صحيفة الاتحاد:
2025-03-04@08:17:12 GMT

علي يوسف السعد يكتب: رحالة الكلمة

تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT

غازي القصيبي، الشاعر، والروائي، والوزير، والدبلوماسي، رجل استثنائي بكل المقاييس، قدم للأدب العربي تراثاً غنيّاً بالأعمال المتنوعة التي تركت بصمة واضحة في الثقافة والأدب. من بين هذه الأعمال، كان لأدب الرحلات نصيب خاص في مسيرته الأدبية، حيث وثق القصيبي تجاربه ورؤاه خلال رحلاته المختلفة حول العالم.
ولد غازي عبد الرحمن القصيبي في الهفوف بالمملكة العربية السعودية في عام 1940م، وتلقى تعليمه العالي في جامعة القاهرة حيث حصل على درجة البكالوريوس في القانون، ثم استكمل تعليمه في الولايات المتحدة وبريطانيا وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد.

عاد إلى السعودية ليبدأ مسيرة مهنية حافلة شملت العمل في السلك الدبلوماسي والحكومي.
كان غازي القصيبي يرى في السفر فرصة للتعلم والتأمل والكتابة، في كتابه «رحلة إلى اليابان»، يعكس القصيبي تجاربه وانطباعاته عن اليابان، موفراً لقارئه نظرة عميقة وشاملة حول الثقافة والمجتمع الياباني. يمزج في كتاباته بين الوصف الدقيق والتحليل الثقافي والفلسفي، مستخدماً أسلوبه الأدبي الرفيع ليقدم صورة غنية عن التجربة الإنسانية في أرض الشمس المشرقة.
في «حديث المساء»، يجمع القصيبي بين مقالاته التي تضمنت الكثير من الرؤى التي جمعها من رحلاته المتعددة، كل مقال يشكل قصة قصيرة تحمل في طياتها تأملات في الحياة والإنسان، تعبر عن عمق فلسفته وحسه الأدبي.
كتابه «مغامرة في الصحراء» يختلف قليلاً عن رواياته الأخرى، حيث يروي تجاربه في البيئة الصحراوية العربية. هو يسبر غور الحياة الصحراوية ويعكس تجارب شخصية مليئة بالتحديات والمغامرات، مقدماً وجهة نظر متعمقة عن الصحراء ليس فقط كمكان جغرافي، بل كمساحة روحية.
السفر في كتابات غازي القصيبي لم يكن هروباً من الواقع، بل كان وسيلة لفهم أعمق للإنسان والعالم. من خلال رحلاته، استطاع أن يقدم للقراء نظرات تأملية حول العلاقات الإنسانية، والسياسة، والاقتصاد والثقافة. كل رحلة كانت له بمثابة فصل جديد في كتاب الحياة يسعى لاستكشافه وتحليله بعمق.
وعبر مسيرة غازي القصيبي، لم يكتفِ بأن يكون مجرد كاتب أو مفكر، بل كان رحالة عبر الكلمة والفكر، يستكشف العالم ليعرفه ويعرف نفسه بشكل أفضل، تشكّل كتاباته في أدب الرحلات جسراً بين الثقافات، وتحفز القارئ على التفكير والاستكشاف، هو بالفعل سفير الأدب السعودي، يُظهر كيف أن السفر والتجوال يمكن أن يكونا بحثاً عن الحقيقة، وكيف أن الأدب يمكن أن يكون بوابة للعالم.

أخبار ذات صلة علي يوسف السعد يكتب: فاس.. مرة أخرى علي يوسف السعد يكتب: كرابي.. واحة تايلاندية خلابة

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: علي يوسف السعد غازي القصيبي غازی القصیبی

إقرأ أيضاً:

د. عصام محمد عبد القادر يكتب: المعايشة التربوية... تكامل البناء

تستهدف المعايشة التربوية، صَقْل خبرات التعلم بصورة وظيفيّة، لدى المتعلمين، والعمل على ربْطها بالواقع المُعاَش؛ كي يتسنّى للمتعلم أن يستشعر قيمة ما يكتسبه من خبرات معرفيّة، ومهاريّة، ووجدانيّة، وهنا نتحدث بصورة مُركّزة على فلْسفة التكامل في بناء الإنسان، والذي لا يتأتى بعيدًا عن التخطيط لبعض البرامج المقصودة التي تُسْهم في تحقيق المُراد؛ لذا من ينادِي بالمُعايشة التربوية سواءً في البيئة التعليمية، أم ساحات المؤسسات الرسميّة، أم خارج هذا الإطار، فإنه يرى أنها فرصةٌ سانحةٌ؛ لبناء سليم يخرجنا من بوْتقة التقليدية، وزخَم اعتياد بعض الممارسات، والأداءات بعينها.

والمعايشة التربوية يلْزمها تجهيزات تحقق أمرين مُهمّيْن، أولهما ينْبري حول توافر البيئة الآمنة، وثانيهما يقوم على الدَّعم اللُّوجسْتي اللازم؛ لتنفيذ مهام الأنشطة، التي يؤديها المتعلمون داخل إطار المعايشة، وفق جدولها الزمنيّ، وتعليماتها المُحددَّة، وتحت إشرافٍ، وتوجيه من المعلم، أو ممن يقوم بإدارة بيئة المعايشة التربوية؛ ومن ثم نضْمنُ توافر المُعْطيات الرئيسة، التي من شأنها أن تساعد في إنْجاح المُعاَيشَة.

وثَمّتْ وجهة نظر، يتوجب طرْحُها بشأن المُعاَيشَة التربوية، تكْمن في تعميم المسْئولية تجاه تحقيق غاياتها المنْشُودة؛ ومن ثم يجب أن تشارك كافة مؤسسات الدولة، في توفير الدعم اللازم، بما يضمن نجاح مسْتهدفات المُعاَيشَة التعليمية؛ لذا فإن إتاحة ساحات الملاعب، والأنْدية، أو المصانع، أو المراكز البحثيّة، أو الفنادق السياحيّة القريبة من المحميّات، والمناطق الأثريّة، والبحريّة، أو غير ذلك من مقدّرات المؤسسات الرسميّة بالدولة بصورة منظمة، وتحت إشراف مؤسسيّ، يُثْري بيئات المُعاَيشَة التربويّة؛ ومن ثم نتوقع نتائجَ مُبْهِرة، جرّاءَ هذا التعاون الإيجابيّ في صورته الشُّموليّة.

لنا أن نتصوّر الفوائدَ التي تتمخَّضُ عن مُعاَيشَة المتعلم، عبْر الزّيارات إلى أماكن التصنيع، ورؤْية العين لمسارات العمل، والإنتاج، وما يحدث أثرًا لزيارة ما نمتلكه من متاحفَ، ومواقع أثريّة، في شتّى ربوع الوطن، وما يعزز لديه من شغف العلم جرّاءَ زيارة المُخْتبرات، والمعامل الكبرى، التي تجري بها البحوث، والتجارب، وما يكتسبه من مهارات حيال ملاحظة مباشرة لأداء المهن، والحِرَف، في بيئاتها المختلفة، وما يقع في نفْسه، أثناء تواجده في خِضَمّ مشروعات قوميّة، يشاهد خلالها نتاجًا، وعملًا مستمرًا، وصورة مُبْهرةً لمشهد الإعْمار، وفق مخططاته الاسْتراتيجيّة، إلى غير ذلك من صور المُعاَيشَة ، التي يصعب حصْرها.

إذا ما أردنا أن نُعزز ماهية ما نسميه (اتيكيت) التعامل؛ فلا أفضلَ من المُعاَيشَة التربويّة التي تغْرِسُ في ذهن المتعلم قيم التَّعامل الرّاقي، وتحثَّه على الالتزام بالوقت، وتقدير أهميّته، وقيمته، وهنا نحصد سلوكًا مُنْضبطًا، يتماشى مع ما تم التوافق عليه من قواعدَ يتم الإعلان عنها قبل البِدء في فعاليات المُعاَيشَة، ومسارات العمل في أنْشطتها؛ فرُغْم كثافة الأعداد في بعض الأحيْان؛ إلا أن الاصْطِفاف السّريع، وسُرْعة الاستجابة، والعمل بالقواعد، وتنفيذ التعليمات تقضي على العشوائيّة، والتخبط، ولا تدعُ مجالًا للفوضى، أو الارتباك في المشهد العام.

إنّ تكامل البناء يكمن في تعْضيد فلسفة الاعتماد على النفس، من قِبلِ كل متعلم داخل إطار المُعاَيشَة التربويّة، وهذا لا ينْفكُّ عن مراعاة شعور الآخرين، والاتّزان الانْفعالي، وكَبْح الممارسات التي تضِيرُ بالغير، وتُحْدثُ نوعًا من زعْزعة الاستقرار داخل المجموعات، أو بينها، وهنا يتبادر إلى الذهن ضرورةُ تدريب المتعلمين على التّواصل الكليّ، مع معلمهم أثناء المُعاَيشَة التربويّة؛ فما أرْقى استيعاب لُغَة الجسد! كلغةٍ للتواصل؛ فيشعر الفرد ما تُبْديه النّظرات، وما تُعْنيه الإشاراتُ، وما تحمله ثنايا تعبير الوجه من انفعالات تحمل القبول، أو الرفض للممارسات، وهذا لا يعني أننا بصدد تجاهل التّواصل اللفظيّ؛ لكن نرغب في المزيد من ترْقية الوِجْدان عبر الإحساس في صورته الحميدة.

إنّ ما تقوم به مُؤسْسَتُنَا التربويّة، داخل أسْوارها، من مهام، تُعد عظيمةً في مجملها، وما تستهدفه المُعاَيشَة التربوية، خارج، أو داخل الأسْوار من قُبيل التكامل، في إحداث بناء إنسانٍ قادرٍ على العطاء، مُعْتمدًا على ذاته، لديه ثِقةٌ في قدراته، لا يعوُقُه الخطأُ، بل يتعلّمُ منه، وينْطلقُ بقوة نحو اكتساب المزيد من الخبرات، والتعمق في خلَجَاتِها، ولا تعوُزُه نُدْرةُ المُقوّماتُ؛ لكن يسعى دومًا إلى حل ما يواجه من مُشْكلاتٍ؛ ومن ثم يتغلبُ على صور التحدّيات الآنيةِ منها، والمُسْتقبليّة.

مقالات مشابهة

  • مجدي أبوزيد يكتب.. رمضان فرصة الجميع لإصلاح النفس والتغيير
  • أ.د محمد حسن الزعبي يكتب .. فصل الشتاء و فصل الكهرباء
  • منير أديب يكتب: سوريا بلا حوار
  • محمد كركوتي يكتب: الإمارات.. نمو قوي متعدد التنوع
  • د.ابراهيم الصديق علي يكتب: خطة العمامرة وخيارات صمود وغياب الحكومة
  • محمد حامد جمعة يكتب: شكرا مصر
  • محمد أبو زيد كروم يكتب: رمضان شهر الجهاد، وبل الجنجويد
  • مدون أمريكي يكشف معنى الكلمة البذيئة التي تلفظ بها زيلينسكي خلال مشادته مع ترامب / شاهد
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: المعايشة التربوية... تكامل البناء
  • محمد غنيم يكتب: مع الشيخ محمد رفعت