لجريدة عمان:
2025-02-22@15:56:28 GMT

هل لدينا فن موسيقي؟!

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

ربما يثير هذا السؤال التعجب لدى الكثيرين ولسان حالهم يقول: كيف نتشكك أو نسأل عن وجود فن موسيقي في عالمنا العربي ونحن نبدع الموسيقى منذ زمن بعيد، وكان لدينا دائمًا أمهر العازفين، بل لدينا معاهد متخصصة في الموسيقى تحفل بأساتذة مرموقين ويتخرج منها مئات الموسيقيين، وعلى رأسها المعهد العالي للكونسيرفاتوار؟ غير أننا لا ينبغي أن نندهش عندما نعرف أن هذا السؤال نفسه (هل لدينا فن موسيقي؟) هو سؤال قد سأله أستاذنا الدكتور فؤاد زكريا منذ ستين عامًا في كتاب صغير الحجم ولكنه عظيم الشأن بعنوان «التعبير الموسيقي».

ولا ينبغي الاستهانة برأي فؤاد زكريا في الموسيقى، فهو -فضلًا عن كونه مفكرًا مرموقًا- كان أستاذًا مرموقًا في مجال فلسفة الفن، وصاحب ذائقة موسيقية رفيعة عرفتها بنفسي؛ فما من مرة زرته بمنزله إلا وجدته مستغرقًا في سماع الموسيقى. وليس معنى ذلك أنني أتبنّى رأيه في هذا المقال، بل أطرحه للمناقشة؛ ولكن المناقشة تستدعي أولًا التعرُّف على فحوى رأيه، وتستدعي كذلك تحديد المفاهيم التي يمكن على أساسها أن نناقش بهدوء هذه القضية.

عندما نتحدث عن فن الموسيقى هنا، فإننا نعني الموسيقى الخالصة pure music أو موسيقى الآلات instrumental music، أي الموسيقى الصادرة عن الآلات الموسيقية وحدها والتي تُكتَب خصيصًا لها، وهذه هي أيضًا الموسيقى التي يرى فؤاد زكريا أننا في الشرق نفتقر إليها باعتبارها فنًّا مستقلًا بذاته لا يحتاج إلى أي وسيط آخر غير لغة الموسيقى ذاتها؛ فالموسيقى الشرقية عنده يغلب عليها الطابع الغنائي، وألحان هذه الموسيقى فقيرة سطحية وتخلو من الهارموني. وهو في ذلك يقول: «الموسيقى الشرقية لا تملك بذاتها أية قدرة تعبيرية، وإنما تكاد تجربتنا الموسيقية كلها تنحصر في الأغاني وحدها. فإذا بحثت عن موسيقى خالصة، فلن تجد إلا محاولات بدائية قصيرة خفيفة، لا تعبّر عن شيء، وليس لها شأن يُذكر بجانب الأغاني، ولا تؤثر على الجمهور أدنى تأثير رغم سهولة فهمه لها؛ إذ إنها من دون كلمات الأغنية عاجزة تمامًا» (التعبير الموسيقي، ص. 68). بل إنه زاد على ذلك، فرأى أن معاني هذه الأغاني تتسم برومانتيكية ساذجة، واهتمام مفرط بمشكلة الحب وحالة التأوه والتباكي.

والواقع أن الحكم القاسي الذي وصف به فؤاد زكريا حال الموسيقى لدينا بقوله: «ليس لدينا فن موسيقى بالمعنى الصحيح» هو حكم يُسَاء فهمه عادةً كما ذكر هو نفسه في حواري معه المنشور في مجلة إبداع (في يونيو 2000)؛ فهو يقصد كما يصرّح بذلك: أن لدينا موسيقى ولكن ليس لدينا موسيقى خالصة قادرة وحدها على الاستغناء عن الكلمات؛ لأن كل ما يُسمى عندنا بالموسيقى هو عزف مصاحب للكلمات، والناس لدينا لا تتذوق إلا هذا النوع من الموسيقى؛ وبالتالي فهي لا تعرف الموسيقى الخالصة وغير قادرة على تذوقها. وعندما قلت لفؤاد زكريا -في حواري معه- إنني أعرف مؤلفين موسيقيين قد أبدعوا موسيقى خالصة، ومنهم صديقي المبدع راجح داود الذي قدّم أعمالًا تنتمي إلى الموسيقى الخالصة المطبوعة بروح شرقية تدخل في بنائها مقاطع مكتوبة لآلة العود؛ قال فؤاد زكريا: إنني للأسف لا أعرف موسيقى راجح داود، ولكن لنفرض أن مثل هذه الأعمال على مستوى عال جدًا من الإتقان، هل تستطيع هذه الأعمال أن تشق طريقها وسط الجماهير. هذا لا يمكن أن يحدث إلا عندما يتحوّل هذا الإنتاج الفني إلى ظاهرة، بحيث تستطيع أن تغيّر من وعي الناس وأذواقهم.

والحقيقة أنني لا أجد في مُجمل الرؤية السابقة ما يمكن أن نختلف عليه إذا كنا بصدد الكلام عن الموسيقى الخالصة أو موسيقى الآلات كما تتمثل في قوالب موسيقية معيّنة كالسيمفونية والكونشرتو والصوناتا، إلخ. ومع ذلك، فإننا نلاحظ أن هذه القوالب الموسيقية ليست هي الشكل الوحيد لتطوّر الموسيقى؛ فلقد تطوّرت وسائط التعبير في الموسيقى بحيث أصبحت متداخلة: فالموسيقى ذات البرنامج program music، ومنها -على سبيل المثال- «موسيقى الفيلم»، تنطوي أحيانًا على إبداع فن موسيقي خال، رغم أنها موسيقى قد تم تأليفها أصلًا من أجل فيلم ما، أي لكي تكون مصاحبة لأحداث فيلم ما، بل إنها قد ترتبط ارتباطا حميمًا -بذلك الفيلم- ومع ذلك فإن مثل تلك الموسيقى يمكن عزفها منفصلة بمنأى عن الفيلم الذي اقترنت به من خلال أعظم الفرق الأوركسترالية في العالم، ومن ذلك -على سبيل المثال- أعمال المؤلِّف الموسيقي الفذ إنيو موريكوني Ennio Morricone.

ومثل هذا يمكن أن يُقال عن بعض الأغاني الفريدة في الغرب والشرق التي يمكن عزف موسيقاها وحدها بمنأى عن الكلمات، ومع ذلك فإنها تلقى إعجاب الناس من مشارب وبيئات مختلفة حول العالم؛ فالموسيقى عندئذ تكون خالصة قادرة بذاتها على التعبير، حتى إن كانت تُوصف أحيانًا بأنها موسيقى خفيفة. وإن تساءلنا عن أمثلة واضحة على ذلك في موسيقانا الشرقية الغنائية، فيكفي أن نتأمل تأليف المقاطع الموسيقية الطويلة في بعض روائع الأغاني التي ألّفها عظام من أمثال: السنباطي وعبدالوهاب وفريد، ويكفي أن نتأمل بعض الجُمل الموسيقية البديعة لدى الموجي وكمال الطويل والرحبانية، وهي جُمل موسيقية تامة، وإن كانت متسلسلة، وهي تتسم بطابع من الرومانتيكية، ولكنها ليست رومانتيكية ساذجة بأية حال.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم يبحث دمج برنامج متكامل لتعليم الموسيقى في المدارس الحكومية

زار محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، اليوم، مقر شركة ياماها التعليمية، حيث اطلع على الممارسات الناجحة في مجال التعليم الشامل، وبحث سبل التعاون المستقبلي في دعم تعليم الموسيقى وتطوير المهارات المعرفية للطلاب، وذلك في إطار تعزيز الشراكة التعليمية بين مصر واليابان.

ورافق الوزير خلال الزيارة السفير محمد أبو بكر سفير مصر باليابان، والدكتور هاني هلال، الأمين العام للشراكة المصرية للتعليم، ونيفين حمودة مستشار الوزير للعلاقات الاستراتيجية والمشرف على المدارس المصرية اليابانية، والدكتورة هانم أحمد، مستشار الوزير للعلاقات الدولية والاتفاقيات، والأستاذة أميرة عواد، منسق الوزارة لمنظمات الأمم المتحدة.

أحدث الاتجاهات التربوية

وتأتي هذه الزيارة في إطار جهود وزير التربية والتعليم لتعزيز التعاون الدولي والاستفادة من الخبرات العالمية في تطوير المنظومة التعليمية المصرية، بما يواكب أحدث الاتجاهات التربوية ويسهم في بناء أجيال تمتلك مهارات متقدمة تتماشى مع متطلبات العصر.

وأعرب الوزير عن تطلعه للتعاون المستقبلي مع شركة ياماها في تقديم مجموعة متنوعة من البرامج التعليمية متكاملة خاصة في مجال الموسيقى، ودعم المشاريع التعليمية المشتركة، وتقديره لمساهمتها في تطوير المناهج الموسيقية وتدريب المعلمين.

وأكد أن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني تولي اهتمامًا كبيرًا بالأنشطة التعليمية والموسيقى، لحرصها على تنمية جميع جوانب شخصية الطلاب من خلال دعم البرامج والمبادرات التي تشجع على الابتكار والإبداع مثل الأنشطة الفنية والموسيقية، بما يسهم في تعزيز القدرات العقلية والاجتماعية لدى الطلاب.

واستُهلت الزيارة بعزف للنشيد الوطني المصري قدمه أحد الطلاب اليابانيين، في لفتة تعكس عمق العلاقات الثقافية بين البلدين.

إسعاد الأطفال عبر تعليمهم الموسيقى

وأعرب أتسوشي ياماورا، الرئيس والممثل التنفيذي لشركة ياماها، عن ترحيبه بالوزير والوفد المرافق له، مؤكدًا أهمية هذه الزيارة في تعزيز التعاون التعليمي بين الجانبين، ومشيدًا بالشراكة المتنامية بين مصر واليابان في مختلف المجالات التعليمية.

وأوضح أن الشركة تكرّس جهودها لإسعاد الأطفال عبر تعليمهم الموسيقى، وأن لديها خبرة تمتد لأكثر من سبعين سنة في دعم تعليم الموسيقى بالمدارس.

كما أشار إلى أن برامج ياماها لا تقتصر على تعليم العزف فقط، بل تسهم في تنمية المهارات المعرفية للأطفال، كما أثنى على الجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم المصرية لتطوير العملية التعليمية والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة.

وخلال اللقاء، استعرض ممثلو الشركة أبرز برامجهم التعليمية التي يجري تطبيقها بنجاح في عدد من الدول، مثل الهند وكولومبيا وماليزيا.

كما جرى تقديم عرض عن برنامج التعاون القائم بين ياماها والمدارس المصرية اليابانية، والذي يتضمن توفير محتوى تعليمي متخصص وبرامج تدريبية للمعلمين.

وفي ختام الزيارة، قدم الجانب الياباني مقترحًا للبدء في التشاور للتعاون مع وزارة التربية والتعليم المصرية بهدف إدماج برنامج متكامل لتعليم الموسيقى في المدارس الحكومية، بما يسهم في تنمية قدرات الطلاب الإبداعية وتحقيق تجربة تعليمية متكاملة.

مقالات مشابهة

  • بيروت تعانق الفن.. موسيقى الحُجرة تعود مُجدداً
  • موسيقى موزارت تصدحُ في بيروت.. لحظاتٌ تأسر القلوب
  • إنستجرام يضيف ميزات حديثة للرسائل المباشرة.. مشاركة الموسيقى واستخدام رموز QR أبرزها
  • شاكيرا تنتقم من بيكيه وصديقته خلال حفل موسيقي بالبرازيل
  • سعاد بشناق عن موسيقى فيلم يونان.. رحلة بين عالمين
  • مسلسل كساندرا.. موسيقى تصويرية تحكي قصة مرعبة
  • وزير التعليم يبحث دمج برنامج متكامل لتعليم الموسيقى في المدارس الحكومية
  • بعد وفاته بـ 6 سنوات.. لماذا تصدر طلعت زكريا تريند جوجل؟
  • دراسة: الموسيقى تساعد على تخفيف الألم بفعالية أكبر
  • طلعت زكريا يتصدر تريند جوجل بعد 6 أعوام من وفاته