نظمت «الوطن» أولى حلقات «صالون الوطن»، ناقشت خلاله ملف «الحبس الاحتياطى والبدائل»، وهو أحد أبرز الملفات المطروحة على طاولة الحوار الوطنى، واستضاف «الصالون»، الذى جاء تحت عنوان «الحبس الاحتياطى.. البدائل وضروريات المرحلة»، عدداً من رموز الحوار الوطنى والملف الحقوقى والتشريعى، ومثّل مجلس أمناء الحوار الوطنى الكاتب جمال الكشكى، فيما مثّل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، النائب إيهاب رمزى، عضو اللجنة، والنائب محمد عبدالعزيز، وكيل لجنة حقوق الإنسان بالمجلس، والدكتور عصام شيحة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، والدكتور محمد ممدوح، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان.

وناقش الصالون الجهود المبذولة من كل الأطراف المعنية لإنجاز الملفات المهمة والشائكة، وبينها ملف الحبس الاحتياطى والبدائل الممكن تطبيقها، عقب تنظيم الحوار الوطنى جلسة متخصّصة من أجل مناقشة هذا الملف ودراسة جميع جوانبه المختلفة والاطلاع على المقترحات المقدّمة من السياسيين والحقوقيين من أجل الخروج بنتيجة مرضية.

رئيس التحرير: هناك إرادة سياسية حقيقية لحل ملف الحبس الاحتياطىي

هناك ضرورة وأهمية لمواصلة فتح النقاش فى مثل هذه القضايا كـ«الحبس الاحتياطى وبدائله» ونقل الصورة كاملة للرأى العام، امتداداً للمناقشات التى تتم داخل غرف وجلسات الحوار الوطنى، الذى انطلق بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى أبريل 2022، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية. مناقشات مهمة تدور داخل أروقة الحوار تسهم فى تعزيز العدالة الناجزة وحقوق الإنسان فى مصر، من خلال تقديم توصيات محددة وقابلة للتنفيذ بشأن الحبس الاحتياطى، خاصة أن هذه الجلسات شارك فيها عدد من الخبراء القانونيين والحقوقيين وممثلون عن الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدنى والمنظمات الحقوقية، لضمان مناقشة شاملة ووافية للقضية.

مسئولية كبيرة تقع على عاتق كل مشارك فى الحوار الوطنى وجلساته، المرتبط بملف الحبس الاحتياطى والبدائل المطروحة للوصول إلى شكل وتوصيات تخرج فى صورة قانون يناسب المرحلة الجديدة، ويعلى من دولة القانون فى عهد الرئيس السيسى.

فى الحقيقة، الإرادة السياسية متوفرة، والحكومة منفتحة على مخرجات الحوار، والرئيس يؤكد دائماً تنفيذ التوصيات التى ستخرج عن الحوار حال صدورها.

ملف الحبس الاحتياطى من الملفات المهمة التى ترسم الطريق إلى مستقبل الجمهورية الجيدة ودولة القانون، ففكرة طرح الملف نفسه خطوة كبيرة فى طريق طويل لتنفيذ الاستراتيجية المصرية لحقوق الإنسان والتى بدأت منذ عام 2021، تلك الاستراتيجية التى حرصت الدولة على تنفيذها منذ انطلاقها بوتيرة ليست بالسريعة ولا بالبطيئة، ولكن ما هو واضح هو وجواد إرادة سياسية لحل ملف الحبس الاحتياطى ووضع حلول له.

ونحن فى صالون «الوطن»، نفتح النقاش حول ملف الحبس الاحتياطى والبدائل المطروحة، استكمالاً لدائرة المناقشات التى تحدث بشأن هذه القضية المهمة، وذلك من خلال استضافة عدد من الرموز والشخصيات فى المجال التشريعى والحقوقى ومن الحوار الوطنى الذى يناقش القضية بالأساس.

صالون الوطن يناقش التعديلات التشريعية والبدائل المطروحة

استهل الكاتب الصحفى صلاح البلك، نائب رئيس تحرير «الوطن»، كلمته مرحباً بالضيوف، مؤكداً أهمية الدور الكبير الذى يقوم به الحوار الوطنى فى طرح وفتح نقاش واسع حول قضايا مهمة بينها «الحبس الاحتياطى».

جمال الكشكي:  الدولة تُبنى بالتكامل.. والحوار الوطني استمع إلى جميع الآراء

وصف جمال الكشكى، عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، ملف الحبس احتياطى بأنه «عش الدبابير»، لافتاً إلى أن فكرة تناوله بشكل معمّق على طاولة الحوار الوطنى تؤكد تناوله كل القضايا التى تهم المواطن المصرى وتؤثر على المجتمع.

ولفت «الكشكى» إلى أن فكرة إطلاق الحوار الوطنى فى صورته الحالية اختلفت عن أى نموذج سابق للحوار خلال الحقب الماضية، نظراً لوجود هدف من وراء إطلاقه، فضلاً عن تنوع الأطياف السياسية المشاركة فى الحوار، وهى من أهم مكاسب الحوار التى لم تكن موجودة من قبل، وحتى مجلس الأمناء تناول الملف مع أطياف سياسية مختلفة وممثلين من الحركة المدنية، ورغم اختلاف الآراء الذى بلغ ذروته على طاولة الحوار، فإن الجميع تبنى هدفاً واضحاً، وهو تحقيق الصالح العام.

وأكد «الكشكى» أنّ النقاشات داخل الحوار الوطنى تدور حول أى قضية، وليس فقط الحبس الاحتياطى، الذى تتم مناقشته حالياً دون وجود خطوط حمراء فى الطرح، فنحن نستمع إلى جميع الآراء، إلى أن يتم تحقيق التوافق حول المخرجات التى يتم الوصول إليها، موضحاً أنّ هذا تأكيد على أنّ الدولة المصرية تُبنى بالتكامل، ولولا اختلاف الآراء لما نجح الحوار الوطنى.

وقال: «هناك دعم مستمر من الرئيس عبدالفتاح السيسى، للحوار الوطنى ومخرجاته، ومن أبرز مظاهر هذا الدعم، ما قاله الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أمام مجلس النواب، حول استناده إلى مخرجات الحوار الوطنى فى برنامج الحكومة الجديدة، وقرار الالتقاء بالحوار مرة فى كل شهر». وأوضح أن «من أبرز الأدلة على جدية الحوار الوطنى اختيار 2 من الأعضاء ليكونا وزيرين فى الحكومة الجديدة، مما يبعث برسالة بأنهما كانا على قدر المسئولية الموكلة إليهما، ويعكس ثقة الدولة وصانع القرار فى الحوار الوطنى، كما أن هذا يدل على وجود جسور تواصل بين الحكومة والحوار الوطنى».

 توافق سياىس وحقوقى على ضرورة تخفيض مدد الحبس

وشدّد عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى على نقطة فى غاية الأهمية، قائلاً: «المستشار محمود فوزى وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسى، تعهد أمام الحوار الوطنى بمتابعة كل التوصيات مع كل وزارة، وهو مسئول عن الوقوف على آخر المستجدات فى تنفيذها». واستكمل «الكشكى»: «القيادة السياسية والقائمون على الحوار الوطنى يدركون جيداً أهمية دوره وأثره فى بناء الجمهورية الجديدة، واستكمال مسار الإصلاح الذى بدأ فى الوقت المناسب، والاقتراب من مناقشة الكثير من الملفات المهمة، وبينها الحبس الاحتياطى فى إطار تحطيم كل الخطوط الحمراء»، مشيراً إلى أن مسألة تخفيض مدة الحبس الاحتياطى نالت توافقاً عاماً بين المشاركين، موضحاً أن الجهود الأخيرة تؤكد جدية القيادة السياسية وقيادات الدولة فى الانتقال إلى الجمهورية التى تشمل الكثير من المكتسبات، على رأسها المكتسبات الحقوقية، وإعادة النظر فى صياغة مسارات الإصلاح بشكل جديد، مؤكداً أنه «لا إلغاء للحبس الاحتياطى»، وهذا أمر غير مطروح إطلاقاً.

عصام شيحة: يجب توفير تعويض مادي وأدبي مناسب للمحبوس احتياطيا حال ثبوت براءته    

وفى كلمته، قال الحقوقى عصام شيحة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إنّ الحبس الاحتياطى موجود فى كل دول العالم، وله بعض الأهداف النبيلة وتتلخص فى أنه إجراء احترازى يتم من أجل حماية مسار التحقيقات، حتى لا يقوم المتهم بالتأثير على الشهود أو المجنى عليهم من خلال ممارسة ضغوط، وفى بعض الأحيان يكون خشية من هروب المتهم، وفى أحيان أخرى يكون خوفاً على المتهم نفسه من التعرّض للقتل، خاصة فى قضايا الثأر، مشيراً إلى أن عام 2006 شهد صدور تعديل جديد على قانون الإجراءات الجنائية فى النصوص الخاصة بالحبس الاحتياطى.

وأوضح أنّ بدائل الحبس الاحتياطى الموجودة بالفعل تتلخص فى التزام المتهم بعدم مغادرة مسكنه، وأن يمتثل للسلطة التنفيذية من خلال المراقبة الشرطية، أو أن يتم حظر ارتياد المتهم أماكن محدّدة، مؤكداً أنّ بدائل الحبس الاحتياطى منصوص عليها فى القانون بالفعل ولكن المشكلة الحقيقية تكمن فى آلية تطبيق تلك البدائل، ومن أبرز الأسباب التى تحول دون التطبيق الجيد لتلك البدائل زيادة التعداد السكانى للدولة المصرية منذ عام 1950 وحتى اليوم 5 مرات، ففى وقت إصدار القانون كانت هناك مرونة فى فرض تلك المحاذير، ومع زيادة السكان وتطور شكل الحياة بدرجة كبيرة أصبحت هناك حاجة قصوى للاستعانة بوسائل إلكترونية جديدة تُمكن مؤسسات الدولة من الحفاظ على المتهم وضمان سرية التحقيق، موضحاً أن هناك فكرتين تم طرحهما فى تلك النقطة، الأولى هى فكرة الأسورة الإلكترونية التى يمكن من خلالها تتبع حركة المتهم وتحديد إطار مكانى لا يبارحه والفكرة الثانية هى استعمال تطبيق على الهاتف الخلوى يقوم المتهم بالتسجيل عليه فى أوقات محدّدة على مدار اليوم باستعمال بصمة الوجه للتأكد من وجوده، فضلاً عن تتبع حركته.

وتابع «شيحة» أن الدولة المصرية فى الوقت الراهن تمتلك قدرات تمكنها من تنفيذ تلك البدائل، مشيراً إلى أنّ مُدد الحبس الاحتياطى أصبحت مفتوحة لفترات طويلة، وجاء ذلك تحديداً بسبب الأوضاع الاستثنائية التى مرت بها الدولة المصرية فى عام 2013، وهذا الأمر لم يعد مناسباً مع وضع المجتمع فى الوقت الراهن، وبالتالى هناك ضرورة ملحة للبت فيه وتغييره لوضع يتناسب مع الوضع الحالى، لافتاً إلى استغلال الحبس الاحتياطى فى بعض الأحيان تعسّفياً: «هناك أشكال متعدّدة يخضع لها الحبس الاحتياطى، ولقد رأينا فى السنوات الأخيرة أنّ هذا الملف ارتبط بجريمة إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعى والتجاوز».

واستكمل أن من بين الإشكاليات الإضافية حول ملف الحبس الاحتياطى، تعدّد الجرائم فى التوقيت الزمنى الواحد، ففى هذه الحالة لا بد من تحديد إن كان سيتم حبس المتهم على ذمة جريمة واحدة أو ما يُعرف بالتدوير، وهو أن يقضى عقوبة كل قضية مفردة، موضحاً أنه نظراً لطول تلك المُدد التى يقضيها المتهم فى الحبس، طرح الحوار الوطنى خلال مناقشته مسألة التعويض المادى والأدبى. وأضاف رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن فترة الحبس عبارة عن فترة توقف عن العمل والإنتاج، وبالتالى التأثير سلباً على الأوضاع المادية للمتهم، ولا بد من تعويضه أدبياً أيضاً، من خلال إعادة المواطن لوظيفته مرة أخرى، ونشر خبر براءته على الأقل فى صحيفتين معروفتين: «من أهم القضايا التى تمت مناقشتها خلال جلسة الحبس الاحتياطى فى الحوار الوطنى هو وضع إطار زمنى محدّد للتحقيقات، والقضية الثانية هى أن يقوم النائب العام بإصدار كتاب دورى لجميع رؤساء وأعضاء النيابة بأن تكون هناك مدة معينة للتحقيقات لا يتم تجاوزها، وبعدها تتم الإحالة إلى المحكمة من أجل إصدار حكمها».

المناقشات تسهم في الدفاع عن موقف مصر أمام العالم الذي ظل يستغل الملف الحقوقي لممارسة ضغوط على الدولة

وشدّد على أن مناقشة «الحبس الاحتياطى» ليست رفاهية، بل هى ضرورة ملحة، فضلاً عن أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، تناولت 3 عناصر مهمة، أولها تحقيق إصلاح تشريعى، ثم إصلاح مؤسسى، ثم بناء القدرات والتوعية، والحوار الوطنى أتاح للرأى العام هذا الملف، ولأول مرة تعمل مصر على تحسين حالة حقوق الإنسان بإرادة سياسية متكاملة، وهو أمر يحسّن وضع مصر بشكل كبير فى المراجعة الدورية التى تتم للأوضاع الحقوقية داخل المجتمع من خلال التقارير المقدّمة من المنظمات الحقوقية المختلفة، منوهاً بأن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان اقترحت إلغاء الحبس الاحتياطى لكل القضايا التى تقل مدة عقوبتها عن عامين، ما دامت لم تصل إلى حالة التلبس، والاستعانة بالبدائل الخفيفة التى يمكن أن تفيد الفرد والمجتمع، مثل الخدمة العامة.

 فتح «الملف» نقلة في «حقوق الإنسان»

وأشار إلى أن الدولة المصرية لديها إرادة سياسية لتحسين حالة حقوق الإنسان بشكل عام، تمت مقابلتها بإرادة مجتمعية، ومن أكبر الأدلة على ذلك مبادرة «حياة كريمة»، التى تؤكد حرص الدولة على تمكين ملايين المواطنين من مستوى معيشى مناسب، كما أن دستور 2014 تناول لأول مرة نصاً يُلزم الدولة بكل المواثيق والاتفاقيات الدولية، سيما أن مصر شاركت فى وضع الكثير من المواثيق والاتفاقيات الدولية فى المجال الحقوقى. ولفت إلى أهمية تحديث منظومة العدالة بالكامل، لتكون عدالة ناجزة وناصفة. وأضاف: «فى الوقت الحالى نعمل على إعادة بناء الدولة المصرية فى شكل جديد، بما يتسق مع تطورات العالم من حولنا».

محمد عبدالعزيز: تعديلات «الإجراءات الجنائية» تشمل تخفيض مُدد الحبس بحد أقصى عامين  

وتطرق النائب محمد عبدالعزيز، وكيل لجنة حقوق الإنسان فى مجلس النواب، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إلى الحبس الاحتياطى كأحد الملفات التى تهم القطاع السياسى والحقوقى بشكل كبير جداً، لافتاً إلى تناول هذا الملف فى الكثير من الورش والندوات وغيرها، فالحبس الاحتياطى قضية جدلية حقوقية فى العالم أجمع، وليس فقط فى مصر، وهناك قواعد أساسية لفهم ماهية الحبس الاحتياطى، حيث تم تعريفه من أساتذة القانون على أنه تدبير احترازى هدفه سلامة التحقيقات الابتدائية، فإذا كان الحبس الاحتياطى ينظر إلى المتهم على أنه برىء حتى تثبت إدانته، فبالتالى الحبس الاحتياطى هو استثناء وليس قاعدة، لأنه بناءً على تلك القاعدة لا بد أن يتم إطلاق سراح المتهم على اعتبار براءته، ويمثل أمام المحكمة أو جهات التحقيق كلما طُلب ذلك، إلا إذا توافرت مبرّرات محدّدة تجعل جهات التحقيق تخشى على التحقيق من عدم حبس المتهم احتياطياً، من بينها عدم وجود مكان محدّد للمتهم، وبالتالى يمكن أن يهرب ولا يمثل أمام جهات التحقيق، مما يُهدّد سلامة التحقيق، أو أن يؤثر المتهم على الشهود أو أن يعبث بالأدلة، أو غيرها من الأمور التى من شأنها تعطيل سلامة التحقيقات، وفى حالة توافر أىٍّ من تلك المبررات لا بد من حبس المتهم احتياطياً.

وكشف وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب أن الدستور المصرى نظم مسألة الحبس الاحتياطى، حيث إن المادة 54 من الدستور تناولت وجود ضمانات للمتهم فى مرحلة التحقيق، أما المادة 96 من الدستور فقد تناولت قاعدة دستورية موجودة فى جميع الدساتير وهى أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته، وبالتالى لا بد من أن تكون هذه المواد راسخة فى الأذهان خلال مناقشة هذا الملف وطرح أفكار لتعديله، لافتاً إلى أن الحبس الاحتياطى هو عبارة عن إجراء احترازى استثنائى يهدف إلى الحفاظ على سلامة التحقيقات، ولا بد من أن يكون محدد المدة حتى لا يتحول إلى عقوبة، ولذلك هناك الكثير من النقاشات دارت فى مجلس النواب لمناقشة قانون الإجراءات الجنائية الذى يحتاج إلى رؤية جديدة فى ظل التطورات الكبيرة التى طرأت على علم الجريمة ومكافحتها، وكذا معايير حقوق الإنسان فى العالم، وتضمنت هذه المناقشات الحبس الاحتياطى الذى ورد فى طيات هذا القانون، حيث إن المادة 143 من القانون تتناول مدد الحبس الاحتياطى، والمادة 201 تتناول بدائله، والمادة 134 تناولت مبرراته، وغيرها من التفاصيل الأخرى داخل القانون.

وطالب عند تطبيق أى تعديل على قانون الإجراءات الجنائية بأن يكون هذا التعديل مبنياً على ما ورد فى الدستور ومتوافقاً معه، حيث جاء فى المادة رقم 54 من دستور 2014 أنه لا بد من تعويض المتهم حال حبسه احتياطياً ثم ثبتت براءته، حتى لا يكون ذلك مخالفاً للدستور، وبالتالى لا بد من تنظيم مسألة تعويض المتهم فى قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذى تتم مناقشته فى الوقت الحالى ودراسته بشكل معمق من خلال لجنة فرعية تم تشكيلها فى مجلس النواب، مبيناً أن مناقشات الحبس الاحتياطى هدفها الالتزام بضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة الواردة فى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وبالتالى كان هناك عبء ثقيل على مجلس النواب فى مسألة الخروج بتعديل سليم لهذا القانون، وشدد على انتهاء اللجنة الفرعية فى مجلس النواب من مشروع كامل لقانون الإجراءات الجنائية، مسودته الأولى سوف تتوفر للمهتمين والحوار الوطنى بعد الانتهاء من كتابة الصياغات النهائية للمسودة.

وقال إن من أبرز ما جاء فى تعديلات قانون الإجراءات الجنائية تحديد مدد الحبس الاحتياطى، بحيث تنخفض المدة فى الجنح من 6 أشهر إلى 4 أشهر، والجنايات من 18 شهراً إلى 12 شهراً، وفى الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة من سنتين إلى 18 شهراً: «الدستور المصرى نظم مسألة استئناف الجنايات، وبالتالى المتهم الذى تتم محاكمته أمام محكمة الجنايات يحاكم على مرحلتين وليس مرحلة واحدة، وبالتالى مدة التقاضى زادت، وقد تم تناول هذه النقطة فى مناقشات تعديل القانون بأنه فى حالة الجنح المستأنفة أو العائد من محكمة النقض لا تزيد المدة على عامين فى أى حال من الأحوال».

ووصف توصيات الحوار الوطنى بأنها التقت مع المشروع الذى توصلت إليه اللجنة الفرعية فى مجلس النواب، والتقرير الكامل المقرر مناقشته فى الجلسة العامة لمجلس النواب فى دور الانعقاد المقبل سوف يأخذ فى اعتباره ما جاء فى الحوار الوطنى وما قالته الجهات المعنية بالتنفيذ، وهى الجهات القضائية المختلفة ووزارة الداخلية ونقابة المحامين والمجلس القومى لحقوق الإنسان الذى كان حاضراً فى النقاشات، حتى نخرج بقانون للإجراءات الجنائية يعبر عن أهمية تحقيق ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة وحقوق الإنسان من جانب، وأهمية تحقيق الردع الخاص الذى يحمى المجتمع من الجريمة من جانب آخر، وهذا التوازن لا بد من تحقيقه من أجل حماية المجتمع.

وبيّن أن النقاش حول الحبس الاحتياطى بتوجيه من رئيس الجمهورية، وبأفق واسع، يؤكد أن الدولة المصرية أصبحت أمام نقاش بلا سقف يمكن خلاله طرح كل الآراء وأخذها فى عين الاعتبار، ما يؤكد أن هناك نقلة كبيرة فى ملف حقوق الإنسان داخل المجتمع المصرى، لم يتوفر بهذا الأفق المفتوح منذ عشرات السنين، فضلاً عن أن جميع المتحاورين هم على قدر المسئولية، بدليل أن هذا النقاش الذى استمر على مدار 12 ساعة، بإحدى جلسات الحوار الوطنى، تضمن الكثير من الآراء المتعددة، وبالتالى يمثل الحوار الوطنى فرصة ذهبية لجميع التيارات السياسية، يمكن من خلاله أن تقوم المعارضة بطرح كل آرائها بمنتهى الحرية، وفى نهاية المطاف فإن الهدف الأساسى هو الخروج بتوصيات تصب فى مصلحة المجتمع والشعب المصرى.

وحول البدائل الإلكترونية، أكد أنها لا تعتبر بديلاً ولكنها أداة لضمان التنفيذ، حيث إن المادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية الحالى تنص على أن من بدائل الحبس الاحتياطى أن يظل المتهم فى منزله لا يبارحه، وبالتالى هذه الأساليب الإلكترونية التى تمت الإشارة إليها تسهم فى التأكد من تطبيق النص القانونى، والقانون والدستور لا يمنعان استعمالها، ولفت إلى أن إلغاء الحبس الاحتياطى لا يرتبط بمدى بساطة الجريمة المرتكبة، ولكنه مرتبط بسلامة التحقيقات، أى إنه قد تكون الجريمة بسيطة، ولكن الإفراج عن المتهم سوف يؤدى بشكل أو بآخر إلى التأثير على التحقيق وفقاً لما ورد فى النصوص القانونية: «لا بد ألا يكون هناك أى نوع من أنواع الحبس فى قضايا النشر، وذلك وفقاً لما ورد فى الدستور، وهناك 3 استثناءات وردت فى الدستور تُرك الأمر فيها إلى المشرع باتخاذ القرار اللازم حولها من وجهة نظره، وليس بالضرورة أن يكون حبس هذه الحالات هى الخوض فى الأعراض، التحريض على العنف، والحض على الإرهاب والكراهية»، وأوضح أن هذا الأمر يطبق فى حال أنه لا يقترن بجرائم أخرى».

«الجمهورية الجديدة اتخذت مسار تعزيز حقوق الإنسان باعتباره اختياراً وطنياً فى المقام الأول، وجزء رئيسى من هذا المسار هو وجود عدالة جنائية منصفة، لا سيما أنه أحد البنود الواردة فى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وتحقيق ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة هو تحقيق ضمانات الحبس الاحتياطى ليكون مجرد تدبير احترازى وليس عقوبة»، قالها «عبدالعزيز»، مشيراً إلى أن مصر تلتزم بتعهداتها بشأن حقوق الإنسان، ولذلك الجمهورية الجديدة لديها اختيار وطنى لتعزيز مسار حقوق الإنسان الدولى، وهناك إسهامات فى ذلك: «إذا كان كل المهتمين بحقوق الإنسان فى العالم تعرضوا للتشكيك فى المصداقية بسبب ممارسات الجيش الإسرائيلى المحتل فى قطاع غزة، فمن واجب مصر زيادة التزامها بالملف الحقوقى، للتأكيد على أن النموذج الذى كان مثلاً أعلى فى حقوق الإنسان نموذج كاذب، ومصر لديها نية حقيقية فى هذا الإطار».

  إيهاب رمزي: التعديلات على «الحبس الاحتياطي» تتفق مع مخرجات الحوار الوطني

وفى السياق نفسه، قال النائب إيهاب رمزى، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن المشروع الجديد، الذى تمت مناقشته والانتهاء منه فى اللجنة المخصصة لمناقشة قانون الإجراءات الجنائية، انتهى إلى تعديلات مهمة اتفقت مع مخرجات الحوار الوطنى، منوهاً بأن الإشكاليات الموجودة فى تطبيق الحبس الاحتياطى تتطلب تعديل القانون على وجه السرعة، ومن هذه المشاكل عدم وجود تعويض مناسب سواء معنوى أو مادى أو أدبى، والمشكلة الثانية هى أن مدة الحبس مفتوحة، والتعديل الجديد ينص على أن تكون أقصى مدة للانتهاء من جميع الإجراءات، سواء تحقيق أو نقد وغيره، سنتين، وبالتالى سرعة أداء كل هذه المراحل التى تمر بالقضية، فضلاً عن أن هذه الخطوة تسهم فى الدفاع عن موقف الدولة المصرية أمام العالم الذى ظل يستغل الملف الحقوقى لممارسة ضغوط كبيرة على الدولة المصرية.

وخلال كلمته عن أهمية تطبيق بدائل الحبس الاحتياطى، أوضح أنها تعمل على تخفيف حدة الحبس عن المواطن، وتعد المراقبة الإلكترونية واحداً من أكثر البدائل التى تبدو مناسبة، وما زالت المناقشات حول آلية تطبيقها جارية، لافتاً إلى أن من بين الأمور الجارى العمل على دراستها فى ملف الحبس الاحتياطى مسألة أن يقوم المتهم بفعل واحد ولكن فى حال أكثر من جريمة: «أرى أن تكون مدة الحبس الاحتياطى واحدة للجرائم التى تم ارتكابها لهدف واحد، ومن المقرر الاستعانة ببعض المشاركين فى جلسة الحوار الوطنى حول الحبس الاحتياطى فى الجلسة التشريعية لمناقشة مشروع القانون».

وأشار عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب إلى تشكيل لجنة منبثقة عن اللجنة التشريعية ضمت هيئة متميزة تتكون من مجلس القضاء الأعلى، وزارة الداخلية، حقوق الإنسان، المحامين، مجلس الشيوخ، النواب، القضاء الأعلى، وزارة العدل وأساتذة الجامعات، وعملت هذه اللجنة لمدة 14 شهراً، وأنهت مهمتها فى إعداد قانون الإجراءات الجنائية الجديد، مؤكداً أن رئيس مجلس النواب أعلن فى الجلسة السابقة أن اللجنة ستستمر فى مناقشة القانون وعرضه على المجلس قبل جلسة انعقاده الأخيرة: «الحبس الاحتياطى جزء من الإجراءات الجنائية التى تمثل مشكلة تؤرق الجميع، واللجنة بدأت فى تحديد هذا الباب لأنه يُستغل بشكل سيئ، والقانون الجديد يمثل طفرة ونهضة فى التشريعات».

محمد ممدوح: لا بد من إعادة النظر في البنود التي تخص «ذوي الإعاقة» لتعزيز الشأن الحقوقي بوجه عام

من جانبه، قال محمد ممدوح، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إنّ الحبس الاحتياطى على رأس أجندة أولويات المجلس فى ولايته الجديدة منذ بداية مسئوليته، وفى هذا الإطار قام المجلس بتنظيم العديد من الورش والندوات وغيرهما حول هذا الملف، شارك فيها الكثير من ممثلى الحركة السياسية والحقوقية فى مصر، والهدف الرئيسى هو عدم تحول الحبس الاحتياطى من مجرد تدبير احترازى إلى عقوبة، وهذه الجهود تنبع من الإحساس بالمسئولية تجاه الوطن، كما أن الفترة الأخيرة شهدت جهوداً كبيرة، ابتداءً من دستور 2014، إلى جانب إصدار بعض الاستراتيجيات الوطنية، تهدف كلها بشكل واضح وصريح إلى تحسين حال ملف حقوق الإنسان، مؤكداً أنّ هناك حالة من الحراك الملحوظ فى الدولة المصرية حول ملف الحبس الاحتياطى، وهذا نتج عن توجيه القيادة السياسية بألا تكون هناك أى خطوط حمراء حول النقاش فى القضايا التى تؤرق واقع حقوق الإنسان فى المجتمع.

«الدولة المصرية لديها رغبة حقيقية وإرادة سياسية فى تحقيق التغيير، ولا بد من أن يلحق هذه الرغبة وعى مجتمعى حقيقى»، قالها «ممدوح»، مشيراً إلى أن الكلفة الاقتصادية أقل بكثير من التحفظ على المحتجزين، وتوفير الرعاية الأساسية لهم، ولفت إلى أن تطبيق البدائل يحتاج لوجود تهيئة مؤسسية للجهات القائمة على التنفيذ، وأكد أن الحبس الاحتياطى يُفقد المجتمع عنصراً قد يكون منتجاً، فضلاً عن أنه يؤثر على استقرار الأسرة فى حال كان عائلاً، وبالتالى لا بد أن يتم تحديد عدد من الجرائم التى لا يجوز فيها تطبيق الحبس الاحتياطى، وكشف أهمية لفت النظر إلى الحبس الاحتياطى لذوى الإعاقة، وكيفية التعامل معهم بالطريقة التى تتناسب معهم ومع حالتهم: «فى ظل المكتسبات التى حصل عليها ذوو الهمم نحتاج إلى لفت النظر لمسألة حبسهم احتياطياً، ومن المهم تحديد مدد التحقيق فى الحبس الاحتياطى، إلى جانب تحديد عدد من القضايا التى لا تحتاج لتطبيق الحبس لحظره فيها».

وعن البدائل اقترح «ممدوح» تحديد أقصى مدة للحبس الاحتياطى حتى فى الجرائم الجسيمة؛ لضمان عدم إطالة أمد سجن المتهم دون إدانته، بالإضافة إلى تنظيم حالات التعويض عن الحبس الاحتياطى، وذلك لضمان إصلاح أى ضرر قد لحقه نتيجة الحبس دون وجه حق، ومن بين التعديلات المقترحة فى شكل تطبيق بدائل الحبس الاحتياطى الحبس المنزلى أو الكفالة المالية، وذلك فى الحالات التى لا تُمثل فيها حرية المتهم خطراً على سير التحقيقات أو على المجتمع، ما يُقلل من اللجوء إلى الحبس الاحتياطى كإجراء روتينى.

وأكد عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان أن «الجمهورية الجديدة» قائمة على الشورى بين صاحب المصلحة وصانع القرار، ما يؤكد وجود طفرة تشريعية فى الدولة المصرية، إلى جانب وجود استراتيجية عمل واضحة تقوم على المصارحة، وأضاف: «الدولة صارحت نفسها بعيوبها وبوجود العديد من المشكلات لا بد من توحيد الجهود من أجل العمل على حلها»، وأكد أنّ هناك آليات وطنية موجودة من أجل تعزيز الملف الحقوقى وسعياً مستمراً من أجل ذلك، فضلاً عن الاستراتيجية الوطنية المعنية بهذا الملف، كل هذه الجهود تؤدى فى النهاية إلى توفير حياة كريمة تليق بالمواطن المصرى

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحبس الاحتياطى المنظمة المصریة لحقوق الإنسان المجلس القومى لحقوق الإنسان قانون الإجراءات الجنائیة الاستراتیجیة الوطنیة الجمهوریة الجدیدة فى الحوار الوطنى سلامة التحقیقات حقوق الإنسان فى الدولة المصریة فى مجلس النواب سلامة التحقیق مخرجات الحوار بمجلس النواب القضایا التى المتهم على الکثیر من هذا الملف فى الوقت لا بد من من خلال التى تم من أبرز أن تکون من أجل إلى أن أن یتم ورد فى من بین فى حال على أن عدد من

إقرأ أيضاً:

برلمانية: الحوار الوطني وفر مناخا لتبادل الآراء بين التيارات السياسية والمجتمعية

أكدت النائبة سارة النحاس عضو مجلس النواب، أن الحوار الوطني تناول العديد من القضايا والمشكلات التي تشغل بال المواطن في الفترة الأخيرة للعمل على حلها، وإيجاد حلول فعالة لمواجهة الملفات الشائكة التي تتطلب حلولاً مستدامة.

منصة فعّالة لتبادل الآراء والخبرات

وأوضحت عضو مجلس النواب في تصريحات لـ«الوطن»، أن جلسات الحوار الوطني وفرت مناخا إيجابيا ومنصة فعّالة لتبادل الآراء والخبرات بين مختلف التيارات السياسية والمجتمعية لضمان تمثيل جميع الأطياف والفئات، ما ساهم في الوصول إلى توافق حول قضايا مهمة.

تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان

وأشارت النحاس إلى أن الحوار الوطني كان له دور فعّال في التعامل مع ملف الحبس الاحتياطي من خلال العديد من الجلسات التي تناولت الملف إذ بذل جهودا كبيرة لتسريع وتيرة مراجعة حالات المحتجزين وتقديم توصيات للحكومة، وبحث سبل تعويضهم، مضيفًا أن هذه الجهود تُعتبر خطوة مهمة نحو تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في 2019 لتعزيز حقوق الإنسان بمصر.

مقالات مشابهة

  • إشكالية الحبس الاحتياطى وحقوق الإنسان
  • برلماني: الحوار الوطني جمع كل القوى السياسية على طاولة واحدة من أجل الوطن
  • حزب «المصريين»: الحوار الوطني أصبح ركيزة أساسية لبناء مستقبل أفضل
  • القوات المسلحة تنظم برنامج "استراتيجية تنمية القيادة الوطنية"
  • القوات المسلحة تنظم برنامج "إستراتيجية تنمية القيادة الوطنية" بالتعاون مع المجلس الوطنى للتدريب والتعليم
  • رئيس حزب الجيل: الحوار الوطني بلا خطوط حمراء وساهم في تحريك الحياة السياسية
  • برلمانية: الحوار الوطني وفر مناخا لتبادل الآراء بين التيارات السياسية والمجتمعية
  • القومي لحقوق الإنسان: إخلاء سبيل 151 متهماً نتيجة مخرجات الحوار الوطني
  • القومي لحقوق الإنسان: إخلاء سبيل 151 متهمًا محبوسًا احتياطيًا أحد مخرجات الحوار الوطني (فيديو)
  • القومي لحقوق الإنسان: إخلاء سبيل 151 متهما ترجمة لمخرجات الحوار الوطني