ماضي زوجي السابق يرخي بظلاله على مستقبلي
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
سيدتي، لم أجد غير ركنك الأبي متنفسا لما أنا فيه. فحيرتي بددت عليّ لذة التنعم بالحاضر والمستقبل. ولست أجد غيرك حتى أبث بين يديه ما يخالجني وما يقض مضجعي.
طيبة قلبك وروحك السامية سيدتي هي التي دفعتني اليوم أن أتصل بك فأنا في حيرة ما بعدها حيرة. كيف لا والأمر يتعلق بطليقي الذي لم يكفه أنه نكّل بقلبي، إلا أنه اليوم يريد أن يقضي على كل مستقبلي.
صدقيني سيدتي، فقد ظننت أنّني ارتحت منه، و قد أصابني الغرور حين أحسست انه يمكنني التخلص من أثار ماض لعين الذي جمعني برجل عاقر الخمر و المخدرات إلى درجة أنه زج به في السجن في عقوبة حسبتها لن تنتهي أو لنقل هذا ما تمنيته.
وبعد تفكير عميق بعقل متدبر وقلب منفطر،وجدت أنني لم أكن يوما لأقبل بالبقاء على ذمة مثل هذا الزوج فطلبت منه أن يطلقني و يدعني وشأني لأبني حياتي على ركام و مخلفات ما عشته معه من حياة ضنكى.
وكان لي ما أردت ، فكنت كمن يتخلص من كتاب لم يشأ أن يقرأه و لا حتى أن يحتفظ به حتى على سبيل الذكرى.و رحت أروم حياة أخرى بدأتها من الصفر و لم أخبر من هلل لصداقتي أو مرافقتي في غياهب الحياة الجديدة شيئا عن ماضي.
و لأنه لا سعادة تدوم فقد انقضت سنوات عقوبة طليقي سريعا و هلل شبح الماضي و ظهر مجددا في حياتي مبديا بغيته في عودة المياه إلى مجاريها،
صدقيني سيدتي وجدت نفسي أتوه من جديد بعد أن حسبت نفسي قد لملمت أشلائي المبعثرة، وبعد تفكير لم يكن بالعميق لم أقبل طبعا بأن أعود على ذمة طليقي، و هذا ما كان بمثابة الضربة الموجعة لرجل ألف أن لا تردّ له كلمة، و الذي بات يهدّد بقلب حياتي رأسا على عقب.
مستقبلي على كف عفريت سيدتي، و حياتي التي بنيتها بعد أن كنت لا شيء ستهوى مثلما تهوى الجبال العاتية.
أنا في حيرة من أمري سيدتي، و أكثر ما أخافه أن يسمع القاصي و الداني بأن لي خيطا يربطني بمن دخل السجن لأنه لا يصلح و لا يمت للإنسانية بصلة.
أنا محطمة منهارة و لا مناص لي إلا أن افتح قلبي لمن يحس بما أحسّ، فما هو الحل سيدتي؟
بعض الرواسب في الماضي يصعب التخلص منها، ولعلّ المؤسف أنّ القلوب الطيبة هي من تقع فريسة هذه العواقب التي تتحول إلى عقبات ومحن. أتفهم ما أنت عليه أخيّة، لكنني متحسرة لأنك لم تكبحي جماح إنسان يعدّ من الماضي، فقد حدث الطلاق الذي بموجبه لم تعودي حليلة هذا الزوج، ولم يعد لديه من العشم لديك لتعودي إلى كنفه ما لم يكن لديك الرضا لذلك.
عليك أن توقفي محاولات هذا الرجل التودّد إليك، والأكثر من ذلك عليك أن تفهميه بأنه لا يوجد له مكان ف يقلبك ومن أنك إلتفتّ إلى حياتك بالقدر الذي جعلك لا ترتبطين ولا تتزوجين وهو يقضي عقوبته في السجن على أمور أنت لست مسؤولة عنها.
كذلك وكحلّ يكفل لك حماية نفسك، عليك أن تخبري أهلك وأهل طليقك بما يحاول هذا الرجل الرمي به في حياتك الجديدة التي لم يعد له فيها محلّ من الإعراب. فذلك سيعزّز موقفك الرافض له وسيجعلك في حماية أهلك وأهله حتى لو كنت طليقته. وعن أثر الماضي في حياتك الجديدة، فأنا أظن أنك لم تقترفي من الحرام شيئا، حيث أنك كنت على ذمة رجل ، وقد إنتهى عمر ما جمع بينكما من زواج وفضّ بطريقة شرعية، ولعلّ الدليل على طيب نواياك وحسن أخلاقك أنك بنيت نفسك بنفسك على وقع الرضا والإرادة.
قد تأتيك فرصة من ذهب تتمثل في شخص جدير بقلبك وعنفوان كيانك يطلبك للحلال، فلا تترددي على الموافقة لتنعمي بإستقرار لطالما رمته وحلمت به والذي يعدّ حقا من حقوقك.
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
«لعبة الحبار»عندما يطاردنا الماضي
علي عبد الرحمن (القاهرة)
أخبار ذات صلة «وما بينهما»تجليات إبداعية للفنون الإسلامية «أبوظبي إكستريم» تنظم 14 بطولة في 5 قاراتبعد النجاح الساحق الذي حققه الجزء الأول من مسلسل «لعبة الحبار»، الذي ترك بصمته كواحد من أكثر الأعمال الدرامية تأثيراً في العصر الحديث، يعود الموسم الثاني ليغوص بنا أعمق في دهاليز النفس البشرية، ليُعمِّق من طرحه الفلسفي والنفسي حول قضايا البقاء، الأخلاق، والإنسانية، وتتحول السردية إلى مساحة أكثر قتامة وتأملاً، حيث نواجه أسئلة وجودية لا تتعلق فقط بالنجاة الجسديّة، بل بصراعات الإنسان مع ذاته ونظام العالم العبثي.
تدخل الحبكة في الجزء الثاني مرحلة جديدة من التعقيد، حيث لم تعُد الألعاب تختبر قدرة الفرد على النجاة فحسب، بل أصبحت امتحاناً أخلاقياً ونفسياً مُرهقاً؛ وتتطلب إحدى الألعاب الرئيسة في الموسم الثاني من اللاعبين، الاختيار بين إنقاذ أرواح الآخرين أو التضحية بهم لضمان بقائهم، مما يكشف عن هشاشة الأخلاق في مواجهة غريزة البقاء.
هنا تكمن العبقرية السردية للمسلسل، إذ يضع المشاهد أمام مرآة فلسفية تظهر تشابك الخير والشر داخل النفس البشرية، ونرى انعكاساً واضحاً لفكرة الفيلسوف الإنجليزي «هوبز» حول حالة الطبيعة حيث «الإنسان ذئب لأخيه الإنسان»، وفي الوقت ذاته، تطرح السردية تساؤلات عن إمكانية وجود أمل في إنقاذ الإنسان من ذاته.
تحمل الشخصيات العائدة من الجزء الأول في داخلها، صدمات التجربة السابقة، مما يضيف لطبقاتها النفسية أبعاداً جديدة، يظهر ذلك بوضوح في تفاعلهم مع الألعاب الجديدة واللاعبين الجدد، الذين يمثلون مزيجاً متنوعاً من الخلفيات الثقافية والاجتماعية. ويُظهر المسلسل في هذا الجزء كيف تؤثر الصدمات النفسية في اتخاذ القرارات، وكيف يمكن للماضي أن يطارد الفرد في أكثر اللحظات الحاسمة، هذه التركيبة تعزّز من درامية الأحداث وتضع الشخصيات في مواجهة مباشرة مع ماضيها وحاضرها.
وأحد الجوانب المميزة في الجزء الثاني، رمزية الألعاب التي تتجاوز مجرد التحدي الجسدي، لتصل إلى تعبيرات فلسفية عميقة، إحدى الألعاب على سبيل المثال تستند إلى أسطورة «سيزيف» حيث يُجبر اللاعبون على دفع حجر ضخم إلى أعلى التل مع علمهم بأنه سيسقط مجدداً، هذه اللعبة تجسّد فكرة العبثية التي طرحها الأديب الفرنسي من أصل جزائري «ألبير كامو»، الحاصل على نوبل، حيث يُصبح التحدي الحقيقي هو إيجاد معنى في وسط العبث. هناك أيضاً لعبة المرايا، التي تتطلب من اللاعبين مواجهة أنفسهم حرفياً، في إشارة إلى الصراع الداخلي الذي يعاني منه الإنسان في محاولة لفهم ذاته، هنا يتجاوز العمل حدود الترفيه ليصبح دراسة فلسفية عميقة للإنسانية.
وما يميز «لعبة الحبار»، قدرته على التلاعب بمشاعر المشاهدين، كما يخلق حالة مستمرة من التوتر، حيث تُصبح كل لحظة اختباراً نفسياً يضع المشاهد في موضع اللاعب، ولا تترك الأسئلة الأخلاقية المطروحة مجالاً للحياد، بل تُجبره على اتخاذ موقف، مما يجعل التجربة الترفيهية أقرب إلى رحلة نفسية عميقة.
التركيز على الرمزية
يرى الناقد الفني أحمد شعراني، أن الموسم الثاني فقد عنصر المفاجأة الذي ميّز موسمه الأول، والحبكة أصبحت مُتوقعة، والتركيز الزائد على الرمزية الفلسفية قد أضعف التوتر الدرامي، واستشهد بحلقة «لعبة المرايا»، ورغم قوتها الرمزية، فإنها افتقدت الإيقاع السريع الذي كان يميّز الموسم الأول. وتقول الناقدة جهاد هشام، إن الموسم الثاني استند بشكل مفرط إلى نجاح الموسم الأول، دون تقديم جديد حقيقي، وتحولت الشخصيات إلى أدوات لتمرير الرسائل الفلسفية، مما جعلها تفقد عمقها الإنساني، وحتى الألعاب بدت وكأنها مجرد استعراض بصري دون جوهر درامي يُذكر.
بينما أشارت الناقدة رانيا الزاهد، إلى أن الموسم الثاني نجح في تعميق الرسائل الفلسفية والاجتماعية، وتمكّنت الحبكة الدرامية من إبراز التعقيد النفسي للشخصيات، مع التركيز على التحديات الأخلاقية التي تواجهها، معتبرة على حلقة «سيزيف» تحفة فلسفية تعيد التفكير في معنى الجهد الإنساني وسط العبث.
وأوضح الناقد الفني مصطفي الكيلاني، أن الموسم الثاني ليس مجرد تكملة لمسلسل ناجح، وتأكيد على أن القصص القوية يمكنها أن تُعمق من فهمنا للعالم ولأنفسنا، وطرح العمل فكرة أن الحياة بأكملها قد تكون لعبة، وفهم القواعد ليس كافياً للنجاة، بل يجب علينا أن نتساءل عن جدوى المشاركة من الأساس، وبين الصراع النفسي والرمزية الفلسفية، يتركنا العمل أمام سؤال مفتوح: هل نملك الجرأة لترك اللعبة، أم أن اللعبة هي التي تملكنا؟.
هشاشة التوازن النفسي
ترى اختصاصية علم النفس، أميرة ألبير، أن لعبة الحبار في موسمه الثاني انعكاس دقيق لصراعات الإنسان مع ذاته ومع المجتمع، والألعاب الجديدة تمثل تجسيداً لضغوط الحياة اليومية، التي تجبر الأفراد على اتخاذ قرارات أخلاقية تحت وطأة القلق والخوف. وتُظهر هذه التحديات بوضوح، كيف يمكن للصدمات النفسية أن تُعيد تشكيل هويات الأفراد، وتكشف هشاشة التوازن النفسي في ظروف الضغط الشديد، موضحة أن هذه اللعبة تمثل تجسيداً لصراع الإنسان مع مخاوفه اللاواعية، حيث يصبح السقوط أشبه بمواجهة حقيقية مع الفشل والخوف من المجهول.