هل ستُبث محاكمات ترامب؟
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
سرايا - لم يكد الجمهور الأميركي ينسى تفاصيل قضية الممثل الشهير جوني ديب وزوجته السابقة آمبر هيرد، اللذين حصدت جلسات نزاعهما القضائي أعلى نسب المشاهدة، حتى ظهر مسلسل جديد، قد يتضمن عدة مواسم.
مسلسل قضايا الرئيس السابق دونالد ترامب أهم بالنسبة للأميركيين، فالرجل قد يصبح رئيسهم مرة ثانية، إن تمكن من تخطي منافسيه الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية ثم الرئيس الحالي جو بايدن المرشح الأبرز باسم الحزب الديمقراطي.
لكن المشاهدين لم يروا ما رأوه في قضي ديب وهيرد، بل اقتصرت المشاهد الإعلامية على لحظات دخول ترامب ومغادرته قاعات المحاكم.
والتعتيم كان أشد في قضية تغيير نتائج الانتخابات التي مثل فيها في 3 أغسطس أمام محكمة فيدرالية بالعاصمة واشنطن، فلم يُشاهد ترامب شخصيا سوى في المطار.
ولم يعلم الجمهور بأنه وصل المحكمة وغادرها، إلا من خلال المرافقة الأمنية التي كانت معه.
ولا يُتوقع أن يشاهد في قاعات المحكمة في الجلسات المقبلة كبقية الأميركيين، بمن فيهم ديب وزوجته السابقة، ليس لأنه لا يحب الكاميرات، بل على العكس.
فترامب قبل أن يدخل المجال السياسي الذي ظل نجمه لأكثر من 4 سنوات، كان نجما تلفزيونيا في الولايات المتحدة من خلال برنامج تلفزيون الواقع المعني بالأعمال "ذا أبرانتيس"، كما ترأس لجان تحكيم في مسابقات جمال على مستوى البلاد، لكن غيابه هذه المرة عن الشاشات، راجع لقواعد المحاكم الفيدرالية.
فعكس بقية المحاكم التي يمكن أن تدخلها الكاميرات وتنقل تفاصيل جلساتها، لا تسمح المحاكم الفيدرالية بالأمر.
وستكون هذه السنة ولربما السنة المقبلة، المحكمة الفيدرالية الواقعة في شارع الدستور بقلب العاصمة، مسرحا لما قد يكون أهم محاكمة في التاريخ الأميركي.
وسيتعين على هيئة المحلفين أن تقرر ما إذا كان الرئيس السابق للولايات المتحدة مذنبا بالتآمر لإفساد العملية الديمقراطية وإلغاء الانتخابات أم لا، دون أن يتابع الجمهور ذلك بشكل مباشر.
ولأول مرة يتفق الديمقراطيون وفريق دفاع ترامب على شيء، معارضة هذا الأمر.
جون لاورو، أحد محامي ترامب في قضية التآمر ومحاولة تغيير نتائج الانتخابات، قال إنه يود أن يرى محاكمة الرئيس السابق على شاشات التلفزيون.
ويضيف لاورو، في تصريحات صحفية، أنه مقتنع بأن إدارة بايدن لا تريد أن يرى الشعب الأميركي الحقيقة، ولذلك مضوا إلى أبعد من ذلك من خلال محاولة إبقاء المعلومات المهمة بشأن هذه القضية بعيدا عن الصحافة.
ويقصد محامي ترامب، تفاصيل التحقيق الذي قاد إلى هذه المحاكمة من قبل المحقق الخاص جاك سميث، الذي عمل على تقديم أدلة ومعطيات لهيئة المحلفين الكبرة للمحكمة، والتي تمعنتها قبل أن تقرر توجيه الاتهامات لترامب.
فقد سعى فريق ترامب الدفاعي جاهدا لمعرفة لائحة الشهود التي يملكها الدعاء، لكنه لم يفلح في ذلك وقتها، لأن القانون لا يسمح لمشاركة معلومات مماثلة حتى تقبل المحكمة الدعوى.
وحتى بعدما علم ترامب وفريقه بمن سيشهدون ضده، أمرت القاضية تانيا شوتكان الرئيس السابق بعدم محاولة التواصل مع الشهود، وإلا سيتعرض للاعتقال.
في المقابل، لا يحبذ الديمقراطيون عادة منح ترامب الوقت أو الفرصة للظهور على الهواء، لكنهم على استعداد هذه المرة للمضي عكس ما اعتادوه.
إذ وقع نحو أربعين نائبا ديمقراطيا في مجلس النواب طلبا موجها "للمؤتمر القضائي" الجهة المسؤولة عن قوانين وسير المحاكم، أوضحوا فيه أهمية السماح ببث المحاكمات الجنائية الفيدرالية لترامب على شاشات التلفزيون، سواء تلك التي في العاصمة أو في فلوريدا أو نيويورك.
وجادل الخطاب الموجه إلى القاضية روزلين موسكوبف، أمينة المؤتمر القضائي بأن زيادة وصول الجمهور إلى إجراءات المحكمة سيكون أمرا حاسما لصحة الديمقراطية الأميركية، عكس ما تقتضيه قواعد المحاكم الفيدرالية نظرا للظروف غير المسبوقة التي تشهدها البلاد.
النواب أوضحوا أنه يجب أن يكون النظام القضائي مرنا وشفافا ويسمح للجمهور بالاطلاع على كيفية إجراء المحاكمات، وقوة الأدلة المقدمة ومصداقية الشهود، لأن هذه القضايا تهمهم بشكل أساسي كأميركيين.
لكن بحسب العارفين بالشأن القانوني الأميركي، لن يكون تعليق القاعدة ضد الكاميرات في المحاكمات الجنائية الفيدرالية أمرا سهلا.
إذ سيتعين على المؤتمر القضائي الأميركي، الذي يرأسه رئيس قضاة المحكمة العليا جون روبرتس، ويتألف من رؤساء القضاة من كل دائرة من دوائر الاستئناف في البلاد ومحكمة التجارة الدولية وقضاة المحاكمة من كل من تلك الدوائر، التصويت لتعليق هذه القاعدة.
كما أن للمجلس القضائي لدائرة مقاطعة كولومبيا قاعدة أخرى خاصة به بشأن الأمر ذاته، بالتالي يحتاج إجراءات إضافية لمحاولة إلغائها.
لكن الطرفين، الديمقراطيون ودفاع ترامب، يرون أن هناك ما يكفي من الوقت لإقناع المؤتمر القضائي بضرورة متابعة الأميركيين لجلسات المحاكمة، خاصة وأنها قد تتطلب شهورا أو سنوات نظرا لتعقيداتها وكثرتها.
لكن حسب مصادر قضائية، لا يميل القضاة لاتخاذ مثل هذه القرارات خاصة في قضايا مثيرة للجدل كتلك التي تحوم حول ترامب، نظرا لتشابكاتها السياسية.
كما وأن المحكمة الفيدرالية التي مثل أمامها ترامب في العاصمة، بدأت في الانشغال في تبعات القضية قبل بدء أولى جلساتها في 28 أغسطس بعد أن وُجهت الاتهامات لترامب.
إذ طالب فريق الادعاء من القاضية فرض قيود على ما يقوله ترامب أو ينشره على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن نشر على منصته "تروث" يوما بعد مثُل أمام المحكمة، أنه سيلاحق من يلاحقونه. الأمر الذي اعتبره الادعاء تهديدا لهم.
خاصة وأن ترامب لم يخف في مناسبات عدة هجومه على المحقق الخاص جاك سميث ولا حتى القاضية التي تشرف على قضية العاصمة، قائلا إنه سيطالب بتنحيتها بل وحتى نقل المحاكمة إلى ولاية فرجينيا الغربية، ذات التوجهات الجمهورية.
التصريحات التي عادة ما تعتبر تطاولا على المحكمة، ولو صدرت من شخص غير ترامب لاتخذت ضده الإجراءات المعتمدة في حالات مماثلة، كأمر بمنع التصريح عن أي شيء يخص قضية جارية أو غرامات أو حتى الإيقاف في بعض الحالات.
خاصة وأن الادعاء رأى في التهديد الذي نشره ترامب، خطرا على الشهود الذين بات وفريقه مطلعين على لائحتهم، بمجرد أن وجهت هيئة المحلفين الكبرى الاتهامات له.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الرئیس السابق
إقرأ أيضاً:
رأي.. تيم سباستيان ورنا الصباغ يكتبان عن سياسات ترامب: ما الذي حدث للتو؟
هذا المقال بقلم تيم سباستيان، صحفي بريطاني ومحاور تلفزيوني ومؤلف كتب، ورنا الصباع صحفية ومحررة استقصائية عربية. يتشارك الاثنان في منصة مستقلة على وسائل التواصل الاجتماعي تسلط الضوء على قضايا الساعة الإشكالية.
لم يستغرق الأمر أكثر من شهرين ليبان الحجم الكامل لطموحات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب.
تحول إلى قوة هدم في المشهد المحلي. أقال الآلاف، وضغط على المحاكم والجامعات، واختطف الناس من الشوارع، وطالب بتعهدات "ولاء شخصي" من موظفي الحكومة الفيدرالية.
لكي يحقق مسعاه، ملأ البيت الأبيض بمتُنفذين متغطرسين يُمطرون أمريكا – والآن العالم – بوابل من المحاضرات حول ما يجب عليهم فعله وكيف يفعلونه.
هؤلاء شخصيات لم تكن شيئا بالأمس – لم يُرفعوا أو يصلوا تلك المناصب بسبب علمهم أو حكمتهم – بل هم مجرد رجال ونساء تنفيذيين، متعطشون لممارسة السلطة الجديدة التي انتزعوها من النظام الديمقراطي، بعد تمزيق وتجاهل العديد من الضوابط والتوازنات التي كانت تحكم وتضبط البلاد.
يا له من إنجاز مذهل في سرعته وحجمه، ولكنه أيضًا مفعم بالحقد، وبممارسات تعظيم الذات على مستوى عالمي.
الولايات المتحدة لم تعد هي نفس البلد التي كانت عليها قبل شهرين.
في بعض النواحي، بالكاد يمكن التعرف عليها.
فرض الرسوم الجمركية هو حتى الآن أكثر أعمال ترامب جدية في ممارسة الإكراه السياسي الدولي – تأتي بمثابة صدمة ضخمة للاقتصاد العالمي وتحمل رسالة واحدة فوق كل اعتبار: أمريكا يمكنها أن تصنعك أو تدمرك – لذا إما أن تفعل الأمور على طريقتي أو تتحمل العواقب.
وهذه العواقب واضحة جدًا في الخسائر التريليونية التي تم ويتم تسجيلها في أسواق المال العالمية.
بعض الدول ستنحني وتسجد أمام ترامب مع أن من تتعامل معه، ليس شخصًا يمكنك الوثوق به.
هذا هو الرجل نفسه الذي أرسل يومًا ما صواريخ “جافلين” إلى أوكرانيا لمساعدتها في الدفاع عن نفسها ضد روسيا – وهو الآن يحاول ابتزاز كييف المُنهكة من الحرب، والمكافحة من أجل البقاء، لتتخلى عن معظم حقوقها السيادية في المعادن النادرة الموجودة على أراضيها.
ترامب هو الرجل نفسه الذي وصف غزو بوتين بـ”العبقري”، وفي نفس الوقت كان يفرض رسومًا عقابية على أقرب حلفائه – قام بهدوء برفع العقوبات عن زوجة الأوليغارش الروسي بوريس روتنبرغ، الذي يُصادف أنه صديق مقرب لبوتين.
ومن المثير للسخرية أن هذا لم يُذكر في بيان البيت الأبيض الرسمي الذي أعلن عن رفع العقوبات.
ففي صف من يقف ترامب حقًا؟
الجواب: لا أحد سوى نفسه.
ترامب مصمم على استخدام القوة الهائلة لمنصبه لتوسيع نفوذه الأيديولوجي، بإملاء قواعد العمل على الشركات والدول – وتهديدهم بفقدان رضاه وأعماله إن لم يطيعوه.
بالنسبة لترامب هذا ليس أقل من محاولة فريدة تحدث مرة في العمر لإعادة تشكيل أجزاء واسعة من العالم وفقًا لهواه، وضمان خضوعها لنفوذه.
وفي نفس الوقت الذي كانت فيه إعلانات التعرفة الجمركية تمزق توقعات الأسواق العالمية، كان وزير خارجيته مارك روبيو – رجلٌ كان قد تحداه سابقًا على ترشيح الحزب الجمهوري وسُخر منه بلا رحمة – يُطالب دول الناتو برفع إنفاقها الدفاعي إلى 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي.. وكأن الامر ممكن أصلًا.
ربما كان ذلك ممكنًا.. لبعض الدول في الأسبوع الماضي.
لكن الشهر المقبل.. وبفضل الحرب التجارية الجديدة – فالأمر مستحيل.
إذاً – رسائل متضاربة تصدر عن ترامب.
أولاً الضربة المالية.
ثم عندما يتم إنهاك الضحية، يُعرض عليه اتفاق لم يكن ليوقعه قبل أن يتلقى الضربة.
بعض الدول ستتعامل مع ترامب وتقدم له تنازلات تجارية ومحفزات لأنها لا تملك خيارًا آخر.
لكن الضغط لن يتوقف.
وعلى عكس ما يدّعي ترامب بأن أمريكا باتت ضحية عالمية – لا تزال البلاد تملك أقوى اقتصاد في العالم.
ويريدك أن تتذكر ذلك.
لأنه يدرك أن أنتم، أي معظمكم، ببساطة لا تستطيعون تحمل عواقب إغضابه.
أمريكادونالد ترامبرأينشر الأربعاء، 09 ابريل / نيسان 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.