لجريدة عمان:
2025-01-18@06:01:50 GMT

مسؤولية الشركات في عصر الذكاء الاصطناعي

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

في العام الفائت، اندلعت مناظرات متنافرة حول الذكاء الاصطناعي. اعتمادا على الجانب الذي تستمع إليه، فإن الذكاء الاصطناعي إما أن يحملنا إلى عالَـم جديد مُـشـرِق عامر باحتمالات لا نهائية أو يدفع بنا إلى واقع مختل بغيض. يمكننا أن نطلق على الحال الأول سيناريو باربي والثاني سيناريو أوبنهايمر ــ هذا لافت للانتباه ومختلف كأفلام هوليود الشعبية الناجحة في الصيف، لكن إحدى المناقشات تحظى بقدر من الاهتمام أقل كثيرا مما ينبغي وهي تلك التي تدور حول مسؤولية الشركات.

انضممت إلى شركة نايكي بصفتي أول نائبة رئيس لشؤون المسؤولية الشركاتية في عام 1998، وكان ذلك في أوج أزمة الشركات الأكبر على الإطلاق في عصر العولمة المفرطة، أصبحت شركة الرياضة واللياقة البدنية الشهيرة وجها لاستغلال العمالة في البلدان النامية. في التعامل مع تلك الأزمة وتحديد المسؤولية الشركاتية التي يجب أن تتحملها نايكي، تعلمنا بجهد دروسا صعبة، والتي يمكن أن تساعد الآن في توجيه جهودنا في التعامل مع ثورة الذكاء الاصطناعي.

اليوم، ينطوي الأمر على فارق رئيسي، تطورت أحداث أزمة شركة نايكي التي وقعت في أواخر تسعينيات القرن العشرين ببطء، ولكن عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، فإننا لا نملك تَـرَف الوقت، في مثل هذا الوقت من العام المنصرم، لم يكن معظم الناس سمعوا عن الذكاء الاصطناعي التوليدي، فدخلت هذه التكنولوجيا وعينا الجماعي كضربة صاعقة في أواخر عام 2022، وكنا نحاول فهمها منذ ذلك الحين.

في ظل الظروف الحالية، لا تتقيد شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي بحواجز حماية مفروضة عليها من الخارج، وهذا يجعلنا جميعا فئران تجارب، ولا شيء طبيعيا في هذا، إذا قدمت شركة بوينج أو إيرباص طائرة وعدت بأن تكون أرخص وأسرع لكنها من المحتمل أن تكون بالغة الخطورة، فإننا لن نقبل المجازفة، وشركة الأدوية التي تطلق مُـنـتَـجا لم يخضع للاختبارات اللازمة، في حين حذرت من أنه قد يكون ساما، فإنها تُـعَـد مسؤولة جنائيا عن ما تحدثه من مرض أو وفاة، فلماذا إذن من المقبول أن تطرح شركات التكنولوجيا في السوق منتجات تحذر هي ذاتها من أنها تحمل لنا خطر الانقراض؟

حتى قبل ظهور الذكاء الاصطناعي في المشهد، كانت شركات التكنولوجيا الكبرى و«اقتصاد الاهتمام» يواجهان انتقادات متزايدة بسبب تأثيراتهما الضارة، والواقع أن منتجات مثل Snapchat، وInstagram، وTikTok مصممة لتحفيز دفقات من الدوبامين في الدماغ، وهذا يجعلها تُـحـدِث الإدمان مثل السجائر، وقد نشأ إجماع علمي على أن الوسائط الرقمية تضر بصحة المستخدمين ــ وخاصة الأطفال ــ العقلية.

لقد زاد الذكاء الاصطناعي من قوة «اقتصاد الاهتمام» وأطلق العنان لمجموعة جديدة من المخاطر، التي يستحيل علينا أن نتبين نطاقها بوضوح، وعلى الرغم من الدعوات المتزايدة الصخب المطالِـبة بالتنظيم، عندما تأتي من جانب ذات الأشخاص الذين يقفون وراء هذه التكنولوجيا، فإنها لا تعدو كونها حملات علاقات عامة وتكتيكات مماطلة من جانب الشركات إلى حد كبير؛ لأن في النهاية، لا يفهم القائمون على التنظيم والحكومات بشكل كامل كيف تعمل المنتجات القائمة على الذكاء الاصطناعي أو المخاطر التي تخلقها؛ الشركات فقط هي التي تفهم ذلك.

يجب أن تتحمل الشركات مسؤولية ضمان عدم التسبب عن قصد في إحداث الضرر، وإصلاح أي مشكلة تخلقها، فوظيفة الحكومة أن تحاسب الشركات، لكن الـمُـساءلة تأتي بعد حدوث المشكلة وهي استجابة متأخرة كثيرا عندما يتعلق الأمر بتكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي.

لو تصرفت أسرة ساكلر، مالكة شركة Purdue Pharma، بمسؤولية بمجرد أن أدركت الخطر الذي يفرضه أوكسيكودون (دواء من إنتاجها)، واتخذت الخطوات اللازمة لمنع الإفراط في وصفه طبيا، لكان من الممكن تجنب أزمة المواد الأفيونية التي اجتاحت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، وبحلول الوقت الذي تدخلت فيه الحكومة، كان عدد لا يُـحصى من الأرواح فُـقِـد وتزعزعت مجتمعات كاملة، ولن تعوض عن هذه الخسائر أي دعوى قضائية أو غرامة.

عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، تستطيع الشركات بل يتعين عليها أن تكون أفضل أداء، لكنها يجب أن تتحرك بسرعة، قبل أن تترسخ الأدوات التي يحركها الذكاء الاصطناعي في الأنشطة اليومية إلى الحد الذي تصبح معه مخاطرها طبيعية ويتعذر احتواء كل ما تطلق له العنان من احتمالات.

في شركة نايكي، كان مزيج من الضغط الخارجي والالتزام الداخلي بفعل الصواب هو الذي أدى إلى إصلاح جوهري لنموذج أعمالها، ومن الواضح أن صناعة الذكاء الاصطناعي الوليدة تستشعر ضغوطا خارجية ففي الحادي والعشرين من يوليو، حصل البيت الأبيض على التزامات طوعية من سبع شركات تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي لتطوير منتجات آمنة وجديرة بالثقة، بما يتماشى مع مخطط ميثاق حقوق الذكاء الاصطناعي المقدم العام الفائت، لكن المبادئ التوجيهية الطوعية الغامضة تترك حيزا كبيرا للمناورة.

الآن يتوقف مستقبلنا الجماعي على ما إذا كانت الشركات ــ داخل غرف مجالس إداراتها وفي اجتماعاتها التنفيذية، وجلساتها الاستراتيجية المغلقة، حيث تتمتع بالخصوصية الكاملة ــ لتقرر فعل الصواب. تحتاج الشركات إلى مَـعـلَم ثابت واضح تهتدي به وترجع إليه دائما أثناء سعيها وراء الإبداع. أدركت شركة جوجل هذه الحقيقة على النحو الصحيح في أيامها المبكرة، عندما كانت عقيدة الشركة «لا تكن شريرا»، ولا يجوز لأي شركة أن تلحق الضرر بالناس عمدا في سعيها وراء الربح.

لن يكون كافيا أن تقول الشركات ببساطة إنها استعانت بمنظمين سابقين وتقترح حلولا ممكنة، بل يتعين على الشركات أن تعكف على ابتكار خطط عمل حاسمة وجديرة بالثقة لتنظيم الذكاء الاصطناعي تلتزم بنقاط رئيسية:

يجب أن يكون التعامل مع تحدي الذكاء الاصطناعي مماثلا للتعامل مع أي انطلاقة سريعة أخرى للشركات، ومن المعقول والواقعي أن تكون الشركات مُـطالَـبة بالالتزام بخطة عمل مدتها تسعون يوما، ولا مكان للأعذار، ويجب أن يؤدي عدم الالتزام بالمواعيد النهائية إلى غرامات مؤلمة، وليس من الضروري أن تكون الخطة مثالية - وسوف تحتاج في الأرجح إلى التعديل والتكييف مع استمرارنا في التعلم ــ لكن الالتزام بها ضرورة أساسية.

يجب أن تلتزم شركات التكنولوجيا الكبرى بحماية البشر بقدر التزامها بتعظيم أرباحها، أما إذا كان خط النهاية الوحيد هو الأرباح، فسوف ننزلق جميعا إلى ورطة قاسية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی أن تکون یجب أن

إقرأ أيضاً:

مايكروسوفت تدشن قسمًا داخليًا جديدًا عن الذكاء الاصطناعي

دشنت عملاقة التقنية في العالم مايكروسوفت الأمريكية قسما هندسيا جديدا؛ لتسريع وتيرة تطوير البنية التحتية والبرمجيات الخاصة بالذكاء الاصطناعي.

وبحسب موقع “تك رادار” التقني، عينت مايكروسوفت “جاي باريخ” رئيساً للقسم الجديد؛ بعدما شغل سابقًا منصب نائب الرئيس ورئيس الهندسة العالمي في ميتا، والذي سيزود الرئيس التنفيذي ساتيا ناديلا مباشرةً بكل المعلومات.

وكان "جاي باريخ"  قد عمل في السابق على مشاريع البنية التحتية التقنية ومراكز البيانات في "ميتا"، كما كان الرئيس التنفيذي لشركة Lacework قبل أن ينضم إلى مايكروسوفت في أكتوبر الماضي.

يحمل القسم الجديد اسم CoreAI – Platform and Tools، والذي يعني دمج فرق تطوير البرمجيات ومنصة الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت.

جدير بالذكر أن ساتيا ناديلا الرئيس التنفيذي لـ مايكروسوفت، كان قد أكد تركيز شركته في العام القادم أكثر على التطبيقات المعتمدة على النماذج، والتي من شانها تشكيل التطبيقات المختلفة بشتى أنواعها.

وسبق أن صرّح بيل جيتس مؤسس مايكروسوفت سابقا، أن أكبر ندمه هو السماح لشركة جوجل بتطوير نظام أندرويد، الذي يُعتبر الآن المنصة المعيارية للهواتف غير التابعة لشركة أبل. 

ورغم أن مايكروسوفت كانت تمتلك الأفضلية مع نظام Windows Mobile، إلا أن سوء الإدارة والتقليل من أهمية الآيفون؛ أعطى جوجل فرصة ذهبية للهيمنة على سوق الهواتف المحمولة.

ووصف "جيتس" هذه الفرصة الضائعة بأنها كانت مفتاحًا لتحويل مايكروسوفت إلى الشركة التقنية الأولى في العالم، مشيرًا إلى أنه لو استطاعت شركته السيطرة على سوق أنظمة التشغيل للهواتف غير التابعة لأبحل لكانت الأمور مختلفة تمامًا اليوم.

مقالات مشابهة

  • أخبار التكنولوجيا| هونر تطلق هاتفا مميزا بإمكانات الذكاء الاصطناعي.. أبل من بين أفضل 5 شركات للهواتف الذكية في الهند
  • 7 حيل مذهلة لروبوت الذكاء الاصطناعي Meta AI على واتساب
  • الذكاء الاصطناعي يتحدّث عن طفولته
  • ماريتا تشينغ تناقش الذكاء الاصطناعي والتغيير الإيجابي
  • تحسين لغة الإشارة عالمياً بواسطة الذكاء الاصطناعي
  • الصخرة التي تتحطم عليها أقوى المبادئ
  • شركة HONOR تُطلق Magic7 Pro في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: المستقبل هُنا مع ميزات الذكاء الاصطناعي وأحدث الابتكارات في عالم الهواتف الذكية
  • ثغرات تهدد الشركات.. الذكاء الاصطناعي يعيد رسم ملامح الأمن السيبراني
  • الذكاء الاصطناعي يتنبأ بمكونات الوجبة المثالية
  • مايكروسوفت تدشن قسمًا داخليًا جديدًا عن الذكاء الاصطناعي