عربي21:
2025-03-13@00:34:32 GMT

فرنسا تنتصر لعدالة قضية الصحراء المغربية

تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT

وجه الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" يوم 30 تموز/ يوليو 2024؛ رسالة الى العاهل المغربي أوضح من خلالها موقف بلاده من نزاع الصحراء وملف الوحدة الترابية المغربية. والواقع أنه لأول مرة تُعلن فرنسا عن موقفها الإيجابي الرسمي من نزاع ترابي يُقارب عُمُره نصف قرن (1975- 2024)، بعدما ظلت مُتأرجحة بين الغموض والتردد وعُسر الإقدام.

فالرسالة، التي جاءت مقتضبة بطبيعتها، حملت دلالات وأبعاد عميقة، ستفتح، دون شك، صفحة نوعية جديدة في العلاقات الثنائية المغربية الفرنسية، وسيكون لها الأثر الكبير على الوضع الجيواستراتيجي للمنطقة، وستشجع دولا أخرى للالتحاق بقائمة الدول المعترفة بعدالة قضية الصحراء المغربية.

تكمن قيمة الموقف الفرنسي الجديد في كونه نقل السياسة الخارجية الفرنسية بخصوص هذا النزاع من مجرد داعم لمقترح الحل المغربي، سواء من خلال عضوية فرنسا الدائمة في مجلس الأمن أو عبر ترافعها في المناسبات الدولية ذات العلاقة، إلى حاضن بشكل واضح ونهائي لحل النزاع في لإطار السيادة المغربية. لذلك، شددت رسالة الرئيس "ماكرون" على أنه "بالنسبة لفرنسا، فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يُعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية، وأن دعمنا لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في 2007 واضح وثابت"، لتُضيف بأن هذا المخطط "يُشكل من الآن فصاعدا، الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل، ومستدام، ومتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

تكمن قيمة الموقف الفرنسي الجديد في كونه نقل السياسة الخارجية الفرنسية بخصوص هذا النزاع من مجرد داعم لمقترح الحل المغربي، سواء من خلال عضوية فرنسا الدائمة في مجلس الأمن أو عبر ترافعها في المناسبات الدولية ذات العلاقة، إلى حاضن بشكل واضح ونهائي لحل النزاع في لإطار السيادة المغربية
والواقع أن الرسالة لم تتوقف عن هذا المستوى، الواضح والهام، بل تجاوزته إلى ما هو نوعي وجوهري، بتشديدها على أن "حاضر ومستقبل الصحراء يندرجا في إطار السيادة المغربية، وأن فرنسا تعتزم عمليا التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي.."، والأكثر من هذا اعتبر "ماكرون" أن "فرنسا تُدرك أن قضية الصحراء مسألة أمن قومي بالنسبة للمغرب، أي أنها مسألة حاسمة ومصيرية بالنسبة للمغرب".

يُسجل لفرنسا انتقال دبلوماسيتها، لأول مرة، من حالة الغموض والتردد إلى قدر كبير من الوضوح، وبذلك تكون قد أعلنت عن طي صفحة أكثر من ثلاث سنوات من الجفاء والبرودة في العلاقات الثنائية المغربية الفرنسية، وفتحت صفحة جديدة تتماشى مع القراءة الواقعية للملف الترابي المغربي، والتقدير العقلاني والناجع للتطور الجيوسياسي للمنطقة الإقليمية واتجاه الأحداث في العالم.

فمن غير الجائز موضوعيا عدم الانتباه إلى الدينامية المتصاعدة التي شهدها الملف الترابي المغربي في السنين الأخيرة، حيث توسعت دائرة الانضمام إلى المقترح المغربي الخاص بالحكم الذاتي في إطار السيادة الوطنية، الذي كرسه عدد القنصليات الدولي التي فُتحت في مدينتي العيون والداخلة المغربيتين، والاعتراف الرسمي للولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء سنة 2000، والتغير الجوهري الحاصل في الموقف الإسباني والألماني، وغيرهما من البلدان في القارات الخمس.

فمما ميّز الدينامية المغربية الجديدة؛ قدرتها على الإقناع بشرعية وعدالة قضية الصحراء، وتقديمها حلا متوازنا، ومستداما، وواقعيا قابلا للتطبيق. ثم إن المغرب، موازاة لكل هذا، عبّر عن روح عالية من التعاون والتكامل من أجل خلق شراكات ناجحة وناجعة، في علاقته بعمقه الأفريقي وبُعده الأوروبي وهويته العربية والإسلامية، لطالما أعطى مثالا واضحا عن كفاءته للتكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وإعادة النظر في سياساته ومواقفه، من خلال الإصلاحات المتراكمة التي أقدم عليها بشكل منتظم منذ بداية العشرية الأخيرة من العشريين، وبشكل أسرع مع مستهل الألفية الجديدة.

لم تأت رسالة الرئيس "ماكرون"، والمغرب يحتفل بالعيد الفضي لحكم الملك محمد السادس، صدفة أو هدية للمغرب والمغاربة، بل كانت نتيجة قراءة عميقة لمصالح فرنسا ومستقبل مكانتها في المنطقة المغاربية والأفريقية، كما كانت منسجمة مع مواقف الدول الكبرى التي سبقتها. فغير خاف على المُطالع اللبيب لما آلت إليه أرصدة قوة فرنسا في السنوات الأخيرة، أن ثمة تراجعا وتقهقرا، وأن صورة فرنسا خُدشت بفعل عوامل كثيرة؛ أبرزها الوعي المتنامي للأفارقة، ومطالبتهم بإقامة علاقات جديدة مؤسسة على التعاون الجدي والربح المتبادلين، ونبذهم، في مقابل استمرار النزعة الاستعمارية بكل أشكالها فوق أراضيهم وفي بلدانهم.

رسالة الرئيس "ماكرون"، المُعلنة رسميا عن الاعتراف بالحل المغربي لقضية صحرائه، سيكون لها ما بعدها
ولأن المغرب نجح بشكل واضح في إعادة تأسيس علاقات متوازنة مع مجمل الدول الأفريقية، وتمكن من إقامة مؤسسات للتعاون مبنية على فكرة الربح المتبادل، فقد غدا واجهة لا غنى عنها لربط الجسور مع أوروبا، وهو ما تحتاج إليه فرنسا، إن هي اقتنعت بإعادة بناء علاقات وشراكات جديدة مع القارة الأفريقية، ومن هنا تحتاج إلى المغرب، بحسبه شريكا مُقنعا وفعالا، وصادقا مع أفريقيا. ثم إن حاجة فرنسا للمغرب كبيرة ولا غنى عنها، فهي من القوى الاستعمارية التي خرجت من المغرب عام 1956، محافظة على مصالح حيوية، سياسية واقتصادية وتجارية وثقافية، وظلت على الدوام حاضرة في النسيج العام للمغرب.

لا شك أن رسالة الرئيس "ماكرون"، المُعلنة رسميا عن الاعتراف بالحل المغربي لقضية صحرائه، سيكون لها ما بعدها. فمن جهة، ستكتسي العلاقات المغربية الفرنسية حرارة جديدة وتخرج من دائرة الجفاء والبرودة، ومن جهة أخرى، ستتحرر فرنسا من التردد وعدم الوضوح، وتُقدم على مواقف جديدة، سواء في إطار عضويتها الدائمة في مجلس الأمن، أو من خلال تواجدها في المؤسسات والمنتديات الدولية ذات العلاقة بالنزاعات الدولية عموما، والنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية على وجه الخصوص.. إنها صفحة طُويت، بعدما ظلت ملتبسة في علاقة فرنسا بالمغرب، والعمل المطلوب الآن، تجسيد الروح التي سكنت رسالة الرئيس "ماكرون"، الموجهة إلى العاهل المغربي في الذكرى الفضية لحكمه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ماكرون المغربي الصحراء فرنسا العلاقات المغرب فرنسا علاقات الصحراء ماكرون مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السیادة المغربیة قضیة الصحراء رسالة الرئیس مجلس الأمن من خلال

إقرأ أيضاً:

بحضور وزيرة التخطيط.. اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب تُقر توسيع نطاق عمليات البنك الأوروبي بدول أفريقيا جنوب الصحراء

شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، مساء اليوم الثلاثاء، باجتماع اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، برئاسة النائب محمد سليمان، وبحضور وكيلي اللجنة النائب محمد عبد الحميد، والنائب كمال الدين الشافعي، والنائب طارق حسن عمار، أمين سر اللجنة، وأعضاء اللجنة من السادة النواب. حيث وافقت اللجنة على قرار رئيس الجمهورية رقم 70 لعام 2025 بشأن الموافقة على قراري مجلس محافظي البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية رقم (259) و (260) بشأن تعديل اتفاق إنشاء البنك لتمكين التوسع الجغرافي لعملياته في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والعراق.

وخلال اللقاء، تحدثت الدكتورة رانيا المشاط، عن الشراكة الوثيقة بين جمهورية مصر العربية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، التي تعود لعام 1991 حيث تعد مصر واحدة من الدول المؤسسة، ومع توسيع عمليات البنك بمنطقة جنوب وشرق المتوسط في مايو 2011 تقدمت مصر بطلب للتحول إلى دولة عمليات، مشيرة إلى أنه في نوفمبر 2014 تم افتتاح مقر البنك في القاهرة لتسهيل عملياته للقطاعين الحكومي والخاص، وفي أكتوثر 2015 تحولت مصر إلى دولة عمليات كاملة.

وذكرت محافظ مصر لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أن مصر تُعد أكبر دولة عمليات للبنك بمنطقة جنوب وشرق المتوسط، ومنذ بدء البنك استثماراته في مصر خلال عام 2012 فقد تم ضخ استثمارات بقيمة 13.8 مليار يورو لتنفيذ نحو 194 مشروعًا، 86% منها للقطاع الخاص ما يعادل 11.8 مليار يورو.

ونوهت «المشاط»، بأنه يجري حاليًا تنفيذ إطار الشراكة الاستراتيجية القطرية مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية للفترة من 2022/2027، التي تستهدف دعم جهود الدولة لتحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام، وتسريع التحول الأخضر، وزيادة التنافسية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال للقطاع الخاص.

وأضافت أن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية اتخذ قرارًا بتوسيع نطاق عملياته بمنطقة جنوب الصحراء الكبرى والعراق في عام 2021، قبل أن يتخذ قراره النهائي خلال الاجتماعات السنوية لمحافظي البنك في سمرقند.

وشددت على العلاقة القوية مع البنك ودورها في تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة حيث أن أي استثمار مباشر في دولة يحتاج إلى تمويلات سواء محلية أو خارجية لخفض تكلفة التمويل، مشيرةً إلى أن توسع البنك في دول أفريقيا جنوب الصحراء يُعزز دوره في القارة في ظل ما تحتويه من فرص اقتصادية وموارد طبيعية وقوى بشرية ضخمة.

وقالت "المشاط"، إن توجه البنك يتسق مع ما تقوم به الدولة المصرية من انفتاح كبير على دول القارة سواء على مستوى العلاقات الحكومية أو الشراكات مع القطاع الخاص، لافتةً إلى أن توسع البنك يتيح فرصًا كبيرة للتعاون الثلاثي والتعاون جنوب جنوب بين مصر ودول القارة من خلال منصات البنك وأدواته المختلفة.

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي: التاريخ يسطر بأحرف من نور المواقف الثابتة والحكيمة التي تخطوها مصر
  • إرادة الحياة تنتصر.. سانا ترصد عودة الحياة إلى مدينة جبلة بعد انتهاء اعتداءات فلول النظام البائد
  • فرنسا بين العجز المالي والطموح العسكري: كيف سيموّل ماكرون خططه الدفاعية؟
  • ماكرون يشيد بنتائج المحادثات بين أمريكا وأوكرانيا في المملكة
  • ماكرون يرحب باقتراح وقف إطلاق النار في أوكرانيا
  • اقتصادية النواب تقر توسيع نطاق عمليات البنك الأوروبي بدول أفريقيا جنوب الصحراء
  • بحضور وزيرة التخطيط.. اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب تُقر توسيع نطاق عمليات البنك الأوروبي بدول أفريقيا جنوب الصحراء
  • الفلبين: اعتقال الرئيس السابق دوتيرتي على خلفية قضية جرائم ضد الإنسانية
  • وزير الخارجية الإسباني يستبعد الصحراء من استراتيجية إسبانيا-إفريقيا لـ"تجنب إغضاب المغرب"
  • نائب أوروبي: ماكرون يعتقد أنه نابليون بونابرت ويقود العالم إلى حرب كبرى