خرق أمني كبير طبيعة الرد سيناريوهات الرد خيار الحرب الشاملة

وضع خبراء ومحللون عدة سيناريوهات لطبيعة الرد الذي تنوي إيران توجيهه إلى إسرائيل، بعد عملية الاغتيال التي تعرض لها رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في طهران نهاية يوليو/تموز الماضي.

ويأتي هذا الرد المحتمل في خضم تهديدات إيرانية أطلقها أمس الأحد حجة الإسلام طائب مستشار القائد العام للحرس الثوري الإيراني بأن "السيناريو المصمم للانتقام لدم الشهيد هنية هو من السيناريوهات التي لا تمكن قراءتها".

ويتزامن مع هذه التهديدات ترقب في إسرائيل؛ إذ رفعت حالة التأهب إلى الدرجة القصوى، بعد اغتيال هنية في طهران فجر الأربعاء الماضي، وإعلان الجيش الإسرائيلي اغتيال القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت في اليوم الذي سبقه.

كما ترافق ذلك مع استمرار حشد الولايات المتحدة مزيدا من السفن الحربية والطائرات المقاتلة لما تقول إنها لحماية قواتها وحليفتها إسرائيل من تهديدات إيران والفصائل المرتبطة بها.

خرق أمني كبير

تحديد طبيعة الرد الإيراني مرتبط بمدى الخرق الأمني الذي تعرضت له طهران باغتيال هنية أو ما وقع لحزب الله في لبنان باغتيال فؤاد شكر، لذلك يرى الخبير العسكري والإستراتيجي العميد ركن حاتم الفلاحي أن ما تعرضت له إيران يعد خرقا أمنيا كبيرا وضربا للسيادة الإيرانية.

وأضاف الفلاحي -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن طبيعة الضربة التي تعرضت لها إيران تجبرها على الرد باختراق سيادة إسرائيل على الأراضي المحتلة، مما يرجح مسألة الضرب بالمثل عبر استهداف قيادات سياسية، وهذا قد يبين سبب تأخر الضربة الإيرانية حتى هذه اللحظة.

وينظر الأستاذ بكلية الدراسات العالمية في جامعة طهران حسين رويران إلى اغتيال هنية بوصفه تحديا كبيرا لإيران على المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية، وكذلك في كل محور المقاومة، "ومن هنا لا يمكن لإيران أن تقوم برد باهت أو محدود، وسترد بمستوى التحدي الذي واجهته في عملية اغتيال القائد الكبير إسماعيل هنية".

أما الخبير الأمني والعسكري أسامة خالد فيرى -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- أن "إيران في موقف حرج للغاية، وأنها أمام اختبار حقيقي ومنعطف حاد جدا، وهي بحاجة لرد جدي ومؤثر يتناسب مع ما جرى على أرضها من مساس بسيادتها واغتيال ضيفها وكسر هيبتها الأمنية في المنطقة".

إيران قد تلجأ إلى التنسيق بين جميع محاور المقاومة بما يضمن الضرب المتزامن والمكثف للنيران (الجزيرة) طبيعة الرد

ويمكن النظر إلى سيناريوهات الرد الإيراني في ضوء استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتدخل أطراف أخرى في ما يعرف بـ"وحدة الساحات" مثل حزب الله في لبنان وجماعة الحوثيين في اليمن.

لذلك يرى العميد المتقاعد في الحرس الثوري الإيراني منصور حقيقت بور -في تصريحات للجزيرة نت- أن الرد الإيراني سيكون "هجينا وصارما ورادعا"، أي أنه سيكون عبارة عن عمليات عسكرية مركبة (هجينة) تأخذ أشكالا مختلفة.

لكن رويران يذهب في رؤيته لطبيعة الرد الإيراني إلى زاوية أخرى من حيث نوعية الاستعدادات العسكرية والاستخباراتية التي تمت في إيران أو ما قام به حزب الله في الداخل الإسرائيلي، وتنامي مقدرات جماعة الحوثيين.

إذ يقدم الأستاذ في كلية الدراسات العالمية في جامعة طهران -في مقابلة مع الجزيرة نت- شرحا لذلك ويقول إن الرد الإيراني "سيكون مختلفا هذه المرة، وسيكون أكثر إيلاما للكيان الصهيوني"، وأرجع ذلك إلى اعتبارات ميدانية وتجارب جديدة استطاع خلالها حزب الله تصوير كل فلسطين باستعمال المسيرات "الهدهد"، أو مقدرات جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن الذين وصلت صواريخهم إلى تل أبيب.

سيناريوهات الرد

الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام عن المسؤولين في إيران تشير إلى أن هناك قرارا اتخذ بالفعل بالرد على جريمة اغتيال هنية في عقر دارها، وهناك مسارات أمنية وعسكرية وسياسية يجري الاستعداد لها تتعلق بحجم هذا الرد وأشكاله.

ويرى أسامة خالد أن "الموقف السياسي حرج لدى طهران، وهي بحاجة لخطوات جادة وحاسمة لترميم قواعد الاشتباك وإعادة الردع وهيبة الدولة"، ويرى أن ذلك يمكن أن يتم وفق السيناريوهات التالية:

أولا- رد إيراني يشبه ما حدث في أبريل/نيسان الماضي عندما قصفت إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق، مع زيادة في الضربات كمًّا ونوعا هذه المرة. ثانيا- تنسيق عالي المستوى مع جميع محاور المقاومة (لبنان – اليمن – العراق – سوريا – غزة) بما يضمن الضرب المتزامن والمكثف للنيران البعيدة والقريبة وبكافة أنواعها من جبهات عدة لتحقيق إغراق ناري غير مسبوق في مناطق محددة في المدن الإسرائيلية، والتركيز على القواعد العسكرية الحساسة كأولوية في الاستهداف. ثالثا- الذهاب نحو ضربة نارية كبيرة موسعة مع محاولة الغزو البري في أجزاء من شمال فلسطين المحتلة، بما لا يستوعبه الاحتلال الإسرائيلي، ومما قد يضطره إلى ردة فعل شديدة نحو طهران وباقي الجبهات، وهذا بدوره قد يؤدي إلى اشتعال المنطقة والذهاب نحو حرب إقليمية شاملة. رابعا- قيام الاحتلال الإسرائيلي بضربة استباقية لحزب الله وإيران وبعض الجبهات الأخرى، من دون انتظار الرد الإيراني وعدم البقاء تحت سيف الوقت الذي لا تتحمله إسرائيل.

ويتقاطع الخبير العسكري والإستراتيجي الفلاحي مع السيناريوهات السابقة، ويرى أنها قد تكون على النحو التالي:

أولا- القيام بعمليات اغتيال سياسية أو ضرب أهداف سياسية بعيدا عن الأهداف الاقتصادية والحيوية. ثانيا- توجيه ضربات لأهداف حيوية وعسكرية كما جرى في الرد الذي قامت به إيران في أبريل/نيسان الماضي. ثالثا- يمكن لإيران استخدام جبهات إسناد مختلفة كما في سوريا واليمن والعراق من أجل توجيه ضربة لإسرائيل مما يؤدي إلى التصعيد لحرب إقليمية شاملة. خيار الحرب الشاملة

ويستبعد الفلاحي السيناريو الثالث لأنه يمثل انتقالا نوعيا في مسألة الأهداف، مما قد يؤدي إلى حرب إقليمية شاملة بين الطرفين، وهذا ما لا تريده إيران ولا تريده إسرائيل ولا الولايات المتحدة الأميركية.

وأضاف الفلاحي أن قواعد الاشتباك بين الطرفين توحي بأنهما لا يريدان التصعيد إلى حرب إقليمية في المنطقة، وهناك الكثير من الأهداف الحيوية والاقتصادية التي يمكن أن تضرب في الكثير من المناطق سواء كانت في داخل إيران أو في لبنان أو في إسرائيل ولم تضرب من قبل، واكتُفي بالاغتيالات السياسية.

ويذهب رويران إلى الرأي نفسه، ويرى أن إيران سترد لكن بمستوى لا يسمح بتحول هذه المواجهة إلى حرب شاملة، لأنه إذا قامت إسرائيل بالرد على إيران "أتصور أن ذلك الرد هو الذي يمكن أن يدفع إيران إلى الرد مرة أخرى، وتكرار الأمر قد يأخذ المنطقة إلى مستويات معقدة من المواجهة".

لكن أسامة خالد يختلف مع سابقيه ويقر بأن الإقليم يمر بمنعطف حاد جدا في بعديه السياسي والعسكري، وحوادث اغتيال فؤاد شكر في لبنان وهنية في طهران وقصف الحديدة في اليمن جعل المشاركة في رد موحد وموسع على إسرائيل أمرا واجبا ويستوجب حالة من التنسيق المباشر والمتابعة بين قوى محور المقاومة.

ويختم تصريحاته بقوله إن التصعيد مستمر ومرتبط بطبيعة السلوك الإيراني ومحور المقاومة وحجم الرد الذي سيقومون به، وأيضا مرتبط بالنوايا الإسرائيلية الحقيقية تجاه محور المقاومة، وهل هي معنية بافتعال حرب واسعة لجر إيران والمنطقة إليها، ومرتبط أيضا بالقناعة الأميركية بمدى قدرة إسرائيل على السيطرة على الأحداث إذا تدحرج التصعيد لحرب إقليمية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات سیناریوهات الرد الرد الإیرانی اغتیال هنیة حرب إقلیمیة طبیعة الرد حزب الله فی لبنان هنیة فی

إقرأ أيضاً:

شاهد بالصورة والفيديو.. لحن في فيلم الممثل المصري إسماعيل يس تحول إلى أشهر نشيد وطني في السودان.. تعرف على القصة كاملة

عاد برعي محمد دفع الله إلى لحن أغنية “اظهر وبان عليك الأمان” بعد سنوات، لكن هذه المرة بكلمات سودانية خالصة كتبها الشاعر سيف الدين الدسوقي، لتصبح أغنية “أحب ّمكان وطني السودان”.

في مشهد غير متوقّع، تحوّل لحن وُلد في أستوديوهات السينما المصرية منتصف القرن الماضي إلى نشيد وطني هزّ وجدان السودانيين لعقود طويلة ولا يزال.

ووفقاً لما نقل محرر موقع النيلين, من تقرير لموقع “العربية مصر” تعود القصة المثيرة إلى العام 1958، عندما أبدع الموسيقار السوداني برعي محمد دفع الله لحناً لأغنية “اظهر وبان عليك الأمان”، من كلمات الشاعر المصري فتحي قورة، وأداها الفنان السوداني الكبير إبراهيم عوض ضمن فيلم “إسماعيل يس طرزان”. وقتها لم يكن أحد ليتخيّل أن هذا اللحن العابر في أحد أفلام إسماعيل يس الكوميدية سيعود لاحقاً ليأخذ مساراً مختلفاً تماماً، متحولاً إلى أحد أكثر الأناشيد الوطنية تأثيراً في السودان.

من السينما إلى المناسبات السياسية

ما حدث بعد ذلك أشبه بلغز موسيقي، إذ عاد برعي محمد دفع الله إلى اللحن ذاته بعد سنوات، لكن هذه المرة بكلمات سودانية خالصة كتبها الشاعر سيف الدين الدسوقي، لتصبح أغنية “أحب ّمكان وطني السودان”. لم تكن مجرد أغنية وطنية، بل تحوّلت إلى رمز وجداني ردّدته الأجيال السودانية في المناسبات الوطنية، واستُخدمت في الاحتفالات الرسمية، وغير الرسمية وحتى في لحظات الثورة والمقاومة، مما عزّز مكانتها في الوجدان الجمعي للسودانيين.

كيف أُعيد إحياء اللحن؟

وكشف الموسيقار كمال يوسف، الذي أعاد تسليط الضوء على القصة المُثيرة عبر فيسبوك، لـ”العربية.نت”، تفاصيل غير معروفة عن هذه الرحلة الموسيقية الغامضة، قائلاً: “أغنية (اظهر وبان)، التي لحّنها برعي محمد دفع الله وأداها إبراهيم عوض في فيلم (إسماعيل يس طرزان) عام 1958، تعدّ واحدة من عدة أغنيات قدّمها مطربون سودانيون في السينما المصرية خلال الخمسينيات. لاحقاً، أعاد برعي وإبراهيم عوض تقديم اللحن ذاته في أغنية (أحب مكان وطني السودان) بكلمات سيف الدين الدسوقي. ومع ذلك، لم يكن اللحن سودانياً مصرياً، بل كان سودانياً خالصاً مستنداً إلى السلم الخماسي، في حين تولّى موسيقيون مصريون توزيعه وتنفيذه”.

الموسيقار كمال يوسف

وأضاف يوسف: “ما حدث مع هذه الأغنية تكرّر سابقاً، حيث قدّم سيد خليفة (المامبو السوداني) في فيلم (تمر حنة) العام 1957، وغنّى أحمد المصطفى والمطربة اللبنانية صباح (رحماك يا ملاك) في فيلم (وهبتك حياتي) العام 1956. أما في العام 1952، فقد قدّم إسماعيل عبد المعين أغنية مع فريد الأطرش في فيلم (ما تقولش لحد). جميع هذه الأغنيات احتفظت بطابعها السوداني الخماسي، رغم أن الموزعين الموسيقيين سعوا لإبراز إيقاعها الإفريقي الراقص”.

وأكد يوسف لـ”العربية.نت”، أن اللحن لم يكن مقتبساً، كما أُشيع، مشيراً إلى أن برعي محمد دفع الله لم يتأثر بالموسيقى المصرية، بخلاف الفنان السوداني العاقب محمد حسن، الذي كان أكثر تأثراً بها. أما فيما يتعلق بإعادة استخدام اللحن في أغنية “أحب مكان وطني السودان”، فقد ظلّ كما هو، مع استبدال الكلمات المصرية بأخرى سودانية.

“موزارت أم درمان”

في قلب هذا التحوّل الموسيقي، يقف اسم الموسيقار السوداني برعي محمد دفع الله، الرجل الذي حوّل النغمات الموسيقية إلى أيقونات خالدة. وُلد برعي العام 1929 في حي الموردة بأم درمان، واشتهر بلقب “موزارت أم درمان”. بدأ رحلته الفنية متأثراً بالإنشاد الديني، قبل أن يشق طريقه كعازف ماهر على العود، ثم ملحناً استثنائياً ساهم في تشكيل ملامح الموسيقى السودانية الحديثة.

الموسيقار السوداني برعي محمد دفع الله

وبحسب ما نقل محرر موقع النيلين, فإن من أبرز محطاته تعاونه مع الفنان الكبير عبد العزيز محمد داؤود، حيث قدَّما معاً أعمالاً أصبحت علامات في تاريخ الغناء السوداني، مثل “أحلام الحب” و”عذارى الحي” و”أريج نسمات الشمال”. كما لحّن أعمالاً لكبار الفنانين، من بينهم الموسيقار محمد وردي والفنان الكبير إبراهيم عوض، وصاغ مقطوعات موسيقية استثنائية، مثل “مارش الحرية” و”فرحة شعب”.

ورغم وفاته في أبريل (نيسان) 1999، لا يزال اسم برعي محمد دفع الله محفوراً في ذاكرة السودان الموسيقية، إذ ترك خلفه أكثر من 350 عملاً موسيقياً، بينها 100 معزوفة سُجلت في إذاعات عالمية، وبقيت شاهدة على عبقرية رجل لم يكن مجرد ملحن، بل صانع وجدان وأيقونات وطنية.

مصادفة أم قدر موسيقي؟

قد يبدو أن تحوّل هذا اللحن من مشهد سينمائي إلى نشيد وطني مجرد مصادفة، لكن تأمل رحلة برعي محمد دفع الله يكشف أن موسيقاه لطالما حملت طابعاً ملحمياً. فهل كان يدرك منذ البداية أن هذه النغمات ستصبح جزءًا من هوية وطنية؟ أم أن الألحان تختار مصيرها بنفسها؟

ربما لم يكن برعي يدرك تماماً تأثير عمله في تلك اللحظة، لكن ما هو مؤكد أن “أحب مكان وطني السودان” لم تعد مجرد أغنية، بل صارت نشيداً غير رسمي محفوراً في ذاكرة السودان، يروي قصة وطنٍ صنع من ألحانه هوية لا تُنسى.

محمد عثمان _ الخرطومالنيلين إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • عاجل | المرشد الإيراني: الولايات المتحدة والكيان الصهيوني يهددان بمهاجمة إيران لكنهما سيتلقيان ردا قويا
  • شاهد بالصورة والفيديو.. لحن في فيلم الممثل المصري إسماعيل يس تحول إلى أشهر نشيد وطني في السودان.. تعرف على القصة كاملة
  • الرئيس الإيراني ردا على رسالة ترامب: رفضنا مفاوضات مباشرة مع واشنطن
  • الرئيس الإيراني يعلن وصول رد طهران لواشنطن: مستعدون لمفاوضات غير مباشرة
  • الرئيس الإيراني: نحتاج إلى بناء الثقة مع الولايات المتحدة
  • إيران تكشف مضمون الرد على رسالة ترامب
  • غداة الرد على رسالته.. ترامب يتوعد إيران بـ"الأمور السيئة"
  • إيران تردّ على رسالة «ترامب».. ماذا قالت؟
  • رئيس البرلمان الإيراني يُحذّر: سنستهدف القواعد الأمريكية إذا تعرضنا لهجوم
  • رئيس البرلمان الإيراني: إذا هاجمتنا أمريكا فلن تكون قواعدها في المنطقة بمأمن