المشهد الدولي والصراع الاستراتيجي والاقتصادي
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
العالم يمر بمنعطف خطير على صعيد الصراعات والحروب والخلافات العسكرية والتدافع نحو النفوذ والسيطرة الاقتصادية، حيث إن المفهوم الأخير هو الذي يقود المشهد السياسي كما نراه ونراقبه اليوم.
فالصراعات في القارة الإفريقية مشتعلة، حيث الأوضاع الخطيرة في السودان والوضع المتأزم في النيجر بعد الانقلاب العسكري، وهناك الأزمات في ليبيا ودول الساحل والصحراء في القارة الإفريقية، وهناك مشهد المهاجرين الذي يعد أحد المظاهر المحزنة على الصعيد الإنساني وهناك الحرب الأهلية في الصومال وهو الصراع المنسي تقريبا.
الوضع الاقتصادي في العالم لا يزال متأرجحا بعد جائحة كورونا وفي ظل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي أثَّرت كثيرا على سلاسل إمدادات الغذاء في العالم وهذه الحرب أدّت ولا تزال إلى عالم مختلف على ضوء الصراع بين روسيا الاتحادية وحلفائها والغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. ومن هنا فإن المشهد السياسي الدولي هو بالفعل في مفترق طرق، وبين تلك الصراعات والحروب والخلافات هناك المشهد الاقتصادي الذي يمر بمنعطف غير مستقر في ظل تقلبات سعر الفائدة الأمريكية وفي ظل العقوبات الاقتصادية القاسية على كل من روسيا الاتحادية وإيران وكوريا الشمالية، كما أن الحرب على الإرهاب الإقليمي والدولي لا تزال متواصلة خاصة مع انفلات الأمور في دول جنوب وغرب أفريقيا وفي ظل الحرب المشتعلة في السودان وفي ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي سوف تدخل مسارا جديدا في ظل ترقب بولندا وليتوانيا التدريبات العسكرية على حدودهما من قبل قوات بيلاورسيا وهناك قوات لفاجنر الروسية.
وعلى ضوء ذلك فإن العالم أمام مشهد معقّد يصعب السيطرة عليه من خلال المشهد السياسي والاقتصادي الذي تمت الإشارة إليه.
الولايات المتحدة الأمريكية وهي القطب الأوحد الذي يقود العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق أصبحت هناك شكوك حول استمرار النظام الدولي أحادي القطبية وهناك مؤشرات جادة في هذا الإطار منها بروز قوى إقليمية ومنها مجموعة بريكس التي تضم روسيا الاتحادية والصين والهند والبرازيل، وهناك دول قد تنضم إلى هذه المجموعة الاقتصادية والسياسية وفي مقدمتها السعودية وإيران ومصر. ومن هنا فإن هذا التكتل الإقليمي الذي يضم دولا ذات ثقل اقتصادي وعسكري وديموغرافي واستراتيجي سوف يشكل محورا مهما للمحور الأمريكي والغربي في المرحلة القادمة، خاصة إذا هُزمت أوكرانيا في الحرب الروسية الأوكرانية من خلال مؤشرات غربية تقول بأنه من الصعب على ضوء الميزان العسكري أن تتمكن القوات الأوكرانية من استعادة أراضيها الشرقية وجزيرة القرم الاستراتيجية حتى لو استمر الدعم العسكري والاقتصادي لكييف لسنوات وهذا منطق موضوعي ومن هنا يظل الحوار بين موسكو وكييف هو المخرج الوحيد للوصول إلى توافق سياسي يُنهي الحرب.
وأمام هذا المشهد الإقليمي والدولي فإن منطقة آسيا وتحديدا بحر الصين الجنوبي والمحيطين الهادي والهندي مرشحة للصراع الاستراتيجي القادم على ضوء المناخ السياسي الحالي، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية نفسها تعيش مشكلات داخلية متواصلة في ظل الاستقطاب الحزبي بين الحزب الديمقراطي الذي يحكم البيت الأبيض بقيادة جو بايدن وبين الحزب الجمهوري الذي يسيطر على مجلس النواب ويتحفز للانتخابات القادمة ليعيد الرئيس الأمريكي السابق ترامب إلى البيت الأبيض رغم أن ترامب يواجه عشرات القضايا والاتهامات الخطيرة، التي قد تعصف بمستقبله السياسي قبل الانتخابات في نوفمبر من العام القادم.
الأمم المتحدة لم تعد قادرة على إيجاد التوازن الدولي، حيث إن أهميتها بدأت في الانحسار ولم تستطع إيجاد حلول واقعية لكل المشكلات والحروب التي تجتاح العالم شرقه وغربه واكتفت ببيانات من الجمعية العامة والخطب الرنانة في شهر سبتمبر من كل عام، وهناك شكوك بأن ميثاق هذه المنظمة الدولية التي جاءت في أعقاب الحرب العالمية الثانية لم يبق منه سوى مواده القانونية؛ فالولايات المتحدة الأمريكية تحديدا استخدمت الفيتو على أي قرار من مجلس الأمن يخدم القضية الفلسطينية وأصبحت واشنطن هي الوكيل عن الكيان الإسرائيلي، والأمر ينطبق على روسيا الاتحادية فيما يخص مصالحها ومصالح حلفائها. ومن هنا فإن المشهد السياسي الدولي يمر بمخاض عسير لا يمكن التنبؤ بمساره ومع ذلك فإن مسار الحرب الروسية الأوكرانية سوف تحدد في نهاية المطاف الكثير من المحددات السياسية في عالم اليوم وقد نشهد عالما مختلفا متعدد الأقطاب وبالتالي تصبح الولايات المتحدة الأمريكية هي أحد أقطاب النظام الدولي الجديد وقد يكون ذلك خطوة إيجابية لحل المشكلات المعقدة التي يواجهها العالم في ظل شيء من العدالة الاجتماعية والاقتصادية للشعوب خاصة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وحتى على صعيد عدد من الدول العربية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الحرب الروسیة الأوکرانیة روسیا الاتحادیة المشهد السیاسی على ضوء لا تزال
إقرأ أيضاً:
منظومة "ثاد" الأمريكية تعترض لأول مرة صاروخا باليستيا أطلق من اليمن
قالت وسائل إعلام عبرية، اليوم ، إن منظومة الدفاع الجوي الأمريكية "ثاد" والمنصوبة جنوبي إسرائيل، أسقطت ولأول مرة صاروخا باليستيا أطلقه الحوثيون صوب البلاد.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن عملية الاعتراض تمت يوم الخميس 26 ديسمبر.
وأشارت إلى أنه تم إسقاط الصاروخ الباليستي قبل اختراق حدود إسرائيل.
يذكر أن هذه المنظومة نصبت في إسرائيل ضمن الاستعدادات للتصدي لأي هجوم إيراني محتمل.
ووثق جندي أمريكي عملية الاعتراض الليلة الماضية، وفي التسجيل حيث سُمع يقول: "لقد كنت أنتظر هذه اللحظة منذ 18 عاما".
كما ذكرت "قناة كان" أن منظومة ثاد الدفاعية الأمريكية التي نشرت في إسرائيل قبل حوالي شهرين جاهزة للعمل.
وبالإضافة إلى ذلك وصل مئات الجنود الأمريكيين المسؤولين عن المنظومة للتعاون مع سلاح الجو الإسرائيلي.
ومن الجدير ذكره أن نقل المنظومة إلى إسرائيل جاء بأمر مباشر من الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، قد صرح بأن الحوثيين يشكلون تهديدا حقيقيا وملموسا لأمن الإسرائيليين، وبالتالي فإن لتل أبيب الحق في الدفاع عن نفسها.
وأضاف كيربي أن الطريقة التي تدافع بها إسرائيل عن نفسها مهمة ونريد أن نرى أفعالا يكون لها تأثير ضئيل على البنية التحتية المدنية وأقل ضررا على المدنيين.
وأشار إلى أن هجمات الولايات المتحدة ضد الحوثيين ستستمر طالما بقي تهديدهم للسفن وإسرائيل.
نسبة كبيرة من الأوروبيين تعتقد أن ترامب سيوقف المساعدات الأمريكية لأوكرانيا
يعتقد سكان الدول الأوروبية أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب سيتوقف عن تقديم المساعدة المالية لأوكرانيا بعد تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة في 20 يناير 2025.
ووفق دراسة أجرتها مؤسسة YouGov على سكان المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والدنمارك والسويد وإسبانيا وإيطاليا، فإن أكثر من نصف المشاركين من ألمانيا (62%)، وإسبانيا (60%)، وبريطانيا (56%)، والدنمارك (59%)، وفرنسا (52%)، وإيطاليا (51%) يعتقدون أن ترامب سيوقف المساعدات المالية لكييف. وفي السويد، عبر ما يقرب من نصف المشاركين عن هذا الرأي – 48%.
وفي الوقت نفسه، فإن 19% إلى 20% فقط من الألمان والإسبان والدنمركيين والبريطانيين والفرنسيين الذين شملهم الاستطلاع يعتبرون أن مثل هذا السيناريو غير مرجح. وأعرب 24% من الإيطاليين و31% من السويديين عن نفس الرأي - فهم يعتقدون أنه من غير المرجح أن يتوقف ترامب عن تقديم المساعدة المالية لأوكرانيا.
وأجريت الدراسة في الفترة من 3 إلى 18 ديسمبر بين 2119 شخصا بالغا في المملكة المتحدة، و1014 في فرنسا، و2198 في ألمانيا، و1005 في الدنمارك، و1003 في السويد، و1064 في إسبانيا، و1011 في إيطاليا.
وكان ترامب قال في وقت سابق إنه سيكون قادرا على التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض للصراع الأوكراني. وقد صرح مرارا بأنه قادر على حل الصراع في أوكرانيا في يوم واحد. وتعتقد موسكو أن هذه مشكلة معقدة للغاية بحيث لا يمكن إيجاد حل بسيط لها كهذا.
وفي وقت سابق، في مقابلة مع شبكة "إن بي سي نيوز"، أشار ترامب، إلى أنه في ظل الإدارة الجديدة، لا ينبغي لكييف أن تتوقع نفس حجم المساعدة من واشنطن كما كان الحال خلال رئاسة جو بايدن.
وتعتقد روسيا أن إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا تتعارض مع التسوية، وتشرك دول حلف شمال الأطلسي بشكل مباشر في الصراع. وأشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن أي شحنة تحتوي على أسلحة لأوكرانيا ستصبح هدفا مشروعا لروسيا. ووفقا له، فإن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي متورطان بشكل مباشر في الصراع، بما في ذلك ليس فقط من خلال توفير الأسلحة، ولكن أيضا من خلال تدريب الأفراد في بريطانيا وألمانيا وإيطاليا ودول أخرى.