لجريدة عمان:
2024-11-16@02:39:41 GMT

مسؤولية الشركات في عصر الذكاء الاصطناعي

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

في العام الفائت، اندلعت مناظرات متنافرة حول الذكاء الاصطناعي. اعتمادا على الجانب الذي تستمع إليه، فإن الذكاء الاصطناعي إما أن يحملنا إلى عالَـم جديد مُـشـرِق عامر باحتمالات لا نهائية أو يدفع بنا إلى واقع مختل بغيض. يمكننا أن نطلق على الحال الأول سيناريو باربي والثاني سيناريو أوبنهايمر ــ هذا لافت للانتباه ومختلف كأفلام هوليود الشعبية الناجحة في الصيف، لكن إحدى المناقشات تحظى بقدر من الاهتمام أقل كثيرا مما ينبغي وهي تلك التي تدور حول مسؤولية الشركات.

انضممت إلى شركة نايكي بصفتي أول نائبة رئيس لشؤون المسؤولية الشركاتية في عام 1998، وكان ذلك في أوج أزمة الشركات الأكبر على الإطلاق في عصر العولمة المفرطة، أصبحت شركة الرياضة واللياقة البدنية الشهيرة وجها لاستغلال العمالة في البلدان النامية. في التعامل مع تلك الأزمة وتحديد المسؤولية الشركاتية التي يجب أن تتحملها نايكي، تعلمنا بجهد دروسا صعبة، والتي يمكن أن تساعد الآن في توجيه جهودنا في التعامل مع ثورة الذكاء الاصطناعي.

اليوم، ينطوي الأمر على فارق رئيسي، تطورت أحداث أزمة شركة نايكي التي وقعت في أواخر تسعينيات القرن العشرين ببطء، ولكن عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، فإننا لا نملك تَـرَف الوقت، في مثل هذا الوقت من العام المنصرم، لم يكن معظم الناس سمعوا عن الذكاء الاصطناعي التوليدي، فدخلت هذه التكنولوجيا وعينا الجماعي كضربة صاعقة في أواخر عام 2022، وكنا نحاول فهمها منذ ذلك الحين.

في ظل الظروف الحالية، لا تتقيد شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي بحواجز حماية مفروضة عليها من الخارج، وهذا يجعلنا جميعا فئران تجارب، ولا شيء طبيعيا في هذا، إذا قدمت شركة بوينج أو إيرباص طائرة وعدت بأن تكون أرخص وأسرع لكنها من المحتمل أن تكون بالغة الخطورة، فإننا لن نقبل المجازفة، وشركة الأدوية التي تطلق مُـنـتَـجا لم يخضع للاختبارات اللازمة، في حين حذرت من أنه قد يكون ساما، فإنها تُـعَـد مسؤولة جنائيا عن ما تحدثه من مرض أو وفاة، فلماذا إذن من المقبول أن تطرح شركات التكنولوجيا في السوق منتجات تحذر هي ذاتها من أنها تحمل لنا خطر الانقراض؟

حتى قبل ظهور الذكاء الاصطناعي في المشهد، كانت شركات التكنولوجيا الكبرى و«اقتصاد الاهتمام» يواجهان انتقادات متزايدة بسبب تأثيراتهما الضارة، والواقع أن منتجات مثل Snapchat، وInstagram، وTikTok مصممة لتحفيز دفقات من الدوبامين في الدماغ، وهذا يجعلها تُـحـدِث الإدمان مثل السجائر، وقد نشأ إجماع علمي على أن الوسائط الرقمية تضر بصحة المستخدمين ــ وخاصة الأطفال ــ العقلية.

لقد زاد الذكاء الاصطناعي من قوة «اقتصاد الاهتمام» وأطلق العنان لمجموعة جديدة من المخاطر، التي يستحيل علينا أن نتبين نطاقها بوضوح، وعلى الرغم من الدعوات المتزايدة الصخب المطالِـبة بالتنظيم، عندما تأتي من جانب ذات الأشخاص الذين يقفون وراء هذه التكنولوجيا، فإنها لا تعدو كونها حملات علاقات عامة وتكتيكات مماطلة من جانب الشركات إلى حد كبير؛ لأن في النهاية، لا يفهم القائمون على التنظيم والحكومات بشكل كامل كيف تعمل المنتجات القائمة على الذكاء الاصطناعي أو المخاطر التي تخلقها؛ الشركات فقط هي التي تفهم ذلك.

يجب أن تتحمل الشركات مسؤولية ضمان عدم التسبب عن قصد في إحداث الضرر، وإصلاح أي مشكلة تخلقها، فوظيفة الحكومة أن تحاسب الشركات، لكن الـمُـساءلة تأتي بعد حدوث المشكلة وهي استجابة متأخرة كثيرا عندما يتعلق الأمر بتكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي.

لو تصرفت أسرة ساكلر، مالكة شركة Purdue Pharma، بمسؤولية بمجرد أن أدركت الخطر الذي يفرضه أوكسيكودون (دواء من إنتاجها)، واتخذت الخطوات اللازمة لمنع الإفراط في وصفه طبيا، لكان من الممكن تجنب أزمة المواد الأفيونية التي اجتاحت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، وبحلول الوقت الذي تدخلت فيه الحكومة، كان عدد لا يُـحصى من الأرواح فُـقِـد وتزعزعت مجتمعات كاملة، ولن تعوض عن هذه الخسائر أي دعوى قضائية أو غرامة.

عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، تستطيع الشركات بل يتعين عليها أن تكون أفضل أداء، لكنها يجب أن تتحرك بسرعة، قبل أن تترسخ الأدوات التي يحركها الذكاء الاصطناعي في الأنشطة اليومية إلى الحد الذي تصبح معه مخاطرها طبيعية ويتعذر احتواء كل ما تطلق له العنان من احتمالات.

في شركة نايكي، كان مزيج من الضغط الخارجي والالتزام الداخلي بفعل الصواب هو الذي أدى إلى إصلاح جوهري لنموذج أعمالها، ومن الواضح أن صناعة الذكاء الاصطناعي الوليدة تستشعر ضغوطا خارجية ففي الحادي والعشرين من يوليو، حصل البيت الأبيض على التزامات طوعية من سبع شركات تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي لتطوير منتجات آمنة وجديرة بالثقة، بما يتماشى مع مخطط ميثاق حقوق الذكاء الاصطناعي المقدم العام الفائت، لكن المبادئ التوجيهية الطوعية الغامضة تترك حيزا كبيرا للمناورة.

الآن يتوقف مستقبلنا الجماعي على ما إذا كانت الشركات ــ داخل غرف مجالس إداراتها وفي اجتماعاتها التنفيذية، وجلساتها الاستراتيجية المغلقة، حيث تتمتع بالخصوصية الكاملة ــ لتقرر فعل الصواب. تحتاج الشركات إلى مَـعـلَم ثابت واضح تهتدي به وترجع إليه دائما أثناء سعيها وراء الإبداع. أدركت شركة جوجل هذه الحقيقة على النحو الصحيح في أيامها المبكرة، عندما كانت عقيدة الشركة «لا تكن شريرا»، ولا يجوز لأي شركة أن تلحق الضرر بالناس عمدا في سعيها وراء الربح.

لن يكون كافيا أن تقول الشركات ببساطة إنها استعانت بمنظمين سابقين وتقترح حلولا ممكنة، بل يتعين على الشركات أن تعكف على ابتكار خطط عمل حاسمة وجديرة بالثقة لتنظيم الذكاء الاصطناعي تلتزم بنقاط رئيسية:

يجب أن يكون التعامل مع تحدي الذكاء الاصطناعي مماثلا للتعامل مع أي انطلاقة سريعة أخرى للشركات، ومن المعقول والواقعي أن تكون الشركات مُـطالَـبة بالالتزام بخطة عمل مدتها تسعون يوما، ولا مكان للأعذار، ويجب أن يؤدي عدم الالتزام بالمواعيد النهائية إلى غرامات مؤلمة، وليس من الضروري أن تكون الخطة مثالية - وسوف تحتاج في الأرجح إلى التعديل والتكييف مع استمرارنا في التعلم ــ لكن الالتزام بها ضرورة أساسية.

يجب أن تلتزم شركات التكنولوجيا الكبرى بحماية البشر بقدر التزامها بتعظيم أرباحها، أما إذا كان خط النهاية الوحيد هو الأرباح، فسوف ننزلق جميعا إلى ورطة قاسية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی أن تکون یجب أن

إقرأ أيضاً:

سامسونج إليكترونيكس مصر تتعاون مع" الدحيح" لتعزيز وعي الجمهور بتقنيات الذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة سامسونج إليكترونيكس مصر عن تعاونها مع صانع المحتوى المصري الشهير أحمد الغندور، المعروف ببرنامج "الدحيح" على منصة يوتيوب. يهدف التعاون إلى تعزيز وعي الجمهور حول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي (AI) في منتجات سامسونج، وتسليط الضوء على كيفية تحسين هذه التكنولوجيا لتجربة وحياة المستخدم اليومية.
 

من خلال هذا التعاون، تسعى سامسونج إليكترونيكس مصر إلى تقديم معلومات مفصلة وقيمة حول ميزات الذكاء الاصطناعي التي تمتاز بها أجهزتها الذكية من أجهزة التلفزيون، والأجهزة المنزلية الأخرى وكيفية تفاعل هذه المنتجات مع المستخدمين وفهم احتياجاتهم بشكل مبتكر، ما يعزز من سهولة استخدام الأجهزة ورفع مستوى الأداء.
 

وقال محمد شمس الدين، رئيس قطاع التلفزيونات والأجهزة المنزلية في شركة سامسونج إليكترونيكس مصر، "تسعى سامسونج دائمًا لتقديم أحدث الابتكارات التكنولوجية للمستهلك المصري، ويأتي اهتمامنا بتقنيات الذكاء الاصطناعي في صميم استراتيجية الشركة لتعزيز تجربة المستخدم وجعل حياته أكثر سهولة وكفاءة. نعمل باستمرار على دمج الذكاء الاصطناعي في أجهزتنا".
 

وأضاف شمس: "جاء تعاوننا مع صانع المحتوى المصري أحمد الغندور، المعروف بشخصية 'الدحيح'، كجزء من استراتيجيتنا لرفع الوعي حول مزايا الذكاء الاصطناعي في منتجات سامسونج. 

 

يتمتع أحمد الغندور بقدرة فريدة على تبسيط المعلومات وتقديمها بشكل يسهل على الجمهور فهم فوائد التكنولوجيا الذكية وكيفية تفاعلهم معها في حياتهم اليومية. نؤمن بأن هذا التعاون سيسهم في تعزيز ثقافة الذكاء الاصطناعي لدى المستهلكين المصريين وتشجيعهم على استكشاف إمكانات أجهزتنا الذكية."


وتستهدف سامسونج إليكترونيكس مصر من خلال هذا التعاون الفئات الأصغر سنًا، خاصة الشباب المهتمين بالتكنولوجيا الحديثة والابتكارات الرقمية. سيعمل التعاون مع "الدحيح" على تعزيز الوصول إلى هذه الفئة، بما يوفر لهم تجربة توعية مبتكرة تتماشى مع عاداتهم وتفضيلاتهم في استهلاك المحتوى.
 

كما تركز الحملة على تشجيع المستهلكين للتعرف على منتجات سامسونج بشكل عملي، حيث سيتم طرح عروض ترويجية حصرية على مجموعة من الأجهزة الذكية خلال فترة الحملة. تهدف هذه العروض إلى تعزيز المبيعات وتحفيز الجمهور للاستفادة من الميزات الفريدة التي توفرها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مثل تحسين جودة الصور عبر الكاميرا الذكية أو تسهيل التحكم في الأجهزة المنزلية باستخدام الأوامر الصوتية.

مقالات مشابهة

  • كيف يغير الذكاء الاصطناعي دور محترفي الأمن السيبراني؟
  • احترس من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لطفلك
  • "تيك توك" تطلق أداة لإنشاء مقاطع تسويقية باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • قمة الويب 2024.. حضور قياسي وصعود الذكاء الاصطناعي وتعزيز دور المرأة في التكنولوجيا
  • تقنين الذكاء الاصطناعي في الطب على مائدة قمة ويش بقطر
  • سامسونج إليكترونيكس مصر تتعاون مع" الدحيح" لتعزيز وعي الجمهور بتقنيات الذكاء الاصطناعي
  • فاطمة سعيد سالم.. متخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي
  • مناقشة دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي بعمل «الأرشيف»
  • 25 مليار دولار حجم تمويلات الذكاء الاصطناعي بالربع الثاني
  • الذكاء الاصطناعي: محور الإبداع في العصر الرقمي