مسؤولة بالخارجية الأمريكية: الرئيس بايدن رجل عجوز يدعم الإبادة الجماعية للفلسطينيين
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
د. أنيل شيلين: تقدّمت باستقالتى بسبب الدعم غير المشروط من البيت الأبيض لإسرائيل
قالت الدكتورة أنيل شيلين، المسئولة السابقة بالشئون الخارجية فى مكتب شئون الشرق الأدنى التابع لمكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان بوزارة الخارجية الأمريكية، إن «بايدن» يدعم الإبادة الجماعية للفلسطينيين فى غزة.
وأكدت «شيلين»، فى حوار لـ«الوطن»، أن الرئيس رجل عجوز ومتمسّك جداً بأفكاره، وليس على استعداد لقبول فكرة أن دعم إسرائيل ليس الخيار الصحيح، والإدارة الأمريكية تعانى إفلاساً أخلاقياً.
- استقلت أواخر مارس الماضى، أى بعد نحو 6 أشهر من الحرب، انتظرت حتى ذلك الحين، لأنه كان علىّ التزام بالعمل فى الحكومة الأمريكية لمدة عام كامل، وأردت البقاء لأن مكتبى كان يعمل على تقارير حقوق الإنسان وكنت مسئولة عن 5 دول، ولم أرغب فى ترك فريقى يتولى هذا العمل إذا كنت قد استقلت فى وقت سابق، لذا، فإن التزامى بالخدمة لمدة عام واستكمال تقارير حقوق الإنسان يتوافقان مع نهاية شهر مارس، وهو الوقت الذى أخبرت فيه وزارة الخارجية بأننى سأستقيل.
هل أخبرتِ وزارة الخارجية باستقالتك علناً؟
- لا، لم أخبرهم أننى سأفعل ذلك علناً، أنا شخصياً لم أخطط للقيام بذلك علناً إلا قبل أسبوع تقريباً من تاريخ استقالتى.
هل واجهتِ ضغوطاً لعدم الاستقالة؟
- عبّر المشرفون علىّ عن بعض الحزن عندما أخبرتهم أننى سأستقيل بسبب غزة، وسألونى عما إذا كانت هناك أى طريقة لإقناعى بالبقاء، فقلت لا، لم أعد أرغب فى أن تكون لى أى علاقة بهذه الإدارة، ولم أرغب فى العمل لصالح الولايات المتحدة.
هل هناك مسئولون أمريكيون آخرون يمكن أن يعلنوا استقالتهم؟
- هناك بالتأكيد آخرون، لكن معظمهم فى المستويات الأدنى تأثيراً، وأرى أنه إذا استقال شخص فى مرتبة عُليا بالإدارة الأمريكية، فذلك يبعث رسالة أقوى إلى إدارة جو بايدن والعالم.
كيف تعلقين على الاستقالات الأخرى داخل الإدارة الأمريكية؟
- أنا معجبة للغاية بكل الأفراد والمسئولين الذين استقالوا من إدارة جو بايدن، لكننى أشعر بخيبة أمل، لأنه ليس هناك المزيد، أعتقد أن 12 شخصاً قد استقالوا علناً، أنا على اتصال مع هؤلاء الأفراد، قد يكون هناك آخرون، لكننى ما زلت أشعر بخيبة الأمل لأننى كنت أتمنى أن يستقيل الأفراد البارزون بسبب الحرب على غزة، ومن المخيب للآمال للغاية أننا لم نشاهد أشخاصاً رفيعى المستوى داخل وزارة الخارجية أو داخل الحكومة يستقيلون، وأعتقد أن هذا يشير إلى الإفلاس الأخلاقى لهذه الإدارة.
كيف تعاملتِ مع حرب غزة خلال عملك؟
- لم أكن أغطى إسرائيل وفلسطين فى عملى، لقد ركّز عملى فى المقام الأول على بلدان المغرب العربى، بالإضافة إلى دولتين خليجيتين، لكن عملى تأثر بشكل كبير بعد أحداث السابع من أكتوبر، وفى ما يتعلق بالتعامل مع حرب غزة، تنفق وزارة الخارجية قدراً هائلاً من الوقت للوصول إلى المعلومات هناك، وجميع المعلومات الاستخبارية حول الشرق الأوسط تركز على غزة وإسرائيل والضفة الغربية، وهذا كان له تأثير كبير على عملى اليومى فى وزارة الخارجية، لكننى لم أكن أغطى إسرائيل أو فلسطين بشكل مباشر.
ما رأيك فى الدعم الأمريكى اللامحدود لإسرائيل فى حرب الإبادة الجماعية؟
- لقد فوجئت بدعم جو بايدن لحرب الإبادة الجماعية، لقد حاول أن يقدّم صورة إلى الأمريكيين عند انتخابه عام 2020 كشخص يمكن أن يثق به الشعب الأمريكى بعد رئاسة دونالد ترامب، ليكون شخصاً يضع نوعاً من الأخلاق والقيم الأمريكية فى المقام الأول، وفوجئت باستمراره فى تقديم هذا الدعم غير المشروط لإسرائيل، وعندما أحاول أن أفهم ما فعله، لا أعتقد أن الأمر مثير للدهشة، نظراً لأنه لم تتم معاقبة أى سياسى أمريكى على الإطلاق سياسياً أو انتخابياً بسبب دعمه إسرائيل أكثر من اللازم، و«بايدن» يؤمن بشدة بدعم إسرائيل، لذلك ومن الصادم أن يقوم أى شخص بدعم إسرائيل بعد كل ما فعلته، لكننى أرى أن «بايدن» رجل عجوز، ومتمسك جداً بأفكاره، وهو ليس على استعداد للاستماع إلى أولئك الذين يقولون له إن دعم إسرائيل ليس الخيار الصحيح.
كم مرة تحدّثت مع إدارة بايدن حول إبادة الأطفال والنساء فى غزة؟
- أنا لست مسئولة كبيرة بما يكفى لأكون على اتصال مباشر بإدارة بايدن، لكننى ما زلت بالتأكيد على اتصال مع زملائى السابقين، البعض منهم يعتقدون أنهم ما زالوا يقومون بعمل مهم داخل وزارة الخارجية، أو لأنهم ببساطة لا يرون أى خيار للمغادرة فى ما يتعلق بوضعهم المالى، فعليهم أن يحتفظوا بوظائفهم من أجل أسرهم، وأنا على اتصال بهؤلاء الأفراد، الذين يتفق الكثير منهم على أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية.
كيف تعلقين على تغيير الدعم العالمى لإسرائيل وبداية الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟
- الأمر المثير للاهتمام هو كيف تغيّر الدعم الأمريكى لإسرائيل، فالاحتجاجات فى حرم الجامعات وبعض التقارير الإعلامية واستطلاعات الرأى أظهرت أنه كان هناك تحول كبير فى الرأى العام الأمريكى، وفى ما يتعلق بكونها بداية الاعتراف بفلسطين، أعتقد للأسف أن ذلك من وجهة نظر أمريكية ربما لا يزال بعيداً جداً، لكن الأجيال الشابة من الأمريكيين لن تدعم إسرائيل دون قيد أو شرط بالطريقة التى فعلها آباؤهم وأجدادهم، وذلك سيستغرق عقوداً قبل أن نبدأ فى رؤية تأثير حقيقى على الصعيدين السياسى والانتخابى فى الولايات المتحدة.
صورة «أمريكا»اهتزت صورة «أمريكا»، ولسوء الحظ، شابها النفاق بالفعل، بسبب ردود الفعل على أحداث 11 سبتمبر، وغزو العراق، والحرب العالمية على الإرهاب، لكن ما تفعله الولايات المتحدة الآن يتجاوز كل ذلك، وجزء مهم من اهتزاز صورة أمريكا يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعى، بالطريقة التى يرى بها الناس فى جميع أنحاء العالم أهوال ما يفعله الجيش الإسرائيلى من حيث إسقاط القنابل، وتجويع الفلسطينيين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حرب غزة استقالات بـ البيت الأبيض الانتهاكات الإسرائيلية الإبادة الجماعیة وزارة الخارجیة على اتصال
إقرأ أيضاً:
إسرائيل.. الاحتماء بالإبادة
كشفت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزّة، عن عوامل أخرى للاستمرارية الإسرائيلية، أو عن أسباب القدرة الإسرائيلية على تثبيت وضعها الطارئ والشاذ المفتقر للمبررات الذاتية، أو عن أدوات "إسرائيل" لحماية نفسها في وضعها الشاذّ ذاك، وبعض هذه العوامل معلوم بداهة، ولكنّه تكشّف هذه المرّة بنحو فجّ، صادم، لا من حيث هو، ولكن من حيث الدرجة التي بلغها، وهو الدعم الأمريكي المطلق والمفتوح والذي لا تبدو له حدود نهائية. وهذا العامل المعلوم، متصل في درجته بعامل آخر، إسرائيلي ذاتي، ولكنه مندفع بلا كوابح بفعل هذا الدعم الأمريكي، وعوامل أخرى.
العامل الأساس الذي تحمي "إسرائيل" نفسها به هو الإبادة، وعلينا بعد الإبادة التي وقعت على غزّة، أن نعود إلى وصف السياسة الإسرائيلية منذ تأسيسها إلى اليوم، بوصفها سياسة إبادية، بقطع النظر عن التعريفات القانونية المتباينة للإبادة، والكيفيات القضائية الدولية في الحكم بوقوع الإبادة بالفعل. إذ يبدو الأمر مهينا للعقل، ومُهدّدا للاجتماع البشري، حينما تُشترط النوايا المعلنة، للحكم على الإبادة الواقعة بالفعل أنّها إبادة، علاوة على التوظيف السياسيّ لمفهوم الإبادة، لتسهيل إبادة شعب، أو على الضدّ من ذلك لكبح جماعة أخرى، دولة كانت أو غير ذلك، باتهامها بالإبادة حتى لو لم تتوفر المعايير القانونية المُدعاة والمشترطة لاتهام آخرين.
مستوى العنف الذي بلغته "إسرائيل" في غزّة، لا يتعلّق جوهريّا بعملية "طوفان الأقصى"، ولكن بالغريزة الإسرائيلية، أي الوعي الكامن بالشذوذ في الوجود الذاتي، المهدّد بحكم شذوذه بالزوال، بحيث لا يمكنه الاحتفاظ بوجوده الشاذّ إلا بإبادة كلّ ما هو طبيعي من حوله. والطبيعي الأقرب إلى الإسرائيلي هو الفلسطيني، الذي بمحض وجوده يرفع درجة التوتر الوجودي الإسرائيلي، لأنّ أساس الوجود الإسرائيلي، وفق الترتيب الصهيوني، عقيدة ووعيا وبنية، يتناقض فيزيائيّا مع الوجود الفلسطيني
مستوى العنف الذي بلغته "إسرائيل" في غزّة، لا يتعلّق جوهريّا بعملية "طوفان الأقصى"، ولكن بالغريزة الإسرائيلية، أي الوعي الكامن بالشذوذ في الوجود الذاتي، المهدّد بحكم شذوذه بالزوال، بحيث لا يمكنه الاحتفاظ بوجوده الشاذّ إلا بإبادة كلّ ما هو طبيعي من حوله. والطبيعي الأقرب إلى الإسرائيلي هو الفلسطيني، الذي بمحض وجوده يرفع درجة التوتر الوجودي الإسرائيلي، لأنّ أساس الوجود الإسرائيلي، وفق الترتيب الصهيوني، عقيدة ووعيا وبنية، يتناقض فيزيائيّا مع الوجود الفلسطيني، إذ كيف يُمكن أن يُعطى تأسيس "إسرائيل" التفسير الصحيح والوصف الدقيق، دون وصفه بالإبادة في محض ذاتها ووجودها، لأنّها لم تتصوّر لنفسها ذاتا ووجودا إلا بإزاحة السكان الأصليين، وهو ما يوصف بالتطهير العرقي، بيد أن وصف الإبادة هو الأليق به، وهو وصف واقعي، يقصد المعنى الحرفي، لا المجاز الأدبي، فالإبادة، والحالة هذه، إبادة للوجود في المكان، وإبادة للذاكرة الأصلية الناشئة طبيعيّا في المكان، وهنا يصير المحو رديف الإبادة، محو التاريخ الفلسطيني عن فلسطين، ومحو الاجتماع الفلسطيني عن فلسطين، سواء اتخذ هذا المحو شكل القتل الواسع والشامل وبقصدية قتل أكبر عدد ممكن من السكان، أم اتخذ شكل التهجير والتشريد.
"إسرائيل" هنا في الإبادة، تُعبّر عن عقيدة صريحة، يعيها معتنقوها. لا ينبغي أن يوجد فلسطيني في فلسطين، وقد مُحي معنى الوجود الفلسطيني في فلسطين من الوعي الإسرائيلي، فلا مبرر للوجود الفلسطيني في فلسطين، وبالرغم من خرافية هذه العقيدة، أي نفي المبرر للوجود الطبيعي للساكن الأصلي لأرضه التي ظلّ يتوارثها قرونا ممتدة، إلا أنّ الإسرائيلي مؤمن تماما أن وجوده المُتخيّل فيها قبل ثلاثة آلاف عام هو الوجود الطبيعي!
حين قراءة مذكرات وأدبيات الآباء المؤسسين للحركة الصهيونية، بما في ذلك مؤسسو "إسرائيل" وقادة العنف المباشر فيها، يمكن ملاحظة وعيهم بخرافية هذه العقيدة، لكنهم أولا سعوا إلى عقلنتها أخلاقيّا بما يبرّر حلّ "المسألة اليهودية" على حساب السكان الأصليين لفلسطين، ثمّ سعو إلى عقلنتها في أجيال الإسرائيليين المتعاقبة، حتى تصبح "إسرائيل" هي الطبيعية، وفلسطين هي الشاذّة. هذه العقلنة للخرافة، تزيد من توتر عقيدة الإبادة، لأنّه جرى عقلنتها أصلا بالإلحاح على الكثافة العربية من حول "إسرائيل"، وهذا العربي لا يكتفي برفضه استيعاب الفلسطينيين وتذويبهم في وجوده الواسع والممتد، ولكنه دائما يُضمر نيّة لإزالة "إسرائيل".
وهكذا تصبح الإبادة، عقيدة متحفزة، لمجرد الوجودي الفيزيائي الفلسطيني، ولمجرد الرفض المحيط لدعوى طبيعية "إسرائيل"، وكلما ارتفع التحدّي الفلسطيني أو العربي، للدعوى الإسرائيلية، كلما اتخذ العنف الإسرائيلي شكلا أقرب إلى التعريفات القانونية للإبادة، مستوعبا ذاته تماما، أي العنف الإباديّ، لأنّ السردية المُعقلنة للخرافة، وإعطاء معنى تاريخي للوجود الإسرائيلي، تستند أصلا إلى الذاكرة القومية الإسرائيلية المُتخيّلة، التي تُؤكد أنّه ما كان للتأسيس القديم، قبل ثلاثة آلاف عام، أن يتحقّق إلا بالإبادة، وهي ذاكرة يتبناها الجميع في "إسرائيل"، من مواقع مختلفة، فثمّة من يراها نصوصا دينية مُقدّسة تُشرعن الإبادة والحالة هذه، وثمّة من يراها سجلا موثقا لـ"شعب إسرائيل" المتعاقب في التاريخ، وقدرا يلاحقه لا بدّ له أن يُسلّم به، بانتهاج الإبادة لاستعادة التحقّق الذاتي للشعب، في "أرضه الموعودة".
وإذن، فالإبادة هي النهج الإسرائيلي الذاتي للتحقق، وللاستمرار، وللاحتماء من الخطر المحيط. الإبادة ترتفع بحيث تصل تخوم التعريفات القانونية السائدة لها وتتجاوزها، وتنخفض بمستويات عنفية أقلّ، بحسب مستويات القوّة التي يصل إليها أعداء "إسرائيل"، والقوّة هنا ليست فقط من حيث الفعل المادي النافذ في الواقع كما في "طوفان الأقصى"، أو من حيث امتلاك القوّة التسليحية، ولكن أيضا من حيث قوّة الرفض الاعتقادي للوجود الإسرائيلي، قوّة لا بدّ وأن تتجلّى في جدّية الإعداد والعمل. تحتمي "إسرائيل" بالإبادة، وبالدعم الأمريكي، الدعم الذي أطلق الإبادة، وأمدّها بأسباب القتل والتدمير، وغطّاها دعائيّا وبقوّة الإمبراطورية، والدعم الذي يحاول أن يُنجِز لها الآن ما لم تنجزه الحرب، فالحرب التي لم تتمكن من تهجير سكان قطاع غزّة، الحرب التي تتسيّد مشهديتها اليوم عودة النازحين عن شماليّ قطاع غزّة إليه من الجنوب رغما عن الاحتلال، يسعى ترامب الآن، على الأقل ولو في حدود تصريحات دعائية أو استعراضية أو استطلاعية، لإنجاز ما فشلت في إنجازهلا ينبغي أن يكون أعداء "إسرائيل" أقوياء، وكلّما زادت قوّتهم كلما زاد التهديد بإبادتهم. هنا لا بدّ من ظهور سؤال جدليّ، يردّ على من يقول "قوّتنا في ضعفنا"، كيف تكون قوّة عدوّ "إسرائيل" في ضعفه، طالما تحرص هذه الأخيرة على إبقائه ضعيفا؟! لا تريد "إسرائيل" من أعدائها أن يروا شيئا من المواجهة معها، إلا الإبادة.
الإبادة هنا، تأتي كذلك في مواجهة الإمكان الفلسطيني والعربي، الإمكان الذي اجتهدت "إسرائيل" عمرها كلّه، في التأكيد على كونه مستحيلا. الجيش الذي لا يُقهر والقدرات الاستخباراتية العجائبية، دعايات صدّقت نفسها في مجرد الوجود الإسرائيلي الذي يفتقد مبررات الوجود في محيط من العرب وأبناء المنطقة الطبيعيين، وزادتها تأكيدا بانتصاراتها على هذا المحيط، فكيف إذا تبيّن أن هذا الجيش يُقهر واستخباراته تفشل؟ لا بدّ من الإبادة لاستعادة دعاية الإخضاع، ولا بدّ منها لأن تكريس الإنجاز الفلسطيني، كما في "طوفان الأقصى" وتمدّده يعني نهاية "إسرائيل".
إذن تحتمي "إسرائيل" بالإبادة، وبالدعم الأمريكي، الدعم الذي أطلق الإبادة، وأمدّها بأسباب القتل والتدمير، وغطّاها دعائيّا وبقوّة الإمبراطورية، والدعم الذي يحاول أن يُنجِز لها الآن ما لم تنجزه الحرب، فالحرب التي لم تتمكن من تهجير سكان قطاع غزّة، الحرب التي تتسيّد مشهديتها اليوم عودة النازحين عن شماليّ قطاع غزّة إليه من الجنوب رغما عن الاحتلال، يسعى ترامب الآن، على الأقل ولو في حدود تصريحات دعائية أو استعراضية أو استطلاعية، لإنجاز ما فشلت في إنجازه، باستخدام قوّة الإمبراطورية ونفوذها وقدرتها على الترغيب والترهيب، لتهجير سكان قطاع غزّة إلى عدد من الدول، ذكر منها مصر والأردن.
هذه هي "إسرائيل" تستمد استمرارها، وتحمي نفسها بالإبادة وبأمريكا وإرادتهما، كما تبين من الحرب نفسها، ليست قضاء محكما ولا أمرا مبرما، ليستا نافذتين بلا حدّ، ليكون النقاش الواجب، كيف نحمي أنفسنا من الإبادة. ولكن الإجابة الصحيحة لا تكون بأن نحافظ على ضعفنا، لأنّ معنى ذلك في الحدّ الأدنى إبادة من نوع آخر، لأنّ الاستمرارية الإسرائيلية إبادة للمنطق والعقل والأخلاق ولمعنى وجود السكان الطبيعيين للمنطقة.
x.com/sariorabi