مغامرة سردية شائقة.. "الباص" للروائي صالح الغزي في ندوة بالقاهرة
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
استضافت مكتبة تنمية المعادي بالقاهرة، ندوة لمناقشة رواية "الباص" للروائي صالح الغازي، وذلك بمشاركة نخبة من الكتاب والنقاد والأكاديميين بينهم: الدكتور هيثم الحاج علي، والدكتور سيد ضيف الله، والدكتورة رحاب إبراهيم، والدكتور إيهاب النجدي، وإيزابيل كمال، وأسامة جاد، وحنان السيد منير، وهجة الصاوي.
الندوة التي أدارتها الإعلامية سماح عبد العزيز، وحضرها جمهور كبير من المثقفين وعٌشّاق فن الراواية، شهدت مناقشات وصفت بالثرية من قبل المشاركين الذي تناولوا الرواية بالكثير من النقد والتحليل، حيث وصف المشاركون الرواية بأنها "مغامرة سردية شائقة"، ووصفوا أحداثها بأنها تحتوي على العديد من المواقف الإنسانية اللافتة، وأن الشعر كان هو مدخل المؤلف للتعبير عن الذات.
مهمة لنمط السارد الزائر
وفي مداخلته بالندوة، قال الدكتور هيثم الحاج علي، إن رواية الباص للأديب صالح الغازي، تُعتبر حالة تمثيل مهمة لنمط السارد الزائر الذي يحاول أن يرصد العالم من خارجه دون التورط فيه، وذلك لأنه لا يعتبر نفسه جزءا من هذا العالم. وهو الأمر الذي يمكن النظر إليه من خلال مجموعة من السمات التي تحكم شخصية البطل هنا من حيث التقوقع على الذات الذي يظهر من خلال انعزاله اختياريا عن المجتمع من خلال استخدامه لسماعات التليفون شبه الدائم لسماع الموسيقى مثلا، ثم الترقب والتوجس حيث يبدو البطل على مدار الرواية يصنع المساحة الآمنة بينه وبين باقي الشخصيات التي بدأ في تصنيفها من حيث إمكانية إيقاع الأذى به وبحيث لم يصنع علاقة إنسانية سوى مع ابن صديقه القديم، الطفل الذي يبادله الشعور بالوحدة والاهتمام بألعاب الوجبات المفرحة، وأضاف د. الحاج: "من هنا سيبدو الاهتمام برصد التفاصيل الصغيرة في حياته والمقارنة الدائمة بين المجتمع الجديد والمجتمعات التي عاش فيها البطل من قبل كلها عناصر تتسق مع عدم وجود حبكة قصصية من النوع التقليدي، حيث تشبه الرواية فكرة اليوميات إلى حد بعيد، وهو الأمر الذي يتضافر مع فكرة محاولة عدم الاندماج في المجتمع الجديد، أو التورّط فيه، ومعاملة هذا المجتمع بوصفه حالة عابرة في حياته، هي حالة أشبه بما يحدث في الباص من حيث هو وسيلة غير خاصة يستقلها الراكب لبعض الوقت ولا يشعر أبدا بامتلاكه لها، ويتعامل مع الراكبين فيه وغن تكرروا من خلال معرفة عابرة لا يمكن أن تمتد لأكثر من ذلك. من هنا جاءت تقنيات الرواية ولغتها في صورة محايدة كأنها تتوازى مع تلك الرغبة الشديدة في الرصد الخارجي غير المنحاز، لا إلى العالم ولا إلى الشخصيات وهو ما نجحت الرواية في نقل حالته إلى القارئ".
مواقف إنسانية
ومن جانبها رأت القاصة د. رحاب إبراهيم، بأن الرواية فيها التشبث بالنفس ليستطيع أن يرى العالم بزاويته، والرواية تحتوي على رصد مواقف انسانية عالية جدا مثلا عند تواصل الغريب مع الاسرة بالفيديو عبر الماسنجر أو حادثة جلوريا التي توفي زوجها في حادث في الفلبين، واضطرت للعودة وترك العمل والاستغناء عن مصدر الدخل، لترعى ابناها الصغيرة، وطول الرواية هناك لمسات انسانية.
مغامرة سردية
وبدوره قال الدكتور ايهاب النجدي، إن رواية "الباص" مغامرة سردية جديدة، وشائقة في الحقيقة، عندما يشرع كاتب مقيم أو وافد إلى بلد خليجي في كتابة رواية، ويكون فضاؤها المكاني هو البلد نفسه الذي يقيم فيه، فإن أسئلة كثيرة تحاصر هذا العمل، وظنون أيضا، لكن أن يتلقاها القراء من المواطنين والمقيمين راضين مرضيين، كما هي الحال مع "الباص"، فهي إذن مغامرة أدبية ناجحة وتستحق التقدير.
وأضاف "النجدي" قائلاً: "المغامرة حاضرة أيضًا بقدر معتبر في الموضوع أو زاوية المعالجة، وفي الأداء السردي، فمن خلال الرواية نكتشف عالمين متقاطعين: العالم الداخلي للمغترب/ الوافد/ المقيم بوصفه نموذجًا متحقّقًا. والعالم الخارجي الذي يحيط بهذا المقيم كما يحيط السوار بالمعصم، مكانًا وبشرًا وتفاعلاً مستمرا بين ثقافات عديدة وجنسيات شتى. وتابع د. النجدي: "الوطن حاضر في الرواية، والحنين مستبدٌ به الشخصية الرئيسة، يتوسل إلى ذلك بتقنية الاستدعاء تارة، أو بالقطع المتوازي "المونتاج" تارة أخرى، تحضر المحلة المدينة الصناعية الصغيرة وذكرياتها، وبرج الساعة المعروف وأثره في الناس، أسماء الشوارع المصرية في قلب الكويت: شارع القاهرة، شارع عبد المنعم رياض".
التعبير عن الذات
ونوّهت الإعلامية سماح عبد العزيز في حديثها إلى أن الشعر مدخلا للشاعر والروائي صالح الغازي، للتعبير عن الذات والعالم الخارجي، دخل عالم الرواية بخطى ثابته وأصدر روايته " الباص"، واختيار الكاتب إلى الباص، اختيار له فلسفته، الباص حيز محدود المكان وأيضا غير ثابت ومتحرك. ودائما الروايات التي تحدث داخل حيز كما "بين السماء والارض" لنجيب محفوظ، تتحمل بالرموز، وبتعدد الشخصيات التي يكون الاختلاف سمتها أكثر من الاتفاق، فما بالنا حين يكون الباص يحمل جنسيات من كل دول العالم، أي يحمل لغات مختلفة وسلوكيات وأراء وديانات وملامح أيضا مختلفة.
وأضافت بأن رواية " الباص " توثق يوميات بطل الرواية "أحمد صابر" الذي انتقل للعمل في شركة اتصالات في الكويت، وعمل البطل في الاتصالات، استفاد منه الكاتب، في تركيزه في متن الرواية، على الهواتف في يد رواد الباص، فتحول الهاتف إلى رغبة التواصل مع الخارج والهروب والتخفي من الواقع، ورمزا للحنين، واستجلاب الوطن البعيد، وتأكيدا للغربة، وكشفا لطموح المغترب، وصنع حالة من التعاطف بين غرباء يجمعهم حيز واحد، رغم كل الاختلافات الانسانية بينهم تعاطف الغرباء تمثل في اقتراب البطل من "نورما الفلبينية"، لكن المشاعر لم تمنعه من التورط في التجسس على الأخرين، هذا التجسس رغم أنه جرم، لكنه يمكن أن يفهم على أنه نوعا من الهروب من الوحدة، والتغلغل في الآخرين.
مدخلات
وتحدث كاتب الرواية صالح الغازي، فقال إن التركيز في الرواية ومن البداية عن حالة المغترب في دولة خليجية لا يساعده أحد فيحاول التعرف بنفسه على كل شيء ومدة الرواية تقريبا شهر، هذا الشهر الأول المجهد والمتعب والقاسي. وكتبت الرواية بلغة بسيطة تناسب الحالة وتطرق أسماع القارئ العادي.
وخلال مداخلته بالندوة، طرح الدكتور سيد ضيف الله سؤالاً عن المقصود بضرورة تمثيل أدب الغربة وما المقصود أن الانترنت أصبح خرافة؟ وكان رد مؤلف الرواية صلاح الغازي أن في الخليج يوجد ملايين المصريين ولهم خصوصية ولم يعكس تجاربهم الأدب. بينما هناك صورة نمطية يتم تداولها باستمرار. أما خرافة الانترنت ترجع ان الملاحم القديمة اعتمدت على صراع الخير والشر، والوجود بين البشر والجن والمخلوقات الأخرى بينما العصر الحالي الصراع مع الانترنت كمؤثر في الحياة والعلاقات، فالبطل تجسّس على من حوله عبر الانترنت، والمغترب يتابع احوال اسرته واصحابه عبر الانترنت. وتحدث بلال علام عن اختلاف المدن في احتوائها للمغترب فمثلا هو شعر بالارتياح في مدن، بينما هناك مدن غير مريحة وتحدث عن تجربته في الهجرة. في الختام عبر الروائي الغازي عن امتنانه للحضور ولمساندة أسرته. وقدم الشكر لمكتبة تنمية والناشر خالد لطفي وفريق العمل.
يُذكر أن رواية "الباص" لمؤلفها صلاح الغازي، كانت قد حلّلت في قائمة أفضل 18 رواية عربية، ومرشحة لجائزة كتارا للرواية العربية في الدورة العاشرة. وقد صدر لمؤلفها عدة دواوين شعر منها: "شايف يعني مش خايف"، "نازل طالع زى عصاية كمنجة"، الروح الطيبة"، و"المتوحش اللي جوايا"، وكتاب نقدي ومجموعتي قصص ومقالات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
رشحتها جريدة "إندبندنت" لجائزة أفضل رواية!
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مقهى فى طوكيو باليابان، افتتح عام ١٨٧٤ ويدعى مقهى فونيكولي فونيكولا وفى هذا المقهى، يمكنك وأنت جالس على مقعد من مقاعده، أن تسافر الى الماضى، وتختار تاريخ الزمن الذي مضى، وتعيش أحداثه مرة ثانية.
فقط توجد 5 قواعد للعودة إلى هذا الماضى يجب أن تحققها:
القاعدة الأولى: الأشخاص الوحيدون الذين يمكن للمرء مقابلتهم عندما يعود المرء بالزمن للماضي هم أولئك الذين زاروا المقهى.. لا بد أن يكونوا قد زاروا هذا المقهى من قبل أو كانوا مع الشخص الذى يريد العودة إلى الماضي فى هذا المقهى.
القاعدة الثانية: لا يمكن للمرء مهما حاول جاهدًا تغيير الحاضر أثناء عودته بالزمن للماضى ولكن له حرية أن يعبر عن مشاعره أو يغيرها دون تغيير الحدث ذاته أى تغيير المشاعر لا تغيير الوقائع.
القاعدة الثالثة: وهى من أجل العودة إلى الماضي، عليك أن تجلس على الكرسي الذي تشغله المرأة التي ترتدي الفستان الأبيض وإذا أردت أن تعرف من هى المرأة ذات الفستان الأبيض هى امرأة غالبًا ما تكون منشغلة بقراءة كتابها "العشاق" لكنها فى الواقع امرأة تحولت إلى شبح لأنها أهملت اتباع القواعد وإذا حاولت الجلوس لتجلس مكانها، فسوف تصاب بلعنة القوى الخفية ويتضح لك أنها شبح إذا لمستها.
القاعدة الرابعة: وهى أنك أثناء سفرك إلى الماضي، يجب عليك البقاء على الكرسي وعدم القيام من عليه.. وبعبارة أخرى، لا يمكنك الذهاب حتى إلى المرحاض أثناء العودة بالزمن.
القاعدة الخامسة: وهى عنوان الرواية هناك حدّ زمني فى الذهاب للماضى وهو "قبل أن تبرد القهوة" وهو عنوان الرواية وهذه القواعد بنيت عليها هذه الرواية الشيقة والممتعة للكاتب الياباني توشيكازو كاواغوتشي وقد صدرت عام ٢٠١٥ وتدور كل أحداث هذه الرواية فى هذا المقهى وهو ليس كبيرا فهو يحتوى على ثلاث طاولات فقط ويقع فى زقاق ضيق فى طوكيو.
ونظرا لما لاقته هذه الرواية من إشادة الكثيرين ونفاد طبعاتها، حيث تم بيع أكثر من مليونين نسخة فقد تصدرت هذه الرواية لائحة جريدة التايمز للأكثر مبيعا ورشحتها جريدة إندبندنت الإنجليزية لجائزة أفضل رواية.
تستعرض الرواية قصص لأربع شخصيات قررت السفر عبر الزمن، وهي كالآتي:
القصة الأولى لفتاة تركت عشيقها يسافر للولايات المتحدة الأمريكية وندمت، فقررت السفر عبر الزمن لتعبر له عن مشاعرها نحوه.
والقصة الثانية لزوجة أصيب زوجها بالزهايمر فنسيها، وقررت السفر عبر الزمن لتستوضح منه أمرًا ما.
والقصة الثالثة لفتاة ماتت أختها الصغرى في حادث سيارة، وقررت السفر عبر الزمن لتزورها.
القصة الأخيرة لسيدة حامل ومريضة تخشى على مستقبل حملها، قررت السفر عبر الزمن للاطمئنان على طفلها.
وبعد أن أصبحت هذه الرواية من أكثر المبيعات أصدر بعدها المؤلف الياباني توشيكازو كاواغوتشي ثلاثة أجزاء أخرى.. الرواية الثانية بعنوان حكايات من المقهى والثالثة قبل أن تتلاشى ذاكرتك واخيرا الرواية الرابعة قبل أن نقول وداعا والتى صدرت العام الماضى ولاقت كل هذه الأجزاء الأربعة إشادة كبيرة من القراء.
الأسبوع المقبل بإذن الله أحدثك عن الأجزاء التالية لرواية قبل أن تبرد القهوة.