المتغيرات الحياتية والصحة النفسية
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
انتقل موضوع الصحة النفسية في حياة الناس في العقود الأخيرة من الظل حيث كان إلى الواجهة، وأصبح موضوعا من الصعب تجاوزه أو إنكاره في سياق الحديث عن رفاهية الإنسان واستقراره. ولا شك أن الاهتمام بالنفس واستقرارها بات اليوم في ظل المتغيرات التي نعيشها في عالمنا ضرورة ملحة لا يمكن الاستغناء عنها.
تشير الأرقام التي نشرتها منظمة الصحة العالمية إلى أن الاكتئاب سيكون السبب الرئيسي لعبء المرض بحلول عام ٢٠٣٠، وهذا ليس مفاجئا عندما نفكر بعمق في حجم الضغوط المتزايدة التي تتعرض لها المجتمعات الحديثة.
وتؤثر الحالة النفسية للإنسان كثيرا في كيفية تعامله مع مختلف التحديات التي تواجهه واستقراره الاجتماعي وقدرته على تجاوز مختلف التحديات التي تواجهه في حياته اليومية، وفي مختلف مسارات استقراره الحياتي، وتواصله مع الآخرين.
والمؤكد وفق الدراسات العلمية أن السلامة النفسية واستقرارها لا يقل أهمية بأي حال من الأحوال عن الصحة البدنية.. ومثلما ليس لأي منا أن يتجاهل السعال المستمر أو كسر العظام يجب ألا نتجاهل مشاعر الحزن المستمر أو القلق أو التغيرات التي تصيب الحالة المزاجية، ويمكن أن تكون عواقب تهميش الصحة النفسية مدمرة، إن لم تكن أكثر، من العديد من الأمراض الجسدية. بالإضافة إلى التأثير على حياة الأفراد، يمكن أن يؤدي ضعف الصحة النفسية إلى انخفاض الإنتاجية، وتوتر العلاقات، وتصاعد ضغوطات الحياة.
ومن إيجابيات المرحلة الزمنية التي نعيشها أن فهم الصحة النفسية تطور بشكل كبير وهذا التطور في التفكير يدل على الاعتراف الجماعي بأهميته. ومن المهم جدا أن يتم تكريس هذا الفهم والوعي ليس فقط عند الأفراد ولكن من المهم أن يكون موجودا في فهم المؤسسات، وفي مقدمة ذلك مؤسسة التربية والتعليم، وأن تكون دراسة الصحة النفسية ضمن المواد الأساسية في المناهج الدراسية منذ فترة مبكرة، ويكون جنبا إلى جنب مع تعليم الذكاء العاطفي. وهذا الوعي المبكر بموضوع الصحة النفسية من شأنه أن يسهم في تخفيف/ تغيير النظرة المجتمعية إلى العلاجات النفسية ما يجعل من يحتاج إلى العلاج النفسي لا يتأخر عنه لأسباب مجتمعية.
لكن الحديث عن الصحة النفسية لا يجب أن يحيلنا إلى فكرة التسليم بهشاشة أنفسنا أمام أي تحد مهما كان بسيطا.. فالأصل أن يواجه الإنسان في مسيرة حياته الكثير من التحديات بصمود وعزيمة وصبر لتجاوزها حتى لو انعكست على داخله النفسي، فليس كل متغير في النفس الإنسانية هو اضطراب نفسي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الصحة النفسیة
إقرأ أيضاً:
الوجه الخفي لبرامج المقالب.. كيف تؤثر على صحة الأطفال النفسية؟
أوجدت برامج المقالب لنفسها مكانة ثابتة على جدول الخريطة البرامجية الترفيهية لشهر رمضان على مدار السنوات الماضية، بل بات الجمهور ينتظرها من موسم لآخر، رغبة في الضحك والتنفيس عن أنفسهم من مشاق اليوم.
غير أن هذه البرامج باتت تشمل سلوكيات غير محمودة، يُحذر منها الخبراء التربويين ومتخصصي علم النفس والاجتماع، لمخاطرها على صحة الأطفال والمراهقين على وجه التحديد.
في هذا الشأن، يقول الدكتور المصري جمال فرويز، استشاري الطب النفسي والمخ والأعصاب، في حديث خاص لـ "24"، إن برامج المقالب خلال السنوات الأخيرة باتت تحمل سلوكيات مرفوضة مثل التنمر والإهانة واحتقار الضيف والإذلال منه تحت مسمى "المقلب".
ويرى فرويز، أن تأثير هذه البرامج على الأطفال مباشر، لاسيما أنها في الحقيقة تخضع لتصوير وتقطيع ومونتاج واعتذارات واتفاقيات وغيرها من الأمور التي تجعلها في النهاية لا تُحدث مشكلات بين مقدمها وضيوفه، حيث ينتهي الخلاف بمجرد انتهاء الحلقة، بعكس الواقع.
فيفي عبده تهدد حسن عسيري بالضرب.. ما القصة؟ - موقع 24شهدت أولى حلقات البرنامج الرمضاني "بروود كاست"، الذي يقدمه الفنان السعودي حسن عسيري عبر قناة "MBC مصر"، مواجهة حادة بينه وبين الفنانة المصرية فيفي عبده، التي انفعلت بشدة عليه وهددته بالضرب بعد سلسلة من الأسئلة الاستفزازية.هذا فضلاً عن أن برامج المقالب، تشهد مؤخراً اهتمام بالمادة على حساب الجمهور وصحته النفسية والعقلية أو احترام تقاليد المُجتمع، مشيراً إلى أن صُناعها يعملون على زيادة جرعات الإساءة للضيف بهدف انتشارها على منصات التواصل على نطاق واسع، دون مراعاة المعايير الأخلاقية أو المُجتمعية.
ويوضح الطبيب النفسي، أن الطفل "وليد التقليد"، وهو ما يجعله يُقلد ما يراه مباشرة، ويسعى لتطبيقه على أصدقائه وزملائه في المدرسة والشارع ويقوم بالسخرية منهم، ما يُخلف أزمات كبيرة بين الأطفال وأسرهم ويهدد تماسك المُجتمع.
تنمربجانب ما تحمله هذه البرامج من سلوكيات مرفوضة مثل التنمر وإهانة الغير، فإنها تعمل على تدمير الثقافة المُجتمعية، وهي أشبه بحملة مُمنهجة تؤثر على المُجتمع، ما يتطلب مراقبتها ووضع ضوابط صارمة لها.
ويقارن فرويز، بين برامج المقالب في مصر والوطن العربي ومثيلتها في أوروبا وأمريكا، لافتاً إلى أن هذه البرامج في البيئات الغربية تقدم الغرض منها وهو الترفيه ولكن دون تجريح أو إساءة للغير، كونها تراعي المعايير الخاصة بالمُجتمع.
يُشار إلى أن موسم رمضان يحتوي على مجموعة من برامج المقالب المتنوعة، يأتي في مقدمتها برنامج "رامز إيلون مصر"، تقديم الفنان المصري رامز جلال، بجانب برنامج "بروود كاست" تقديم حسن عسيري، حيث يقومان على إيقاع الضيف في مقالب مختلفة يتخللها سخرية.