مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يتساءل المستثمرون وصناع السياسات في إفريقيا عن تأثير فوز محتمل لدونالد ترامب على اقتصادات القارة، في ظل بيئة سياسية مستقطبة، ومحاولة اغتيال، وقرار الرئيس جو بايدن بعدم الترشح، يبدو أن ترامب في الصدارة رغم تضييق الفجوة بينه وبين كامالا هاريس وفق استطلاعات الرأي.

مبادئ "اقتصاديات ترامب" وتأثيرها على إفريقيا

تعتمد "اقتصاديات ترامب" على ثلاثة مبادئ رئيسية: الحمائية والقومية تحت شعار "أميركا أولًا"، الاقتصاد غير التدخلي، واستقلالية السياسة النقدية.

1. الحمائية والقومية:

- فرض الضرائب: طرح ترامب فكرة فرض ضريبة بنسبة 10% على جميع الواردات وضريبة تصل إلى 60% على الواردات من الصين. هذا قد يشعل حربًا تجارية جديدة، مما يؤثر على التجارة العالمية وسلاسل التوريد.

- إعادة التصنيع: استراتيجية إعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة قد ترفع تكاليف التصدير إلى أمريكا، مما يؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية.

2. الاقتصاد غير التدخلي

- التخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية: شهدت فترة رئاسة ترامب الأولى ازدهارًا اقتصاديًا نتيجة لهذه السياسات، لكن الوضع المالي للولايات المتحدة الآن يثير تساؤلات حول إمكانية تكرار هذه الاستراتيجية.

3. استقلالية السياسة النقدية:

- التدخل في السياسة النقدية: وصف ترامب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بأنه عدو بسبب رفع أسعار الفائدة، مما قد يقوض مصداقية البنك في مكافحة التضخم.

الظروف العالمية وتأثيرها على إفريقيا

العالم اليوم يواجه تحديات عديدة، منها آثار كوفيد-19، والحروب في أوكرانيا وغزة، وتراكم الديون، والضغوط التضخمية. هذه العوامل تجعل تبني سياسات ترامب دون مراعاة الظروف الحالية ضارًا بالاقتصاد العالمي الهش.

النمو والتضخم والأسواق المالية:

- توقعات البنوك: تشير توقعات جولدمان ساكس ويو بي إس وويلز فارجو إلى تأثيرات سلبية على النمو الصيني والناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. التركيبة السياسية لمجلسي النواب والشيوخ ستحدد مدى قدرة ترامب على تنفيذ أجندته.

التأثيرات المحتملة على الدول الأفريقية

1. الاقتصاد

- ارتفاع معدلات التضخم وقوة الدولار: قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع تكاليف خدمة الديون الأفريقية وزيادة ضغوط التكلفة، مما يؤثر على اقتصادات القارة بشكل سلبي.

- الحروب التجارية: قد تجد الدول الأفريقية نفسها في مرمى نيران حرب تجارية تشمل شركائها التجاريين الرئيسيين، مما يعيق النمو ويعطل سلاسل التوريد.

2. التجارة:

- مراجعة الترتيبات التجارية: إدارة أمريكية أكثر تشددًا قد تراجع ترتيبات مثل قانون النمو والفرص في إفريقيا، مما يقوض منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.

3.الاستثمارات والمساعدات:

- تراجع الاستثمارات: التراجع عن الاستثمار وخفض المساعدات من المانحين قد يكون مدمرًا، خاصة في مجالات تغير المناخ والرعاية الصحية.

الفرص المتاحة لإفريقيا

رغم التحديات، قد تكون هناك فرص للدول الأفريقية:

- ملء الفراغ في سلاسل التوريد العالمية: قد تفتح استراتيجيات ترامب المناهضة للصين أبوابًا للأسواق الأفريقية لتعزيز حضورها في سلاسل التوريد العالمية.

- الشراكات التجارية: برنامج "ازدهار إفريقيا" الذي أطلق في 2019 بهدف زيادة التجارة والاستثمار بين البلدين، قد يوفر فرصًا مربحة إذا تمكنت الدول الأفريقية من التكيف مع إعادة التنظيم الجيوسياسي.

الدول الأفريقية ذات العقلية التجارية، مثل كينيا، التي تقدم عائدًا على الاستثمار وتتوافق عروضها مع الأولويات الأمريكية، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، قد تكون الفائز الأكبر.

 النجاح يتطلب من الدول الأفريقية التعامل بذكاء مع غرور ترامب والتكيف مع المشهد الجيوستراتيجي المعقد.

في النهاية قد يكون تأثير فوز ترامب الثاني على إفريقيا معقدًا، حيث يتطلب من الدول الأفريقية الاستعداد لمواجهة التحديات واستغلال الفرص المتاحة بحكمة. في النهاية، ستتحدد النتائج بناءً على كيفية تعامل إفريقيا مع السياسات الأمريكية المتغيرة والظروف العالمية المستجدة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ارتفاع معدلات التضخم أفريقيا الاقتصادات الافريقية الانتخابات الرئاسية الأمريكي الانتخابات الرئاسية الامريكية الرئاسية الأمريكية دونالد ترامب رئاسة ترامب كامالا هاريس انتخابات الرئاسية الأمريكية الولايات المتحدة التجارة العالمي الدول الأفریقیة سلاسل التورید

إقرأ أيضاً:

من قضايا الفقر والمناخ إلى الديون العالمية.. ملفات ساخنة على طاولة قمة العشرين

تعكف قمة مجموعة العشرين اليوم الاثنين في البرازيل، وسط ترقب دولي، على معالجة قضايا دولية بارز سياسية واقتصادية، تتراوح ما بين الفقر والجوع إلى ملف مكافحة تغير المناخ وإصلاح المؤسسات العالمية ومعالجة التغيرات السياسية العالمية والصراعات المستمرة في مناطق عديدة.. كما يبحث القادة والزعماء المشاركين موضوعات مختلفة، مثل أزمة الديون العالمية مع التركيز على تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المشتركة.

وتنطلق اليوم قمة مجموعة العشرين في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، ولمدة يومين.. وتضم المجموعة دول: الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك وروسيا والمملكة العربية السعودية وجنوب إفريقيا وتركيا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، إضافة الى الاتحاد الأوروبي، ومشاركة من صندوق النقد والبنك الدوليين.

ومن الملفات المهمة المطروحة على طاولة الحوار، ظاهرة الاحتباس الحراري، وتوفير تمويل لقضية المناخ بعدما استعصى الأمر على اجتماع الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP29) في باكو بأذربيجان، وعلى الرغم من أن قمة باكو مكلفة بالاتفاق على هدف تعبئة مئات المليارات من الدولارات من أجل المناخ، فإن زعماء مجموعة العشرين من الاقتصادات الكبرى في نصف العالم الآخر في ريو يمسكون بزمام الأمور.

وتمثل دول مجموعة العشرين 85% من الاقتصاد العالمي، وهي أكبر المساهمين في بنوك التنمية المتعددة الأطراف التي تساعد في توجيه تمويل المناخ.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، للصحفيين في ريو دي جانيرو، "إن دول مجموعة العشرين تمثل 80% من الانبعاثات العالمية"، معربا عن قلقه بشأن حالة محادثات (COP29) في باكو، داعيا قادة مجموعة العشرين إلى بذل المزيد من الجهود لمكافحة تغير المناخ.. وأضاف: "الآن هو الوقت المناسب للتعاون والعمل المشترك بين أكبر الاقتصادات والمسؤولين عن الانبعاثات في العالم".

وكتب مسؤول المناخ في الأمم المتحدة سايمون ستيل رسالة إلى زعماء مجموعة العشرين يناشدهم فيها التحرك بشأن تمويل المناخ، بما في ذلك تعزيز المنح للدول النامية وتعزيز إصلاحات بنوك التنمية المتعددة الأطراف.. ويأمل المراقبون أن تسفر قمة العشرين عن تقدم قوي في معالجة مخاطر أزمة المناخ، خاصة مع قرب تولي إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في يناير المقبل، والمعروف عنها عدم الانحياز لقضايا المناخ.

ويستعد ترامب لسحب الولايات المتحدة مرة أخرى من اتفاقية باريس للمناخ، ويلقي انتخابه بظلال من الشك على حجم الأموال التي يستطيع العالم حشدها لمعالجة تغير المناخ، كما يخطط ترامب للتراجع عن تشريع المناخ التاريخي الذي أقره الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، والذي زار غابات الأمازون المطيرة في طريقه إلى ريو دي جانيرو.

ويفترض أن يحدد مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين هدفًا جديدًا لمقدار التمويل الذي يجب توجيهه من الدول المتقدمة والبنوك المتعددة الأطراف والقطاع الخاص إلى الدول النامية.. وقال اقتصاديون إن القمة يجب أن تصل قيمتها إلى تريليون دولار على الأقل.

وكانت الدول الغنية، وخاصة في أوروبا، تري أنه لا يمكن الاتفاق على هدف طموح إلا إذا وسعت قاعدة المساهمين، لتشمل بعض الدول النامية الأكثر ثراء، مثل الصين وكبار منتجي النفط في الشرق الأوسط.

وقال دبلوماسيون قريبون من المحادثات إن المناقشات بشأن بيان مشترك لمجموعة العشرين في ريو تعثرت بشأن نفس القضية، حيث طالبت الدول الأوروبية بمزيد من الدول للمساهمة، بينما رفضت ذلك الدول النامية، مثل البرازيل.. ووافق المفاوضون على نص يذكر المساهمات الطوعية للدول النامية في تمويل المناخ، ولم يصلوا إلى حد وصفها بالتزامات.

وبحسب مراقبين، فإن نجاح (COP29) وأيضًا مؤتمر الأمم المتحدة في البرازيل العام المقبل يعتمد على التوصل إلى اتفاق طموح بشأن تمويل المناخ.. وتسعى البرازيل للحفاظ على هدف اتفاق باريس المتمثل في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، كما تشير التقديرات إلى أن الأهداف الوطنية الحالية من شأنها أن تتسبب في ارتفاع درجات الحرارة بما لا يقل عن 2.6 درجة مئوية.

وقال رئيس وزراء جزر البهاما فيليب ديفيس، خلال (COP29)، إنه من الممكن تقنيًا تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، ولكن فقط إذا تم تحقيق تعبئة ضخمة بقيادة مجموعة العشرين لخفض جميع انبعاثات الغازات الدفيئة.

ومجموعة العشرين هي المنتدى الأول للتعاون الاقتصادي الدولي، وتلعب دورًا مهمًا في تشكيل وتعزيز البنية العالمية والحوكمة، فيما يتعلق بجميع القضايا الاقتصادية الدولية الرئيسية.

اقرأ أيضاًتوافد القادة المشاركين في قمة العشرين بمدينة «ريو دي جانيرو» البرازيلية

خبير يرصد المكاسب الاقتصادية من مشاركة مصر في قمة العشرين

جميل عفيفي: مشاركة مصر في قمة العشرين تأكيد لدورها الفاعل في الشرق الأوسط وإفريقيا

مقالات مشابهة

  • كيف ينعكس ارتفاع الدولار على الاقتصادات الأفريقية؟
  • ليبيا تحتل المرتبة الأولى من صادرات مصر إلى الدول الأفريقية
  • مستقبل التعاملات التجارية الدولية بالدولار الامريكي في العراق
  • النائب فرج فتحي: مشاركة مصر في قمة العشرين يعزز صوت الدول الأفريقية والنامية دوليا
  • برلماني: مشاركة مصر في قمة العشرين يعزز صوت الدول الأفريقية على الساحة الدولية
  • شراكة بين «العالمية للاقتصاد الأخضر» وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي
  • شراكة بين "العالمية للاقتصاد الأخضر" وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي
  • من قضايا الفقر والمناخ إلى الديون العالمية.. ملفات ساخنة على طاولة قمة العشرين
  • الصناعات النسجية: عودة ترامب تفتح آفاقاً جديدة للعلاقات التجارية بين مصر وأمريكا
  • غزال: عودة ترامب تفتح آفاقا جديدة للعلاقات التجارية في قطاع النسيج