أهالي درعا يجبرون النظام السوري على إطلاق سراح معتقلات
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
أفرج النظام السوري عن مجموعة من النساء بعد ساعات من اعتقالهن على إثر ضغوط شعبية وتهديد بالتصعيد ضد مقاره الأمنية في محافظة درعا الواقعة جنوبي البلاد.
وقال المتحدث باسم شبكة "أخبار تجمع أحرار حوران"، أيمن أبو نقطة، الاثنين، إن "الإفراج عن معتقلات مدينة نوى جاء تحت ضغط شعبي وتهديد بالتصعيد واعتبار مواقع ومقار النظام الأمنية أهدافا مباحة أمام المجموعات المحلية المسلحة".
وأضاف أن ذلك جاء "بعد اجتماع بين ضباط النظام السوري ووجهاء مدينة إنخل بريف محافظة درعا الشمالي".
والسبت الماضي، أفرج النظام السوري عن مجموعة من النساء من مدينة نوى بريف درعا جنوب سوريا، بعد ساعات من اعتقالهن على الحدود السورية اللبنانية.
واختطفت عصابة المدعو شجاع العلي، الذي يعمل ضمن صفوف الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد شقيق رأس النظام السوري، الجمعة الماضية، مجموعة من النساء اللواتي ينحدرن من محافظة درعا جنوبي سوريا، وذلك في ريف محافظة حمص، وسط البلاد، أثناء توجههن إلى لبنان.
تزامن الإفراج عن النساء مع هجوم شنته مجموعات محلية كانت تعمل سابقا ضمن فصائل الجيش السوري الحر، على أكثر من عشرة حواجز ومقرات عسكرية تابعة لقوات النظام السوري.
الهجوم استهدف بلدات خربة غزالة والمسيفرة والغارية الشرقية، بالإضافة إلى قريتي جدل والجسري في منطقة اللجاة بريف محافظة درعا الشرقي، دون ورود أي معلومات عن وقوع خسائر بشرية.
وعن التسويات التي يقوم بها النظام٬ قال أبو نقطة، إن "هذه التسويات هي عبارة عن ضغوط أمنية يمارسها النظام، لكنه يحرص بالمقابل على عدم الانزلاق إلى المواجهات العسكرية، وزيادة مستوى الفوضى غير المرغوب فيها بالنسبة لدول الجوار، كالأردن والاحتلال الإسرائيلي".
وفرض النظام السوري تسوية جديدة على أهالي مدينة إنخل أسوة بمدينة جاسم القريبة شمال محافظة درعا جنوب سوريا، بينما توجه نحو 150 مواطناً إلى تسوية مماثلة في محافظة القنيطرة جنوب البلاد.
وحسب مصادر محلية، فإن نظام بشار الأسد يعمل كل عام على خلق حالة من التوتر في مدن وبلدت درعا، والتذرع بها لحصار المناطق الحورانية، والتهديد بالتصعيد مقابل إجراء تسويات جديدة يحصل من خلالها العديد من المكتسبات، على رأسها التضيق الأمني ونزع السلاح، وفرض إتاوات.
ويذكر أنه قبل أيام، طالب رئيس فرع الأمن العسكري بدرعا، لؤي العلي، من وجهاء مدينة جاسم تسليم السلاح وإخراج من وصفهم بـ الغرباء من المدينة، وذلك على خلفية المواجهات التي اندلعت بين مجموعتين مسلحتين، وأسفرت الشهر الفائت عن مقتل 4 مدنيين وإصابة آخرين بجروح.
كما فرض رئيس فرع الأمن العسكري على وجهاء مدينة جاسم، إجراء تسوية للمنشقين عن قوات النظام وتسليم الأسلحة بهدف تعبئة هؤلاء الشبان في صفوف الأمن العسكري داخل حدود محافظة درعا الإدارية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية درعا معتقلات سوريا اللبنانية سوريا لبنان معتقلات درعا السويداء المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری محافظة درعا
إقرأ أيضاً:
الكواكبي السوري ونهاية طبائع الاستبداد في سوريا
عاد إلى ذاكرتي ووجداني كتاب الكواكبي هذه الأيام لأن هذا الرائد المصلح الكبير هو سوري ويعيش وطنه ومسقط رأسه (الشام) منعرجا أساسيا في تاريخه الحديث، حيث انهار طغيان المتوحش بشار وبزغت شمس إصلاح عميق على أيدي القائد المؤقت أحمد الشرع، كما أن أزمات العرب مستمرة وحارقة وتعلمون بأن مئة عام وربع تكتمل اليوم على وفاة المصلح العربي الجريء صاحب الكتاب الحدث (طبائع الاستبداد) عبد الرحمن الكواكبي رحمة الله عليه (1854..1902).
أكثر من 100 عام مرت كذلك على صدور ذلك الأثر العظيم الذي نظّر قبل كتب أوروبا لأسباب التخلف وجذور التقهقر وحللها وفك آلياتها وحدد معطياتها وشخصها وقدم للعرب علاجها.. مئة عام تمر، ولا حياة لمن تنادي، لا الحكومات العربية ولا الجامعة العربية ولا الجامعات العربية ولا مراكز البحوث الاستراتيجية اغتنمت هذه الذكرى لإحياء هذا التراث العربي المتميز وقول كلمة حق في ذلك الرجل الأمين الذي دفع حياته ثمناً لقول الحق..
لا شيء كما قال عبد الرحمن الكواكبي نفسه في توطئة كتابه: "وهي كلمات حق وصيحة في واد، إن ذهبت اليوم مع الريح، لقد تذهب غداً بالأوتاد...".
إن مجتمعات العالم كلها تحتفي بذكريات رجال أقل شأناً من الكواكبي وأقل تأثيراً، بل إن مجتمعات أوروبا وأمريكا واليابان والصين تقتنص كل ذكرى لإحياء أمجادنا وكنوز ماضينا البعيد والقريب بينما نحن قطعنا الصلة مع ذلك الفيض الرائع من الفكر الحر وأصبحنا أيتام حضارة بإرادتنا!أعيد هذه الأيام قراءة كتاب الكواكبي ونحن في عام 2025 ولكن بعيون مختلفة فنحن العرب والمسلمون نمر بأدق محطات تاريخنا الحديث نواجه زلازل كتلك التي وصفها الله سبحانه في الأية 214 من سورة البقرة حين قال جل من قائل:" ﴿ َمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾.
إن مجتمعات العالم كلها تحتفي بذكريات رجال أقل شأناً من الكواكبي وأقل تأثيراً، بل إن مجتمعات أوروبا وأمريكا واليابان والصين تقتنص كل ذكرى لإحياء أمجادنا وكنوز ماضينا البعيد والقريب بينما نحن قطعنا الصلة مع ذلك الفيض الرائع من الفكر الحر وأصبحنا أيتام حضارة بإرادتنا!
ولد عبد الرحمن الكواكبي عام 1854 لأسرة عربية كريمة في مدينة حلب الشامية، وتلقى علومه في المدرسة الكواكبية وعمل في الصحافة والمحاماة كما تقلد بعض المناصب الوظيفية وبدأ يجلب لنفسه السجون والاضطهاد ومصادرة المال والدار عندما كتب عن الاستبداد في الصحف.
هاجر من حلب سنة 1900 وطاف الجزيرة العربية وشرقي أفريقيا والهند وأقصى الشرق، ثم استقر في مصر وفيها كتب "طبائع الاستبداد" كما كتب "أم القرى" وتوفي بالقاهرة عام 1902 ضحية سم دُس له في فنجان قهوة.. معيدا قصة أرسطو فيلسوف الاغريق وضحية الدفاع عن الحرية هو ايضاً. مع التذكير أن منافينا نحن واضطهادنا لا يختلف كثيرا عما كابده جدنا الكواكبي كما قال حفيده (سلام الكواكبي) من منفاه ومن الغريب ـ بل من العار على العرب ومؤسساتهم الثقافية ـ أن صدور الكتاب وطبعاته المتلاحقة كانت دائما بسعي نجله أسعد الكواكبي في الثلاثينيات وبسعي حفيده الدكتور عبد الرحمن الكواكبي في السبعينيات.
وكانت جميع الطبعات تنفد حال نزولها للمكتبات والمعارض. واعتنت الثقافات الغربية بالكتاب فنشر بطبعات في مختلف اللغات وأدرجته الجامعات الأوروبية والأمريكية في برامج دراساتها السياسية والاجتماعية كأحد أبرز آثار الفكر العربي الإصلاحي.. بل تتلمذت على الكواكبي ثلة من منظري علم الاجتماع السياسي في الغرب وأبرزهم الأستاذة (حانا أرندت) صاحبة كتاب الاستبداد الذي أصبح المرجع الأساسي للعلوم السياسية وهو المؤلف بعد ثمانين عاماً من كتاب الكواكبي.
وإذا تأملنا في عصر الكواكبي وجدناه عصر نهضة عربية مباركة بحيث لم يأت كتاب طبائع الاستبداد من فراغ بل كأنما هو حلقة ضرورية الى جانب حلقات نهضوية تشكل سلسلة تمهيد لانطلاقة اسلامية شاملة. فقد صدر عام 1901 كتاب المرأة الجديدة لقاسم أمين وصدر كذلك كتاب الشيخ محمد عبده "الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية" وكتابه "الإسلام والرد على منتقديه" وأصدر مصطفى كامل صحيفة "اللواء" وفي المغرب العربي بدأت حركة اصلاحية تنشط ضد الاستعمار.
كان ذلك المناخ الفكري كالتربة الصالحة لبذرة الكواكبي.. وهي البذرة الوحيدة التي لم تتحول الى سنبلة طيلة القرن لأن حركات الاصلاح تمكنت من طرد الاستعمار والابقاء على جذوة الاسلام السليم حية لكنها فشلت فشلاً ذريعاً في تطوير فكر الشورى ـ أي الديمقراطية ـ في بلاد العرب جميعا مما تسبب في نكبات وكوارث عربية قديمة وحديثة لانزال نحمل أوزارها الى اليوم فغياب الديمقراطية في نظري المتواضع أدى على الأقل إلى نكبة الهزيمة العربية يوم 5 يونيو 1967 وكارثة الاحتلال العراقي للكويت يوم 2 أغسطس 1990. إلى فتنة 11 سبتمبر 2001 وكل هذه المصائب إذا ما حللناها من زوايا السياسة والتربية والثقافة وجدناها نتيجة طبيعية للاستبداد بالرأي وعدم إشراك الناس في التفكير والتخطيط والحكم.
إن الذي يبقى خالدا في رسالة الكواكبي ويصلح لهذا الزمن العربي العصيب هو تركيز (طبائع الاستبداد) على أمرين: الأول مؤامرة الغرب المستمرة على العرب والمسلمين وممارسة استبداد الجنس الأبيض على ما عداه والثاني قابلية العرب والمسلمين.. واستعدادهم المريض لتقبّل ذلك الاستبداد مخالفة منهم لفلسفة تراثهم الأصيل والمنادية بالمقاومة والفداء والاستقلال.وإن الذي يبقى خالدا في رسالة الكواكبي ويصلح لهذا الزمن العربي العصيب هو تركيز (طبائع الاستبداد) على أمرين: الأول مؤامرة الغرب المستمرة على العرب والمسلمين وممارسة استبداد الجنس الأبيض على ما عداه والثاني قابلية العرب والمسلمين.. واستعدادهم المريض لتقبّل ذلك الاستبداد مخالفة منهم لفلسفة تراثهم الأصيل والمنادية بالمقاومة والفداء والاستقلال.
يقول عبد الرحمن الكواكبي: "إنه الاستبداد الذي يظل يرافق الحياة كلها بوجه عام والحكم بوجه خاص على تباين أثره وتفاوت شره فهو يشتد أو يضعف بقدر ما يخبو الوعي السياسي أو ينمو وبقدر ما يمحى التخلف أو يزداد وبقدر ما يصفو الفكر أو يتعكر وبقدر ما تظهر النزعات الوجدانية والمراحم الانسانية ومكارم الاخلاق أو تضمر..". ثم يتطرق المؤلف إلى موضوع العلاقة بين الاستبداد والمال فيكون الكواكبي سباقا لعصرنا الراهن مستطلعا آفاق ارتباط الاستبداد كسلوك سياسي وثقافي بالمال كعصب محرك للمجتمعات.
وبعد ذلك يحلل الكواكبي محور الاستبداد والأخلاق من منظور فلسفي عميق قل أن يدركه عالم متخصص، ثم يحلل علاقة الاستبداد بالتربية فالتربية لديه هي خميرة المجتمع وأساسه وعليها مسئولية تخريج جيل رافض للاستبداد. ثم هو في فصل الاستبداد والترقي وبعده في فصل الاستبداد والتخلص منه يقدم وصفة الحكيم المتمرس الأمين لتحقيق نهضة عربية وإسلامية ديمقراطية تعتمد احترام رأي الأغلبية والحكم بفضائل الأخلاق وتجسيد المحاسبة والمراجعة والعزل كأدوات لمراقبة الحاكم حتى لا يستبد.
وقد ختم الرجل كتابه بحكمة لا بد أن نوردها "إن الله جلت حكمته قد جعل الأمم مسؤولة من أعمال من تُحكمه عليها وهذا حق. فإذا لم تحسن أمة سياسة نفسها أذلها الله لأمة أخرى تحكمها كما تفعل الشرائع بإقامة القيّم على القاصر أو السفيه وهذه حكمة. ومتى بلغتْ أمة رشدها وعرفت الحرية قدرها استرجعت عزها.. وهذا عدل..". فكيف نعذر العرب على نسيان هذا الرجل وكتابه ونحن لم نجب على الأسئلة التي طرحها الكواكبي منذ قرن؟ وظللنا نعاني العلل نفسها بدرجات متفاوتة إلى يوم الناس هذا.