الكلاب الضالة.. أحدث ميادين الصراع بين أردوغان وخصومه
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
تتحول الكلاب الضالة إلى معركة سياسية في تركيا، بعد أن أقر البرلمان قانونا لمعالجة هذه المعضلة، يؤكد راعوه من حزب الرئيس رجب أردوغان أنه لسلامة تلك الحيوانات والناس معا، في حين تقول المعارضة إنه مجزرة بحق الحيوان ولجأت إلى المحكمة العليا لوقفها، وفق تقرير لصحيفة إلباييس الإسبانية.
والثلاثاء الماضي، وافق البرلمان التركي على قانون هدفه جمع ملايين الكلاب الضالّة من الشوارع ووضعها في ملاجئ، وسيكون "القتل الرحيم" مصير الكلاب العدوانية أو التي تعاني أمراضا تستعصي على العلاج.
وأشار مشروع القانون، الذي اقترحه حزب العدالة والتنمية الحاكم، إلى أن عدد الكلاب الضالة في تركيا يقدر بنحو 4 ملايين كلب، وأن البلديات أخصت نحو 2.5 مليون كلب خلال 20 عاما الماضية.
وجاء في القانون أنه يوجد حاليا 322 ملجأ للحيوانات يمكنها استيعاب ما يصل إلى 105 آلاف كلب، وأن البلديات مطالبة أيضا بموجب القانون بإنفاق ما لا يقل عن 0.3% من ميزانيتها السنوية على خدمات إعادة تأهيل الحيوانات وبناء ملاجئ لها.
ويمنح القانون البلديات مهلة حتى عام 2028 لبناء ملاجئ جديدة وتحسين الحالية، بعد أن كانت البلديات ملزمة بموجب تشريع سابق بإخصاء كل الكلاب الضالة وتطعيمها وإرجاعها بعد العلاج إلى حيث عُثر عليها.
من جهتها، أعلنت المعارضة الطعن لدى المحكمة الدستورية، وقال حزب الشعب الجمهوري إن البلديات التي يديرها ستتمرد على القرار في جزئيته المتعلقة بإعدام الكلاب، وفق صحيفة إلباييس.
بدوره، يوضح رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية عبد الله غولر لإلباييس، أن هناك 5 آلاف حادث مرور سببتها هذه الحيوانات خلال السنوات الأربع الماضية قضى فيها 55 شخصا، محذرا أيضا من انتشار داء الكلَب بسببها.
وتقول إلباييس أن حزب العدالة والتنمية نفسه أقر قانونا عام 2004 يمنع إعدام الحيوانات الضالة، واقترح بديلا لذلك إلزام البلديات بتطعيمها وإخصائها وإلصاق رقاقة إلكترونية بها، ثم إطلاق سراحها حيثما جُمعت.
وقبل 4 سنوات فقط، عزز البرلمان، وبالإجماع، حقوق الحيوان وشدد على عقوبة من ينكل بها، وقد أمر وزير الداخلية شخصيا في أوج وباء كورونا بحمل الطعام والماء إلى الكلاب الضالة في المتنزهات والحدائق والساحات.
ويحمّل غولر ببساطة حزب الشعب الجمهوري المعارض مسؤولية تدهور الوضع، ويقول إنه، منذ سيطرته على بلديتي إسطنبول وأنقرة الكبريين في 2019، ترك هذه الحيوانات الضالة بلا عناية فـ"ارتفعت أعدادها سريعا".
لكن صحيفة إلباييس ترى مشكلة الكلاب الضالة جزءا من صراع سياسي، فحكومة العدالة والتنمية تسعى -بعد تراجعها الانتخابي في بعض البلديات وفق الصحيفة- لتصوير المعارضة في مظهر من يحرص على حقوق الحيوانات أكثر من حرصه على حياة البشر، إلى جانب إناطة خصمها حزب الشعب الجمهوري بتطبيق القانون، وتهديد من يمتنع بعقوبات سجن تتراوح بين 6 أشهر وعامين.
وتذكر الصحيفة أن تلك المهمة تبدو هائلة، إذ لا توجد في كل تركيا إلا 322 دارا لرعاية الكلاب تتسع لنحو 100 ألف، وسيكون لزاما بناء 10 آلاف دار أخرى لرعاية 4 ملايين كلب ضال.
كما أن القانون يلزم البلديات بتخصيص ما بين 0.3% و0.5% من ميزانيتها لبناء هذه الدور، وحسب جمعية تركية للرفق بالحيوان، يعني ذلك أن إسطنبول الكبرى مثلا سيكون عليها صرف ما لا يقل عن 14% من ميزانيتها لتشييد ما يكفي لرعاية نصف مليون كلب ضال يعتقد أنها تعيش في المدينة بضواحيها.
وتستعرض الصحيفة أن من يزور تركيا يُفاجأ بعدد الكلاب والقطط التي تجوب بسلام الشوارع والحدائق والمتنزهات، حتى إنها تحولت إلى أحد أهم معالمها، مثلها مثل الجسور الشهيرة، ومقابل ما تظفر به من طعام تؤدي خدمة حيوية، منها تخليص المدن من النفايات والجرذان، خاصة كبراها إسطنبول (16 مليون ساكن إضافة إلى بضعة ملايين السياح، بكل ما يترتب على ذلك من نفايات هائلة)، وفق الصحيفة.
كل ذلك -تقول إلباييس- ترك انطباعا عميقا لدى الرحالة والكتاب الغربيين، فكتب الفرنسي ألفونس دو لامارتين مثلا عن هؤلاء الأتراك الذين يعيشون في سلام مع الحي والجماد على السواء، قائلا: "في كل الشوارع، تجد أوعية ماء مخصصة للكلاب"، في حين علق الأميركي مارك توين بلسان ساخر يفيض إعجابا: "لن تحرك تلك الكلاب ساكنا، ولو مر بها السلطان ذاته".
وتذكر إلباييس أن كثيرا من هذه الكلاب تعيش في غابات شمال إسطنبول، وأن بعض الأهالي يتوجهون يوميا لإطعامها وأن هناك اختلافا بشأن معالجة القضية، لا سيما أن آراء البعض تؤيد مسعى جمع الكلاب الضالة، لكنها لا تقبل بإعدامها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات العدالة والتنمیة الکلاب الضالة
إقرأ أيضاً:
بلومبيرج: أردوغان يستغل قوة تركيا في الناتو مع التراجع الأمريكي
أنقرة (زمان التركية) – نشرت وكالة بلومبيرغ مقالا تحليلا ذكرت خلاله أن أردوغان يسعى لاستغلال قوة تركيا في حلف الناتو مع تراجع الولايات المتحدة، وأن تركيا ترغب في تعاون وثيق مع أوروبا على الصعيد الأمني في الفترة التي تبحث فيها أوروبا عن سبل لتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة في ظل إدارة دونالد ترامب.
وأضافت بلومبيرج أن أردوغان كشف صراحة عما يرغب فيه خلال اجتماعه مع سفراء الدول الأجنبية على مائدة الإفطار التي أقيمت في العاصمة، أنقرة، خلال الأسبوع الماضي ألا وهو امتلاك دولة مسلمة مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وعضوية كاملة لتركيا بالاتحاد الأوروبي.
وأوضحت بلومبيرج أن تحقيق هذه المطالب غير ممكن على المدى القريب، لكننا بلد يؤمن بصدق بمبدأ “الصديق يقول الحقيقة المرة”.
وأكد أردوغان في كلمته خلال مائدة الإفطار مع سفراء الدول الغربية أن امتلاك دولة مسلمة لحق الفيتو داخل مجلس الأمر بات ضرورةأكثر منه مجرد حاجة قائلا: “لكن، نرى أن خمسة أعضاء دائمين يحاولون قمع المشاكل باستغلال السلطة عوضا عن الذهاب إلى تقاسم السلطة على أساس العدالة. ولا ينبغي إغفال أن عدد وحجم مشاكلنا سيواصل التفاقم كلما تم مقاومة موجة التغيير هذه. حن ندرك أن التعبير عن كل هذه الحقائق علانية لا يرضي بعض أصدقائنا. حتى لو تعرضنا للنقد، لم نتراجع عن قول الصواب والحقيقة وما هو صواب للبشرية بأسرها ولن نتراجع”.
وأشارت بلومبيرغ إلى أن هذا الطلب أظهر أن أردوغان استعاد الثقة بالنفس مع ظهور تركيا كمركز قوة أكثر بروزا وحجر الزاوية لحلف الناتو من خلال إعادة تشكيل التزام الولايات المتحدة تجاه أوروبا.
وأفادت بلومبيرج أن أردوغان وسع نفوذ تركيا العسكري والدبلوماسي من إفريقيا إلى الشرق الأوسط بطريقة لم يسبق لها مثيل منذ الإمبراطورية العثمانية مشيرة إلى أن القوات التركية قد تنضم أيضا إلى قوة حفظ السلام الأوكرانية في المستقبل.
وسلطت بلومبيرج الضوء على استخدام تركيا موقعها كجسر بين الشرق والغرب مؤكدة أن أنقرة في عهد أردوغان اكتسبت الموثوقية على كلا الجانبين بهويتها الإسلامية وعضويتها في الناتو.
وقالت الوكالة الأمريكية إن أنقرة تلعب أيضا دورا رئيسيا في الاتفاق الذي يسلم الحبوب الأوكرانية إلى السوق الدولية على البحر الأسود مفيدة أن تركيا تسيطر على نقاط حرجة لشحن الطاقة والتجارة البحرية.
وذكرت بلومبيرغ أن تركيا اليوم لديها أكبر أسطول من طائرات F-16 في الناتو بعد الولايات المتحدة الأمريكية مشيرة إلى أن واحدة من أكبر مزايا تركيا هي قوتها في الصناعة الدفاعية.
وأكدت بلومبيرج أن تركيا حققت طفرة كبيرة في صناعة الدفاع في السنوات الأخيرة مفيدة أن تركيا أصبحت واحدة من الموردين الرئيسيين لقذائف المدفعية عيار 155 ملم ذات الأهمية الحاسمة لأوكرانيا وهي مصدر مهم للسفن الحربية والمركبات الجوية غير المأهولة والمركبات المدرعة.
وأشارت بلومبيرج إلى تنفيذ تركيا استثمارات جادة في إنتاج الصواريخ الباليستية ودبابات القتال الرئيسية والطائرات المقاتلة مسلطة الضوء على اتفاقية التعاون بين شركة صناعة الدفاع الإيطالية ليوناردو إس بي إيه والشركات التركية لتطوير مركبات جوية بدون طيار بيرقتار.
هذا وأفادت بلومبيرج أن صعود تركيا مرتبط بأردوغان قائلة: “لقد جعل أردوغان تركيا جهة فاعلة يمكنها العمل بشكل مستقل وإقامة تحالفات مع دول مختلفة منذ وصوله إلى السلطة في عام 2003، حيث عززت علاقاتها مع دول مثل الصين وروسيا وإيران وزادت من فعاليتها على نطاق عالمي من خلال فتح ما يقرب من 100 بعثة دبلوماسية جديدة في العقدين الماضيين، كما تولت الوساطة في الصراعات في غزة والصومال وأوكرانيا”.
Tags: التوترات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبيالحرب الروسية الأوكرانيةالصناعات الدفاعية التركيةالعلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبيالمفاوضات الروسية الأمريكيةحلف الناتورجب طيب أردوغان