن أفول الأدب ووظيفته

تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT

خطاب النهايات.. عن أفول الأدب ووظيفته

بعد نهاية القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة، تعالت أصوات تنادي بـ"موت الأدب" أو "أفول الأدب" أو "احتضار الأدب"، وهي كلها تسميات تزيد من الشعور بوجود أزمة في الأدب، وفي وظيفته وفي تلقيه، والواقع أن هذه الأصوات المنبهة لـ"موت الأدب"، ليست مخصوصة بالأدب فحسب، فهناك حديث عن "موت الأخلاق" و"موت الإنسان" و"موت القيم" و"موت الفن" وغيرها من الأطروحات التي قلبت حياة الناس رأسا على عقب وحولت طريقة تفكيرهم وفهمهم إلى درجة أنها فصلتهم عن الوضع الاعتباري للأدب.

إن هذه الكتابات المتواترة بخصوص موت الأدب والإعلان عن حقبة جديدة في تاريخ البشرية، تؤكد بالملموس مدى ملازمة الأدب للإنسان، ومعه نطرح السؤال الآتي: هل "الأدب في خطر" فعلا كما تنبه إلى ذلك الناقد الفرنسي تزيفيتان تودوروف؟ فمن المعلوم، أن القرن العشرين هو قرن النهايات، غير أن راهنية الأدب تفرض إعادة التفكير في مساراته ووضعياته وسياقاته، فأدب اليوم يختلف كليا عن أدب الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، وكل مرحلة من تاريخ الأدب الإنساني، هي بمثابة مرحلة لها خصوصياتها وإشكالاتها.

ومن المؤكد، أن كل مرحلة لها نهاية حتمية ومحتملة، لأنها واقعة تحت قوى ضاغطة، غير أنه، ومن زاوية أخرى، يمكن النظر إلى الأمر بنوع من المرونة والتبصر، ذلك أن الأدب سيرورة أفكار وتموج للتاريخ وحلقة مترابطة تنطلق من الإنسان في اتجاه الإنسان، لذلك، فأفول الأدب في خطابات الألفية الثالثة وما بعدها، ليست مفصولة عن السياق العام لسيرورة الأدب، وإنما هي هاجس يسكن التفكير البشري ويلازمه باعتباره يتعين قلقا وجوديا أو سؤالا في الكينونة أو مظهرا من مظهر الهوس الفكري.

مسار الأدب ووظيفته

في ضوء هذه الخطابات المستجدة بخصوص مسار الأدب ووظيفته، لا بد من الإشارة إلى أن حقبة الألفية الثالثة قد شهدت ثورة كبرى في مختلف الوسائط الرقمية والالكترونية، فعمقت الفجوة بين الإنسان والأدب، ففي وقت قريب، كان الإنسان في أوقات فراغه ينصرف إلى قراءة الشعر والقصص والروايات طلبا للمتعة ونشدانا للمعرفة والثقافة بدل الجلوس ساعات طويلة أمام شاشات السينما والتلفزيون دون أي فائدة تذكر.

هكذا تحولت المعرفة من كتب الأدب إلى معرفة أخرى أساسها الصورة وعبورها في متخيل الإنسان، ومن ثمة، أضحى الأدب ضحية للثورة الرقمية إيذانا بـ"موت الأدب" أو هكذا يتصور العديد من الكتاب والفلاسفة والأدباء، وبتأمل العناوين الآتية: "الأدب في خطر" لتزيفيتان تودوروف، و" لم يصلح الأدب" لأنطوان كومبانيون و"ضدا على سانتبروست، أو نهاية الأدب" لدومينيك مانغونو، إضافة إلى فكرتي "موت الإنسان" التي انتشرت في الأوساط الثقافية مع فورة البنيوية و"موت المؤلف" التي نادى بها الناقد الفرنسي رولان بارت، سنلمس رغم الاختلاف في الرؤى والتصورات، أن هذه الأطروحات تتنافذ كلها وتتقاطع عند نقطة هامة وهي نزع هالة الحياة عن الأدب والتبشير بأفوله.

غير أن هذا المعطى الذي يربط موت الأدب بالثورة الرقمية لا يبرر وجود هذه الأزمة التي يعرفها الأدب في وقتنا الراهن وازدياد الشعور بالخوف في قيمته ووظيفته ودوره في حياة الإنسان. إن الأدب لا يموت ولن يموت، فهو مرتبط أيما ارتباط بالإنسان، وإنما هي أطروحات تتغذى من إرهاصات فكر معطوب وتاريخ مرتهن لتوحش العولمة ونزوع الإنسان نفسه نحو فضاءات أخرى ضاغطة وأكثر استلابا لحياة الإنسان كالتقنية والفضاء الرقمي والغلو في الفردانية والميل نحو العوالم المغرقة في التجريد والاستيهام، ومن ثم، تجدد خطاب النهايات وتعمق أكثر في الدراسات والأبحاث، بل ساهم في تبدل حياة الناس وطريقة تفكيرهم وعيشهم.

الثورة الرقمية

لكن، ألا يمكن للثورة الرقمية أن تكون رافعة للأدب؟ بمعنى آخر، بإمكان الفضاء الرقمي أن يسهم في انتشار الأدب وبث الحياة فيه بدل أن يكون كالسم في الدسم، وإتاحة الفرص أمام الأدب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أن يقتحم العالم الافتراضي ويقيم بين ثناياه إيجابا لا سلبا، تفاعلا لا انفعالا، حياة لا موتا، وبذلك، تنتفي شروط الموت والأفول والاحتضار نحو الإقبال على الحياة والتفاعل مع إيقاع الحياة السريع.

إن استقلالية الأدب وحياته هي تعبير عن وجود الإنسان في عنق إشكالات العصر وديناميته التي لا تنتهي بمجرد صيحات تسمع هنا وهناك، فالإقرار بجدوى الأدب ومشروعيته لا يحتاج منا كل هذا "التبيين والتبين"، بل هي مسألة واقعة في صميم التفكير البشري، وما نفور الناس من المقروء والمكتوب إلا ضرورة حضارية أملتها التحولات العميقة التي يعرفها العالم منذ التسعينيات إلى وقتنا الراهن.

بيد أن نظرة عجلى متبصرة للواقع الثقافي والأدبي، سنلاحظ أن ثمة نقطة ضوء وسط مساحات كبيرة من العتمة، لكن، بإمكان تلك النقطة الوحيدة أن تلامس مساحات أخرى وتكشف نداءات الحياة بدل تعاليم الموت، وقد تكون محكا لقدرة الإنسان على صوغ ذاته إزاء الضوء المنتشر في العالم، ويحارب العمى المستفحل، ثم يتوجه إلى إدراك الجواب عن السؤال المؤرق: ماذا يعني لك الأدب؟ ومن الطبيعي، أن تكون هناك إرادة مشتركة بين الذات والضوء، وبين الموت والحياة، حينها يمكننا القول وبصوت عال إن الأدب باق يتمدد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأدب فی

إقرأ أيضاً:

ماذا سيُعلن الرئيس أردوغان؟ كل الأنظار تتجه نحو صباح السبت

أثار إعلان المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، عمر جليك، عن خطاب مرتقب للرئيس رجب طيب أردوغان صباح السبت، موجة من الفضول والتكهنات في الأوساط السياسية والإعلامية التركية، وسط حديث عن “تصريح تاريخي” يُرتقب أن يحمل دلالات بالغة الأهمية، خاصة فيما يتعلق بملف مكافحة الإرهاب.

 

“خطاب تاريخي” مرتقب صباح السبت

قال جليك في تصريح صحفي: “سيلقي رئيسنا خطابًا تاريخيًا صباح السبت”، دون أن يفصح عن أي تفاصيل تتعلق بمحتوى البيان، مكتفيًا بالتأكيد على أهميته الاستثنائية.

 

وأضاف:

“نحن نواجه استفزازات عديدة، بعضها معلوم وبعضها الآخر غير ظاهر للعلن، لكننا ماضون في فعل ما هو صائب للدولة والأمة”.

وقد فُسّرت هذه التصريحات في سياق متصل بمساعي الحكومة التركية لإنهاء ملف الإرهاب نهائيًا، خاصة بعد التسريبات التي تحدثت عن استعداد حزب العمال الكردستاني لإلقاء السلاح يوم الجمعة، ضمن إطار عملية متوقعة تحمل اسم “تركيا خالية من الإرهاب”.

 

رسائل أردوغان في البرلمان تمهّد لإعلان كبير اقرأ أيضا

“إيجار رمزي بـ2000 ليرة فقط!”.. مفاجآت مدوية من…

الخميس 10 يوليو 2025

وكان أردوغان قد ألقى خطابًا أمام الكتلة البرلمانية لحزبه، الأربعاء 9 يوليو/تموز، تحدث فيه بلهجة حاسمة عن المرحلة المقبلة في مواجهة الإرهاب، مؤكدًا استمرار التحالف بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية.

 

مقالات مشابهة

  • الأردن في مرآة الأدب العالمي من التشخيص إلى الإنقاذ
  • جامعة سوهاج الأهلية تطلق هويتها الرقمية وشعارها الرسمي
  • حبس مستأجر سوق المواشى بدمنهور بتهمة تقديم خطاب ضمان مزور
  • انطلاق الموسم الأدبي الجديد بنوادي الأدب بأسيوط
  • جمعية الأدب المهنية تنظّم أمسية قصصية في جازان
  • شروط التقديم في مبادرة براعم وأشبال مصر الرقمية 2025 لتلاميذ الابتدائي والإعدادي
  • الأدب والألم: كيف يولد الجمال من رماد البؤس؟
  • ماذا سيُعلن الرئيس أردوغان؟ كل الأنظار تتجه نحو صباح السبت
  • ليبيا تشارك بـ«القمة الرقمية الأولى» في لوساكا
  • غدر النهايات.. فتاة تتهم حبيبها بتهديدها بنشر صورها الخاصة