ما بين «شيفرة دافينشي» وحفل افتتاح الأولمبياد.. «العشاء الاخير»: الكأس المقدسة وعودة المسيح

علاء الدين بشير

اعادنى الجدل الذى اشتعل قبل ايام عقب حفل افتتاح اولمبياد باريس والمقال المنشور الذى شرح قصة (العشاء الاخير) اخر وجبة تناولها المسيح مع تلاميذه، الى رواية الكاتب الامريكى دان براون الشيقة جدا والتى تحولت إلى إنتاج سينمائى ضخم وممتع جدا (شيفرة دافينشى) واستندت بصورة أساسية على لوحتى دافينشى (الموناليزا) و(العشاء الاخير) فرغم أن الرواية والفيلم يبدآن كقصة بوليسية تقليدية بجريمة قتل فى متحف اللوفر بباريس ولكنهما يغوصان بك فى عوالم من الأسرار والرموز الدينية الغامضة التى استدعت لها الشرطة الفرنسية استاذا لعلم الرموز الدينية بجامعة هارفارد هو البروفيسور الأمريكى روبرت لانغدون، الذى جسد دوره ببراعة النجم (توم هانكس) ليفك طلاسم الجريمة الغامضة.

.

فى سردية الرواية والفيلم فإن لوحة (العشاء الاخير) تحتوى على أسرار كثيرة اخفاها أحد رواد عصر النهضة فى اوروبا الرسام الايطالى الشهير ليوناردو دافينشى بضربات فرشاته على الخطوط وألالوان والشخوص الذين ضمتهم اللوحة وهم حواريى المسيح. وهو نهج بحسب النقاد والفنانين التشكيليين دأب عليه دافينشى فى كل اعماله الفنية.. وكان سر اسرار اللوحة هو وجود مريم المجدلية إلى جوار المسيح على جهته اليمنى، ومعلوم للكثيرين من هى مريم المجدلية فى الرواية التاريخية للمسيحية.

لكن المفاجأة أن التفسير الذى جاءت به الرواية والفيلم هو أن المسيح تزوجها سرا فى سياق العطف عليها كمستضعفة ومنبوذة ليرفع مكانتها عند نفسها وأنجب منها طفلا لكنها لم تستطع إقناع المجتمع فى ذلك الوقت بعد قتل وصلب المسيح بأنها كانت زوجة له وأن حملها كان منه فلاحقها الاتباع والمعارضين من أجل قتلها فظلت تهرب فيما انتدب مجموعة من خلصاء المسيح انفسهم من أجل إخفائها وحمايتها وتطور هؤلاء ليصبحوا هم فرسان الهيكل الذين اشتهروا فى التاريخ بانهم حماة السر.

والسر بحسب الرواية هو ما عرف بـ(الكأس المقدسة) فى المسيحية والتى تحتوى (الدم الملكى) والتى فسرها المؤلف بانها الجسد الذى احتوى سلالة المسيح. وأوضح أن ذلك هو السر الذى ظلت تتناقله الأجيال وتحميه فى الجمعيات السرية التى انبثقت عن فرسان الهيكل.

واضافة الى قيم التواضع والمساواة ونصرة المستضعفين تلخص سردية الرواية والفيلم الصراع القديم والمستمر ما بين العلم والدين والذى كان تجدد فى عصر النهضة وما عرف بالصراع مع الكنيسة.

ويقول المؤلف دان براون على لسان العجوز اللورد تيبينغ الثرى والنبيل الانجليزى الذى هام بسر الكأس المقدسة لسنوات ووظف كل ثروته من أجل كشف سرها، إن كشف ذلك السر للعلن من شأنه ضرب الرواية الدينية المقدسة للمسيحية وفكرتها عن الحياة السامية الرفيعة التى ظل يرعاها الفاتيكان والكنيسة العالمية والتى الهمت الناس وجيشت الاتباع عبر القرون ويفتح الباب لانتصار العلم وتصوره للحياة.

بالطبع يتناقض خيال المؤلف الابداعى فى (شيفرة دافينشى) مع الرواية الدينية التاريخية المعروفة فى كل الأديان التى تؤكد ان المسيح كان بتولا مترهبنا لم يتزوج وليس له ذرية وكذلك مع الفهم الجديد للإسلام الذى جاء به الأستاذ محمود ويقوم على أن المسيح القادم محمدى ومن آل البيت النبوى وليس إسرائيليا، كما أن فهم الأستاذ وضع إطارا مرجعيا جديدا وعميقا لفهم العلاقة ما بين العلمين المادى التجريبى والروحى التجريبى وقال إنهما ليسا ضدين.

ويمكن من خلال أدوات الفكرة الجمهورية المعرفية استيعاب وتقعيد كل تلك الأفكار الثورية التى هام بها خيال مؤلف الرواية او داعبت خيال الرسام الشهير ليوناردو دافينشى فى عصر النهضة.

وقد آثار إنتاج هوليود للفيلم قبل نحو عقدين من الزمان جدلا دينيا وسياسيا وفكريا كبيرا جدا أكبر مما اثارته الرواية وأصدرت الكنائس فى اوروبا وامريكا وفى الشرق الاوسط وافريقيا والجمعيات المسيحية والمجامع الفقهية الإسلامية بيانات شاجبة لمحتوى الفيلم ومحاولة تزوير الرواية الدينية السامية للمسيح والمسيحية وأشعل ذلك سجالات فكرية فى كبريات الصحف والمجلات العالمية وأذكر انا ان مجلة نيوز ويك الأمريكية الشهيرة جعلت من قضية الفيلم موضوعا لغلاف أحد اعدادها فى ذلك الوقت وكان محورا رئيسيا واساسيا فى ذلك العدد.

ولا يزال دافينشى واعماله وخاصة لوحة (العشاء الاخير) وما تضمنته من أسرار تلهم كثير من التيارات الاجتماعية وجماعات الرفض والجمعيات السرية فى اوروبا وامريكا وقد تجدد ذلك السجال والجدل الذى اشعله إنتاج الفيلم قبل عقدين فى حفل إفتتاح أولمبياد باريس قبل أيام حيث تضمنت إحدى فقراته الراقصة تجسيدا للوحة (العشاء الاخير) من راقصين يدعون للمثلية الجنسية الأمر الذى أشعل غضبا كبيرا فى أركان العالم المختلفة لا يزال محتدما.

ويقال عن الفنان العبقرى دافينشى صاحب المواهب الكبيرة والمتعددة انه كان يعتنق عقيدة سرية تقوم على مفاهيم ثورية فى المسيحية لم يكن بمقدوره الإفصاح عنها فى ذلك الوقت لأنها تصادم سلطة الكنيسة وتتعارض مع كثير من المفاهيم الراسخة فى اليهودية والمسيحية لذلك عمل على تضمين أعماله الفنية افكاره ومفاهيمه الخاصة تلك والتى اعتبرت اسرارا أضفت الغموض على لوحاته وكتبت لها الخلود وجعلتها تباع فى المزادات العالمية بمئات ملايين الدولارات وتصبح إيقونات لتيارات وتوجهات فكرية إصلاحية راديكالية كما جرى مع لوحة (المسيح مخلص العالم) التى بيعت قبل نحو ست سنوات فى دار مزادات كرستيز بنيويورك بنصف مليار دولار كاغلى لوحة فى العالم وأكدت المخابرات الأمريكية أن مشتريها الخفى هو ولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان.

لقد اجمع الكل على عبقرية دافينشى وفى نقاش مع الاخ الفنان والشاعر العوض مصطفى قبل 4 سنوات تقريبا رفعه إلى مصاف أنبياء الحقيقة.

albbabiker@gmail.com

3 أغسطس 2024

الوسومالأستاذ محمود محمد طه العشاء الأخير المسيح الموناليزا توم هانكس شيفرة دافنشي علاء الدين بشير

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الأستاذ محمود محمد طه العشاء الأخير المسيح الموناليزا توم هانكس العشاء الاخیر فى ذلک ما بین

إقرأ أيضاً:

معرض القاهرة الدولي للكتاب يختتم فعالياته اليوم.. وضيوف عرب: حدث يليق بعظمة مصر

يختتم معرض القاهرة الدولى للكتاب دورته الـ56، اليوم، بعد 13 يوماً من فتح باب المعرض أمام الجمهور، ومن المقرر الإعلان عن أسماء الفائزين بجوائز الدورة الحالية، والاحتفاء بهم، وشهد اليوم قبل الأخير إقبالاً كبيراً من الزوار بمختلف الفئات والأعمار، لاقتناء العديد من الكتب والمشاركة فى الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية.

ووصل عدد الزوار يوم الاثنين الماضى إلى 375 ألفاً و454 زائراً، ليصل بذلك إجمالى العدد خلال 11 يوماً متتالية، إلى 4 ملايين و770 ألفاً و684، ما يُجسد مدى الإقبال الجماهيرى الكبير الذى تحظى به فعاليات هذه الدورة منذ انطلاقها، وسط تضافر جهود عدة جهات رسمية وغير رسمية لخروج المعرض بالصورة اللائقة بمصر، ومن بينها وزارة الداخلية التى شاركت لأول مرة بالمعرض من خلال سيارة الخدمات الرقمية، والتى يمكن للمواطن من خلالها استخراج بطاقة الرقم القومى، كما شهدت السيارات المتنقلة لوزارة الصحة إقبالاً من زوار المعرض للاستفادة من خدمات عيادة الأسنان وعيادة الجراحة وعيادة الباطنة وجميعها مجهزة وتوفر علاجات للمترددين مجاناً.

وقالت الدكتورة نانسى فؤاد، مدير إدارة الثقافة الصحية بمديرية الشئون الصحية بالقاهرة، إن وزارة الصحة تنفذ خطة التأمين الطبى لفعاليات معرض الكتاب عن طريق العيادات المتنقلة وقافلة صحية تضم فرقاً للتثقيف فى قاعات المعرض لتعريف الزوار بالخدمات المقدمة وأماكن وجودها، إلى جانب تقديم رسائل تثقيفية عن التغذية السليمة وإجراءات الوقاية من الإنفلونزا الموسمية والأمراض المعدية، وحول استفادة جمهور المعرض من تلك الخدمات قالت: «هناك عدد كبير من الزوار يتردد على العيادات خصوصاً أيام الإجازات التى تشهد إقبالاً ضخماً على المعرض، مثلاً مرضى السكر أو من يتعرض لجرح بسيط من الأطفال، وغير ذلك يتم نقلهم بسيارات الجولف التى توفرها إدارة المعرض إلى العيادات للتعامل مع الحالة فوراً، وبعض الرواد تلقوا خدمات الأسنان ويتم توجيه الحالات التى تحتاج إلى متابعة إلى أقرب مكان إلى سكنهم».

الدكتورة فاطمة الأخضر، الباحثة والأكاديمية التونسية، أكدت حرصها على زيارة معرض الكتاب مشيدة بالتنظيم: «التنظيم بقدر عظمة مصر، لأن مصر عظيمة جداً، وأنا سعيدة به»، وتابعت: «شاركت فى عدد من الفعاليات من بينها فعالية للاحتفاء بمئوية شكرى سرحان، وأعتبرها أحسن ما يجب أن يقدم فى شأن أيقونة السينما المصرية، ومن خلال أفلامه رأينا وتعلمنا القيم والأخلاقيات الحقيقية، وذلك الإحساس بالدور الذى يلعبه».

وأكدت الكاتبة السعودية أمل الجبرتى، التى تحتفى بصدور روايتها الأولى «إعدام غراب»، عن دار سما فى معرض القاهرة، أنها تحرص على زيارة القاهرة كل بضعة أشهر: «معرض الكتاب هو أول معرض فى المنطقة العربية وله طعم خاص، وملتقى جيد للقاء المبدعين والمفكرين والقراء أصحاب الذائقة الأدبية الرائعة»، وأشارت إلى الحراك الثقافى الذى تشهده المملكة العربية السعودية بجهود وزارة الثقافة ودعمها المعنوى والمادى الكبيرين للكتاب: «لدينا أصوات أدبية نسائية، وأصبحت أكثر فى الوقت الراهن، وهى لا تقتصر على المناداة بالحقوق بل تحكى عن الحياة وعن العلاقات الاجتماعية، وتغير الفكر بفضل تنفيذ رؤية 2030 التى تبناها الأمير محمد بن سلمان وكانت الدافع الأساسى لكل المواهب، كما أعطى للمرأة مكانتها الحقيقية ومكّنها من توصيل صوتها بشكل مناسب مع العصر».

وفى إطار الاهتمام بأبناء المحافظات الحدودية، نظمت قصور الثقافة زيارة للأطفال فى إطار فعاليات الأسبوع السادس والثلاثين لمشروع «أهل مصر»، الذى تنظمه الهيئة تحت شعار «يهمنا الإنسان»، وانطلقت الجولة بزيارة جناح وزارة الشباب والرياضة، حيث قدمت كاتبة الأطفال حسنات الحكيم ورشة حكى بعنوان «مدينة الحواديت»، التى تفاعل معها الأطفال بحماس، وعقب ذلك توجه الأطفال إلى جناح وزارة الداخلية، حيث شاهدوا فيلماً تسجيلياً عن دور الشرطة المصرية، ثم زيارة جناح وزارة الدفاع، حيث قدمت لهم شروحاً تفصيلية حول القوات المسلحة المصرية ودورها فى حماية الوطن، واختتمت الجولة بزيارة جناح الهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث تعرف الأطفال على منصة «توت» الرقمية، وشاركوا فى أنشطة البرنامج الثقافى.

مقالات مشابهة

  • ونحن فى انتظار شهر الرحمات.. انتى فين يا حكومه؟!
  • «فتاة وبحيرتان».. رواية تُبحر فى أعماق النفس والقدر
  • بالصور..افتتاح معرض الجبلاوى لتراث الصعيد بمكتبة قــنا
  • افتتاح معرض الفنان عبدالرسول الجبلاوى بمكتبة قــنا
  • فى الحركة بركة
  • ترامب المظلوم.. وكلوديا الثائرة!
  • حجاب الفنانات موضة رمضان
  • درنكة والفرنسيسكان.. دروب الإيمان في أرض المعجزات
  • محمد عبدالقادر يكتب عن رحلة المخاطر والبشريات
  • معرض القاهرة الدولي للكتاب يختتم فعالياته اليوم.. وضيوف عرب: حدث يليق بعظمة مصر