على مدى عقود بدا البحث عن دواء لعلاج مرض الزهايمر سعيا لا طائل من ورائه وباهظ التكلفة، ثم في عام 2021 حصل عقار يدعى «أدوكانوماب» على التصديق الإجرائي في الولايات المتحدة،

كما حصل عقار ثان هو «ليكانيماب» على الموافقة في يناير هذا العام، والآن تشير ورقة نشرت في 17 يوليو بدورية الرابطة الطبية الأمريكية إلى أن عقارا ثالثا ربما لن يتأخر كثيرا.

أوضحت تجربة شارك فيها 1736 شخصا بدت عليهم الأعراض المبكرة للزهايمر أن عقار «دونانيماب» الذي قامت بتطويره شركة إيلي ليلِي الأمريكية «أبطأ كثيرا» استفحال المرض بنسبة 35% بعد 76 أسبوعا بناء على أحد المقاييس، فجرى الاحتفاء بهذه النتيجة التي تصدَّرت المؤتمر الدولي السنوي لرابطة الزهايمر المنعقد هذا العام واعتُبرت «اختراقا ونقطة تحول»، تلك مبالغة، لكنها حقا شكلت تقدما حثيثا ومُرحّبا به.

عناوين الأخبار الظافرة مفهومة، فالزهايمر هو السبب الأكثر شيوعا للخرف أو العته وسابع سبب رئيسي للوفاة على نطاق العالم، كما أنه وراء أحزان عشرات الملايين من الناس الذين يتعايشون مع المرض أو يتولون رعاية المتعايشين معه.

لقد اعتبر ببساطة ومنذ فترة طويلة ليس فقط غير قابل للشفاء ولكن لا يمكن علاجه؛ لأنه داء تنكُّسي يستفحل من حالة «خلل إدراكي طفيف» إلى فقدان حاد للذاكرة وفي نهاية المطاف إلى عجز تام.

ومخاطر الإصابة بالزهايمر واستفحاله تتزايد مع التقدم في العمر، وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن يتعايش أكثر من 150 مليونا حول العالم مع الخرف بحلول عام 2050.

عقار دونانيماب مَثَله مثَل العقارين السابقين له عبارة عن جسم مضاد يستهدف بروتينا يدعي بيتا- أميلويد. بروتين أميلويد يترسب مكوِّنا كُتَلا أو لويحات في أدمغة الأشخاص المصابين بالزهايمر، هذه اللويحات إلى جانب جدائل بروتين آخر يعرف باسم «تاو» تشكل الخصائص الباثولوجية (المرضية) المحدِّدة للزهايمر.

وعقار ادوكانوماب تم تطويره بواسطة «بيوجين» وهي شركة أمريكية أخرى، فيخضع هذا الدواء الآن لاختبارات عيادية، ولا يغطي التأمين الصحي تكلفته الابتدائية الباهظة التي تبلغ 56 ألف دولار في العام، وقد رفضته الجهات التنظيمية في العديد من البلدان.

أما دواء ليكانيماب والذي تتولى تسويقه بيوجين وشركة إيساي اليابانية تحت اسم «ليكيمبي» فيكلف حوالي 26500 دولار في العام، وهو يحقق نتائج إيجابية مماثلة لنتائج دونانيماب، وستتم تغطيته بواسطة برنامج التأمين الصحي لكبار السن والمدعوم بواسطة حكومة الولايات المتحدة «برنامج ميديكير»، لكن من المرجح أن يظل غير متاح للمرضى في العديد من البلدان الأخرى.

كل هذه الأدوية الثلاثة لها عيوبها الكبيرة إلى جانب تكلفتها، إحدى هذه النقائص خطورة آثارها الجانبية، فكل هذه العلاجات الثلاثة يمكن أن تتسبب في انتفاخ ونزيف في الدماغ، لقد توفي ثلاثة مرضى في تجربة إيلي ليلِي وعزا القائمون على التجربة سبب وفاة اثنين من هؤلاء إلى الدواء، فالدواء فعَّال (مفيد للمرضى) فقط في المراحل المبكرة من الزهايمر، لكن من الصعب تشخيص المرض في الوقت المناسب أو قبل أن تبدأ أعراضه في الظهور لدى المصابين به، فبروتين بيتا أميلويد يبدأ في التراكم وتكوين لويحات في الدماغ قبل سنوات أو حتى عقود من بداية الأعراض.

يمكن أن يقيس فحص الدم مستويات البروتين، لكنه مكلف ومن الصعب الحصول عليه، في الوقت الحاضر يتم التشخيص في معظم الأحيان بواسطة التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني والذي يحتاج إلى توافر تجهيزات طبية مكلفة في المستشفى (حسب موقع مايوكلينيك، يمكن أن يساعد هذا التصوير المقطعي في الكشف عن الوظيفة الأيضية أو البيوكيمائية لأنسجة أو أعضاء الجسم، وهو عموما يُعين الطبيب على التحقق من وجود الأمراض ومتابعة تطورها ويعدّ من تقنيات الطب النووي - المترجم).

كما يمكن التشخيص أيضا بواسطة فحص السائل النخاعي الشوكي الذي يُستخلَص عن طريق تقنية دقيقة تدعى البزل القَطَني (بإحداث ثقب في السلسلة الفقرية).

رغم التفاؤل بشأن عقار دونانيماب، فهو لا يشفي أو يعكس مسار المرض، لكن حتى الإبطاء المتواضع لاستفحال الزهايمر يمكن أن يكون نعمة عظيمة لملايين الناس الذين يتعايشون معه وللملايين الآخرين الذين يلزمهم الاعتناء بهم ورعايتهم، هذا إذا لم نقل إنه سيكون نعمة أيضا للحكومات وأنظمة الخدمات الصحية التي ستعاني لمقابلة تكاليف رعاية سكّان يشيخون.

نجاح التجربة دليل آخر يعزز «فرضية أميلويد» وهي الفكرة التي فحواها أن اللويحات ليست فقط عَرَضا لمرض الزهايمر ولكنها سبب له.

وهذا يجب أن يساعد في توجيه الأبحاث الأخرى حول الزهايمر، ومع وجود ثلاثة أدوية تتنافس الآن فيما بينها ويلزم أن تنخفض أسعارها وأن تكون متاحة بقدر أكبر خارج بلدان العالم الغني.

إذن هذا شيء يجب الاحتفاء به، لأنه إذا لم يكن نقطة تحول فهو على الأقل إنجاز مهم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: یمکن أن

إقرأ أيضاً:

عقب اجتياحها بواسطة قوات الدعم السريع وفرض الحصار عليها .. تعرف على مدينة الهلالية

عقب اجتياحها بواسطة قوات الدعم السريع وفرض الحصار عليها .. تعرف على مدينة الهلالية بولاية الجزيرة وسط السودان. الجزيرة – السودان إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أوروبا تمنح الضوء الأخضر لعقار "ممنوع" لمرضى الزهايمر
  • رامي جمال يطرح "نومي مخاصمني" (فيديو)
  • وكالة الأدوية الأوروبية توافق على دواء الزهايمر الممنوع
  • علي جمعة يكشف سرُّ الاتزان وحلُّ أسئلة الوجود
  • موعد امتحانات شهر نوفمبر 2024 لصفوف النقل.. مواصفات الأسئلة
  • أسئلة عميقة لطرحها يوم الجمعة للعائلات
  • عقب اجتياحها بواسطة قوات الدعم السريع وفرض الحصار عليها .. تعرف على مدينة الهلالية
  • ثورة في علاج السمنة.. عقار جديد لإنقاص الوزن
  • الخارجية : سورية تؤكد على أن إمعان هذا الكيان الغاصب بالاستهتار المنقطع النظير بالقوانين الدولية، وعدم اكتراثه بكل المطالبات الدولية لوقف عدوانه وانتهاكاته، يأتي جراء عدم اتخاذ مجلس الأمن لموقف حازم وحقيقي لردعه عن جرائمه، التي شملت أيضاً الاعتداء على قوا
  • بوادر ثورة في علاج السمنة.. عقار جديد لإنقاص الوزن دون آثار جانبية مزعجة!