ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في تونس يوم السادس من أكتوبر المقبل، وستكون أول استحقاق تشهده تونس وفقا لدستور 2022.

ويتولى سعيد سدة الرئاسة منذ فوزه في انتخابات عام 2019، وقد أعلن أنه سيترشح لفترة ثانية.

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس فاروق بوعسكر، أن تقديم الترشحات للانتخابات الرئاسية 2024 ستنطلق يوم الاثنين 29 يوليو 2024 إلى غاية الثلاثاء 6 أغسطس 2024، وذلك من الثامنة صباحا إلى السادسة مساء دون انقطاع.

ودعا بوعسكر المترشحين إلى تجهيز ملفاتهم كاملة لتفادي مسألة التدارك، وإضافة الأوراق التي يمكن أن تتجاوز الآجال القانونية، مبينا أن الهيئة ستمكنهم من وصل في الغرض يحتوي على الوثائق التي تم تقديمها والوثائق المنقوصة.

كما أكد على ضرورة أن يحتوي ملف الترشح على الوثائق الإدارية اللازمة على غرار مضمون الولادة، وشهادة الجنسية، وبطاقة السوابق العدلية عدد 3، مشددا على وجوب الاستظهار بوصل تأمين الضمان المالي الذي يبلغ قدره 19 ألف دينار (حوالي 6200 دولار) لفائدة الخزينة العامة، والذي يعتبر برهانا على مدى جدية المترشح.

جدير بالذكر أن قيس سعيد أصدر في 2 يوليو أمرا بدعوة الناخبين التونسيين للانتخابات الرئاسية، وحدد تاريخ الـ 6 من أكتوبر 2024 موعدا لها.

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

إقرأ أيضاً:

قبل الانتخابات الرئاسية في تونس: هل تتهيأ البلاد لأمر ما؟

ما زال المتابعون للمشهد السياسي في تونس يتحسسون ملامح بلدهم لا يعرفون وجهته ولا يقدِرون على توصيف حاله، كما لو أنهم غرباء فيه أو كما لو أنهم لم يكونوا فاعلين فيه ومتابعين لتفاصيل تحولاته.

اشتغال قيس سعيد منذ 25 تموز/ يوليو 2021 على فكرة تعطيل الأجسام الوسيطة من أحزاب ومنظمات؛ انتهى به إلى "إيقاف" الحراك السياسي وإلى إرباك معايير الفهم والتحليل والاستشراف، فصار الجميع في وضعية انتظار تماما كما المفعول به لا يعلم ما الذي سيحل به من خير أو شرّ.

المعارضة التي كانت تردد أن ما ينتج عن باطل فهو باطل، والتي قاطعت "الاستشارة الوطنية" ثم قاطعت "الاستفتاء على الدستور" وبعدها قاطعت "انتخابات البرلمان الجديد" و"انتخابات المجالس المحلية"، ونجحت في كشف لا شعبية قيس سعيد حيث كانت نسبة المشاركة في كل المحطات ضعيفة جدا، لم تثبت على موقف المقاطعة حين تعلق الأمر بالانتخابات الرئاسية، لكونها من استحقاقات دستور المجلس التأسيسي الشرعي لسنة 2014، ولذلك قرر عدد من الشخصيات السياسية المعارضة المشاركة في منافسة قيس سعيد في انتخابات 6 تشرين  الأول/ أكتوبر 2024.

قيس سعيد الذي ظل مطمئنا إلى كونه سيتقدم منفردا، تفاجأ بـ"فتوى" دستورية ذكية اعتمدتها المعارضة للمشاركة في الرئاسية، حيث اعتبرتها من استحقاقات دستور الثورة وليست من استحقاقات دستور قيس سعيد
قيس سعيد الذي ظل مطمئنا إلى كونه سيتقدم منفردا، تفاجأ بـ"فتوى" دستورية ذكية اعتمدتها المعارضة للمشاركة في الرئاسية، حيث اعتبرتها من استحقاقات دستور الثورة وليست من استحقاقات دستور قيس سعيد.

ظهور بعض الأسماء في المشهد الانتخابي مثل منذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي وعماد الدايمي، وما لاقته من دعم شعبي ومن سهولة للحصول على التزكيات الشعبية، جعل قيس سعيد يمضي في السرعة القصوى لتفعيل مبدأ "بقاء أو فناء"، فكانت عملية التصفية عن طريق هيئة الانتخابات التي لم تمتثل حتى لقرارات المحكمة الإدارية التي أقرت حق المقصيّين في الترشح وكشفت عن لا قانونية قرارات هيئة الانتخابات بإسقاط أبرز الأسماء المنافسة لقيس سعيد.

عدة منظمات وهيئات وشخصيات وطنية وحقوقية وقانونية أمضت على بيانات تدعو فيها الهيئة الى احترام إرادة الناخب وعدم التدخل في ضبط العملية الانتخابية خدمة لطرف دون غيره، وتدعوها إلى التزام الحياد والموضوعية.

القاضي السابق المعروف أحمد صواب، والإعلامي زياد الهاني؛ المعارض بقوة لطريقة قيس سعيد في التعامل مع معارضيه، قدما ثلاث قضايا ضد هيئة الانتخابات. وقد نشر الهاني على صفحته الرسمية يوم 7 أيلول/ سبتمبر الجاري نصا جاء فيه: "في إطار حرصنا على النضال القانوني السلمي دفاعا عن حقوقنا الدستورية كمواطنين أحرار وعن قيم الجمهورية التي نؤمن بها وعن دولة القانون والمؤسسات، قمت بمعية صديقي ورفيقي سيد أحمد صواب بصفتنا مواطنين ناخبين؛ برفع 3 قضايا ضد هيئة بوعسكر (..) كما قمنا بإيداع دعوى أصلية لدى المحكمة الإدارية لإلغاء قرار هيئة بوعسكر باعتماد 3 مترشحين للانتخابات الرئاسية فحسب من أصل 6 مترشحين يخولهم القانون ذلك وهو ما يمثل مصادرة لحقنا الدستوري كناخبين في حرية الاختيار..".

الاتحاد العام التونسي للشغل وهو أكبر منظمة وطنية مؤثرة في تاريخ تونس منذ بداية بناء دولة الاستقلال، عقد مجلسه الوطني أيام 6 و7 و8 أيلول/ سبتمبر الحالي في مدينة المنستير ليُعلن عن قرار قوي وهو الإضراب العام في كامل تراب الجمهورية، ويترك لهيئته الإدارية تحديد تاريخه، وسيشمل الإضراب العام القطاع الخاص والقطاع العام والوظيفة العمومية.

قرار الإضراب العام لم يتخذه الاتحاد في تاريخه إلا مرات نادرة تكون فيها المعركة مع السلطة قد بلغت مرحلة كسر العظم، ولعل أبرز مواجهة بين اتحاد الشغل والسلطة في تونس كانت يوم "الخميس الأسود" في 26 كانون الثاني/ يناير 1978، حين دخل الاتحاد بقيادة الزعيم النقابي الحبيب عاشور في إضراب عام تحول إلى ثورة شعبية واجهتها السلطة بعنف وكان فيها ضحايا.

مجلة جون أفريك نشرت خبر منع توزيع عددها لشهر أيلول/ سبتمبر في تونس، وتقول إن السبب يعود إلى تحقيق حول قيس سعيد كمرشح لرئاسية 2024، في حين يعتبر أنصار قيس سعيد أن ما قامت به جون أفريك هو من باب التدخل في الشأن الداخلي لتونس. وكان قيس سعيد نفسه قد عبر عن رفضه لأي تدخل خارجي في الشأن الوطني، معتبرا الانتخابات الرئاسية شأنا سياديا.

كما نشرت جريدة الشروق التونسية بتاريخ 6 أيلول/ سبتمبر الجاري نصا لفؤاد العجرودي يهاجم فيه السفير الأمريكي وقد جاء فيه: "وبالنتيجة يمكن اعتبار جوي هود (السفير الأمريكي) الإرهاب الذي يسير على قدميه، بما يعني أنه جاء الى تونس بمهمة محددة هي كسر الخط السيادي الجديد المنبثق عن 25 جويلية (تموز/ يوليو)..".

ويتهم العجرودي السفير الأمريكي بأنه إذ يدعي العمل على إعادة الديمقراطية إلى تونس فإنما هو يريد "إعادة بناء الرادع الإرهابي"، وهو يقصد من خلال نصه من اعتبرهم حلفاء بريمر، رابطا بين حضور المهاجرين الأفارقة في تونس وبين أنشطة السفير وتنقلاته ولقاءاته بعديد الأطراف التونسية يتهمها العجرودي كما اتهمها قيس سعيد بـ"العمالة".

إن حديث السيادة هو حديث بلا معنى حين يصدر عمن لا يحترمون آراء غيرهم ولا يراعون كرامة مخالفيهم، ولا يترددون في ممارسة البطش حين يمتلكون القوة
المزعج حقيقة هو هذا التدخل المكشوف في المشهد التونسي، وهو مشهد يعترف التونسيون جميعا بأنه مأزوم وبأنه بحاجة إلى معالجات أكيدة وسريعة، ولكنهم جميعا حتى الآن لا يتفقون على الحد الأدنى من طرائق المعالجة وكيفيّات الخروج من الأزمة، بل إن محطة الانتخابات الرئاسية غذّت الخلافات بينهم وكأنهم يرون منصب الرئاسة هو المدخل السحري للعبور نحو مستقبل جميل.

الطرف الأقوى دائما هو من يتحمل القسط الأكبر من المسؤولية عن الفشل وعن حصول تدخلات خارجية، فلا يمكن منع تلك التدخلات إلا بوحدة وطنية يتجاوز فيها التونسيون خلافاتهم الثانوية ليتحدوا حول عناوين رئيسة تبدأ بعنوان السيادة الوطنية، بما يعنيه من سيادة المواطن حين يكون حرا وآمنا في ظل عدالة اجتماعية وأمن مدني وأمان نفسي.

إن حديث السيادة هو حديث بلا معنى حين يصدر عمن لا يحترمون آراء غيرهم ولا يراعون كرامة مخالفيهم، ولا يترددون في ممارسة البطش حين يمتلكون القوة.

لقد عودتنا القوى الكبرى أنها تترك الضعفاء يتناهشون، حتى إذا ما أنهك بعضهم بعضا وجدتهم فريسة سهلةَ التطويع والتطبيع.

x.com/bahriarfaoui1

مقالات مشابهة

  • رفض اعتماد بعض الجمعيات التونسية لمراقبة انتخابات الرئاسة
  • قبل الانتخابات الرئاسية في تونس: هل تتهيأ البلاد لأمر ما؟
  • انتخابات تونس.. الفخّ الذي وقع فيه قيس سعيد
  • تونس.. انتخابات الرئاسة حاسمة لاستكمال الجمهورية الثالثة
  • %48 نسبة المشاركة بالانتخابات الجزائرية والنتائج خلال ساعات
  • السلطة الجزائرية المستقلة للانتخابات: نسبة المشاركة الأولية في انتخابات الرئاسة حتى الساعة 1 ظهرا بلغت 13.11%
  • مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي يحتفي بالمخرجة التونسية رجاء بن عمار
  • فتح باب الترشح لانتخابات اتحاد الكرة المصري في أكتوبر
  • الرئيس الخارق.. السلطات التونسية تمنع توزيع مجلة جون أفريك بسبب تحقيق عن سعيد
  • إيداع المرشح للانتخابات التونسية «العيّاشي زمّال» السجن مرة أخرى لهذا السبب