تتذكرون السؤال الأشهر في حياتنا؛ ماذا تحلم أن تكون عندما تكبر؟ وتأتي الإجابة مثل كل مرة لتعدد أبرز المهن النبيلة وهي: طبيب، أو معلم، أو مهندس، ومع تطورات الثورات التكنولوجية ظهرت مهن مكافئة، مثل مهندس برمجيات، أو باحث في الذكاء الاصطناعي، والحقيقة هي أن جميع المهن ضرورية لحياة الإنسان، ولكننا نحن من نوجه الصغار لهذه المسارات بعينها، ونبالغ في الاهتمام، والتركيز على العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات، ونحن من نرسخ في عقول أطفالنا صدارة العلوم في المشهد المعرفي، فهل وقفنا لحظة تفكير في مستقبل البشرية، بعيدا عن تكهنات الكرة البلورية بحياة تتزاحم فيها الآلات، والبشر، وتتخاطف التقنيات وظائف الإنسان؟ وهل حقا يصعب علينا الوصول إلى قناعة كاملة بأن جميع المجالات المعرفية ذات قيمة، وبأن العلوم كلٌ متكامل، يتحدى الانقسامات الوضعية التي أودعناها في خريطتنا التخصصية للمعرفة؟
تعالوا نقترب أكثر من الأوساط العلمية، والتقنية الدقيقة، نجد أن الفهم الواسع، والإدراك الواعي بالتخصصات الاجتماعية، والإنسانية محدود، وأن منتسبي الأوساط العلمية يعتقدون بأن العلم هو الموجه الأساس للمستقبل، وتتردد عبارات شهيرة في هذا الشأن، وأهمها: «نحن لا ندرس التاريخ؛ نحن نصنعه»، ظنا بأن التاريخ ما هو سوى مستودع أحداث الماضي، وأن لا صلة له بالمستقبل، لأن الاختراعات العلمية التي تجري الآن هي التي تصنع ملامح الغد، أما ما حدث بالأمس فلا يمكن استرداده أو تغييره، وبذلك فإن البحث في التاريخ ليس سوى قراءة تأملية، أو إعادة صناعة الحكايات والأساطير، وهذه التوجهات وإن كانت تحمل حججا قوية، إلا أنها تفتقر للشمولية والواقعية، وعلى النقيض من التطورات التكنولوجية المتقدمة، فإن مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية تحمل الكثير من أدوات وممكنات صناعة الغد الذي نصبو إليه، وهي وثيقة الصلة بمستقبل الإنسان على هذه الأرض.
دعونا نبدأ من مراحل التعليم المدرسي، أليس الفهم الذي يتنامى لدى النشء هو أن العلم ينتج أفكارا وابتكارات جديدة، وهو مادة المسابقات، والتفوق وارتياد الجامعات العريقة، وفي الجهة المقابلة ينظر إلى التاريخ على أنه مادة دراسية مشتقة بالكامل، ولا يتولد عنه فكر جديد كليا، وما تحتويها كتب ومجلدات التاريخ يصعب ترجمتها إلى معارف حقيقية تساعد على تحسين حياة البشر اليومية، وتحقيق الرفاهية لهم، وهذا الأمر يضعنا أمام مفترق الطريق، فتعليم التاريخ، والفلسفة، والفنون يجب أن يجد طريقه إلى عقول الناشئة، وهذا لا يتنافى إطلاقا مع ضرورة التركيز على العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات، لكن واقع الحال يظهر لنا ذلك الفصل الواضح بين المجالين، حتى صار من المسلمات البديهية أن المعرفة تتجزأ إلى علوم أساسية وبحتة، وأخرى اجتماعية وإنسانية، وهذا يقودنا إلى السؤال الجوهري وهو: هل تنقطع العلاقة بين منتسبي العلوم الأساسية بالعلوم الاجتماعية الأخرى مع اشتغالهم بتطوير الأبحاث العلمية، والنظريات عالية الدقة؟
وللرد على هذا السؤال علينا أن نطرح سؤالا آخر وهو: كيف يقاس التقدم والإنجاز العلمي والتكنولوجي في أي مجال من المجالات؟ وكيف يأتي تقييم الابتكارات والاختراعات؟ وكيف تحل نظرية ما مكان الأفكار السابقة لها؟ جميع هذه المستجدات تقاس بالعودة إلى سابقاتها في الماضي، وبمراجعة الأدبيات والنظريات الحالية والقديمة يمكن اعتبار الآراء والابتكارات المطروحة تقدما علميا، بحيث يتم تحليل منتهى الإسهام العلمي والابتكاري في الماضي، وما هي الإسهامات التي يقدمها الفكر الجديد، كخطوة طبيعية للانطلاق إلى الأمام من النقطة المرجعية، وهذه هي وظيفة مراجعة الأدبيات الذي يمثل الدماغ المحرك لأي جهود علمية وابتكارية، وهو في طبيعته يماثل بحوث العلوم الاجتماعية والتاريخية، فهو عمل تفسيري ونموذجي التحليل، من حيث الإحاطة واستنباط الجهود التي تنتمي إلى الماضي، ومن هذا التحليل تأتي الفجوات التي تستوجب وجود الجهد العلمي، وصناعة المسار الذي يربط الحاضر والمستقبل أيضا، إنه ذلك النوع من المراجعة التاريخية التي تمنح العلوم والاختراعات صفة «التقدم»، وهي مركزية للعلوم مثلها مثل النتائج التجريبية، وهي في ذات الوقت حيوية لرسم المستقبل، وبمثابة البوصلة التي تقود العملية البحثية والابتكارية.
وهذا يعني بجلاء أننا حين نقرأ في التاريخ فإننا نخطط للمستقبل، فالعلوم المتقدمة تبنى على ما سبقها من علوم ونظريات، وبأن المنهجيات العلمية، والفلسفة العميقة وراء الجهود البحثية والابتكارية منبعها واحد، وإن اختلفت الشكليات الظاهرية، لكن هذا الاعتراف لا يخلو من منكرين، إذ لا يزال الوسط العلمي يحفل بأفكار وتوجهات تعتبر العلوم الأساسية لوحدها مركز المعارف، وهي التي تمد فروع ومجالات المعارف الأخرى، كما ادعى كاتب المقالات توماس دي كوينسي، حيث أشار إلى أنه «بالنسبة للعلماء العاملين في وقتنا الحاضر، فإن كتاب مبادئ إسحاق نيوتن لعام 1687م ليس له قيمة أكثر من مجرد كتاب طبخ قديم»، و يعود هذا الفهم المحدود إلى أن عملية تأريخ العلوم لم يقم بها المؤرخون، وإنما تكفل بها العلماء أنفسهم، أو المهتمين بالعلوم والهندسة من باب الفضول العلمي، لذلك لم يأت تأريخ العلوم بمنهج معياري قادر على توثيق السمات الأساسية للتطور على المدى الزمني، والمعرفي، بدلا من ذلك، اقتصر تاريخ العلوم على جمع وحفظ الاكتشافات العلمية بوصفها السمة الأساسية للعلوم، واقتصر التركيز على انتقاء الآثار المادية للماضي، والمحفوظة كأدوات، وخرائط، ومعدات وأجهزة، وقطع أثرية وحفريات، ومجسمات تزخر بها وحدات الدراسات العلمية، والأقسام الأكاديمية المتخصصة، والمكتبات، والمتاحف، ولم يتمكن مؤرخو العلوم من توثيق عدد لا يستهان به من الجوانب الثقافية غير المادية، مثل مجموعة المهارات، والسمات الشخصية، والملكات الفردية النادرة، والسلوكيات والأساليب المتنوعة التي انتهجها العلماء والباحثون على مدى العصور الماضية، ناهيك عن السير الشخصية للعلماء، والمخترعين، والمبتكرين، والمنظرين البارزين، هذه الأبعاد ضرورية ومهمة في تأسيس جيل من الباحثين اليافعين، وإثارة الاهتمام بالعلوم وأهميتها، ومتعتها، وترسيخ الثقافة العلمية، وبناء القدرات الكفؤة في العلوم والهندسة والتكنولوجيا كمقدرات وطنية.
وتعد المتاحف العلمية أبرز مثال على أن عملية تأريخ العلوم كانت انتقائية، حيث تقوم هذه المتاحف بتعزيز السمات المادية للعلوم، وتجسيدها أمام الزوار من الطلبة، ومن جمهور المهتمين من عموم المجتمع، وتُعَّرف الرابطة الأمريكية للمتاحف ماهية المتحف على أنه «مؤسسة تجمع، وتحفظ، وتوفر الوصول إلى الأشياء ذات الأهمية الثقافية، أو التاريخية، أو العلمية، للصالح العام»، في حين لا يتوفر تعريف دقيق للمتاحف العلمية، فهي وإن كانت لا تختلف في التعريف عما ذكر سابقا إلا أن هذه المتاحف لها خصوصية من حيث وجود الأنشطة التفاعلية مثل القباب السماوية، والمعدات التي تسمح للزوار بالقيام ببعض التجارب العلمية، وهي تمنح الزائر فرصة معايشة الماضي، وتجربة الحاضر، والتنبؤ بالمستقبل، وبالتركيز في وظائف متاحف العلوم فإن الحاجة كبيرة للتجسير بينها وبين متاحف التاريخ الطبيعي، وتوحيد رسالتهما الاستراتيجية، والحضارية في محو الأٌميَّة العلمية، وزيادة ملكات التفكير النقدي، عبر إتاحة مفاهيم معقدة عن العقل البشري، وتفاعله مع الظواهر الطبيعية، والابتكارات التكنولوجية، والأفكار العلمية، وتعزيز الحوار، والتكامل، وتقبل التنوع بين العلوم البحتة، وفروع العلوم الأخرى، والبحث عن عمق القيم الثقافية غير المادية للاختراعات العلمية، والابتكارات التكنولوجية، والعلماء الذين أسهموا في تغيير وجه العالم، والبحث عن التماثل بين فروع المعرفة، ويمكن للمتاحف العلمية أن تخلق مساحات الالتقاء، والحوار بين قطبي المعرفة، كمحفزات الإدماج، والبناء المعرفي المشترك.
وقبل أن يجف حبر المؤرخين، لا بد من التأكيد على أن تاريخ العلم يتحدى الانقسامات العميقة التي أودعناها في خريطتنا التخصصية للمعرفة، ومهمة العلوم تتمثل في توظيف جميع فروع المعرفة لخدمة الإنسانية، حيث تتفاعل العلوم الأساسية والبحتة مع مجموعة كاملة من المواد الإنسانية، والعلوم الاجتماعية الأخرى، وعلى رأسها التاريخ الذي رافق التطورات العلمية على مر العصور، ويجب الالتفات إلى أهمية تضمينه في عمق الجهود البحثية والابتكارية تجنبا لتكرار المشهد السابق، حينما طور التاريخ ذاكرة انتقائية لتطور العلوم، وفقدت البشرية معارف جوهرية، لو أنها كانت مدونة لوفرت على العلماء والمهندسين أزمنة من جهود التطوير العلمي والتكنولوجي، وهكذا يمكن أن نسمع استجابات مختلفة حينما نسأل أطفالنا عن حلمهم المستقبلي، لا شك بأن يكون منهم من يحلم بأن يصبح عالما في تاريخ الاختراعات، وباحثا في فلسفة الابتكارات، ومحللا لسير المخترعين العِظام، ومستشرفا في تقنيات المستقبل، وسلوكيات الروبوتات، فالمهارة الحقيقية المطلوبة لعصر ما بعد الثورة الصناعية الرابعة هو المرونة الاستراتيجية، والذكاء الاجتماعي الممكن للتضمين والشمولية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: على أن
إقرأ أيضاً:
ختام الندوة العلمية قراءات في فكر الشاعر ولد وزير
اختتمت بولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية اليوم فعاليات الندوة العلمية بعنوان "قراءات في فكر الشاعر سعيد بن عبدالله ولد وزير الفارسي" والتي نظمتها وزارة الثقافة والرياضة والشباب ممثلة بالمنتدى الأدبي على مدى يومين بقاعة المشارق بولاية صور حيث شهد اليوم الختامي الجلسة الثانية للندوة والتي أدارها الشاعر عبدالله بن محمد العريمي حيث قدمت خلالها الدكتورة سعيدة بنت خاطر الفارسية ورقة عمل بعنوان "الميدان في شعر ولد وزير" تطرقت من خلالها على التعريف بفن الميدان وهيكل البناء الشعري للميدان والوزن الشعري للميدان، وإيقاعه الموسيقي موضحة بأنّ الميدان سيّد الفنون الشعبية وابن البلاغة العربية ولماذا يحرص الشعراء لانتمائهم للميدان، وإن ود وزير شاعر الميدان المحظوظ وله مساجلات في الميدان مع غيره من الشعراء مع حافظ المسكري ومع راشد بن سلوم (سويري) ومع يوسف ود عبيد الفارسي ومع صديقه حمد بن علي الغافري ومع سبيت ود حمدان العريمي ومع عبدالله الصايغ الفارسي كما تطرقت إلى أنواع الميدان وتعريفاتهم عند ود وزير و"المربوع" و"المثمون" والقصائد الطويلة خاصة الإخوانية وكيفية بناء كل من الأنواع السابقة لدى الشاعر ود وزير مقدمة بعض نماذج من أشعار ود وزير في الميدان.
فيما قدم الدكتور سالم بن سعيد العريمي ورقة عمل بعنوان "حضور البحر وتجلياته في شعر ولد وزیر" وقال" إن البحر في أدب سعيد ود وزير يمثل موضوعًا أثيرًا وثيمة أساسية في شعره، ولأنّ البحر كان وما يزال عالمًا متسعًا ومنطلقًا فسيحًا للترحال والسفر واكتشاف المجهول، فقد كان الشاعر مشاركًا هو وأقرانه في ركوب البحر مكتشفًا لعوالمه عابرًا لآفاقه الفسيحة مجربًا كل قضية يمر بها من يسكن قرب البحر ويحتم عليه الواقع الحياتي أن يقضي معظم حياته عرض المحيط فيواجه أهواله ورياحه ويسبر أغواره البعيدة ويتنقل بين موانئه القصية فإن ذلك العالم حتما سيتسرب إلى فكره ووعيه ويختلط بعواطفه ومشاعره وأحاسيسه ويمتزج بأدبه وشعره مؤكدا الدكتور في ورقته بأنّ البحر يمثل مادة خصبة في ثقافة الشاعر وموضوعاته الشعرية المختلفة، وتتشظى في لغته مفردات البحر وثيماته المختلفة ودلالاتها الموحية وإن الشاعر حين يكون بحارًا وقبطانًا في الوقت ذاته يأخذ منه البحر حياته وراحته وعاطفته ولكنه يمنحه في المقابل نفسًا شعريًا مؤثرًا ومادة أدبية متسعة ولغة ثرية تمتزج بشعريته بحيث يرى القارئ بجلاء تلك العلاقة الوشيجة بين الشاعر والبحر وتمثلات ذلك على أدبه وفنه الشعري.
كما قدم طاهر بن خميس العميري ورقة عمل بعنوان "الإيقاع وجمالية الصورة الشعرية في شعر سعيد بن عبدالله ولد وزیر" مبينًا بأن الصورة والإيقاع تشكل موسيقى الشعر وتتشكل دلالاتها وإيحاءاتها وتأخذ مداها الأبعد بما تحدثه من أثر جمالي من خلال جرس ألفاظها واستعاراتها ونهر مجازها الذي يشق طريقه محدثًا دهشة تنتج المعنى الذي يتوارى خلف أكماتها وأحراشها وتشكل الصورة ثراء فنيا في القصيدة الشعرية وذلك بما تنتجه من معان دالة إلى جانب مهمتها الجمالية في العمل الإبداعي، وتذهب الصورة مع الخيال والعاطفة جنبا إلى جنب في قدرتها على إحداث الأثر النفسي وفي خلق الحالة الشعورية التي يتمثلها الشاعر لحظة الكتابة كما تتبع العميري في ورقته جمالية الصورة الشعرية بمبانيها الأساسية المجاز والاستعارة، والتشبيه، وجمالية الإيقاع المتمثل في الموسيقى المتولدة عن الوزن والقافية والموسيقى الخارجية إلى جانب الموسيقى الداخلية الخفية الذي يحدثه جرس الألفاظ في قدرتها على نقل الحالة الشعورية إلى جانب المحسنات البديعية التي تشترك في إثراء الموسيقى الداخلية للنص الشعري.
وقدم الشاعر عوض بن درويش العلوي والمهتم بالتراث والشعر الشعبي في ورقة العمل "قراءة تحليلية في نصوص فن الرزحة في شعر سعيد ولد وزير" بيّن من خلالها إبداعات الشاعر سعيد بن عبدالله ولد وزير الفارسي في شعر الرزحة خلال الفترة ما بين 1938 - 1990م، وأشهر محاوراته مع شعراء عصره وقصائد النصح والوعظ والإرشاد ونصوص المناسبات ومراسلاته ومحاوراته الفكاهية أو الدرامية التي رسمت الصورة الذهنية للشاعر ولغة الحوار التي تميز بها الشاعر كما تناولت القراءة للسمات والمظاهر الشعرية المتمثلة في التكرار في شعره وحسن الاستهلال والحداثة في القوافي والأوزان والطرافة والفكاهة والأسلوب القصصي ودقة الصورة وأثر البيئة.
وقدمت الباحثة هدى بنت خلفان الحراصية ورقة عمل بـ"عنوان الشخصيات المؤثرة في تاريخ الموسيقى التقليدية في سلطنة عمان" أشارت فيها إلى أن هناك شخصيات لها بصمة (تحليل) عام للشخصية من خلال المفردة الشعرية للشاعر (ولد وزير) والبعض من الشعراء والخصائص النفسية التي لمسها الباحث من التوظيف الشعري من خلال المساجلات بين الشعراء بحثًا في اللكنات وتفكرًا في أبعاد تلك المحاورات كثقافة دينية واتساع الاطلاع الثقافي عند شعرائها، ويُعد التراث الموسيقي العماني سجلًا زاخرًا من الروايات والأحداث الاجتماعية اليومية، وذلك من خلال ما تضمنته أنماطه الموسيقية من قصص سردتها القصائد المغناة أو من خلال العمق الفضائي لتلك الفنون في الأداء الحركي ومعاصرة تلك الأحداث والتفاعل معها موصيةً في ورقتها إلى وجوبية جمع الأسماء التي أسهمت في حفظ الموروثات الشعبية في معجم واحد ليكون في متناول أيادي المهتمين والباحثين.
وقدم الباحث محمد بن خلفان بن محمد المشرفي ورقة عمل حول دور مركز عمان للموسيقى التقليدية في توثيق تجربة الشاعر ولد وزير أشار فيها إلى أن مركز عُمان للموسيقى التقليدية يعد من أبرز المراكز المتخصصة في توثيق وحفظ التراث الموسيقي العماني المتنوع والغني، حيث يكرس جهوده للحفاظ على هذا التراث ومتابعته ميدانيًا في مختلف أرجاء السلطنة وقد تأسس المركز بمسماه الحالي عام 1984م، بعد عام من تنفيذ مشروع جمع وتوثيق الموسيقى التقليدية العمانية تحت مسمى" مركز الفنون الشعبية العمانية"، والذي أطلقته وزارة الإعلام بتوجيه من المغفور له السلطان قابوس بن سعيد -رحمه الله- ومنذ ذلك الحين، يقوم المركز بمهمته المتمثلة في توثيق الأنماط الموسيقية التقليدية المختلفة وأرشفتها ويضم أرشيف المركز الآن مئات الوثائق السمعية والبصرية والصور الفوتوغرافية التي جمعت ميدانيًا، وتشمل نماذج من الغناء التقليدي العُماني، كالأشعار والألحان والإيقاعات، وأسماء الممارسين والرواد، ومناسبات الأداء في مختلف ولايات سلطنة عمان ويتم تنفيذ هذا العمل عبر منهجيات علمية دقيقة تشمل التوثيق الصوتي والبصري، وإجراء المقابلات مع أصحاب الخبرات في الموسيقى التقليدية ومن بين أبرز الرموز الذين قام المركز بتوثيق تجربتهم، يأتي سعيد بن عبدالله الفارسي المعروف بـ" ولد وزير"، حيث تم التعرف على تجربته الموسيقية والشعرية من خلال مقابلة تلفزيونية قدمها الدكتور يوسف شوقي مصطفى، أحد أبرز علماء الموسيقى العربية في القرن العشرين وقد تضمنت المقابلة تفاصيل حول بداية ولد وزير " في الفنون التقليدية العُمانية، وأبرز رواد عصره، إلى جانب دور مركز عُمان للموسيقى التقليدية في توثيق تجربة الشاعر ولد وزير".