لجريدة عمان:
2025-03-04@04:44:27 GMT

الإجازة الصيفية طاقة متجددة

تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT

تمثّل الإجازة الصيفية فرصة لتنمية مهارات الشباب وتمكينهم في المجالات المختلفة؛ لإعادة توظيفها في بيئة العمل والاستفادة منها لتطوير قدراتهم على الإبداع والابتكار، فهي متنفس لأفراد المجتمع للابتعاد عن ضغوطات العمل والحياة اليومية؛ لشحذ الهمم من جديد واكتساب طاقة متجددة للعودة لميادين العلم والعمل بإيجابية وارتياح؛ فالشباب اليوم بحاجة إلى عمل دؤوب لملء أوقات الفراغ التي تزيد خلال فترة الإجازة الصيفية؛ لترسيخ بعض المصطلحات والمفاهيم التي تساعد على إعدادهم جيدا للتحديات المحية بهم، وهم بحاجة إلى احتضان أفكارهم لتنميتها وإيجاد وسيلة لتحويلها إلى منتج مبتكر قابل للاستفادة منه في المجتمع.

وكون المجتمع يتعرض لربكة في القيم والأخلاق هذه الأيام نتيجة الاستخدام المتزايد لشبكات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى ما يكتسبه من أفكار وتوجهات ضارة من قرناء السوء فإن الحاجة ملحة لإعادة المسار وضبط البوصلة لضمان عدم الحياد عن العادات الحميدة والأخلاق الفاضلة التي عُرفت عن المجتمع العُماني. ولعل الجهود التي تبذلها المراكز الصيفية في مختلف محافظات وولايات سلطنة عُمان أحد الجوانب المساعدة لإعداد جيل واع بما يدور حوله، وهي إسهامات تطوعية سيكون لها أثرا لتعزيز المبادئ والثوابت اللازمة لمنع الشباب من تأثرهم برياح الأفكار الضالة التي تزعزع المجتمعات وتروّعهم من الإسهام في بناء الأوطان الحاضنة للشباب ومن يسعى إلى الحفاظ عليه وعلى مكتسباته؛ فالأدوار التطوعية الشبابية التي نشهدها في مختلف ولايات ومحافظات سلطنة عُمان التي أثمرت عن تنظيم حلقات لتعليم القرآن الكريم وحفظه والتفقه في تعاليم الدين الحنيف؛ لهي بوابة لتوعية الشباب بالجوانب الحياتية وتعزز من قدراتهم على التفكر والتحليل للأحداث التي باتت على مرآى من أعينهم؛ فما يحدث من صراعات سياسية ووجودية في بعض بقاع العالم جدير بالبحث والتحليل والتمعن لمجريات الأحداث، ويجب ألا تقتصر المراكز الصيفية على تعليم بعض العلوم؛ بل من الجيد الاهتمام بالعلوم الأخرى كالعلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية فهذه العلوم أصبح أفراد المجتمع يتأثر بها يوميا؛ لارتباطها ببعضها البعض وهي الشاغل لخططهم اليوم وغدا وفي المستقبل، وملائمة للتوسع في التحليل النقدي؛ كونها تحوي في طياتها العديد من الحالات القابلة للدراسة والتحليل والتقييم، إضافة إلى أنها مناسبة لكيفية التدرّب على فهم المساقات في البيئة التعليمية عموما.

نأمل أن تسهم المراكز الصيفية في إثراء الملتحقين بها بالمعلومات والمعارف العلمية والمهارية المختلفة؛ لإعدادهم جيدا خلال فترة الإجازة الصيفية والاستفادة من العلوم التي اكتسبوها في حياتهم اليومية، وما نأمله أن تترسّخ مبادئ الدين الحنيف لدى الشباب والأطفال؛ لتعينهم على مواجهة الأفكار الضالة التي تنخر المجتمعات والمكتسبة من وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة؛ فنحن اليوم بحاجة إلى رسائل اتصالية توعوية مفيدة للمجتمع تتم صناعتها في المراكز الصيفية وإيصالها لأفراد المجتمع بأسلوب يستطيع من خلاله الفرد أن يكون واعيا حذرا بما يدور حوله لا واعيا خائفا من الحوادث الطارئة التي تنشأ نتيجة اكتساب أفكار ضالة أو نتيجة تبرير واهي لتوجّه معيّن.

إن الوطن فتيٌّ بشبابه وشامخ بنوابغ أفكارهم، ومستشرف بتنبؤهم وحذرٌ بوعيهم لما يدور حولهم، وينبغي علينا جميعا أن نسهم في تعزيز هذه القيم وتوسّعها على نطاق واسع في المجتمع؛ لدورها في بناء جيل واع مقدام مبادر للإسهام بما يستطيع من مهارات وقدرات لمواصلة البناء والارتقاء به إلى آفاق أرحب، وعليه من الجيد الاشتغال على تطوير المراكز الصيفية ودعمها؛ لتكون اللبنة الصلبة لتأسيس الأجيال وتوسيع مداركهم وأفكارهم لمشاركتها البيئة العلمية والعملية بعد انتهاء الإجازة الصيفية، أيضا من المهم أن تحوي حلقات المراكز على منهاج لترسيخ المواطنة الصالحة وحمايتها من الأفكار الضالة نتيجة انتشارها في شبكات التواصل الاجتماعي، مع ضرورة تعزيز الجرعات التوعوية لكيفية استخدام هذه المنصات وخطرها على المجتمع والأسرة والفرد، أيضا من المهم تشجيع الأبناء على الانخراط في المراكز الصيفية وعدم ترك الملهيات والانشغالات أن تأخذ الحيز الأكبر من أوقاتهم؛ لضمان تشبعهم بالأفكار المستنيرة التي تعينهم على تسيير أمور حياتهم وفهمها جيدا. خلال زيارتي لعدة ولايات في الفترة الماضية تلمّست اهتمام الشباب والقائمين على المساجد بتنظيم مراكز صيفية بجهود تطوعية ومساهمات من بعض فئات المجتمع، وما يميّز هذه المراكز عن غيرها أنها تحوي دروسا في عدة علوم ولا تقتصر على العلوم الإسلامية، أيضا تمتاز المراكز بإقبال الشباب المؤهلين تربويا للتدريس تطوعيا، إضافة إلى تبرعهم بمبالغ مالية لمنح الطلبة المتميزين جوائز نقدية وعينية، شخصيا تلمّست ترحيب الأسر بالمراكز الصيفية وتشجيع الأبناء على الالتحاق بها والاستفادة من العلوم والمعارف والمهارات المكتسبة خلال فترة الإجازة الصيفية؛ الأمر الذي شجّع القائمين على المراكز الصيفية استمرارها سنويا.

راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي

rashidalshidhani586@gmail.com

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الإجازة الصیفیة المراکز الصیفیة

إقرأ أيضاً:

للتاريخ وللسياسة وللممكن!

 

 

يوسف عوض العازمي

@alzmi1969

"نحن في حاجة إلى رؤية للقوة، تكون أشمل من الرؤية التقليدية التي تركز على القدرة على كسب الحرب" يورغ سورنسن.

***

 

عندما تتفكر فيما يحدث من تطورات في تمكن والتزام ومسببات ومقتضيات ومتحركات السياسة الدولية تجد التطور هو الثابت الأكثر تحركا بها، تطورت حوادث الحياة السياسية المعاصرة بحسب وجود السيد الأقوى على سدة القرار، وهنا القصد بالسيد الأقوى من يملك إمكانات تخطيط وتنظيم وصنع وتنفيذ القرار السياسي، وعلى أثر ذلك ستلاحظ بما يتدثر به من مبادئ وقيم، وأخلاق ووفاء، ومعاهدات واتفاقيات، وهل تصب في صالح النظام العام أم متسقة فقط مع نظامه الأحادي، وهل يتغير رئيس وتبدل نظام تذهب مبادئ وتأتي أخرى؟

التاريخ وبصفحاته وضح كل شيء، ومن لا يقرأ التاريخ ليس تكون خطواته على ورود، بل سيكون الشوك عنوانها، القوة إن لم تقودها العقلانية والمصلحية العامة وسط إطار يضع المصالح بجانب القيم التي تعبئ مصالحها بمبادئ القوة المتمكنة من تحقيق الأهداف بإمكانات فعالة قد تفضي إلى تحقيق هدف وأكثر لكنها لن تستطيع الصمود لفترات طويلة، ولن تتحمل الضغط العالي لإن الأساس أصبح هشا، فهل هناك من يستطيع بناء الدور الثالث من مبنى دون بناء أساسات ودور أرضي؟

لنرجع قليلا إلى ماض قريب  عندما كف ميخائيل غورباتشيف عن مساندة الديكتاتوريات الشيوعية في أوروبا الشرقية، فتساقطت واحدة بعد الأخرى، وفي بلده هو انتهت سياستا غلاسنوست glasnost  وبيريسترويكا perestroika إلى انهيار الاتحاد السوفييتي (1)، هنا يتبين دور القوة المساندة في تحديد مسارات الإطار العام للسياسات المنظمة بين الدول؛ فالدول التي تضع اعتماديتها الكاملة أو الشبه كاملة في يد دول أخرى فدرب ابتزازها وطريق طلب فواتير سياسية واقتصادية باهظة كونها لا تتحكم في كل خيوط اللعبة، الأقوى هومن يملك تحريك الخيوط وقيادتها وإيقافها كذلك، تصور لولم تجمع الأقوى مصالح مع طالبي المساندة، فكيف سيكون الوضع ؟

في العلاقات الدولية قواعد أخلاقية لعملية اتخاذ القرارات الخاصة بالسياسة الخارجية للدول أهمها قاعدتين: على الدول الوفاء بالتزاماتها وعهودها + للدول الحق في الدفاع عن نفسها ضد الاعتداء الخارجي (2)، ومن الصعب على أية وحدة سياسية الصمود وسط تيارات المتغيرات السياسية الدولية دونما وجود أساس متين تتكأ عليه من استقرار سياسي وقوة عسكرية، ونهضة اقتصادية، زائد تحالفات مع دول موثوقة تملك قيما ومبادئ مشتركة، وربط هذه التحالفات بشبكة مصالح طويلة المدى كمصالح اقتصادية مثلا.

في دول الديمقراطيات العريقة قد يتبدل فكر إدارة الدولة بمن توصله صناديق الاقتراع، وهنا على الحلفاء مراقبة أوضاع المتنافسين وخلفياتهم السياسية والقيم التي بسببها قد يصلون لسدة القرار، ودراسة هذه القيم ومدى مناسبتها للقيم المطلوبة، وكيف التعامل معها ومواجهتها بما يحقق الصالح العام، وهذا يتطلب وجود مستشارين على درجة عالية من التبصر في مراقبة ما يحدث، ويملكون بصيرة معرفة التاريخ، ومكر أهل السياسة، وتبدل أحوال الدول .

من أهم أسباب جودة السياسة لأي وحدة سياسية (دولة) هي وجود حدود ثابتة لا غبار حولها، وقيادة سياسية مستقرة، وأمن داخلي وخارجي راسخ، واقتصاد لدبه مرونة القدرة للتطور، وانخفاض نسبة البطالة، وأنظمة صحية وتعليمية تحقق حد جيد من الإطار العام المطلوب، وتعزيز ذلك بشبكة تحالفات إقليمية ودولية موثوقة قائمة على مصالح مشتركة طويلة المدى، هنا سيكون الوضع معقولا إلى حد ما، في عالم تتقاذفه العواصف من كل جانب، ولا بقاء به إلا للأقوى والأدهى!

للتحليلات السياسية مناهج ومخرجات وأنواع منها: تقييم حالة، وتقدير موقف، وتنبيه سياسي، واستشراف سياسي (3)، ولكل منهج نظرية وتفاعل وأسلوب، والجدل حول التحليل السياسي لأي لم ولن يتوقف وهذه طبيعة الأمر، في العلوم الإنسانية يعتبر الجدل عاملا مهما للوصول لقناعة ما، وهذا فارق العلوم العقلية عن النقلية، العلوم التي يلعب بها الفكر دورا مهما قد تتبدل أفكارها من حين لآخر مع بقاء ثوابتها. في السياسة- التي هي جزء من العلوم الإنسانية- قد تتبدل قيم وتتغير مبادئ بحسب المصلحة، والمصلحة هي تعبر عن طبيعة الإنسان الناظرة للأعلى وللأكثر وللأقوى، وطبيعة النفس البشرية قد تحدد أحيانا ماهي السياسة القادمة للدولة "س" عندما يأتي الرئيس فلان، وكيف تواجه سياستها الدولة "ص"؟

السياسة بحر غبه عميق جدا لا يجيد السباحة فيه سوى الماهر ومن يلبس على ظهره أوكسجين يكفي في حال الغوص إلى غب المحيط!

قال تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُو اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ" (الأنفال: 60).

**************

بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، أتقدم لكم بخالص التهنئة، ومبارك عليكم الشهر، وعساكم من عواده. وأسأل الله أن يعيننا على صيامه وقيامه وأن يجعلنا فيه من المقبولين.

مراجع:

كتاب: "إعادة النظر في النظام الدولي الجديد"، تأليف يورغ سورنسن، ترجمة أسامة الغزولي، الفصل الخامس، ص 147 و148، سلسلة عالم المعرفة 480 يناير 2020م. المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، دولة الكويت. كتاب: "قواعد اللعبة". الكتاب الرائد في العلاقات الدولية، تأليف مارك أمستيوز. الفصل الثامن، ص 296 و297، الطبعة الثانية، دار الفاروق للاستثمارات الثقافية، جمهورية مصر العربية. كتاب: "أصول التحليل السياسي" تأليف د. فوزي حسن الزبيدي. المبحث الثالث ص 31، طبعة أولى 2018م. دار ثقافة للنشر والتوزيع. أبوظبي، بيروت. رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • جلسة تضيء على مسيرة الأئمة الشباب وتجاربهم
  • برلمانية: تطوير البنية التحتية الصناعية وتعميم حلول الطاقة النظيفة لمواجهة الأحمال الصيفية
  • دورة تدريبية للإعداد والتحضير للدورات الصيفية للبنات في الجوف
  • قانون العمل يمنح العاملين إجازات دراسية مدفوعة بشروط محددة
  • شروط تحديد الموظفين أجازتهم السنوية في قانون العمل الجديد
  • أنسو فاتي يستقر على مغادرة برشلونة في الانتقالات الصيفية
  • مواعيد العمل في البنوك في رمضان..تفاصيل
  • بأجر ..شروط حصول الطلاب على إجازة الامتحانات بقانون العمل
  • للتاريخ وللسياسة وللممكن!
  • تعرف على المراكز الأولى في أول يوم من دوري أندية الدراجات العراقي