موازنة القوی والعودة للشرق الأوسط.. خبراء ودبلوماسيون إيرانيون يفككون شفرة التحشيد الأميركي بمياه الخليج
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
طهران- على وقع الاتهامات المتبادلة بين واشنطن وطهران بالسعي لمضايقة السفن واحتجاز ناقلات النفط؛ أثار إعلان القيادة المركزية الأميركية وصول أكثر من 3 آلاف بحار وعنصر إضافي من مشاة البحرية إلى الشرق الأوسط حفيظة طهران التي هددت -بدورها- برد حازم على أي تصعيد بمياه الخليج.
ويأتي الإعلان عن توجه واشنطن نحو نشر جنود على متن سفن تجارية تسافر عبر مضيق هرمز "لوقف استيلاء إيران على السفن المدنية ومضايقتها"، وذلك بعد أيام فقط من مناورات بحرية نفذها الحرس الثوري الإيراني بمياه الخليج، التي جاءت ردا على مناورة تحالف الأمن البحري الدولي بعنوان "الدرع الحارس" قرب مضيق هرمز.
سياسيا، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن الوجود الأميركي في المنطقة يزعزع أمنها واستقرارها. في حين توعد المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني رمضان شريف "برد مماثل على أي تحركات استفزازية"، وهدّد بأن بلاده ستحتجز السفن الأميركية إذا احتجزت الأخيرة السفن الإيرانية.
قوات إيرانية تسيطر على سفينة ترفع علم بنما بالقرب من مضيق هرمز (رويترز) عودة للمنطقةويرى مراقبون إيرانيون -في التحشيد الأميركي بالشرق الأوسط- دلالات ورسائل موجهة إلى أكثر من طرف في الإقليم وخارجه، إلا أنه يأتي على النقيض من التوجه الأميركي المتبع مؤخرا والقاضي بتقليص الحضور العسكري بالمنطقة.
وفي ذلك السياق، يوضح الأكاديمي الباحث في القضايا الجيوإستراتيجية فرزاد أحمدي أن الولايات المتحدة عملت منذ عام 2011 على تقليص حضورها العسكري في الشرق الأوسط والانتقال إلى شرق آسيا لاحتواء الصين، وأن قرارها الأخير يأتي في إطار العودة عن التوجه السابق.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى أحمدي أن رسائل تعزيز الحضور العسكري الأميركي في المنطقة موجهة إلى أطراف أخرى قبل طهران، مضيفا أن سلوك واشنطن حيال حلفائها بالخليج أحبط آمالهم، ولذلك فهي تسعى لترميم علاقاتها مع تلك الدول وطمأنتها بشأن الوقوف إلى جانبهم وضمان أمنهم.
مآرب انتخابيةمن ناحيته، يرى السفير الإيراني السابق عبد الرضا فرجي راد أن المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن بشأن الملف النووي وتبادل السجناء كانت محبطة، وأن التحشيد الأميركي يأتي لمنع طهران من رفع نسبة تخصيب اليورانيوم، لأن تقديرات واشنطن ترى في السلوك الإيراني خلال فترة المفاوضات محاولة لشراء الوقت.
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد الدبلوماسي الإيراني السابق أن التوجه الأميركي للعودة إلى المنطقة مؤقت، ويهدف إلى وضع القوات الأميركية في حالة تأهب بذريعة حماية الملاحة البحرية لقيامها بتنفيذ خطط معدة مسبقا عند الحاجة.
وتابع أن وتيرة التقارب الصيني الخليجي تقلق الجانب الأميركي الذي لا يريد أن يتحول إلى القوة الثانية في المياه الخليجية، موضحا أن واشنطن تخشى استغلال بكين علاقاتها الاقتصادية لتنمية نشاطها العسكري في المنطقة الخليجية.
ويرى فرجي راد في عدم حسم الملف النووي الإيراني ونفوذ الصين في المنطقة الخليجية نقاطا سلبية سيعزف عليها الجمهوريون في المعترك الانتخابي الرئاسي العام المقبل؛ وبالتالي تحرك إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أساطيلها البحرية نحو الشرق الأوسط جاء لاستعراض عضلاتها أمام إيران والصين والجمهوريين على حد سواء.
موازنة القویوعما إذا كان التحشيد العسكري الأميركي سيدفع المياه الخليجية نحو المزيد من التصعيد، يستبعد فرجي راد حدوث احتكاك عسكري حقيقي بالمياه الخليجية بين إيران والولايات المتحدة؛ لأن ذلك يصب في مصلحة روسيا التي ترغب في توريط واشنطن في حرب جديدة لوقف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا.
ويضيف فرجي راد أن بلاده كانت واضحة في تعليقها على تعزيز الحضور الأميركي في المنطقة؛ إذ قال المتحدث باسم الحرس الثوري إن إيران ستقوم بتوقيف السفن الأميركية في حال أقدمت الأخيرة على توقيف السفن الإيرانية؛ مما يعني أنه لا احتكاك متوقعا إذا امتنعت واشنطن عن توقيف السفن الإيرانية.
في المقابل، يرى الباحث العسكري علي عبدي أن احتمالات الاحتكاك العسكري واردة جدا في ظل عزم الولايات المتحدة على نشر مشاة البحرية على متن السفن بمضيق هرمز، واصفا الخطوة الأميركية بأنها ردة فعل على تنامي قدرات بلاده العسكرية في المياه الخليجية.
ويقرأ الباحث الإيراني -في حديثه للجزيرة نت- القرار الأميركي على أنه يهدف إلى ردع الحرس الثوري الذي أضحى يمتلك اليد العليا في المنطقة -على حد قوله- موضحا أن واشنطن تريد جس نبض الجانب الإيراني من خلال الإعلان عن وصول سفينة هجوم برمائية إلى البحر الأحمر.
وتساءل عبدي: "ألم تعلم الولايات المتحدة أن عدد القوات الإيرانية المسلحة يفوق مليون عنصر؟" معتبرا التلويح بإمكانية رسو السفينة في الشواطئ الإيرانية "حربا نفسية"، واستبعد أن تقدم واشنطن على تقديم قواتها بالمنطقة قرابين للقوات الإيرانية، على حد تعبيره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحرس الثوری فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
واشنطن:هجمات اليمنيين من نقاط التحول الأكثر أهمية في التاريخ العسكري
وأوضح الموقع أن القوات المسلحة اليمنية نجحت في منع الوصول إلى البحر الأحمر من خلال استخدامهم المبتكر للصواريخ الدقيقة بعيدة المدى والطائرات بدون طيار قليلة التكلفة.
وشدد على "الجيش الأمريكي أن يفكر في استعارة صفحة من كتاب قواعد اللعبة الذي تستخدمه" القوات المسلحة اليمنية.
وأشار إلى أن عمليات القوات المسلحة اليمنية أثبتت أن السيطرة على البحر من الشاطئ ومنع الوصول إليه يمكن أن يكونا فعالين للغاية، منوها بنجاح اليمنيين في تغيير استراتيجية الحرب يتضمن السيطرة على البحر ومنع الوصول.
وبيَّن الموقع أن التغيير الذي أحدثه اليمن يتضمن السيطرة على البحر ومنع الوصول إليه من خلال تطبيق إطلاق الصواريخ الدقيقة بعيدة المدى واستخدام الطائرات بدون طيار ذاتية التشغيل من البر.
ولفت إلى أن القوات المسلحة اليمنية تمزج "بشكل فعال بين مزيج من الصواريخ الباليستية المضادة للسفن والصواريخ المجنحة والطائرات بدون طيار الهجومية أحادية الاتجاه للتنافس على السيطرة على خطوط الاتصالات البحرية في ساحل البحر الأحمر".
الموقع يدعو الجيش الأمريكي لاستخدام التكتيكات اليمنية في مواجهة الصين
وبعد تسليطه الضوء على نجاح عمليات القوات المسلحة اليمنية واستخدامها تكتيكات تستخدم لأول مرة في التاريخ العسكري والسيطرة على البحار من البر، دعا موقع “19FortyFive” الجيش الأمريكي إلى أن يستفيد من الدروس المستفادة من الجيش اليمني لمواجهة الصين.
وأشار الموقع إلى أن برنامج إطلاق الصواريخ الاستراتيجية متوسطة المدى وقوات المهام متعددة المجالات التابعة للجيش الأمريكي مناسبة تمامًا لتطبيق تكتيكات مماثلة في غرب المحيط الهادئ في مواجهة الصين.
وقال "ينبغي للجيش الأمريكي أن يسعى إلى تحقيق نفس القدرة في بيئة ساحلية متنازع عليها ضد عدو مثل الصين" حد وصفه.
وأضاف أنه "بوسع الجيش أن يستفيد من الجهود التي تبذل بالفعل في المؤسسة العسكرية الأمريكية، فبوسعه على سبيل المثال أن يستلهم مفهوم العمليات البحرية الموزعة الذي تتبناه البحرية الأمريكية، حيث تعمل السفن على نطاق واسع ولكنها تعمل في انسجام وتناغم، وربما تعمل وحدات الجيش على نحو مماثل في غرب المحيط الهادئ.
وأشار إلى أنه "في حرب بحرية في غرب المحيط الهادئ، من المرجح أن يضطر الجيش إلى العمل على قواعد في جزر بعيدة ومهاجمة السفن بنفس الطريقة التي" تفعلها القوات المسلحة من داخل اليمن، لافتا إلى أن "الانتشار الجغرافي سيشكل جانباً حيوياً من جوانب القدرة على البقاء في الحرب المقبلة".
وأردف بقوله "ينبغي للجيش الأمريكي أن يطبق مفهوم إدارة العمليات الدفاعية على قوات المهام المتعددة الأطراف المجهزة بصواريخ باليستية موجهة قصيرة المدى، وينشرها على قواعد خارج سلسلة الجزر الأولى، وهي سلسلة الجزر الممتدة من اليابان إلى إندونيسيا والتي تحد الصين".
وقال الموقع "إن هذا الوجود المتقدم من شأنه أن يساهم في الردع المتكامل من خلال إجبار الجيش الصيني على التعامل مع معضلات عملياتية متعددة، على سبيل المثال، سوف يضطر إلى تعقب أهداف بعيدة متعددة في وقت واحد والدفاع ضد بطاريات إطلاق النار الموزعة عبر غرب المحيط الهادئ. وسوف تتطلب هذه البطاريات الاهتمام لأنها تتمتع بالمدى والقدرة القاتلة لضرب وتدمير أهداف عالية القيمة في جميع أنحاء المنطقة.
وأضاف أنه "يمكن للجيش الأمريكي والقوات المتحالفة معه تحقيق ميزة تغير مسار الحرب إذا تعلموا من تكتيك اليمنيين المتمثل في السيطرة على البحر من الشاطئ باستخدام طائرات بدون طيار غير مكلفة وأسلحة هجومية دقيقة بعيدة المدى، وإذا تمكنوا من مزج هذه التقنية مع التنقل الجوي".
ويرى مراقبون أن عمليات القوات المسلحة اليمنية البحرية المساندة للشعب الفلسطيني، واحدة من نقاط التحول الأكثر أهمية في التاريخ العسكري، فقد غيرت قواعد الاشتباك البحري، من خلال استخدامها لأول مرة في التاريخ الصواريخ الباليستية لضرب أهداف بحرية متحركة، كما استخدمت الطائرات المسيرة ضد قوات العدو وسفنه.
كما يُجزم المتابعون أنه بنفس القدر التي تُفكر وتسعى به الولايات المتحدة لاستخدام التكتيكات البحرية اليمنية ضد خصومها خصوصا الصين وروسيا، فبنفس القدر يتجه خصوم أمريكا لاستخدام تكتيكات الجيش اليمني ضد البحرية الأمريكية وحلفاؤها المنتشرة في البحار حول العالم، ما يؤكد أن اليمن غير القواعد العسكرية للاشتباك البحري إلى الأبد، وأدخل العالم في عصر جديد من الهيمنة والسيطرة على البحار ستغيب عنه حاملات الطائرات والبوارج والغواصات الأمريكية.