إنه «الاثنين الأسود» لأسواق آسيا وأوروبا بعد 37 عاماً من انهيار عام 1987، حيث تشهد الأسواق العالمية حالة من عدم الاستقرار مدفوعة بعاملين أساسيين:الأول: بيانات الاقتصاد الأمريكى التى أظهرت اتجاهاً نحو الركود وارتفاع معدلات البطالة، مما أدى إلى هبوط حاد فى مؤشرات الأسهم الأمريكية، وانعكس على أداء الأسواق فى معظم الاقتصادات الكبرى باعتبار الاقتصاد الأمريكى هو أكبر اقتصاد عالمى.

الثانى: الصراع السياسى والعسكرى فى منطقة الشرق الأوسط والمرشح لمزيد من التصاعد وقد يتطور إلى حرب إقليمية وكذا الصراع الروسى الأوكرانى.

وقد راهن «الفيدرالى الأمريكى» لوقت طويل على بيانات التوظف ومعدلات النمو، واستمر فى سياسة التشديد النقدى للوصول بالتضخم إلى 2%، وكانت النتيجة أن معظم الشركات استدانت بالين اليابانى الأرخص، ولما اتخذ «المركزى اليابانى» سياسات نقدية متشددة ارتفعت تكلفة الديون على الشركات المقترضة بالين، ومع الأحداث الجيوسياسية واهتزاز الثقة لدى رجال الأعمال على مستوى العالم، انطلقت حركة بيع كبيرة فى الأصول الغربية وباقى الدول لتغطية الأصول المكشوفة فى اليابان، وعادة يتخلص المستثمر بالبيع لأصوله فى الأسواق الرابحة لتغطية مراكزه فى الأسواق الخاسرة، وبالتالى تم بيع جزء من أدوات الدين قصيرة الأجل فى مصر وبعض الدول، ومن ثم خروج تدفقات كبيرة من الأموال الساخنة من مصر بحوالى 4 مليارات دولار فى وقت قصير جداً مما وضع ضغوطاً على الجنيه المصرى.

وفى ظل تلك الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية فقد انخفضت مؤشرات الأسهم بشكل حاد لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ بداية هذا العام، ففى الولايات المتحدة انخفض مؤشر داو جونز بنسبة %2.4 ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة، %3.15 بينما انخفض مؤشر ناسداك للشركات التكنولوجية بنسبة %2.7 وعلى مستوى العالم فقد شهدت مؤشرات الأسهم الرئيسية فى آسيا وأوروبا انخفاضات حادة أيضاً.

وقد أدت تلك الأوضاع الاقتصادية بالإضافة إلى المخاطر الجيوسياسية إلى اتجاه المستثمرين للتخارج من الأسواق المالية فى البلدان المتضررة من تلك الاضطرابات، مع انتشار حالة من العزوف عن المخاطرة والبحث عن مآلات آمنة.

وقد تزينت شاشات البورصات العالمية باللون الأحمر، فيما سمى بـ«الاثنين الأسود» لأسواق آسيا وأوروبا، وسط مخاوف من الركود التضخمى فى الولايات المتحدة الأمريكية وأثر ذلك السلبى على باقى دول العالم.

ومع تزايد قلق المستثمرين بشأن الركود فى الولايات المتحدة الأمريكية تراجعت مؤشرات سوق الأسهم، يوم الاثنين، وتراجع الدولار واليورو بنسبة 2% مقابل الين، وفى أوروبا تراجعت مؤشرات الأسهم الرئيسية منذ الافتتاح، وانخفضت باريس 2.42%، ولندن 1.95%، وفرانكفورت 2.49%، وأمستردام 3.05%، وميلانو 3.31%، وزيورخ 2.97%، ومدريد 2.79%، وفى بروكسل، أدرج مؤشر Bel20 عند 3880.55 نقطة بعد وقت قصير من افتتاح الأسواق يوم الاثنين، بخسارة قدرها 3.35%، حيث انخفضت جميع الأسهم فى المؤشر الرئيسى لبورصة بروكسل، بشكل حاد، كما افتتحت أسواق الأسهم الأوروبية الأخرى بخسائر كبيرة.

يعود السبب فى حالات التراجع والخسارة الكبيرة إلى تقرير عن التوظيف الأمريكى، الذى نُشر يوم الجمعة الماضى، والذى تسبب فى ارتفاع «عوائد الأسهم والسندات» فى وول ستريت، وتشير البيانات إلى أنه ارتفع معدل البطالة الأمريكية، خلال شهر يوليو الماضى، أكثر من المتوقع إلى 4.3% مقابل 4.1%، وهذا هو أعلى معدل بطالة منذ أكتوبر 2021، مما يشير إلى أن بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى يمكن أن يقوم بتخفيضات أسعار الفائدة بشكل أكثر جذرية مما كان متوقعاً فى سبتمبر المقبل أو الآن لمواجهة الأزمة.

وتشير التوقعات إلى أنه إذا قام بنك الاحتياطى الفيدرالى، فى سبتمبر المقبل، بتنفيذ خفض أولى لسعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، بدلاً من 25 نقطة أساس فستكون هذه طريقته للاعتراف بأنه استغرق وقتاً طويلاً لتخفيف سياسته النقدية.

وفى أسواق الأسهم الآسيوية، كان انخفاض المؤشرات أكثر وضوحاً، حيث شهدت طوكيو جلسة فى السقوط الحر، وانخفض مؤشرها الرئيسى، نيكاى بنسبة 12.4%، حيث انخفض بمقدار 4400 نقطة خلال الجلسة، وهو أسوأ انخفاض تاريخى له، حيث يعود الانخفاض السابق إلى انهيار سوق الأسهم فى أكتوبر 1987، وهبط مؤشر توبكس الأوسع نطاقاً بنسبة 12.23%، كما انخفضت أسهم تايوان بأكثر من 8%، وخسرت سيول أكثر من 9%.كما تراجعت أسواق الأسهم الصينية بشكل بسيط، حيث انخفض مؤشر هونج كونج، هانج سنج بنسبة 2.13% فى التعاملات الأخيرة، وانخفض مؤشر شنغهاى المركب بنسبة 1.54%، ومؤشر شنتشن بنسبة 1.85%.

وبطبيعة الحال فلم يكن الاقتصاد المصرى بمعزل عن التأثر بتلك الأوضاع المضطربة، إلا أنه لحسن الحظ فإن الإصلاحات الجذرية التى تبنتها الدولة منذ بدايات العام الحالى على الصعيدين النقدى والمالى قد شكلت حائط صد قوياً أدى لامتصاص الجانب الأكبر من التأثيرات السلبية للاضطرابات العالمية، خاصة فى ظل المستوى المرتفع من احتياطيات النقد الأجنبى التى تم بناؤها خلال الفترة الماضية، والتى تؤمن احتياجات مصر لفترة طويلة تفوق بكثير المستويات الآمنة المتعارف عليها عالمياً.

ومن ناحية أخرى فإن سوق الصرف الأجنبى فى مصر يعمل بشكل سلس ووفقاً لقوى العرض والطلب، ووفقاً لآليات السوق منذ مارس 2024، وتعتبر حركة سعر صرف الجنيه المصرى فى ظل الأحداث الراهنة طبيعية وشيئاً طبيعياً بالنسبة لأنظمة سعر الصرف المرنة، وهو الأمر الذى يساهم فى حماية الاقتصاد من الصدمات المختلفة كالتى تحدث حالياً فى أسواق المال العالمية، ويعزز استمرارية تدفق العملات الأجنبية من مصادرها المختلفة عبر القنوات الرسمية كتحويلات المصريين والاستثمار المباشر وغير المباشر فى المحافظ المالية وعوائد التصدير والسياحة وغيرها.

ونتابع معاً للرد على السؤال الهام: لماذا انحازت البورصة المصرية للانخفاض مثل باقى البورصات على الرغم أن الاقتصاد المصرى فى مرحلة التوسع والانطلاق ويجذب معدلات عالية من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.الوزير المفوضالمفكر الاقتصادى وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الاضطرابات الاقتصادية الاضطرابات السياسية أسواق أوروبا الاقتصاد الأمريكى مؤشرات الأسهم انخفض مؤشر بنسبة 1

إقرأ أيضاً:

الأسواق الأوروبية ترتفع بعد تراجع دام أربعة أيام وسط تصاعد التوترات التجارية العالمية

المناطق_متابعات

ارتفعت مؤشرات الأسهم الأوروبية، اليوم الثلاثاء؛ متعافية من سلسلة خسائر استمرت لأربعة أيام، حيث تداول المستثمرون في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية.

وارتفع مؤشر “داكس” في ألمانيا بنسبة 1.4%، بينما سجل مؤشر “كاك 40” في فرنسا زيادة بنسبة 1.8%، وارتفع مؤشر “فوتسي 100” في المملكة المتحدة بنسبة 0.9%؛ بحسب ما نقلته شبكة (سي إن بي سي) الأمريكية.

أخبار قد تهمك مؤشرات الأسواق الأوروبية تفتتح تعاملاتها على ارتفاع 18 أكتوبر 2024 - 1:48 مساءً

ومع ذلك، كان مؤشر “ستوكس 600” الأوروبي قد تراجع بنسبة 4.5% أمس الاثنين، ليغلق عند أدنى مستوى له منذ يناير 2024.

وتواجه الأسواق العالمية ضغوطًا شديدة جراء فرض رسوم جمركية واسعة من قبل إدارة ترامب، حيث صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن هذه السياسة هي الوسيلة الوحيدة “لعلاج” العجز المالي الضخم مع دول مثل الصين والاتحاد الأوروبي.

ورغم الانتعاش الذي شهدته الأسواق اليوم الثلاثاء، فإن هذه التوترات التجارية لا تظهر أي مؤشر على التهدئة، حيث نفى البيت الأبيض امس الاثنين الشائعات حول إمكانية تعليق الرسوم الجمركية.

بالإضافة إلى ذلك، تعهدت الصين بـ”القتال حتى النهاية” بعد تهديد ترامب الأخير بزيادة الرسوم الجمركية على واردات الصين بنسبة 50%، ما لم تتراجع بكين عن رفعها الأخير بنسبة 34% على السلع الأمريكية.

ومن المقرر أن يصوت أعضاء الاتحاد الأوروبي على تدابيرهم المضادة ضد الرسوم الجمركية الأمريكية غدا الأربعاء، وقد أعدت المفوضية الأوروبية، التي تنسق سياسة التجارة في الاتحاد، قائمة بالواردات الأمريكية التي تبلغ قيمتها 21 مليار يورو، مع خطط لتقليصها إلى 18 مليار يورو لفرض الرسوم عليها.

كما تعرض القطاع المصرفي الأوروبي لضغوط كبيرة في الآونة الأخيرة بسبب المخاوف المتزايدة من اندلاع حرب تجارية واحتمالية حدوث ركود عالمي، مما قد يؤدي إلى انخفاض الإنفاق، وضعف الطلب على القروض، وضغط على الرسوم الناتجة عن الاستشارات في الصفقات.

مقالات مشابهة

  • هبوط جماعي في الأسواق العالمية وسط تصاعد التوترات التجارية
  • الأسواق العالمية تتراجع بعد فرض مزيد من الرسوم
  • مؤشرات الأسواق العالمية تصعد مع استعدادات أميركية للتفاوض
  • ارتفاع ملحوظ في الأسهم الأميركية مع انتعاش الأسواق الدولية
  • الأسواق العالمية تلتقط أنفاسها بعد تراجع صدمة الرسوم الجمركية
  • الأسواق الأوروبية ترتفع بعد تراجع دام أربعة أيام وسط تصاعد التوترات التجارية العالمية
  • تراجع في الأسواق العالمية على إثر رسوم ترامب الجمركية
  • الأسهم تنهار عالميًا... والعالم يتأرجح على حافة أزمة جديدة
  • بسبب الرسوم.. «العملات المشفرة» تنضمّ لموجة هبوط الأسواق العالمية
  • تراجع حاد في الأسهم العالمية بعد الانهيار الكبير في وول ستريت