12 مسؤولا في الإدارة الأمريكية يستقيلون احتجاجا على دعم العدوان الإسرائيلي
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
فى شهر أكتوبر الماضى، وبعد أيام من بدء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، استقال «جوش بول»، مدير مكتب الشئون السياسية العسكرية بوزارة الخارجية الأمريكية، فى أول استقالة معلنة داخل إدارة الرئيس الأمريكى، مؤكداً أن الدعم الأعمى من إدارة جو بايدن لإسرائيل دفعه إلى إعلان استقالته، كأول تحرك وصفته وسائل إعلام بـ«التاريخى»، وبعده بدأت سلسلة من الاستقالات داخل الإدارة الأمريكية، سواء فى وزارة الخارجية الأمريكية أو غيرها، ومن أكتوبر إلى يوليو الماضى، وصل عدد المستقيلين إلى 12 مسئولاً، وهو المعلن فقط، بينما أكد متابعون أن هناك الكثير لم يعلنوا عن استقالاتهم لأسباب مختلفة.
وقال جوش بول، الذى عمل لمدة 11 عاماً متواصلة فى الخارجية الأمريكية، إنه استقال بسبب خلاف سياسى بشأن المساعدات الأمريكية «القاتلة»، المستمرة لإسرائيل، مضيفاً أنه لم يقبل دعم مجموعة من القرارات السياسية التى تتضمن إرسال الأسلحة لإسرائيل، وهو ما اعتقده قصَر نظر، ومدمر، وغير عادل، ومتناقض مع القيم التى نعتنقها علناً، وبينما تدعم الولايات المتحدة إسرائيل، قطعت الأخيرة المياه والغذاء والرعاية الطبية والكهرباء عن غزة.
«هاريسون مان» غادر موقعه بسبب أذى معنوي ناتج عن دعم «واشنطن» لـ«تل أبيب»وعقب استقالة «جوش»، قدم هاريسون مان، ضابط برتبة رائد فى الجيش الأمريكى ومسئول بوكالة مخابرات الدفاع، استقالته فى نوفمبر الماضى، بسبب سياسة الإدارة فى غزة، لكنه ظل صامتاً إلى أن أعلن عن أسباب استقالته فى مايو الماضى، وتُعد هذه الخطوة سابقة هى الأولى من نوعها داخل المخابرات العسكرية الأمريكية التابعة لـ«البنتاجون»، وأوضح أن استقالته كانت نتيجة «أذى معنوى» ناتج عن الدعم الأمريكى للحرب الإسرائيلية فى غزة والأضرار التى لحقت بالفلسطينيين، مشيراً إلى أن الخوف والقلق دفعاه لتأجيل إعلان أسباب استقالته، كما قال إنه شعر بالخجل والذنب لأنه ساعد فى تطبيق سياسة بلاده التى أسهمت فى قتل جماعى للفلسطينيين.
وفى يناير الماضى، استقال طارق حبش، وهو أمريكى من أصل فلسطينى، كان يعمل فى منصب مساعد خاص بمكتب التخطيط التابع لوزارة التعليم الأمريكية وقال «طارق»: «لا يمكننى التزام الصمت بينما تغض هذه الإدارة الطرف عن الفظائع التى تُرتكب بحق الفلسطينيين الأبرياء»، متهماً إدارة «بايدن» بأنها تُعرِّض ملايين الأرواح البريئة للخطر والتطهير العرقى على يد الحكومة الإسرائيلية، وأضاف أنه لا يستطيع أن يكون متواطئاً بهدوء مع فشل الإدارة الأمريكية فى الاستفادة من نفوذها باعتبارها أقوى حليف لإسرائيل.
واستقالت أنيل شيلين، فى مارس الماضى، وهى مسئولة بمكتب حقوق الإنسان بوزارة الخارجية الأمريكية، وقالت إنها لا تستطيع خدمة حكومة تسمح بمثل هذه الفظائع: «غابت مصداقية الولايات المتحدة كمدافعة عن حقوق الإنسان بالكامل منذ بدء الحرب على غزة»، وأكدت أن سبب استقالتها يكمن فى أنها لم تعد قادرة على القيام بعملها بعد الآن، فأصبحت محاولة الدفاع عن حقوق الإنسان داخل الولايات المتحدة مستحيلة.
وتقدمت هالة راريت، المتحدثة باسم وزارة الخارجية باللغة العربية، باستقالتها فى أبريل الماضى، احتجاجاً على سياسة واشنطن فى قطاع غزة، وأكدت أنها لم تكن لديها أى نية للاستقالة لأنها وصلت إلى مستويات عليا فى وظيفتها، لكن سياسة الإدارة الأمريكية مع حرب غزة غيرت كل خططها، وتُعد «راريت» أول دبلوماسية أمريكية معروفة تستقيل بسبب موقف الإدارة الأمريكية من حرب غزة، وقالت بعد استقالتها: «أنا قلقة بشكل أساسى من أننا على الجانب الخطأ من التاريخ ونضر بمصالحنا، وهناك معايير مزدوجة فى السياسة الأمريكية بشأن آثار الحرب، بما فى ذلك الأزمة الإنسانية واستشهاد الصحفيين الفلسطينيين فى غزة».
واستقالت ليلى جرينبيرج كول، وهى أول شخصية سياسية يهودية معينة، كان ذلك فى مايو الماضى، بعد أن عملت مساعدة خاصة لكبير موظفى وزارة الداخلية الأمريكية، وقالت إنها لا تستطيع أن تكون مؤيدة للكارثة الإنسانية التى تحدث فى قطاع غزة، وأن تعمل بضمير حى فى إدارة «بايدن»، كما اتهمت الرئيس الأمريكى باستخدام الشعب اليهودى لتبرير السياسة الأمريكية فى الصراع.
وغادرت «ستايسى جيلبرت»، منصبها كمستشارة عسكرية كبيرة فى مكتب وزارة الخارجية لشئون السكان واللاجئين والهجرة، وقالت إن إسرائيل استخدمت أسلحة أمريكية بطريقة غير متسقة مع القانون الإنسانى الدولى، ولكن لم يكن هناك ما يكفى من الأدلة الملموسة لربط أسلحة محددة قدمتها الولايات المتحدة بانتهاكات، واستقال ألكسندر سميث، مسئول أمريكى يعمل بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وقال إنه تم منحه الاختيار بين الاستقالة والفصل، بعد إعداد تقارير حول وفيات الأمهات والأطفال من الفلسطينيين فى غزة، كما قال إن الإدارة الأمريكية سمحت لإسرائيل بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، رغم أنها أكدت مراراً وتكراراً أن إسرائيل تسمح بدخول المساعدات إلى القطاع. واختار «سميث»، وهو مستشار بارز لشئون النوع الاجتماعى وصحة الأم وصحة الطفل والتغذية، الاستقالة بعد 4 سنوات من العمل فى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، واشتكى عند استقالته من التناقضات فى طريقة التعامل الأمريكية مع الحرب فى غزة ومختلف البلدان، والأزمات الإنسانية التى يعانيها الفلسطينيون، وقال: «لا أستطيع أن أقوم بعملى فى بيئة لا يمكن فيها الاعتراف بأشخاص محددين كبشر كاملين».
«أندرو ميلر» دفعه «عناق الدب» والسماح بقتل عشرات الآلاف فى فلسطين إلى ترك منصبهوفى يونيو الماضى، أعلن «أندرو ميلر»، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكى للشئون الإسرائيلية الفلسطينية، استقالته من منصبه احتجاجاً على موقف الإدارة الأمريكية من الحرب على غزة، وقال إن استقالته كانت بسبب التفرغ لقضاء وقت أطول مع عائلته، وإن الحرب على غزة أخذت من وقته الكثير، لكن تقريراً لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية كشف أن استقالته كانت بسبب اعتراضه على سماح الولايات المتحدة بقتل عشرات الآلاف على يد إسرائيل فى غزة، وعلى سياسة «عناق الدب»، فى إشارة إلى اللقطة التى احتضن فيها جو بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، حين زار الأول تل أبيب، فى أكتوبر الماضى، ويُعرف «ميلر» بأنه مؤيد مبدئى للحقوق الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية، ومفكر دقيق فى شئون الشرق الأوسط.
وأخيراً، استقالت مريم حسنين، أول أمريكية مسلمة وأصغر موظفة حكومية داخل إدارة الرئيس الأمريكى، فى يوليو الماضى، وكانت تعمل مساعدة خاصة ومساعدة مدير إدارة الأراضى والمعادن فى وزارة الداخلية الأمريكية، وقالت «مريم»: «لا أستطيع الاستمرار فى العمل مع إدارة تتجاهل أصوات موظفيها المتنوعين من خلال الاستمرار فى تمويل وتمكين الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين».
وعلق ماثيو ميلر، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، عندما سأله الصحفيون عن بعض الاستقالات داخل الوزارة، قائلاً إننا نرحب بوجهات النظر المتنوعة، مضيفاً: «نعتقد أن ذلك يجعلنا أقوى»، ولم يتوقف المسئولون المستقيلون من الإدارة لأمريكية عند استقالتهم وكشفهم تعامل الولايات المتحدة مع الحرب على غزة وفقط، بل أيضاً أصدروا بياناً مشتركاً للمرة الأولى أعربوا فيه عن معارضتهم سياسات جو بايدن وفصَّلوا أسباب استقالاتهم.
محمد العالم، الخبير فى الشأن الأمريكى، قال معلقاً على الاستقالات داخل إدارة الرئيس الأمريكى، إنها تدل على وجود انقسام نوعاً ما داخل السياسة والدبلوماسية الأمريكية، وكان ظاهراً بشكل أكبر داخل وزارة الخارجية الأمريكية، مشيراً إلى أنه منذ بداية الأحداث فى غزة، وهناك اعتراضات جماعية، خاصة داخل الخارجية الأمريكية، وهو ما يؤكد اهتزاز الدبلوماسية، حتى وإن ظهر على السطح أنها ثابتة وفقاً لتوجهات الوزير أنتونى بلينكن.
وعلق الدكتور ماهر صافى، أستاذ العلوم السياسية، بأن الاستقالات تُدين بشكل كبير تعامل الإدارة الأمريكية مع حرب غزة، ومن المتوقع زيادة الاستقالات تزامناً مع قرب موعد الانتخابات الأمريكية، كما أكد أنه من المتوقع أن تكون هناك استقالات أخرى ولكن لم يعلن عنها لأسباب سياسية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حرب غزة استقالات بـ البيت الأبيض الانتهاكات الإسرائيلية وزارة الخارجیة الأمریکیة الإدارة الأمریکیة الولایات المتحدة الرئیس الأمریکى الحرب على غزة فى غزة
إقرأ أيضاً:
أستاذ علاقات دولية: الإدارة الأمريكية منفتحة على الاتصال مع الحكومة السورية الجديدة
قال أسامة شعث، أستاذ العلاقات الدولية، إن زيارة الوفد الأمريكي إلى دمشق، يوم الجمعة الماضية، كانت زيارة استطلاعية تهدف إلى تأكيد أن الإدارة الأمريكية منفتحة على الاتصال بالجماعات الجديدة في سوريا، ولديها تعاون وثيق معها.
السفارة الأمريكية في سوريا: وفد أمريكي بحث في دمشق دعم عملية سياسية شاملة بقيادة سورية أحمد كريمة: الربيع العربي كان خريفًا والكوميديا السوداء اكتملت بسقوط سوريا زيارة الوفد الأمريكيوأضاف «شعث» خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أن زيارة الوفد الأمريكي تهدف إلى وضع خارطة طريق جديدة تتعلق بمستقبل سوريا، والحفاظ على المصالح الأمريكية المستقبلية في البلاد والمنطقة، موضحًا أن الوفد الأمريكي يسعى للبحث عن مفقودين أمريكيين كانوا موجودين في عهد النظام السوري السابق.
وأشار إلى أن الزيارة تؤكد أن الدولة السورية الجديدة محمية ومدعومة من العديد من دول العالم، لاسيما الولايات المتحدة، التي تلعب دورًا مهمًا في رعاية التطورات المستقبلية في المنطقة.
المشهد السوريولفت أستاذ العلاقات الدولية، إلى أن زيارة الوفد الأمريكي تحمل رسالة مفادها أن التحالفات القديمة، وخاصة تلك التي كانت تقودها إيران، لم يعد لها مستقبل، وأن هناك رغبة في إخماد أي محاولة لتغيير المشهد السوري القادم الذي سيقوم على قيادات جديدة.
الشعب السوري بحاجة إلى نظام جديد يضمن التشاركيةيذكر أن ليلى موسى، ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية بالقاهرة، قالت إن الشعب السوري خرج للمطالبة بالتغيير ومعالجة النظام الذي يُدار به البلاد، مضيفة أن سوريا بحاجة إلى نظام جديد يتسم بالتشاركية بين جميع أطياف المجتمع السوري لإدارة البلاد بشكل أفضل.
وأشارت موسى، خلال مداخلة هاتفية على قناة «القاهرة الإخبارية»، إلى وجود تصريحات إيجابية صادرة عن بعض الشخصيات النافذة داخل الحكومة الجديدة في دمشق، لكنها أوضحت أنه بالتوازي مع هذه التصريحات، نشهد تفردًا في اتخاذ القرارات دون مراعاة رأي وإرادة الشعب السوري، مما يؤدي إلى نتائج سلبية، وهو ما تجلى في رد فعل السوريين على تلك القرارات الفردية.
وأكدت موسى أن سوريا بحاجة اليوم إلى حوار وطني شامل يضم جميع الأطراف، من هذا الحوار، يجب أن تنبثق توصيات وقرارات تُنفذ بالإجماع، مشيرة إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية نحو التغيير تخدم مصلحة الشعب السوري بالدرجة الأولى.
وأضافت موسى أن هناك تخوفًا وقلقًا شديدًا من المستقبل بسبب المشهد الضبابي الذي يسيطر على الساحة السورية، مؤكدة أن السوريين يحتاجون إلى خطوات عملية ملموسة، وليس فقط تصريحات إيجابية.