مع قطع الكهرباء.. رايتس ووتش تنتقد “إهدار الحقوق” في مصر
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
اعتبرت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الثلاثاء، أن تقنين الحكومة المصرية استهلاك الكهرباء في جميع أنحاء البلاد، يهدد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
ويبدو أن تخفيض التغذية يستمر لفترات أطول في المناطق الريفية، التي فيها معدلات أعلى للفقر، مما يحرم الكثيرين من التيار الكهربائي وسط ارتفاع درجات الحرارة، ويعيق قدرتهم على أداء وظائفهم، كحال بعض الكوادر الطبية، ويحرمهم من المياه.
وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “لطالما طالبت الحكومة المصرية ضمنيا المصريين بالتضحية بحقوقهم المدنية والسياسية مقابل الازدهار الاقتصادي. لكن انقطاع الكهرباء يقلص بشدة قدرة الناس على الحصول على حقوقهم، بما فيها الحق في الغذاء، والماء، والرعاية الصحية”.
وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن التقنين، الذي بدأ في 22 يوليو الماضي، بعد أيام من الانقطاعات المفاجئة للتيار الكهربائي، يهدف إلى تخفيف الضغط على البنية التحتية للكهرباء في البلاد من جرّاء زيادة الطلب. بيد أن مسؤولين حكوميين قالوا أيضا إن أزمة الكهرباء نتجت عن عدم كفاية إمدادات الغاز لتشغيل محطات الطاقة. وتخطط الحكومة منذ أغسطس 2022 على الأقل لتقنين الكهرباء حتى تتمكن من تصدير الغاز الطبيعي كوسيلة لدعم احتياطها من العملات الأجنبية.
وفي 27 يوليو أعلنت الحكومة عزمها تمديد خطة التقنين حتى سبتمبر على الأقل، بعد تصريحات رئيس الوزراء في 19 يوليو أن الانقطاع المتكرر سينتهي بحلول 25 يوليو. ولمعالجة الأزمة، أعلنت الحكومة إجراءات عدة، منها تكليف بعض موظفي القطاع العام بالعمل من المنزل أيام الأحد، وهو يوم عمل في مصر. ونشر أشخاص فيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي يشتكون فيها من أن التقنين يعيق أداء وظائفهم، مما يهدد حقهم في العمل.
وصرّح عضو في البرلمان خلال استجواب برلماني لوزير الكهرباء والطاقة المتجددة أن انقطاع التيار الكهربائي حال أحيانا دون وصول المياه إلى الطوابق العليا في المباني السكنية في ست مدن بمنطقة القاهرة. وأعلنت الحكومة أن المستشفيات معفاة من التقنين، على عكس العيادات الخاصة. وقال طبيب لـ “بي بي سي عربية” إنه اضطر إلى إعادة إجراء عملية تنظير البطن لأن التيار الكهربائي انقطع. أضاف أن حتى المولد الاحتياطي في العيادة لم يعمل كما يجب بسبب تقلب التيار الكهربائي.
وأفادت وسائل الإعلام أن التقنين سيستمر لفترات أطول في بعض المناطق. بينما نقلت “هيومن رايتس ووتش” عن أحد أعضاء البرلمان قوله إن الكهرباء وصلت سكان بعض المناطق في حي العمرانية بالجيزة لساعتين فقط خلال 15 ساعة. ونقلت صحيفة “الشروق” المحلية عن مسؤول بوزارة الكهرباء قوله إن الانقطاع قد يستمر حتى ساعتين في المدن، لكن قد يصل إلى ثلاث ساعات في القرى.
وأرجع المتحدث باسم مجلس الوزراء السفير نادر سعد فترة التقنين الأطول في بعض القرى إلى خطأ بشري ومسائل فنية، إذ قال: “ربما الشخص المسؤول فصل الكهرباء ونسي أن يرجع التيار”. ونادرا ما شهدت مصر انقطاعا في التيار الكهربائي خلال السنوات الأخيرة، منذ أن أدى انقطاع التيار إلى تعميق الاستياء من الرئيس الأسبق محمد مرسي قبل نحو عقد من الزمان.
واستثمرت مصر منذ ذلك الحين في بضع محطات أقامتها شركة سيمنس في محاولة لتعزيز البنية التحتية المتقادمة. ولكن، في يوليو الماضي، أعلنت الحكومة المصرية قطع التيار الكهربائي بشكل منتظم في محاولاتها للحد من الاستهلاك خلال موجة الحر. وبناء على الجداول الزمنية، فرض التقنين في جميع الأحياء لفترة ساعة يوميا، باستثناء محافظة الإسكندرية، التي يمكن أن يصل التقنين فيها إلى 140 دقيقة. ولم تقدم الحكومة أي تبرير لهذا التفاوت.
وغم تصريحات رئيس الوزراء مدبولي أن التقنين جاء نتيجة الطلب المفرط، قال وزير الكهرباء لوسائل الإعلام المحلية إن استهلاك الكهرباء في البلاد لا يتجاوز الطاقة الإنتاجية المحتملة، مضيفا أن الانقطاعات كانت مدفوعة بشكل رئيسي بنقص إمدادات الغاز الطبيعي وزيت الوقود لتشغيل محطات الكهرباء.
في 2019، حققت مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز وبدأت بتصدير الغاز الطبيعي المسال، لكن وصل إنتاج الغاز إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات في مايو ، وفقا لـ “المسح الاقتصادي للشرق الأوسط”. ولسد الفجوة، أعلنت الحكومة عزمها استيراد كميات إضافية من زيت الوقود تتراوح قيمتها بين 250 و300 مليون دولار حتى نهاية أغسطس.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الحق المحمي دوليا في مستوى معيشي لائق يشمل حق كل فرد، دون تمييز، في الحصول على كهرباء كافية، وموثوقة، وآمنة، ونظيفة، ومتاحة، وميسورة التكلفة. الحصول على الكهرباء أساسي لضمان الحقوق الأخرى، على سبيل المثال وليس الحصر، كالحق في الصحة، والسكن، والمياه، والتعليم، ويجب الاعتراف به كحقّ من حقوق الإنسان قائم بحد ذاته. ويقع على عاتق الدول واجب ضمان حصول كل فرد في أراضيها أو المناطق الخاضعة لسيطرتها على الكهرباء. هذا يعني ضمان توليد الكهرباء وإمداداتها بشكل كاف ومستدام، والتعاون الدولي لضمان توفير كهرباء موثوقة، وميسورة التكلفة، ومتاحة للمستخدم النهائي.
“الحرة”
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: التیار الکهربائی هیومن رایتس ووتش
إقرأ أيضاً:
هيومن رايتس: مقتل ثلاثة صحفيين لبنانيين بغارة إسرائيلية جريمة حرب
قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم: إن غارة شنتها إسرائيل على لبنان في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2024 أسفرت عن مقتل ثلاثة صحفيين وجرح أربعة آخرين، شكّلت على الأرجح هجوما متعمدا ضد مدنيين وجريمة حرب واضحة.
ونُفذت الغارة في الصباح الباكر على منتجع "حاصبيا فيليج كلوب" في حاصبيا جنوبي لبنان، حيث كان أكثر من 12 صحفيا يقيمون منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.
وأكدت "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير لها اليوم نشرته على صفحتها على منصة "إكس"، أنها لم تجد أي دليل على وجود قوات عسكرية أو نشاطات قتالية أو عسكرية في المنطقة وقت الهجوم.
وتشير معلومات، تحققت منها "هيومن رايتس ووتش"، إلى أن الجيش الإسرائيلي كان يعلم، أو يُفترض أن يعلم، أن الصحفيين يقيمون في المنطقة وفي المبنى المستهدف. بعد إعلانه أن قواته قصفت مبنى "حيث يعمل إرهابيون"، قال الجيش الإسرائيلي بعد ساعات إن "الحادث قيد التحقيق".
وذكرت "هيومن رايتس ووتش" أنها التقت ثمانية أشخاص كانوا يقيمون في المنتجع أو في جواره، بينهم ثلاثة صحفيين مصابين ومالك المنتجع. كما زارت "هيومن رايتس ووتش" أيضا الموقع في 1 نوفمبر/تشرين الثاني، وتحققت من ستة فيديوهات و22 صورة للغارة وآثارها، بالإضافة إلى صور الأقمار الصناعية.
وأكدت أنها لم تتلقّ أي رد على الرسائل الموجهة إلى الجيش الإسرائيلي في 14 نوفمبر/تشرين الثاني التي تضمنت نتائج التحقيق وأسئلة، وإلى الجيش اللبناني في 5 نوفمبر/تشرين الثاني التي تضمنت أسئلة.
وبحسب المقابلات وصور كاميرات المراقبة التي يظهر التوقيت عليها، شُنت الغارة على المبنى الذي يقيم فيه الصحفيون بُعيد الساعة 3 صباحا. كان معظم الصحفيين نياما. قال زكريا فاضل (25 عاما)، وهو مساعد مصور في مؤسسة "إنترناشونال ستوديوز أوف ليبانون" (أيسول) التي تقدم خدمات البث الإذاعي والتلفزيوني في لبنان، إنه كان ينظف أسنانه عندما طار في الهواء جراء الانفجار.
سقطت قنبلة على المبنى المؤلف من طابق واحد، وانفجرت عند ارتطامها بالأرض. قتل الانفجار الصحفي والمصور التلفزيوني غسان نجار، ومهندس البث الفضائي محمد رضا، وكلاهما يعمل في قناة "الميادين"، ومصور قناة "المنار" التابعة لـ "حزب الله" وسام قاسم. "الميادين" قناة عربية تتذ من لبنان مقرا وتؤيد حزب الله والحكومة السورية.
وتحققت "هيومن رايتس ووتش" من فيديوهات التُقطت بعد الغارة بدقائق، يظهر فيها المبنى المستهدف مدمَّرا بالكامل ومبانٍ متضررة في الجوار. أوقعت الغارة جدارا في مبنى ملاصق، ما أدى إلى إصابة المصور التلفزيوني في أيسول حسن حطيط (48 عاما) إصابة خطيرة، وإلى تضرر مبنى صغير يبعد نحو 10 أمتار، وجرح صحفيين آخرين، بينهم المصور في قناة الجزيرة علي مرتضى (46 عاما).
وقال ريتشارد وير، باحث أول في قسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في هيومن رايتس ووتش: "استخدام إسرائيل الأسلحة الأمريكية في هجوم غير قانوني وقتل الصحفيين بعيدا عن أي هدف عسكري هو وصمة عار للولايات المتحدة وإسرائيل على حد سواء. الغارات الإسرائيلية السابقة التي قتلت صحفيين بدون أي عواقب لا تبعث كثيرا على الأمل في محاسبة هذه الانتهاكات ضد الإعلام أو غيرها في المستقبل ".
ومنذ بدء الأعمال القتالية الحالية بين إسرائيل وحزب الله في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، هاجم الجيش الإسرائيلي صحفيين وقتلهم واستهدف قناة الميادين. في 23 أكتوبر/تشرين الأول، أغار الجيش الإسرائيلي على مكتب تستخدمه الميادين في بيروت ودمره. كانت الميادين قد أخلت المبنى من الموظفين قبل الغارة.
وقالت "لجنة حماية الصحفيين" إن الغارات الإسرائيلية قتلت ستة صحفيين لبنانيين على الأقل بين 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و29 أكتوبر/تشرين الأول 2024. وجدت هيومن رايتس ووتش أن هجوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، الذي قتل مصور "رويترز" عصام عبد الله وجرح ستة صحفيين آخرين، كان جريمة حرب مفترضة. في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قتلت غارة إسرائيلية مراسلَيْن لبنانيَّيْن في الميادين، ربيع المعماري وفرح عمر، وسائقهما حسين عقيل، في طير حرفا جنوبي لبنان.
وذكرت "هيومن رايتس ووتش" أنها وثّقت سابقا استخدام الجيش الإسرائيلي غير القانوني لأسلحة أمريكية الصنع في غارة في مارس/آذار قتلت سبعة مسعفين في جنوب لبنان.
وقال البيان: "يحظر القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، الغارات على المدنيين والأهداف المدنية. يُعتبر الصحفيون مدنيين ويتمتعون بحماية ضد الغارات طالما أنهم لا يشاركون مباشرة في الأعمال العسكرية. لا يمكن استهداف الصحفيين بسبب عملهم الصحفي، حتى لو اعتبر الفريق المعادي أنهم منحازون ويُستخدمون للدعاية. عند شن أي هجوم، على الأطراف المتحاربة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الأذى بالمدنيين والأضرار اللاحقة بالأعيان المدنية. هذا يشمل اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية للتحقق من أن الأهدافَ عسكريةٌ".
وأشارت إلى أن "الأفراد الذين يرتكبون انتهاكات جسيمة لقانون الحرب بنيّة إجرامية ـ عمدا أو بتهور ـ يمكن مقاضاتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب. يمكن اعتبار الأفراد مسؤولين جنائيا إذا ساعدوا على ارتكاب جرائم حرب أو سهّلوها أو حرّضوا عليها".
وأكدت أن "على لبنان أن يقبل فورا اختصاص المحكمة الجنائية الدولية من أجل تفويض مدعي المحكمة للتحقيق في الجرائم الدولية الجسيمة المرتكبة على أراضيه".
وأضافت: "على حلفاء إسرائيل الرئيسيين ـ الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا ـ تعليق الدعم العسكري وبيع الأسلحة لإسرائيل، نظرا إلى الخطر الفعلي أنها ستُستخدم لارتكاب انتهاكات جسيمة. كما أن سياسات الولايات المتحدة تحظر نقل الأسلحة إلى دول "يُرجّح جدا" أنها ستستخدمها لخرق القانون الدولي."
وقال ريتشارد وير، باحث أول في قسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في هيومن رايتس ووتش: "استخدام إسرائيل الأسلحة الأمريكية في هجوم غير قانوني وقتل الصحفيين بعيدا عن أي هدف عسكري هو وصمة عار للولايات المتحدة وإسرائيل على حد سواء. الغارات الإسرائيلية السابقة التي قتلت صحفيين بدون أي عواقب لا تبعث كثيرا على الأمل في محاسبة هذه الانتهاكات ضد الإعلام أو غيرها في المستقبل ".
وأضاف: "مع تزايد الأدلة على استخدام إسرائيل غير القانوني للأسلحة الأمريكية، في أفعال تشمل ارتكاب جرائم حرب مفترضة، على المسؤولين الأمريكيين أن يقرروا ما إذا كانوا سيلتزمون بالقوانين الأمريكية والدولية عبر وقف عمليات بيع الأسلحة إلى إسرائيل، أو سيخاطرون باعتبارهم متواطئين بحكم القانون في ارتكاب انتهاكات جسيمة".