قضاة المغرب يردون بـشدة على بلاغ مندوبية السجون: المخاطب الوحيد للمندوبية هي رئاسة الحكومة
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
أخبارنا المغربية - محمد اسليم
لم تتأخر جمعية رابطة قضاة المغرب كثيرا في الرد على بلاغ المندوبية العامة لإدارة السجون الموجه للرأي العام بتاريخ 7/ 8/ 2023، والذي تحمّل من خلاله السلطة القضائية سبب الاكتظاظ والتزايد المهول الذي تعرفه المؤسسات السجنية الناتج عن ارتفاع وتيرة الاعتقال، والذي على حد قولها من شأنه أن يؤدي إلى انفلات أمني واختلالات في التسيير، كما جاء في بلاغ الرابطة.
الرابطة عبرت عن رفضها رفضا مطلقا أي تدخل من شأنه المس باستقلال السلطة القضائية أو التأثير على قرارات قضاتها الملزمين فقط بالتطبيق السليم والعادل للقانون، بما في ذلك تعليل قراراتهم المرتبطة بالمتابعات في حالة اعتقال أو سراح، كما رفضت أي توجيه أو تدخل في الشأن القضائي والذي لم يغيّب - حسبها - يوما توجهات الدولة في السياسات الجنائية واستراتيجية مكافحة الجريمة وإنزال العقاب وجعل الاعتقال استثناء وليس أصلا، كما اعتبرت الرابطة أن المخاطب الوحيد للمندوبية العامة لإدارة السجون هي رئاسة الحكومة باعتبارها الوصية على هذا القطاع، لدعوتها لتوفير الإمكانيات المادية واللوجيستيكية اللازمتين لحل هذه المعضلة، مشيرة إلى أن الرأي العام الذي خصته المندوبية العامة بهذا البلاغ، هو نفسه الذي طالما نادى بمحاربة الجريمة وعدم التساهل مع المجرمين تحسبا من كل إفلات من العقاب وتحقيقا للردع العام والخاص، سيما وأن المغرب الذي أصبحت ساكنته تناهز 40 مليون نسمة عرف في السنوات الأخيرة تفاقما مضطردا للجريمة كما وكيفا، وثمنت بالمقابل المبادرة التشريعية المرتقبة لتعديل القانون الجنائي على مستوى إحداث بدائل الاعتقال الاحتياطي والعقوبات السالبة للحرية مع العمل على التسريع بدخولها حيز التنفيذ، داعية المندوبية للإطلاع على المجهودات التي يبذلها كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة في مجال ترشيد الاعتقال، وذلك من خلال الدوريات المتعددة والمتتالية الصادرة عن كلا الجهتين يؤكد بلاغ رابطة قضاة المغرب.
للإشارة فقد كشفت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، في بلاغ لها أن عدد السجناء بالمؤسسات السجنية، بلغ بتاريخ يومه الإثنين 7 غشت الجاري، 100.004 سجناء، وهو رقم قياسي، معبرة عن "قلقها البالغ لتسجيل هذا التزايد المهول"، موضحة أن هذا الرقم يسجل "علما أن الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية حاليا لا تتجاوز 64.600 سرير، وذلك رغم المجهودات المتواصلة التي بذلتها المندوبية العامة لتحديث وتوسيع حظيرة السجون بالمغرب". مضيفة أنه "من المرتقب أن يستمر تزايد الساكنة السجنية مستقبلا إذا ما استمر الاعتقال بالوتيرة الحالية، ولم تتخذ الإجراءات الضرورية والاستعجالية لتدارك الوضع". وطالبت المندوبية من "السلطات القضائية والإدارية الإسراع بإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة إشكالية الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية لتفادي ما قد يترتب عن هذا الوضع الإشكالي المقلق من اختلالات أو حتى انفلاتات أمنية، علاوة عن المشاكل التي من المفروض أن تنتج عنه في ما يتعلق بظروف الإيواء والتغذية والتطبيب والاستفادة من برامج التأهيل وإعادة الإدماج".
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: المندوبیة العامة
إقرأ أيضاً:
“وما أدراك ما صيدنايا”… فيلم يوثّق أقسى فصول الذاكرة السورية
دمشق-سانا
على خشبة مسرح دار الأوبرا بدمشق، لم يكن عرض فيلم “وما أدراك ما صيدنايا” مجرد عرض سينمائي عادي، بل كان بمثابة شهادة بصرية مؤلمة على فصل شديد القسوة من التاريخ السوري المعاصر.
الفيلم، الذي أخرجه السينمائي السوري عبده مدخنة، وأنتجته قناة الجزيرة، يعيد فتح واحد من أكثر الملفات وجعاً في الذاكرة السورية، وهو ملف الاعتقال في سجن صيدنايا.
صُوَّر الفيلم داخل سجن صيدنايا سيئ الصيت على مدى سبعة أيام، ليقدّم تجربة بصرية وإنسانية تتجاوز حدود العمل السينمائي، ليكون بمثابة وثيقة للعدالة، كما وصفه مخرجه، يمكن أن تُستخدم لاحقاً في محاكمات دولية أو مراجعات قانونية بحق من ارتكبوا انتهاكات بحق المعتقلين.
رمزية ارتباط مشهد “التحريرين”يرى المخرج عبده مدخنة أن لحظة عرض الفيلم ليست مجرد استذكار لمرحلة، بل استعادة لصوت المعتقلين الذين حاول النظام إسكاتهم لسنوات، حيث قال: “في 8/12، كان الناس في دمشق يعيشون حدثين مترابطين بشكل دراماتيكي، تحرير مدينة دمشق، وتحرير المعتقلين من سجن صيدنايا، بالنسبة لي، كانت هذه اللحظة تختصر وحشية النظام”.
ويضيف المخرج: “قضية المعتقلين لم تكن فقط قضية حقوق، بل كانت جريمة ضد الإنسانية، حيث إن ربع الشعب السوري مرّ بتجربة الاعتقال بطريقة أو بأخرى”.
شهادات من قلب سجن صيدنايايكشف الفيلم، من خلال شهادات ولقطات تصوير دقيقة، عن تفاصيل صادمة داخل السجن، منها اكتشاف غرفة الإعدام، التي وصفها المخرج بأنها واحدة من أصعب اللحظات التي مرّ بها أثناء التصوير، رغم معرفته بقضايا الاعتقال وفظاعته، والتي تناولها في أعمال سابقة.
لمحة عن “وما أدراك ما صيدنايا”يستعرض الفيلم الخلفية التاريخية لهذا السجن الذي افتتح أواخر الثمانينيات كمركز احتجاز عسكري، لكنه سرعان ما تحوّل إلى رمز للقمع والتعذيب، وخلال هذه الفترة استخدم لقمع المعارضين السياسيين والعسكريين، إلا أن تحوّله الجذري حدث مع بداية الثورة السورية، حيث بات مركزاً للإعدامات الجماعية والعنف الممنهج.
يكشف الفيلم من خلال شهادات معتقلين سابقين عن تصميم السجن المعقّد، من الزنازين الضيقة، وغرف الإعدام، كما يعرض تفاصيل يومية لروتين التعذيب القاسي، من الضرب والصعق الكهربائي إلى التجويع والتعذيب النفسي الوحشي.
وتُوثق مشاهد الفيلم كيف أصبحت الإعدامات الجماعية جزءاً من عمل السجن، حيث كانت الجثث تُنقل إلى مستشفيات ومقابر جماعية دون أي إجراءات قانونية، كما يكشف عن أدلة صادمة لوجود نساء وأطفال بين الضحايا، رغم إنكار النظام البائد وجود معتقلات رسمياً.
ويُبرز الوثائقي الدور المركزي للنظام البائد في إدارة هذا “المسلخ البشري”، حيث كانت الأوامر تأتي من مستويات أمنية عليا، ليختتم بدعوة لتحويل السجن إلى متحف للذاكرة، في محاولة لإبقاء الجريمة حاضرة في الوعي كي لا تتكرر.
عن المخرج عبده مدخنةيُذكر أن المخرج عبده مدخنة حاصل على جائزة “الدلفين الفضي” من مهرجان “كان” عن فيلمه “صراع البقاء” (2020)، ويعرف عنه التزامه بتوثيق قضايا الاعتقال في سوريا، عبر أسلوب يجمع بين الواقعية والإنسانية.
تابعوا أخبار سانا على