منذ الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على مستوطنات وقواعد غلاف غزة، دخل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مرحلة جديدة. هذا الهجوم الذي شكل صدمة كبيرة لإسرائيل لم يؤثر فقط على الوضع العسكري، بل ساهم في تغيير الديناميات الإقليمية والدولية. منذ ذلك الحين، شهدت منطقة قطاع غزة واحدة من أعنف الحروب التي عرفها الشعب الفلسطيني، حيث تميزت بكثافة القتل والتدمير.

إن تحليل الأحداث والتطورات خلال هذه الأيام الـ300 يتطلب النظر إلى الإنجازات والأثر الذي حققته كل من إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وذلك لفهم ديناميات الصراع وتأثيره على الوضع الإنساني والسياسي في المنطقة.

أولا: إنجازات إسرائيل

1- تدمير قطاع غزة

لقد أحدثت العمليات العسكرية الإسرائيلية دمارا واسع النطاق في قطاع غزة، حيث تحولت العديد من المناطق إلى أراضٍ غير صالحة للحياة. هذا الدمار لم يقتصر على المباني السكنية بل طال أيضا البنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات والمدارس وشبكات المياه والكهرباء. وقد نتج عن هذا التدمير أزمة إنسانية حادة، حيث أصبح من الصعب على السكان تأمين احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء والماء والخدمات الصحية.

بالتوازي مع تصعيد عملياتها في قطاع غزة، واصلت إسرائيل تنفيذ مخططاتها الاستعمارية في الضفة الغربية. يشمل ذلك توسيع المستوطنات وتعزيز السيطرة العسكرية
2- القتل والاعتقالات

لقد شهدت الحملة العسكرية تصعيدا في عمليات القتل والاعتقالات، حيث استهدفت القوات الإسرائيلية المدنيين بشكل مباشر. الأرقام تشير إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الضحايا من المدنيين، بالإضافة إلى عمليات الاعتقال الجماعي والنقل القسري للفلسطينيين. هذه السياسات كانت تهدف إلى ترهيب السكان وتثبيط قدرتهم على مقاومة الهجمات العسكرية، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في غزة.

3- اغتيالات القيادات الفلسطينية

ضمن أهدافها الاستراتيجية، سعت إسرائيل إلى استهداف القيادات السياسية والعسكرية الفلسطينية البارزة. من بين الشخصيات المستهدفة إسماعيل هنية وصالح العاروري، وهما من الرموز المهمة في المقاومة الفلسطينية. هذه الاغتيالات كانت تهدف إلى إضعاف القيادة السياسية والعسكرية للفلسطينيين وتقويض قدرتهم على تنظيم الصفوف ومواجهة الهجمات الإسرائيلية.

4- تطبيق مخططات استعمارية في الضفة الغربية

بالتوازي مع تصعيد عملياتها في قطاع غزة، واصلت إسرائيل تنفيذ مخططاتها الاستعمارية في الضفة الغربية. يشمل ذلك توسيع المستوطنات وتعزيز السيطرة العسكرية، مما أدى إلى تفاقم الأزمات خصوصا الاقتصادية في الضفة. هذه السياسات عززت من معاناة السكان الفلسطينيين، وأنهت فكرة حل الدولتين إلى الأبد.

ثانيا: إنجازات المقاومة الفلسطينية

1- صمود المقاومة

رغم الظروف القاسية، أظهرت المقاومة الفلسطينية قدرة فائقة على الصمود وعدم الاستسلام. كان استمرار المقاومة في مواجهة الهجمات الإسرائيلية تعبيرا عن الإرادة القوية للدفاع عن حقوق الفلسطينيين. هذا الصمود كان له تأثير كبير في الحفاظ على الروح المعنوية للفلسطينيين وإبراز قضيتهم.

أحد الإنجازات البارزة للمقاومة الفلسطينية كان جذب انتباه المجتمع الدولي. من خلال تسليط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية وتوضيح حجم المعاناة الإنسانية، تمكنت المقاومة من الحصول على دعم من بعض الدول والشعوب والمنظمات الدولية
2- الرد على الهجمات

لا زالت المقاومة الفلسطينية قادرة على تنفيذ لعمليات الدفاعية والهجومية ردا على الهجمات الإسرائيلية. هذه العمليات لم تقتصر على الجانب العسكري، بل شملت أيضا جهودا لزيادة الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية. كان الهدف من هذه الردود هو الحفاظ على تأييد المجتمع الدولي وإبقاء القضية الفلسطينية حية في الأذهان.

3- تعزيز الوحدة

سعت المقاومة إلى تعزيز وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة التحديات، حيث كانت هناك جهود ملحوظة لتحقيق الوحدة الوطنية. هذا ساعد في إعادة التركيز على القضايا الأساسية وتعزيز الموقف الفلسطيني على الساحة الدولية نوعا ما، كما ساهمت الحرب في تعزيز محور المقاومة والتأكيد على حقيقته وأنه ليس شعارات.

4- كسب الدعم الدولي

أحد الإنجازات البارزة للمقاومة الفلسطينية كان جذب انتباه المجتمع الدولي. من خلال تسليط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية وتوضيح حجم المعاناة الإنسانية، تمكنت المقاومة من الحصول على دعم من بعض الدول والشعوب والمنظمات الدولية. هذا الدعم ساعد في ممارسة الضغط على إسرائيل وزيادة التوعية بقضية فلسطين على مستوى عالمي.

5- تعرية السياسات الإسرائيلية

ساهم الإعلام لا سيما الفلسطيني وبعض وسائل الإعلام العربية والدولية في تعرية السياسات الإسرائيلية وكشف الانتهاكات التي ارتكبت بحق الفلسطينيين. هذا الجهد أسفر عن ردود فعل دولية ضاغطة، مما ساعد في تعزيز الضغوط على إسرائيل وتوجيه انتقادات واسعة لسياساتها.

الصراع في قطاع غزة يحمل أبعادا متعددة ومعقدة. إن ما حققته إسرائيل من تدمير وتدمير للإنسانية والمجتمع الفلسطيني يتوازى مع صمود المقاومة والإنجازات التي حققتها على صعيد الدفاع عن القضية الفلسطينية وتعزيز الدعم الدولي
توقعات المستقبل

في ضوء التطورات المستمرة، يبدو أن الحرب قد تستمر لفترة أطول ما لم يتم التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى أو تسوية سياسية. إن استمرار الصراع في قطاع غزة قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، في الوقت الذي تسعى فيه الأطراف الدولية للوساطة والضغط لإيجاد حل.

علاوة على ذلك، فإن الجبهات المساندة التي ظلت هادئة نسبيا قد تتحول إلى جبهات رئيسية، خاصة في ضوء التطورات المتسارعة وعمليات الاغتيال المستمرة. الجبهة مع لبنان، على وجه الخصوص، قد تصبح أكثر بروزا، حيث تزداد التهديدات والتوترات في المنطقة. إن تصاعد الصراع على هذه الجبهات يمكن أن يزيد من تعقيد الوضع ويضيف أبعادا جديدة إلى الصراع الإقليمي.

خاتمة

في ضوء الأحداث التي جرت خلال الأيام الـ300 الماضية، يتضح أن الصراع في قطاع غزة يحمل أبعادا متعددة ومعقدة. إن ما حققته إسرائيل من تدمير وتدمير للإنسانية والمجتمع الفلسطيني يتوازى مع صمود المقاومة والإنجازات التي حققتها على صعيد الدفاع عن القضية الفلسطينية وتعزيز الدعم الدولي. لفهم أعمق لهذا الصراع، يجب أن نستمر في تحليل تطوراته ونتائجه على الأرض.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطيني الإسرائيلي المقاومة إسرائيل فلسطين غزة المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة فی قطاع غزة فی الضفة

إقرأ أيضاً:

حياة بدائية مريرة خلفتها الحرب الإسرائيلية في قرى الجنوب اللبناني

جنوب لبنان- "هذا كان بيتي وللمرة الثالثة أعيد بناؤه" بهذه الكلمات المشحونة بالألم يبدأ المواطن زهر الدين، أحد أبناء بلدة ميس الجبل في الجنوب اللبناني، حديثه للجزيرة نت، بينما يفتح أبواب منزله شبه المدمر، ويروي حكاية عمرها أكثر من عقدين مع الحرب والخراب وإعادة الإعمار.

وفي صوته الذي تختلط فيه المرارة بالإصرار، يقول زهر الدين "منذ 22 عاما وأنا أُعمّر، المرة الأولى كانت عام 2000، والمرة الثانية عام 2006، والآن المرة الثالثة، ولا أعرف إن كنت سأستطيع إعادة بنائه من جديد".

ويتنقل بنا بين غرف منزله، مشيرا بيده إلى الركام، وإلى الجدران التي مزقها القصف، والزوايا التي كانت تحمل تفاصيل حياته اليومية. ويتحدث عن المطبخ، وغرفة النوم، وشجرة الليمون التي كانت تظلل باحة الدار، فكل شيء تحوّل إلى أثر بعد عين.

"لا كهرباء ولا ماء، ولا أي من مقومات الحياة.. هذه ليست حياة بشر" بهذه العبارة يختصر زهر الدين واقعا قاسيا فرضته آلة الحرب الإسرائيلية على بلدته.

وهو يقف أمام مولد كهربائي صغير لا يكاد يلبي حاجات عائلته، يقول بابتسامة يختلط فيها السخرية بالمعاناة "هذه هي شركتي الكهربائية! تحتاج إلى 5 دولارات يوميا لتمنحني 4 ساعات من الكهرباء، أي ما يقارب 150 دولارا فقط لإضاءة المنزل. أما الماء، فمعدوم لأن بئر المياه تعرضت للقصف".

إعلان

ويتنهد، ثم يضيف "باتت هذه المسؤولية على عاتق المواطن، لا دولة، ولا مؤسسات، وكل فرد صار مضطرا لأن يدبر أمره بنفسه، لكن رغم كل شيء يبقى هذا الجنوب.. أرض الصمود".

مسجد الحي الشرقي في بلدة ميس الجبل مدمر بالكامل (الجزيرة) "مرحلة مزرية"

في زاوية ضيقة من حمام منزلها المدمر، تنحني عناية خليل (زوجة زهر الدين) فوق حوض صغير، تغسل الصحون بصمت. ولم تعد المطابخ مكانا للطبخ أو غسل الأواني، بل تحول الحمام إلى مطبخ بديل وإلى شاهد صامت على تداعيات الحرب التي اجتاحت حياة الكثير من الأسر الجنوبية.

وبصوت خافت، تقول للجزيرة نت "وصلنا إلى مرحلة مزرية، نغسل الصحون في الحمّام.. نعبّئ الماء وننقله من مكان إلى آخر". ولا تخفي كلماتها ما صار يوميا وعاديا في حياة كثيرين، إذ بات الحصول على المياه مهمة شاقة، وتفصيلا جديدا من تفاصيل المعاناة المستمرة.

وتتابع عناية، وقد بدا التعب جليا على ملامحها "الحياة ستستمر، لكنها تستمر بالمعاناة والعذاب، ولا أحد يشعر بأحد". وتمسح يديها بقطعة قماش، ثم تضيف "كل يوم أعمل وأنظف، وأخاف من الفيروسات والأمراض في هذا الواقع المرير".

وفي كلماتها ما يتجاوز مجرد الشكوى، إنها مرآة لأمهات كثيرات يواجهن وحدهن تحديات البقاء، في بيئة تهدد الاستقرار والصحة معا، ولا تترك للراحة موطئا.

دمار واسع خلفه القصف الإسرائيلي في عشرات القرى بالجنوب اللبناني (رويترز) ذكريات بين الركام

وعلى مقربة من الحدود في بلدة حولا، تقف أم علي عواضة أمام ركام منزلها تختصر وجعها بكلمات قليلة، وتقول للجزيرة نت "هنا كان بيتي.. هنا عشت ذكرياتي وفرحة عائلتي، البيت الذي كان يوما ملاذا آمنا حوّله القصف الإسرائيلي إلى كومة حجارة".

وبين جدران مهدمة وغرف بلا أبواب، تتنقل العائلة متأملة بقايا الذكريات، ويشير أبو علي (ربّ الأسرة) إلى حفرة عميقة تتوسط باحة المنزل، ويقول للجزيرة نت "هنا كنا نجتمع، وكان الضحك يملأ المكان، رائحة العدس من صحن المجدرة يوم العطلة لا يضاهيها شيء. أما اليوم، فلا رائحة سوى البارود والغبار".

إعلان

وفي الزاوية الخلفية من المطبخ حيث اعتادت أم علي أن تطهو لأطفالها، لم يبقَ سوى الركام. وتنحني لتلتقط آنية مكسورة، وتتمتم "لا ماء، لا كهرباء، ولا دولة تسأل عنا، كل يوم نملأ الغالونات من بلدات بعيدة، ونشحن البطارية بالطاقة الشمسية لنضيء مصباحا واحدا في الليل".

ورغم كل شيء، لا تزال أم علي متمسكة بالأمل، تمسح الغبار عن صورة عائلية نجت من الدمار وتقول "سنبقى هنا.. هذه أرضنا كرامتنا، وذكرياتنا".

غياب مقومات الحياة

يقول شكيب قطيش رئيس بلدية حولا -للجزيرة نت- إن نحو 150 عائلة عادوا إلى البلدة رغم تضرر منازلهم، إذ إنها ليست مدمرة بالكامل "مما يجعل السكن فيها ممكنا ولو جزئيا".

ويضيف "المشاكل في البلدة لا تعد ولا تحصى، فبعض المنازل تعرضت لأضرار جسيمة، والبنى التحتية مدمرة بالكامل، ولا تتوفر أدنى مقومات الحياة الأساسية من كهرباء ومياه إلى غياب المواسم الزراعية، إذ إن كل شيء في البلدة شبه معدم".

ورغم كل ذلك، أصرت بعض العائلات على العودة في رسالة واضحة -كما يقول رئيس البلدية- على تمسكهم بأرضهم "وقد اعتمدوا حلولا بديلة أبرزها استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، بينما تصل المياه عبر صهاريج خاصة تُباع للسكان".

وفي ما يتعلق بتأمين الغذاء، أوضح قطيش أن "الأهالي يضطرون للتنقل إلى بلدات مجاورة للحصول على احتياجاتهم الأساسية من الطعام والمواد الضرورية".

والحال في بلدتي ميس الجبل وحولا ينسحب على ما يعانيه عشرات آلاف اللبنانيين في معظم قرى وبلدات الجنوب، حيث عملت آلة الحرب الإسرائيلية لشهور على تدميرها جزئيا وكليا بالقصف العنيف. ولا تزال التدخلات لإعمار هذه القرى وإصلاح خدماتها في أطوارها الأولى.

وفي تقرير سابق، ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية أن الجيش الإسرائيلي مسح 37 بلدة في الجنوب تماما، كما دمر أكثر من 40 ألف وحدة سكنية منذ بدء عدوانه على لبنان في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى الأسبوع الأول من نوفمبر/تشرين الثاني.

مقالات مشابهة

  • 16 عملاً للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية خلال 48 ساعة الماضية
  • لجان المقاومة الفلسطينية : المجازر بغزة ترتكب بقرار وسلاح أميركي
  • لجان المقاومة الفلسطينية تؤكد أن المجازر الصهيوني في غزة ترتكب بقرار وسلاح أميركي
  • قوى تحالف المقاومة الفلسطينية ترفض خطاب عباس واعتداءه اللفظي عليها
  • عباس يشتم المقاومة الفلسطينية ويثير غضب المغردين
  • الأمم المتحدة: 92% من المنازل بغزة مدمرة جراء الحرب الإسرائيلية
  • بـ"قرار الفرصة الأخيرة".. إسرائيل تحدد موقفها من مفاوضات غزة
  • من الفوضى الاقتصادية إلى الحرب المقدسة.. كيف يُعيد داعش صياغة الصراع العالمي؟
  • حياة بدائية مريرة خلفتها الحرب الإسرائيلية في قرى الجنوب اللبناني
  • الرقائق.. والذكاء الاصطناعي تفتح أبواب الصراع العالمي بين أمريكا والصين